د. رسول محمَّد رسول - أرخنة التفكُّر الفلسفي في العراق.. الراوي والرفاعي يفتحان خزائن المسكوت عنه([1])

قد تكون مجازفة محفوفة المخاطر عندما يُقبل أحدنا على التأريخ لحالة الفلسفة في العراق الحديث؛ فالسائد أن هذا البلد، وعبر تأريخه الطويل، مرَّ بتحوّلات عاصفة، خصوصاً بعد سقوط بغداد عام 1258 ميلادية على يد برابرة غزاة أحرقوا مكتبات عاصمة الإبداع والفكر، وما تبقى من كتبها قذفوه في مجرى النهر، ليتعرَّض الوطن العراقي تالياً إلى احتلالات خارجية مؤلمة لم تمنحه سوى التمزق ومراحل استقرار زائفة ومبطنة بالضحالة والتردي والتراجع.
في غضون كل ذلك، تعرَّضت الحالة المعرفية في هذا الوطن المتعَب إلى ما تعرَّضت له كل أوصاله، ويبدو تأريخ الفلسفة فيه، بعد سقوط بغداد إياه، متقطعاً. لذلك نجد صعوبة في لم شتات الاشتغالات الفلسفية المدوَّنة في أقل تقدير؛ فثمة علائق مفقودة تعرقل استشراف تأريخ التفكُّر الفلسفي بشكل منتظم، والى جانب ذلك هناك ضياع للمكتوب، ونسيان ابتليت به ذاكرة العراقيين، إلاّ أن جهوداً معرفية حثيثة أحكمت همّتها لاستقراء تأريخ الاقتبال الفلسفي، فراحت تحفر في عمق التأريخ الحديث محدثة قطيعة معرفية مع المسكوت عنه في عمق ذلك التفكُّر، وإن كان نسبياً؛ تأريخ يومياته، وقطائعه، وصوره، وتحوّلاته، بالمرة وجوده.
حتى عام 1997، ما كان يوجد تحت اليد تأريخ للفلسفة في العراق، وإن وجد فهو مشتَّت وإن ظهر فإننا سنراه يطوي بين جنباته قلقه المعرفي رغم كل الصيحات التي كانت تنادي بضرورة إعادة كتابة التأريخ، لا سيما في منتصف سبعينيات القرن الماضي فما فوق.
في ربيع عام 1997، وبينما كنتُ أستعد لمناقشة أطروحتي الأكاديمية بغية الحصول على درجة الدكتوراه في الفلسفة الألمانية الحديثة من (كلية الآداب - جامعة بغداد)، أكرمني الدكتور عبد الستار عز الدِّين الراوي، أستاذ الفلسفة الإسلامية في (جامعة بغداد)، بنسخة مصوَّرة من بحث له غير منشور حمل عنوان (الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية).
في تلك اللحظات، وأنا أمسك بوريقات هذا البحث، شعرت أنني بإزاء كنز معرفي يمكن أن يضعني عند تأريخ ما أبحث عنه، سرت إلى زاوية وارفة في إحدى حدائق الكلية الغناء يومها، لأقرأ البحث برمته قراءة سريعة حتى خرجت من ذلك بتصوّرات ملئت فراغات في ذاكرتي عن إرثي الفلسفي بوصفي أحد المتفكِّرين العراقيين في المعرفة الفلسفية، لكنّني، وبعدها بشهور قليلة، سافرت عن العراق إلى الجماهيرية الليبية، ومن ثم إلى المملكة الأردنية، وتالياً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي كل رحلاتي تلك بين هذه الأوطان، كان ذلك البحث بصحبتي كما يصاحبني جواز سفري، أقرأه وأعيد قراءته دون ملل لأنّه عمقي وأنا المتخصِّص بالفلسفة، فهو يكشف لي عن تأريخ قرن من الزمان الفلسفي بغض النَّظر عن قيمته المعرفية وتحولاته ومشكلاته.
بعد عشرين عاماً على تلك الواقعة المعرفية الرائعة، وعندما التقيت الدكتور عبد الجبار الرفاعي في بغداد، ولأول مرة، مطلع كانون الثاني/ يناير 2015، أتحفني بنسخة من كتابه (تحديث الدرس الكلامي والفلسفي في الحوزة العلمية)، وهو كتاب غمرني الشوق إلى قرائته كون أحد فصوله يصبُّ في المجرى المعرفي المتعلِّق بتأريخ التفكُّر الفلسفي في العراق.
وفي خلال أحاديثي مع الشيخ الرفاعي، علمت منه بأنه ومنذ عام 1998 بدأ بكتابة بعض الفصل الثاني الذي يؤرِّخ فيه لـ**"**نشأة ومسار الدرس الفلسفي في الحوز العلمية بالنَّجف". ما يعني إن الحاجة إلى أرخنة التفكُّر العقلي في العراق ولدت عند الراوي والرفاعي في وقت متقارب من حيث الشروع والإنجاز يوم كان الراوي مقيماً في بغداد، وكان الرفاعي يتجوَّل بين عواصم العالم العربي والإسلامي في زمن سياسي مغبر الحال، لكنّه الراوي يؤكِّد بأنه أمضى قرابة عقدين من الزمان وهو يشتغل بموضوعة بحثه هذا.
