نهاية حلم
كانت تتواصل معه عبر الهاتف لأمور تتعلق بالعمل و شاءت الأقدار أن يلتقيا في ظرف لم يكن مسموحا ليراها في تلك الحالة البائسة، كانت في حاجة إلى يد تمسك يدها وهي الوحيدة في ذلك المكان ، الكل كان بمرافقيهم إلاهاَ ، كانت في حالة تشبه الغيبوبة..، اتصل بها هاتفيا: أنت تأخرت عن موعد الإجتماع المسؤول ينتظرك
ردت وقالت: أعتذر سيدي لا ـستطيع المجيئ ، تعرضت لوعكة صحية و أنا الآن في المستشفى الفلاني، لم تمض دقائق حتى تجده يقف أمامها، اقترب منها، سمعها تردد: أيتها الممرضة أريد غطاءً إني أرتعش من البرد
قال: السّلام عليكم أنا فلان
ردت: آه أستاذ ( X ) تشرفنا سيدي
كانت المرة الأولى التي تراه فيها، شعرتْ بالخجل، لأنها لم تكن ترغب في أن يراها في تلك الحال البائسة ، وجها مُصْفَرًّا لا توجد فيه قطرة دَمٍ من شدّة التعب، عينان ذابلتان ، جسم نحيلٌ فاقد القدرة حتى على النهوض لتحييه، تراءى لها و كأنه ملاكٌ نزل إليها من السماء، أرسله الله ليأخذ بيدها، كان وجهه يُشِعُّ نورًا.
الممرضة: إذهبي لإجراء التحاليل الطبية
ردت قائلة:، لا اقدر على الحركة
أحضر كرسيًّا متحركا و نقلها إلى قاعة تحليل الدم ثم إلى قاعة الفحوصات الطبية ـ تكفل بباقي الإجراءات الطبية، ظل إلى جانبها رغم أنه لا تربطه بها أيّ صلة قرابة
هي الإنسانية تسجل حضورها، وحدهم الرجال العظماء الذين يقدرون معنى المسؤولية و العطاء و معنى الخدمة، وحدهم العظماء الذين يدركون مسؤوليتهم على من يحيطون بهم من البشر، هم خلفاء الله في الأرض.. يزرعون الجميل ، ما أعظمهم حتى الله أحسن صورهم و زرع في قلبوهم الإيمان و في وجوههم النور فكانوا نورا على نور..
رغم وجعها، ظلت تتأمله من بعيد فهو أبيض البشرة ، لحية سوداء ، يرتدي قميصا أبيضا، يبدوا أنه رومانسي حتى في هندامه، يختار الألوان وما يتلاءم و شخصيته، ثابت في صوته في وقفته، تنظر إلى من كانوا يحدقونها بنظراتهم.. تهمس بين شفتيها.. إنه مختلف عنهم، ملاك في هيئة بشر و ليس كل البشر ملائكة.
تقول في نفسها: شكرا لك يا الهي لأنك ارسلت لي واحد من جندك و أنا الوحيدة في هذا المكان حتى من اعتبرتهم أصدقائي تخلوا عني.
قليلون جدا أولئك الذين يؤمنون بالعطاء، يرفقون بالناس يرأفون بحالهم، لدرجة أنك تشعر أنهم مقربون منك و كأنك تعرفهم منذ زمن طويل أو تربطك بهم علاقة ما..
هي فتاة رهيفة الإحساس، رقيقة القلب، ترى الحياة برومانسية، اكتشفت أنها وقعت في المطبّ، كانت تختلس النظر إليه و هو يتحدث إلى من حوله، وقعت أسيرة التساءلات من أين جاء هذا الملاك؟ كيف وصل إليّ؟ هاجسا يرد عليها و يهمس:
إنها اليد البيضاء.. اليد البيضاء ؟...، شكرا لك يا الهي، لأنك لم تتخل عني و لم تتركني وحدي..
العيون وحدها تتكلم عندما يفقد المرء القدرة على البوح وتخونه الكلمات في الكشف عن مشاعره للطرف الآخر، هذا الآخر الذي كان أكثر إنسانية، نعم هناك أشخاص يشبهون الملائكة، يكفي أن تنظر في عيونهم فترى النبل و الصدق و التواضع والحب، شعاع يبعث نوره الوضّاء لدرجة أنه يخيل إليك أنهم من سلالة الأنبياء و المرسلون..
كم هي نادرة هذه المشاعر بحيث لا تراها في كل العيون، مشاعر لا يحملها إلا إنسان حامل لواء الإنسانية ، هاهو القلب ينتعش رغم الألم و الوجع، شيئ غريب نشعر به في اللحظة التي ينبض فيها القلب النبضة الحقيقية
ظل برفقتها حتى استعادت قواها و حيويتها، ثم رافقها إلى حيث تقيم، و انصرف كل منهما إلى حال سبيله.. غادرتْ تاركة قلبها عنده، استمر التواصل بينهما، هؤلاء طبعا محبوبون عند الناس، قد تحبهم من أوّل نظرة، ليس هذا الكلام كلام روايات بل كلام نابع من قلب مثالي يرى الحبّ قيمة جمالية مقدسة
الطيبون مؤمنون، متواضعون، مُتَرَفِّعُون، أنقياء السريرة، كلما تراهم تشعر و كأنك ترى ملاكا ، يزداد تعلقك بهم و يزداد شوقك و حنينك إليهم ، تتمنى أن تظل بقربهم إلى الأبد و لو كـ: خَادِمٍ..، فكرتْ مليا، سألت نفسها: ما سر تعلقي بهذا الملاك، لماذا يخفق قلبي كلما قرأت اسمه؟ ما سرّ ما أشعر به؟ هل هو إعجابٌ أم شيئ آخر؟ وما هو هذا الشيئ؟ هل هو الحب؟ ربما تعلقت به تعلق المريض بطبيبه، حاولت أن تطرد من مخيلتها تلك الأفكار، لكن نداء القلب كان الأقوى، حارت بين لغة العقل و لغة القلب، كان القلب هو المنتصر، وأخيرا طرأت لها فكرة
سأكتب له رسالة، نعم سأكتب له رسالة بتوقيع مجهول..
أخذت الورقة و القلم، استسلمت لقلبها كما يستسلم المريض لطبيبه و هو على طاولة العمليات، من اين تبدأ؟ و بأي اسم تناديه؟ بدأت تكتب، بحثت عن كلمات تتسلل إلى قلبه...، تمزق ورقة ثم تأخذ ورقة أخرى، تبحث عن كلمات تتسلل إلى قلبه بسهولة، كلمات لا تقال لكل الناس، استعانت بموسيقى بتهوفن، فجأة و كأن وحيًا نزل عليها، حملت القلم من جديد و بدأت تكتب:
إليك يا صاحب البشرة البيضاء واللحية السوداء إليك يا صاحب القميص الأبيض، أيها النور الجليّ، مذ رأيتك فقدت توازني و فقدت السيطرة على قلبي، فاخترت لغة القلب، كانت عيناي تعبران عما لم يستطق اللسان البوح به ، يا سيدي اعذرني إن اخترت لغة البوح، فإن هذا الجسد النحيف الذي كنت تقف أمامه، بداخله روحا نقية أعْجِبَتْ بك من أول نظرة، وإعجابي بك تطور، حتى أني أجهل كيف تطور ليتحول إلى حبّ ، حُبٌّ حقيقي بل عشقٌ و كم هي مُحْرِقَةٌ مدامع العشاق..
قد يتراء لك هذا الكلام هراءً أو أنه ضرب من الجنون، أو نوع من الإستهتار و قد أسمعك تقول: (من؟ وما؟ و..؟ ..؟...و...؟.. أو؟ و لماذا؟ و كيف؟) لا ألومك إن كان هذا ردّ فعلك، فالعين لا تعلو على الحاجب و لكن...؟
عندما يفتقد المرء الصدر الحنون و اليد التي تمسح رأسه عطفا ومحبة تجده يبحث عن شيئ يعوضه لكي يشعره بوجوده، هو قبل كل شيئا إنسان، لعله يجد من زرع الله في قلوبهم روح الحب و العطاء و هذه ميزة يفتقدها كثير من الناس، وأضافت في رسالتها:
لقد أسَرْتَنِي بنبلك و تواضعك و إنسانيتك، و أسَرَتْنِي نظراتكَ إليّ، كيف لي اأن لا اقع في المطب و الله وهبك الجَمَال و صوتا تطرب له الآذان ما يجعل كل فتاة تراك تعجب بك، بل قد تقع في حبك، فلا عتاب إذن على القلوب الضعيفة التي تعشق من أول نظرة، ألا يقال أن الحب أعمى؟
ها هي تستعيد شجاعتها لتطلق العنان لمخيلتها لتعلن تمردها على الممنوع و اللامسموح ، هاهي تعترف و تقر، أنا أحبك سيدي، أحبك بكل ما تحمله هذه الحروف من معاني، ولأنني أحترم نفسي فلن أتجاوز خطوطي الحمراء، لأن كبريائي يمنعني..، لن أفرض حبي على قلب ربما هو يشفق عليّ لا أكثر، يرى فيّ ذاك الكائن الضعيف الفاقد الإرادة، يحتاج إلى من يعطف عليه، وربما أنت محق في كل شيئ، فمن أكون أنا حتى أتطاول على الكبار؟، فأمثالنا لم يخلقوا للحب، و أنا في كل الأحوال لا شيئ، وهل تعلو العين على الحاجب؟.