1-
يعود الرفاعي في بحثه إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي (448 هـ) ويستمر إلى ما بعده، بينما يرجع الراوي إلى القرن التاسع عشر ويستمر إلى ما بعده حتى العام 1978. كلاهما يقدِّم للقارئ صورة تكاملية عن تأريخ التفكُّر الفلسفي في العراق، صورة جديدة ومغامِرِة وجريئة تنمُّ عن جهد معرفي كبير ألمحه يقيناً بأنه يسد نقصاً فادحاً يعاني منه الدرس الفلسفي العراقي بقدر ما يفتح أفقاً لمعاودة قراءة منتوجه الفكري المغيب والمسكوت عنه لدواع كثيرة.
يحفر الرفاعي بين طبقات التاريخ متوسِّلاً طريقة لتوصيف ما اسماه بـ "مدرسة النَّجف الفلسفية"([2]). وفي هذا السياق، وجدته في كتابه هذا يستظل بتعبيرات متاخمة لفعل التفلسُف في تلك المدينة التنويرية الكبرى في العالم الإسلامي والعربي، منها: "ارتسام المنحى العقلي"([3])، و"المنحى التأويلي"([4])، ومن ثم "تراث المعقول"([5])، وبالتالي "مدرسة النَّجف العقلية"([6])، و"المدرسة الفلسفية النَّجفية" و"المدرسة الفلسفية في النَّجف"([7])، و"مدرسة المعقول في النَّجف"([8]). وكلها ملفوظات وصفية خاصَّة بالاشتغال الفلسفي في مدينة النَّجف بصفتها حاضرة علمية تنامى فيها النَّظر العقلي على نحو متواتر منذ تأسيس (الشيخ أبو جعفر، محمَّد بن الحسن الطوسي)([9])لمدرستها الحوزوية ذات الطابع الدِّيني حتى الآن، ذلك التأسيس الذي يراه الرفاعي بداية حقيقية للنَّظر العقلي الفلسفي في العراق حتى وفاة الشيخ الطوسي سنة 460 هجرية.
لقد كان لجمهرة الفقهاء الإيرانيين - باستثناء الحكيم الماهر الشيخ محمَّد علي ملا صدرا البادكوبي (1316 – 1392 هـ) من أذربيجان - ضيوف مدينة النَّجف، كان لهم دورهم البارز في بناء الاهتمام الفلسفي فيها، لكن المسار العقلي - الفلسفي انتهى إلى عُلماء وفقهاء عراقيين في وقت تال. وهذا ما يؤكِّده الرفاعي عندما همَّ مؤرِّخاً لأدوار مدرسة النَّجف الفلسفية حتى وجدها أربعة؛ الأول يبدأ من تأسيس (الحوزة العلمية)([10])في النَّجف على يد الشيخ الطوسي. الثاني الذي غلب عليه "العرفان النَّظري أو الحكمة العرفانية"([11]). الثالث الذي نما في القرن العاشر الهجري حيث "حضور نشاط غير عادي لدراسة المعقول، وذلك عندما انصبَّ الاهتمام على تدريس المنطق والتأليف فيه، إضافة إلى علم الكلام والفلسفة أحياناً"([12]). أما الدور الرابع فغلب عليه في القرن الثالث عشر الهجري حيث دخل الحراك الفكري في تزاوج بين "المعقول والعرفان العملي"([13]).
في الدور أو المرحلة الرابعة يتوقَّف الرفاعي عند ملامح فترات ما جرى خلالها؛ فقد هيمن عليها العرفان العملي، وتضاءل التأمَّل العقلي، وساد تيار الحكمة المتعالية الذي ظهر مع مدرسة صدر الدِّين الشيرازي (1572 – 1640 م)، وهو من أصول إيرانية حلَّ بالنَّجف، وأصبح هذا التيار "منهجاً للدرس الفلسفي"([14]). وفي تلك المرحلة أيضاً تنامى تيار الانفتاح على العلوم والفلسفات العصرية في حدود منتصف القرن التاسع عشر، وتالياً في القرن العشرين صار النقاش يقترب مما هو فلسفي، بل حجاجي فلسفي، ولذلك ظهرت كتابات الشيخ محمَّد جواد البلاغي (1252 – 1352 هـ)، وكتابات محمَّد حسين الطباطبائي (1892 - 1981)، وصولاً إلى كتابات محمَّد باقر الصدر (1935 - 1980).
ولهذا يوصف الرفاعي هذه المرحلة بما يأتي:
أولاً: "هيمنة الفكر الفلسفي لصدر الدِّين الشيرازي على حلقات الدرس الفلسفي".
ثانياً: "بلغ التفاعل بين المنطق والفلسفة من جهة وأصول الفقه من جهة أخرى ذروته في هذا العصر.... وكذلك زحف المنطق والفلسفة على الفقه".
ثالثاً: التعرُّف على الفلسفة الأوروبية الحديثة، وكذلك اكتشاف مسالكها المتنوعة، وقد تمحور الاهتمام بالمذهب التجريبي والاتجاه المادي في هذه الفلسفة لمناقضتها للميتافيزيقا والإيمان بالغيب".
رابعاً: أسهمت مدرسة النَّجف الفلسفية في هذا العصر بأعمال فلسفية أساسية اضطلعت بدور رائد في نقض الشبهات والإشكالات العقائدية.
خامساً: نهضت هذه المدرسة بإبداع جديد في منطق الاستقراء انتقلت فيه دراسات المعقول فيها من حالة الشروح والحواشي، بل والدفاع عن العقيدة، إلى حالة تأسيس وصياغة اتجاه جديد في تفسير المعرفة البشرية وتوالدها"([15]).
يعود الرفاعي إلى استقراء أنموذج من نماذج التداخل بين الفلسفة والفقه أو قراءة المعقول الفلسفي للنَّص الفقهي، وهو ما يعبِّر عن ذروة العلاقة بين نظامين معرفيين؛ نظام فقهي ونظام عقلي فلسفي يتمثل بتجربة الشيخ محمَّد حسين الغروي الأصفهاني المعروف بالكمباني، وهو من أصول إيرانية لكنّه عراقي المولد والوفاة - ولد بالكاظمية سنة 1296 هـ، وتوفي بالنَّجف سنة 1361 هـ - والذي كتب ثلاثة مؤلَّفات هيمنت عليها آليات التحليل، هي: (نهاية الدراية في شرح الكفاية)، و(ذخيرة المعاد في الفقه)، وهو باللغة الفارسية، و(تحفة الحكيم - منظومة في الفلسفة العالية). ويتوقَّف الرفاعي عند الأول منها ليؤكِّد بأنه يمثل "أهم مصنَّف أصولي تجلى فيه تفاعل الفلسفة وأصول الفقه في النَّجف"([16]). وههنا يعتقد أن تجربة الأصفهاني الكمباني لم تقتصر على مباحث الألفاظ التي أوغل فيها إنما "امتدت لتنفذ إلى مختلف المباحث مما جعل البحث الأصولي يتخطّى فضاءه الخاص ويجول إلى آفاق رؤية الفلاسفة وتأمُّلاتهم التجريدية البعيدة عن ذوق العرف ومواضعاته"([17]).
لقد كان لهذه التجربة أثرها في نمو التأويلية الفلسفية بوصفها آلية لقراءة المتن الأصولي، إلاّ أن هذا التطلُّع الفلسفي في قراءة المنطوق الفقهي لم يلق ذلك القبول في المدرسة الفقهية النَّجفية بشكل عام رغم أهميته المعرفية، ورغم أنه ولد تياراً معرفياً فلسفياً أنتج، تالياً، مُعطيات فلسفية مهمة لدى الشيخ البلاغي والسيد محمَّد باقر الصدر وغيرهما، بل امتد أثره إلى خارج النَّجف. ولهذا يقول الرفاعي بأن الفلسفة كانت تبدو أنها "تمارس دوراً تعطيلياً بالنسبة لتطوُّر تجربة البحث الأصولي في الاتجاه الصحيح"([18]). ولذلك، يلقي الرفاعي الأضواء على مآلات مدرسة النَّجف الفلسفية، منوهاً بالدور التعطيلي لها ذاك الذي مارسه المرجع الدِّيني السيد محمَّد كاظم اليزدي (1274 – 1337 هـ) وغيره من فقهاء المنقول، خصوصاً ذلك الجمع من طلاب (الحوزة العلمية) الذي كان يرفض القراءة الفلسفية، ويشن حملات رفض ضد من يدرسه بالحوزة، ومنهم الحملة التي شنت ضد الشيخ البادكوبي، حتى إن بعض "أساتذة المعقول المعروفين سعى إلى هجر تدريس هذا الفن، والانصراف عنه إلى تدريس الفقه والأصول"([19]). ومع ذلك بقيت مدرسة النَّجف فاعلة رغم ضراوة الهجوم عليها وتلامذتها حيث ظلَّ تداولها مستمراً بشتى أشكال النَّظر العقلي، بمعنى أن "شعلة الدرس الفلسفي لم تنطفئ في النَّجف، وأضحت مدرسة النَّجف الفلسفية هي المدرسة الأم التي شعَّ منها الدرس الفلسفي في هذا العصر إلى حواضر مُهمة في العالم الإسلامي"([20]).