ظلت تسترسل في الكلام و كأنها تعاطت مخدرا، تهذي بكلام يشبه الطلاسم..ترحل بمخيلتها إلى مسافات بعيدة ، تتخيل اشياء لا تراها إلا في الأفلام، عالم الحقيقة مؤلم و عالم لمادة أكثر ألما، و المادة تصنع كل شيئ، تشق لك طريقا في البحر، فتصبح محبوبا لدى الجميع حتى لو كنت قبيحا، هي الآن تناجيه
أنا الآن أعيش على لحظات قصيرة، سكنتْ قلبي فاحتلته، لحظات تحوّلت إلى قصّة ، فإذا بها تأبى الرحيل، هي الآن تسكنني، تجعلني أؤمن بقوتي الداخلية والوثوق في نفسي فيعود ذلك الجزء المفقود من قلبي، لا معنى لحياتي في غيابك، إني في كل لحظة و كل مكان أقصده أجد العدم يحيط بي لغيابك.
يا سيدي ، أنت اللحظة التي يسبقها الزمن، في غيابك تجف الأمطار في الشتاء..
يا سيدي إني اقاوم الفراغ الذي ولده غيابك.. دعني أعبر و أفضفض، دعني أبوح فللبوح لحظته ، فالكلام لن يضرك في شيئ.. ستظل صورتك منقوشة في ذاكرتي، يا من سرقت مني أنفاسي، سأعيش على حب عذري ، لا يعلمه أحد، فمن دونك أنا نكرة، لأن حبك أقوى مني و عذرا فللبوح لحظته
كانت و كأنها ترى في منامها حلمًا جميلا، سرعان ما أفاقت من نومها ، نهضت لتجد نفسها أمام الواقع الذي لا يمكن تغييره، تنهدت و قات: شتان بين الثرى و الثريا.
كانت تتواصل معه عبر الهاتف لأمور تتعلق بالعمل و شاءت الأقدار أن يلتقيا في ظرف لم يكن مسموحا ليراها في تلك الحالة البائسة، كانت في حاجة إلى يد تمسك يدها وهي الوحيدة في ذلك المكان ، الكل كان بمرافقيهم إلاهاَ ، كانت في حالة تشبه الغيبوبة..، اتصل بها هاتفيا: أنت تأخرت عن موعد الإجتماع المسؤول ينتظرك
ردت وقالت: أعتذر سيدي لا ـستطيع المجيئ ، تعرضت لوعكة صحية و أنا الآن في المستشفى الفلاني، لم تمض دقائق حتى تجده يقف أمامها، اقترب منها، سمعها تردد: أيتها الممرضة أريد غطاءً إني أرتعش من البرد
قال: السّلام عليكم أنا فلان
ردت: آه أستاذ ( X ) تشرفنا سيدي
كانت المرة الأولى التي تراه فيها، شعرتْ بالخجل، لأنها لم تكن ترغب في أن يراها في تلك الحال البائسة ، وجها مُصْفَرًّا لا توجد فيه قطرة دَمٍ من شدّة التعب، عينان ذابلتان ، جسم نحيلٌ فاقد القدرة حتى على النهوض لتحييه، تراءى لها و كأنه ملاكٌ نزل إليها من السماء، أرسله الله ليأخذ بيدها، كان وجهه يُشِعُّ نورًا.
الممرضة: إذهبي لإجراء التحاليل الطبية
ردت قائلة:، لا اقدر على الحركة
أحضر كرسيًّا متحركا و نقلها إلى قاعة تحليل الدم ثم إلى قاعة الفحوصات الطبية ـ تكفل بباقي الإجراءات الطبية، ظل إلى جانبها رغم أنه لا تربطه بها أيّ صلة قرابة
هي الإنسانية تسجل حضورها، وحدهم الرجال العظماء الذين يقدرون معنى المسؤولية و العطاء و معنى الخدمة، وحدهم العظماء الذين يدركون مسؤوليتهم على من يحيطون بهم من البشر، هم خلفاء الله في الأرض.. يزرعون الجميل ، ما أعظمهم حتى الله أحسن صورهم و زرع في قلبوهم الإيمان و في وجوههم النور فكانوا نورا على نور..