إن ما أقبل عليه الدكتور عبد الجبار الرفاعي في صنيعه المعرفي - التأريخي هذا، يعدُّ، ومن منظوري الخاص، تحولاً مهماً في بيان ملامح اشتغالات الفلسفة الإسلامية المسكوت عنها في العراق عضدته خبرته الطويلة في قراءة المتون الفقهية والفكرية والفلسفية منذ القرن الخامس الهجري حتى الآن ليرسم بذلك ملامح واشتغالات (مدرسة النَّجف الفلسفية) التي تداخل وتناص فيها القول الفقهي مع القول الفلسفي تداخلاً وتناصاً منتجاً رغم المخاطر التي حاقت بتلك الاشتغالات، ومنها تهميش الفقهاء عشاق الدرس الفلسفي، وقطع أرزاقهم، ومضايقتهم، وهو ما يؤكِّد أن الفلسفة الإسلامية في العراق لم تتوقف جذرياً منذ تجربة جابر بن حيان حتى الآن، لكنّها مرت بفترات سبات تلتها فترات استيقاظ. وكل العُلماء الفقهاء الذين أتى الرفاعي إلى التأريخ لمنجزهم المعرفي نراهم ينخرطون تحت عنوان (الفلسفة الإسلامية)؛ فهم لم يغادروا المتن القرآني والفقهي والكلامي عندما تأمَّلوا مُعطياته عبر آليات المعقول الفلسفي سواء كانوا عراقيين أم إيرانيين أم هنود أم باكستانيين أم أذربيجانيين جمعتهم الحاضرة الفكرية والدِّينية والثقافية والوجودية في مدينة النَّجف العراقية.
2 -
كان المفروض أن أبدأ من محاولة معلِّمي رائد الدراسات العقلية في العراق الدكتور عبد الستار عز الدِّين الراوي (الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية)، وهو يؤرخ للتفكُّر الفلسفي في العراق، ويفتح خزانة المدوَّن منها في هذا الشأن، لكنّي شرعت بمحاولة الرفاعي لأحافظ على السياق التأريخي.
يُخبرنا الراوي في افتتاحية بحثه بأنه بدأ عمله منذ عقدين من الزمان، كما فعل الرفاعي، وقال إنه "أجهد نفسه في البحث والتنقيب في جملة من الفهارس والتراجم والمعاجم والموسوعات"([21])، وهو جهد شخصي فردي اتسم بالحذر في ظل اعتقاد بأن "دراسة من هذا الطراز لا تعد القارئ بحقائق محدَّدة أو نتائج نهائية قدر سعيها أن تكون بمثابة مقدِّمة أولى أو تجربة أولية تجتهد أن تبسط جانباً من المشهد الفلسفي في العراق مع شيء من ظلاله الفكرية العامة"([22]). أما ملامح هذا المشهد وتفاصيله وجزئياته فإنها "تجربة أخرى، ومقدِّمة لاحقة"، كما يقول([23])، ويعلل ذلك بأن "مسألة الإلمام الكلي أو الوصول إلى صورة جامعة مانعة أمر يتعذَّر تقريره أو إقراره؛ فثمة عشرات الأعمال الفلسفية لا تزال ضائعة أو مفقودة عدا عشرات أخرى لم يجر الوقوف على محتوياتها، فضلاً عن عدد آخر من الكتابات مما لم يجر حتى اليوم فهرستها مما يصعب حصرها أو اصطفاؤها بالكامل"([24]). ولكنّه ويوضح بأنه "وقف عند نحو خمسمائة كتاب تقع في المعرفة الفلسفية"([25])، مؤكِّداً، في الوقت نفسه، بأن عمله التأريخي هذا "اقتصر على الكتابات التي أنجزها مؤلِّفون عراقيون خارج المؤسسات والأقسام الأكاديمية المتخصِّصة بالفلسفة"([26]).
في ضوء كل ذلك، يأتي الراوي إلى تحقيب مراحل اشتغالات التفكُّر الفلسفي في العراق بحسب تطوُّرات المنحى السياسي؛ فهناك أربع مراحل مرَّ بها المشهد الفلسفي؛ مرحلة الاحتلال العثماني، ومرحلة الاحتلال البريطاني، ومرحلة الحكم الوطني، ومرحلة عصر الجمهوريات؛ الأولى والثانية والثالثة، حتى عام 1978.
في هذا السياق، يعتقد الراوي بأن مرحلة الاحتلال العثماني كانت تمثل "عصراً من الظلمة.. انغمر فيه مريدو الفلسفة وكتّاب الحكمة باهتمامات معرفية ذاتية لم تتعد، في أغلبها، إطار النَّظرات العقائدية الدِّينية فانصرفت كتاباتهم إلى الدراسات العقائدية التقليدية؛ الأصول، والإلهيات، والصفات، والفرق المذهبية، وراحوا يبحثون عن نظريات ما وراء الحس والشهادة عبر ثنائية الجزئي والكُلي، والعرض والجوهر، والخالق والمخلوق، والقديم والحديث؛ فأعيدت الكلاميات العتيقة، ورؤى القرن السابع الهجري"([27])، فضلاً عن "سعة البانوراما الصوفية"([28])، وفي ذلك عناوين كتب ومؤلَّفات حتى "يفاجئ الزهاوي القرّاء والمثقفين والشعراء بكتابه الفجر الصادق في الرَّد على منكري التوسُّل بالكرامات والخوارق"([29])، منتصراً للصوفية، معبراً عن ولائه للسُّلطان العثماني([30]).
شهدت تلك المرحلة أيضاً ظهور هبة الدِّين الشهرستاني (1884 - 1976)، أحد "المجدِّدين في الوسط الدِّيني، الذي حاول بدوره البرهنة في دراساته ومناظراته على أن الإسلام قد سبق العلوم الحديثة بنظرياته، وأن تلك العلوم لم تأت بما يناقض الدِّين أبداً"([31]). وكانت هذه التطلُّعات للتحاور مع العلوم الحديثة ومقاربتها مع الفكر القرآني مدعاة رفض من أطراف حوزوية متقدِّمة المنزلة في النَّجف، لا سيما أن الشهرستاني كان مقيماً في الحاضرة النَّجفية حينها، وراح يستدرج إلى محاضراته في (جامع الطوسي) طلاب الحوزة المتعطِّشين إلى التجديد([32]).
في حدود المرحلة العثمانية، يعرج الراوي على ذكر حالة اليزيدية (الأزيدية) وصدور كتاب بشأنها في تلك المرحلة. ويقف عند أزمة محمود شكري الآلوسي([33])مع السُّلطان العثماني، لينتقل بعدها إلى مرحلة الاحتلال البريطاني للعراق التي استمرت فيها مباحث الأصول والعقائد في ظل تقييد حركة الفكر والعقل الذي كان شغلاً شاغلاً لقوات الاحتلال البريطانية في العراق آنذاك.
في المرحلة الملكية، بدا الاقتبال على الفلسفة يسير في طريق مختلفة، فقد صدرت في علم الكلام سبعة كتب، وفي المنطق ثلاثة كتب، وفي الأخلاق نحو كتابين، وفي التصوُّف صدر كتاب واحد، وفي الديانات والمذاهب كتبان، أما في المجال الفلسفي فقد صدر كتاب عام 1922 كتاب (ماهية النَّفس ورابطتها بالجسد) لميخائيل يوسف تيسي، وكتاب (المجمل مما أرى) لجميل صدقي الزهاوي في عام 1924 (انتهى منه الزهاوي في 23 كانون الثاني/ يناير 1923 بحسب ما ذكره الزهاوي نفسه في الصفحة الأخيرة من مخطوط كتابه هذا)، وكذلك كتاب (علم وإرادة) عام 1925.
رغم أنه لم يتقدَّم خطوة يُعتد بها؛ فإن تراجعاً شهده القول الفلسفي في ثلاثينيات القرن العشرين، فقد صدر في الفلسفة الإسلامية ثلاثة كتب، وفي علم الكلام خمسة كتب، وفي التصوُّف كتاب واحد، وفي الديانات والمذهب أربعة كتب (أحدها مُترجَم)، ليصبح المجموع الكلي ثلاثة عشر كتاباً. أما مرحلة أربعينات القرن العشرين، وهي مرحلة ملكية من الناحية السياسية، فقد "سعت الفلسفة فيها إلى أن تتفوَّق على الاتجاهات التقليدية؛ فثمة صعود مفعم بالنضارة للعناوين والمضامين، إلى جوار الناتج الكمي الذي حقَّق ارتفاعاً نسبياً بالقياس إلى المرحلة الفائتة؛ فقد وصل العدد الكلي إلى اثنين وعشرين كتاباً"([34]). ليخلص الراوي، وبعد تفصيلات عن عناوين مؤلَّفات تلك المرحلة، إلى القول عن هذه المرحلة بأننا يمكن أنْ "نلمس جملة من المتغيرات في حركة التأليف الفلسفي؛ حيث التنوُّع المعرفي في الموضوعات الفلسفية، وتنامي حركة الترجمة، وتزايد نسب المؤلَّفات الحديثة بإزاء انحسار الكتب التقليدية، والاقتراب من حقائق الواقع؛ العقل والثقافة، والتاريخ والحرية"([35]).
هذا التحوُّل أخذ يمضي في طريقه أفضل في مرحلة الخمسينيات الملكية حتى عام 1958 حيث وصل عدد المؤلَّفات الفكرية ذات الطابع الفلسفي العربي والإسلامي والغربي إلى خمسين كتاباً أطل من خلالها "العقل العراقي على فكر الآخر الأوروبي عبر الترجمة عدا تنوُّع المعارف، وتعدُّد الاتجاهات والمدارس الفكرية"([36]).
وفي مرحلة الجمهورية الأولى عام 1958 – 1963، يعتقد الراوي بأن "العقل العراقي بدأ فيها رحلة وعي نضرة حتى بلغ عدد الإصدارات حوالي 63 كتاباً، وهو رقم تجاوز الفترات والمراحل السابقة"([37])؛ إذ صدر في الفلسفة الإسلامية 25 كتاباً، خمسة عشر منها كان عن فلسفة الكندي شاركت في (مهرجان الكندي) الذي كان الأول من نوعه في العراق، بل وأول مهرجان فلسفي في عراق الفيلسوف الكندي يكون موضوعه فيلسوف عربي ويعقد تحت رعاية رئيس الجمهورية حينها عبد الزعيم عبد الكريم قاسم (قتل في عام 1963). وفي علم الكلام صدر عشرين كتاباً، وفي الفلسفة المعاصرة صدر أربعة عشر كتاباً، وكتاب واحد في فلسفة التربية، ومثله في الأخلاق، وكذلك في المنطق القديم، ومثله أيضاً في المذاهب والأديان.