رغم وجعها، ظلت تتأمله من بعيد فهو أبيض البشرة ، لحية سوداء ، يرتدي قميصا أبيضا، يبدوا أنه رومانسي حتى في هندامه، يختار الألوان وما يتلاءم و شخصيته، ثابت في صوته في وقفته، تنظر إلى من كانوا يحدقونها بنظراتهم.. تهمس بين شفتيها.. إنه مختلف عنهم، ملاك في هيئة بشر و ليس كل البشر ملائكة.
تقول في نفسها: شكرا لك يا الهي لأنك ارسلت لي واحد من جندك و أنا الوحيدة في هذا المكان حتى من اعتبرتهم أصدقائي تخلوا عني.
قليلون جدا أولئك الذين يؤمنون بالعطاء، يرفقون بالناس يرأفون بحالهم، لدرجة أنك تشعر أنهم مقربون منك و كأنك تعرفهم منذ زمن طويل أو تربطك بهم علاقة ما..
هي فتاة رهيفة الإحساس، رقيقة القلب، ترى الحياة برومانسية، اكتشفت أنها وقعت في المطبّ، كانت تختلس النظر إليه و هو يتحدث إلى من حوله، وقعت أسيرة التساءلات من أين جاء هذا الملاك؟ كيف وصل إليّ؟ هاجسا يرد عليها و يهمس:
إنها اليد البيضاء.. اليد البيضاء ؟...، شكرا لك يا الهي، لأنك لم تتخل عني و لم تتركني وحدي..
العيون وحدها تتكلم عندما يفقد المرء القدرة على البوح وتخونه الكلمات في الكشف عن مشاعره للطرف الآخر، هذا الآخر الذي كان أكثر إنسانية، نعم هناك أشخاص يشبهون الملائكة، يكفي أن تنظر في عيونهم فترى النبل و الصدق و التواضع والحب، شعاع يبعث نوره الوضّاء لدرجة أنه يخيل إليك أنهم من سلالة الأنبياء و المرسلون..
كم هي نادرة هذه المشاعر بحيث لا تراها في كل العيون، مشاعر لا يحملها إلا إنسان حامل لواء الإنسانية ، هاهو القلب ينتعش رغم الألم و الوجع، شيئ غريب نشعر به في اللحظة التي ينبض فيها القلب النبضة الحقيقية
ظل برفقتها حتى استعادت قواها و حيويتها، ثم رافقها إلى حيث تقيم، و انصرف كل منهما إلى حال سبيله.. غادرتْ تاركة قلبها عنده، استمر التواصل بينهما، هؤلاء طبعا محبوبون عند الناس، قد تحبهم من أوّل نظرة، ليس هذا الكلام كلام روايات بل كلام نابع من قلب مثالي يرى الحبّ قيمة جمالية مقدسة
الطيبون مؤمنون، متواضعون، مُتَرَفِّعُون، أنقياء السريرة، كلما تراهم تشعر و كأنك ترى ملاكا ، يزداد تعلقك بهم و يزداد شوقك و حنينك إليهم ، تتمنى أن تظل بقربهم إلى الأبد و لو كـ: خَادِمٍ..، فكرتْ مليا، سألت نفسها: ما سر تعلقي بهذا الملاك، لماذا يخفق قلبي كلما قرأت اسمه؟ ما سرّ ما أشعر به؟ هل هو إعجابٌ أم شيئ آخر؟ وما هو هذا الشيئ؟ هل هو الحب؟ ربما تعلقت به تعلق المريض بطبيبه، حاولت أن تطرد من مخيلتها تلك الأفكار، لكن نداء القلب كان الأقوى، حارت بين لغة العقل و لغة القلب، كان القلب هو المنتصر، وأخيرا طرأت لها فكرة
سأكتب له رسالة، نعم سأكتب له رسالة بتوقيع مجهول..