في هذا المجرى، يعتقد الراوي أن ما تحقَّق في مهرجان الكندي كشف عن اقتبال الدولة على "إحياء التراث الفلسفي، والتأكيد على الاتجاهات العقلانية في الفكر العربي"([38]). ويرى أيضاً أن "الفلسفة الإسلامية في ظل الثورة دشَّنت طريقاً جديدة تتخطّى تقليدية المراحل السابقة...، أما الاتجاهات الحديثة والفكر المعاصر فقد حظيا باهتمام العقل العراقي عبر التعريف والتحليل والتقويم، وقد شملت الفلسفات؛ المادية، والروحية، والماركسية، والوجودية، والعلمية البراجماتية"([39]). وشهدت تلك المرحلة أيضاً، وبحسب الراوي، "تداخلاً بين الفلسفة والأيديولوجيا، والتفسير السياسي العقائدي للفكريات والاتجاهات الفلسفية، وسعي التيارات الأممية والقومية والدِّينية إلى إظهار نفسها سواء عن طريق الترجمة الانتقائية أو التأليف الأيديولوجي"([40]).
وفي الجمهورية الثانية؛ الممتدة بين عامي 1963 – 1968، بلغت الإصدارات الفلسفية العراقية قرابة ستة وأربعون كتاباً غلبت عليها مباحث الفلسفة الإسلامية والأديان، واستمرار صدور بعض الكتب عن فلاسفة الإسلام كالكندي، والفارابي، والغزالي، ناهيك عن ابن العبري، والاسفراييني، وابن الخراز، وغيرهم.
أما في الجمهورية الثالثة، وفي عقدها الأول 1968 – 1978، فقد بلغت الإصدارات نحو واحد وخمسين كتاباً في الفلسفة الإسلامية، وعلم الكلام، والتصوُّف، والمنطق القديم، والأخلاق، والمذاهب والأديان، والمشكلات الفلسفية، والفلسفة المعاصرة.
وفي الوقت الذي يتحفنا الراوي بملحق ريادي النشأة لبحثه يضمُّ مسرداً لعناوين الكتب التي ظهرت في تلك المراحل، يخلص إلى جملة من التوصيفات ذات الأهمية الكبيرة في مجالها، منها:
1."كانت الأعمال الفلسفية التي ظهرت خلال قرن من عمر الحركة الفكرية تعبِّر عن عصرها، وعن مستوى الوعي السائد لدى مؤلِّفيها الذي يُترجم الرؤى والأفكار والاتجاهات المعرفية في المجتمع ودرجة تطوُّره.
غلب على معظم المراحل الزمنية نمط من الكتابات المدرسية ذات النَّمط التعليمي، وعلى وجه خاص (الميتافيزيقية) منها، إذ فرضت الدراسات اللاهوتية حضورها على نحو مكثَّف، في إطار الأفكار التقليدية المتعالية، وانصرف جزء منها إلى الحواشي والشروح والتعليقات، أي بمعنى إعادة إنتاج على شكل (الإعادة) و(التكرار).
رغم غياب حرية الفكر في العهد العثماني، وغلاظة القيود المفروضة على العقول المستنيرة، فإن ثمة أعمال جريئة وأفكار شجاعة أعلنت عن اعتماداتها النهضوية؛ تحثُّ على العلم، وتؤمن بالعقل، وتعلي شأن الإنسان، وتتطلَّع إلى المستقبل.
لم تُظهر الخزانة الفلسفية العراقية على مدى مائة عام (فيلسوفاً) في العراق يمكن الإشارة إليه أو الاتفاق عليه، على أن من الحق القول بأن هناك من يُعدُّ (مفكراً أصيلاً) في ميدان (الكلاميات الإسلامية)، ومنهم الشيخ عبد الكريم الزنجاني (1878 - 1968) الذي عُرف عنه حسن درايته بالفلسفة وعلومها، وكذلك الرصانة التي اتسمت بها بعض أوراقه الفلسفية([41]).
شهدت العشرينيات الملكية اثنين ممن حاول الإعلان عن آرائه الفلسفية، في محاولة الخروج على المألوف في الفكر والحياة بطريقة استعراضية تفوق قيمتها الفكرية وهما: جميل صدقي الزهاوي الذي كان محاكياً ومقلداً لفكريات مجلة (المقتطف)، وميخائيل تيسي الذي يفوق في منهجه وتحليلاته الزهاوي.
في الثلاثينيات، آثر العقل الفلسفي الوقوف عند الدراسات التقليدية، وتميَّز بالتفوق على القاديانية إذ أنشئ كتابان في الرَّد عليها.
دشنَّ الفكر الفلسفي العراقي خطوة جديدة في الأربعينيات؛ فقد حاول أن يتعرَّف على الدُّنيا، ويكتشف العالم؛ إذ نثر جناحيه على ثقافة الشرق وفكر الغرب صوب أفق معرفي وفرته حركة الترجمة آنذاك، فأطلَّ على الاتجاهات الحديثة في الفلسفة، وتعرَّف على تحليلية برتراند رسل (1872 - 1970)، واقترب من المثالية، واطلع على الماركسية، إلى جوار معطيات فلسفية أخرى من الثقافة والتاريخ والعقل والاجتماع.
في سنوات الملكية الأخيرة 1950 – 1958، شقت الكتابات المعاصرة طريقها إلى العراق، واقترب العقل العراقي من فكر الآخر؛ تنوَّعت المعارف وتعدَّدت الاهتمامات على نحو لم تشهده البلاد في المراحل الفائتة، رغم ما قيل عن تلك الفترة من تعثُّر حركة النشر، وقلَّة القراء، وفقدان الحرية الفكرية.
يجيء عهد جمهورية 14 تموز 1958 – 1963 تحت قيادة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم، فيجري تخطِّي النهج التقليدي، وتتوارى الكلاميات والإلهيات والميتافيزيقا، وتتداخل السياسة بالفلسفة، ويصبح الدفاع عن الاتجاهات السياسية والفكريات الإيديولوجية واحدة من مهام الفلسفة. وتحت تأثير الفكريات الثورية، وسحر شعارات العهد الجديد، وتجربة الجمهورية الأولى، أن يظهر عنوان كتاب (لقاء بين فلسفة الكندي وفلسفة الثورة)، على أن (مهرجان الكندي) كان واحداً من أبرز إنجازات ثورة 14 تموز 1958 على الصعيد الفلسفي في هذه الفترة، وصعود العقل العراقي في رحلة البحث عن الحقيقة معلناً أيمانه بالحرية، وتفانيه من أجل الإنسان والمستقبل.
تشهد الجمهورية الثانية 1963 – 1968 حركة إحيائية للتراث الفلسفي (الكندي، الفارابي، ابن العبري، الغزالي)، وتعنى بالتصوُّف، ويجري تحقيق رسائل ابن الخراز ونشرها، وتتيح الجمهورية الثانية فرصة رحبة نسبياً أمام بعض المعضلات الفلسفية (ما بعد الموت، أنتَ، من أنت؟ وحدة الوجود، الحرية، الخ.
أما المرحلة الأولى 1968 – 1978 من عهد الجمهورية الثالثة (17 تموز)، فإنها توثق المعطيات الآتية: التداخل بين الفلسفي والإيديولوجي، وغلبة الكتابات الفلسفية ذات الطابع القومي، والتنوّع والخصوبة في المؤلَّفات الفكرية، حركة إحياء التراث الفلسفي"([42]).
***
من النَّجف إلى بغداد، رحلتان افتتحتا خزائن المكتوب الفلسفي في العراق، رحلة الراوي ورحلة الرفاعي، في كلتيهما نعثر على ما تبقّى من ذلك المدوَّن، ونعثر على خبر ما توارى، ما ضاع، ما أكله النسيان، ما حوَّلته ألسنة النار إلى رماد. تاريخ معقَّد عاشه المعقول الفلسفي العراقي، تاريخ شائك عاشه المتفكِّر الفلسفي العراقي؛ فقيه متحمِّس يتغنى بالنَّص الدِّيني فلسفياً، وآخر يخشى تواري المنقول خلف المعقول فيحذر من تعاطي التفلسف، شاعر يغامر بالقول الفلسفي، ومتمنطق يحتمي بالنَّص الماورائي لينجو، ودولة تتغنى بالكندي وأخرى بالفارابي وغيره من فلاسفة العرب والإسلام.
من النَّجف إلى بغداد يستطلع الراوي وزميله الرفاعي ظهوريات التفكُّر الفلسفي العراقي في الدِّين والعالم والأشياء والإنسان والمجتمع والطبيعة والوجود. كلاهما ينأى عن المؤسسة الأكاديمية وباعها في الإنتاج الفلسفي، كلاهما وضعا ذلك في خانة المسكوت عنه لأنّهما كشفا عن مسكوت عنه أهم غيبته المؤسسة الأكاديمية العراقية (أقسام الفلسفة) لعقود طويلة، وذلك بؤسها وغرورها الفادح، هل تعي هذه المؤسسة التي باتت تضيع يوماً بعد آخر من جهل إلى جهل دورها بإزاء نبض العراق المعرفي؟ هل يعي شغيلة الفلسفة أو عمّالها في هذه المؤسسة ما يتوجَّب القيام به إزاء موروثنا الفلسفي العراقي المنسي؟ هل من رحلة ثالثة تفتح خزائن ما تبقى؟


[1]. تم نشره في مجلة (ذوات)، العدد 25، الرباط، 2016. ص 97 – 106.
[2]. د. عبد الجبار الرفاعي: تحديث الدرس الكلامي والفلسفي في الحوزة العلمية، ص 178، دار المدى للثقافة والنشر، بغداد، 2010.
[3]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 169.
[4]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 174.
[5]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 176.
[6]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 178.
[7]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 182.
[8]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 183.