أخذت الورقة و القلم، استسلمت لقلبها كما يستسلم المريض لطبيبه و هو على طاولة العمليات، من اين تبدأ؟ و بأي اسم تناديه؟ بدأت تكتب، بحثت عن كلمات تتسلل إلى قلبه...، تمزق ورقة ثم تأخذ ورقة أخرى، تبحث عن كلمات تتسلل إلى قلبه بسهولة، كلمات لا تقال لكل الناس، استعانت بموسيقى بتهوفن، فجأة و كأن وحيًا نزل عليها، حملت القلم من جديد و بدأت تكتب:
إليك يا صاحب البشرة البيضاء واللحية السوداء إليك يا صاحب القميص الأبيض، أيها النور الجليّ، مذ رأيتك فقدت توازني و فقدت السيطرة على قلبي، فاخترت لغة القلب، كانت عيناي تعبران عما لم يستطق اللسان البوح به ، يا سيدي اعذرني إن اخترت لغة البوح، فإن هذا الجسد النحيف الذي كنت تقف أمامه، بداخله روحا نقية أعْجِبَتْ بك من أول نظرة، وإعجابي بك تطور، حتى أني أجهل كيف تطور ليتحول إلى حبّ ، حُبٌّ حقيقي بل عشقٌ و كم هي مُحْرِقَةٌ مدامع العشاق..
قد يتراء لك هذا الكلام هراءً أو أنه ضرب من الجنون، أو نوع من الإستهتار و قد أسمعك تقول: (من؟ وما؟ و..؟ ..؟...و...؟.. أو؟ و لماذا؟ و كيف؟) لا ألومك إن كان هذا ردّ فعلك، فالعين لا تعلو على الحاجب و لكن...؟
عندما يفتقد المرء الصدر الحنون و اليد التي تمسح رأسه عطفا ومحبة تجده يبحث عن شيئ يعوضه لكي يشعره بوجوده، هو قبل كل شيئا إنسان، لعله يجد من زرع الله في قلوبهم روح الحب و العطاء و هذه ميزة يفتقدها كثير من الناس، وأضافت في رسالتها:
لقد أسَرْتَنِي بنبلك و تواضعك و إنسانيتك، و أسَرَتْنِي نظراتكَ إليّ، كيف لي اأن لا اقع في المطب و الله وهبك الجَمَال و صوتا تطرب له الآذان ما يجعل كل فتاة تراك تعجب بك، بل قد تقع في حبك، فلا عتاب إذن على القلوب الضعيفة التي تعشق من أول نظرة، ألا يقال أن الحب أعمى؟
ها هي تستعيد شجاعتها لتطلق العنان لمخيلتها لتعلن تمردها على الممنوع و اللامسموح ، هاهي تعترف و تقر، أنا أحبك سيدي، أحبك بكل ما تحمله هذه الحروف من معاني، ولأنني أحترم نفسي فلن أتجاوز خطوطي الحمراء، لأن كبريائي يمنعني..، لن أفرض حبي على قلب ربما هو يشفق عليّ لا أكثر، يرى فيّ ذاك الكائن الضعيف الفاقد الإرادة، يحتاج إلى من يعطف عليه، وربما أنت محق في كل شيئ، فمن أكون أنا حتى أتطاول على الكبار؟، فأمثالنا لم يخلقوا للحب، و أنا في كل الأحوال لا شيئ، وهل تعلو العين على الحاجب؟.
ظلت تسترسل في الكلام و كأنها تعاطت مخدرا، تهذي بكلام يشبه الطلاسم..ترحل بمخيلتها إلى مسافات بعيدة ، تتخيل اشياء لا تراها إلا في الأفلام، عالم الحقيقة مؤلم و عالم لمادة أكثر ألما، و المادة تصنع كل شيئ، تشق لك طريقا في البحر، فتصبح محبوبا لدى الجميع حتى لو كنت قبيحا، هي الآن تناجيه
أنا الآن أعيش على لحظات قصيرة، سكنتْ قلبي فاحتلته، لحظات تحوّلت إلى قصّة ، فإذا بها تأبى الرحيل، هي الآن تسكنني، تجعلني أؤمن بقوتي الداخلية والوثوق في نفسي فيعود ذلك الجزء المفقود من قلبي، لا معنى لحياتي في غيابك، إني في كل لحظة و كل مكان أقصده أجد العدم يحيط بي لغيابك.
يا سيدي ، أنت اللحظة التي يسبقها الزمن، في غيابك تجف الأمطار في الشتاء..
يا سيدي إني اقاوم الفراغ الذي ولده غيابك.. دعني أعبر و أفضفض، دعني أبوح فللبوح لحظته ، فالكلام لن يضرك في شيئ.. ستظل صورتك منقوشة في ذاكرتي، يا من سرقت مني أنفاسي، سأعيش على حب عذري ، لا يعلمه أحد، فمن دونك أنا نكرة، لأن حبك أقوى مني و عذرا فللبوح لحظته
كانت و كأنها ترى في منامها حلمًا جميلا، سرعان ما أفاقت من نومها ، نهضت لتجد نفسها أمام الواقع الذي لا يمكن تغييره، تنهدت و قات: شتان بين الثرى و الثريا.