[9]. الشائع عن الطوسي (385 - 460 هـ) أن "طغرل بيك، أوّل ملوك السلجوقيين، كان قد شنَّ حملة صارمة على الشيعة العُزّل من السلاح عند دخوله بغداد عام 447 هـ، إذ قام بإحراق مكتبة شيخ الطائفة العامرة بأمّهات الكتب الخطّية الثمينة (الطوسي)، والتي لا تقدّر بثمن، تلك المكتبة التي بذل أبو نصر سابور، وزير بهاء الدولة البويهي، جهده العميم في إنشائها بالكرخ عام 381 هـ، على غرار (بيت الحكمة) التي بناها هارون العباسي".
[10]. (الحوزة العلمية): لفظ اصطلاحي للمدرسة الفقهية التابعة للمذهب الجعفري (الشيعي)، وتنقسم هذه الحوزة العلمية إلى مدرستين أساسيتين، في العصر الحالي، على الأقل هما: (الحوزة العلمية) في النَّجف - العراق، و(الحوزة العلمية) في قم - إيران.
[11]. د. عبد الجبار الرفاعي: تحديث الدرس الكلامي والفلسفي في الحوزة العلمية، ص 179.
[12]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 180.
[13]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 180.
[14]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 182.
[15]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، 181 – 185.
[16]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 187.
[17]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 190.
[18]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 190.
[19]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 191.
[20]. د. عبد الجبار الرفاعي: المرجع السابق نفسه، ص 192.
[21]. د. عبد الستار الراوي**: الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية، الافتتاحية**، ص 1، مخطوط، بغداد 1997.
[22]. د. عبد الستار الراوي:** المرجع السابق نفسه، الافتتاحية**، ص 1.
[23]. د. عبد الستار الراوي:** المرجع السابق نفسه، الافتتاحية**، ص 1.
[24]. د. عبد الستار الراوي:** المرجع السابق نفسه، الافتتاحية**، ص 1.
[25]. د. عبد الستار الراوي:** المرجع السابق نفسه، الافتتاحية**، ص 2.
[26]. د. عبد الستار الراوي:** المرجع السابق نفسه، الافتتاحية**، ص 2.
[27]. د. عبد الستار الراوي:المرجع السابق نفسه، ص 4.
[28]. د. عبد الستار الراوي:المرجع السابق نفسه، ص 5.
[29]. د. عبد الستار الراوي:المرجع السابق نفسه، ص 5. حول المزيد عن هذا الكتاب، وعن تجربة الزهاوي في تفكيك ونقد وتعرية الخطاب السَّلفي الوهابي، انظر كتابنا: (**الوهابيون والعراق.. عقيدة الشيوخ وسيوف المحاربين، ص 153 وما بعدها، **رياض الريس، بيروت 2005).
[30]. يبدو أ الراوي أغفل أو لم يكن يعلم بأن رسالة كتبها الزهاوي ونشرها عام 1897 بعنوان (الكائنات)، والتي قد تكون من الرسالات الريادية التي ناقشت قضايا العلم والفلسفة الطبيعية في عراق القرن التاسع عشر. وهذا ما ذكره الدكتور عدنان محمَّد قاسم في مقاله (الشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي 1863-1936)، المنشور في موقع (http://www.gilgamish.org/) الإلكتروني.
[31]. د. عبد الستار الراوي:** الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية، **ص 6.
[32]. (جامع الطوسي): هو من المساجد القديمة في مدينة النَّجف الأشرف، كان داراً لشيخ الطائفة الجعفرية أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، وبعد وفاته عام 460 هجرية أوصى أن يُجعل مسجداً من بعده، ويعتبر هذا الجامع مركزاً للعلم والتحصيل. اعتمد الراوي في حديثه عن تجربة (الشهرستاني) على مباحث الدكتور علي الوردي في كتابه: (لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث، ج 3، ص 72 – 73). وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور الرفاعي لم يأت إلى ذكر (هبة الدين الشهرستاني) في بحثه.
[33]. حول تلك المحنة وسياسات التوهيب التي كان يدعوا لها الآلوسي، انظر كتابنا: (الوهابيون والعراق.. عقيدة الشيوخ وسيوف المحاربين، ص 94 وما بعدها، رياض الريس، بيروت 2005).
[34]. د. عبد الستار الراوي: الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية، ص 16.
[35]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص 17.
[36]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص 18. وهنا في هذه المرحلة كان قسماً للفلسفة قد تأسس في بغداد 1949/ 1950 على نحو رسمي، وفي عام 1955 صدر أول كتاب لأكاديمي متخرج من ذلك القسم هو (مدني صالح) بعنوان (الوجود: بحث في الفلسفة الإسلامية – مقارنة ونقد)، وصدر عن مطبعة المعارف في بغداد.
[37]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص 20.
[38]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص21.
[39]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص 21.
[40]. د. عبد الستار الراوي:**المرجع السابق نفسه، **ص 22.
[41]. لم يتطرق إليه الدكتور عبد الجبار الرفاعي في بحثه.
[42]. د. عبد الستار الراوي:** الفلسفة في العراق 1867 – 1978 قراءة تأريخية، **ص 24 – 27.




* تم نشره في مجلة (ذوات)، العدد: (23)، الرباط، 1 حزيران/ يونيو 2016. ص 97 – 106.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى