روزنامة الريفيين تشير إلى الشتاء القاسي بصقيعه, وهاأنا أتحسسه بوجع أطرافي من قضمات أسنان الصقيع. قررت اليوم أن أحمل ما بقي من جسدي سليماً من قضمات البرد إلى ملجأ يحميني, وعلى ظهري كيس اللبان. أحث خطوات روحي على المضي, أفتش في ذاكرة الأماكن, و أستنشق رائحة استراحة الظهيرة, ورائحة زيت شعرك تفوح فتهب نسائمها ملطفة إحراق الظهيرة لأنفاسي, يتندى جبيني اليوم بحبات العرق بسبب حمل كيس اللبان, فأتلمس الحبيبات كما كنت يومها أمسح تلك الحبيبات من على جبينك.
أسأل الطريق المؤدي إلى سفح جبل (الحريوة) الذي كنا نجمع منه الحطب عن مواويلك التي كانت تفتح أبواب الصباح بوقع أحزانها, وأتلمس أغصان“الأثل” المالحة علها حملت بعضاً من حدائك. فأجدها عارية من الحياة, إذا ما أوجعتها ريح تهب وتتراقص أغصانها؛ فيتطاير منها دقيق ملحها الأبيض بتراتيل حداء حزين.
(الدوح) الذي كنت تغسلين يديك من دموع الحطب الأخضر جف كما جف عذب صوتك.. في مكان وضع حُزَم الحطب لم يعد ذاك الحطب أخضر لقد جف روحه وعوده, وهاأنا أسمع طقطقة الأرضة تحت قشوره. لم تحفظ الصخرة بجوار موضع الحطب نَفَسكِ المتتابع حينما كان يدفئ وجهها من صقيع مساءٍ لم يرحم.
الغرفة وذاكرة المساء التي هزت أركانها دعواتك ورجاؤك, وأنت ترجين لي أياماً بيضاء ومراداً موصولاً, لقد خانت رجاءك, ونست رائحة الخبز المرشوش بالسمن البلدي وهي تفتح أرواحنا قبل شهيتنا. لقد طغت رائحة الطين المخلوط ب(تبن) الشعير على خيط دفء الفطور . أرسم على جدار الغرفة شعرك الملفوف بالطرحة البيضاء, ويديك الحاسرتين وبين كفيك أول (السبايا) من عجينة البر التي مازالت بعض مسافات وجهها الدافئة تبعث خيط البخار الدافئ, تقدمينها لآكل وألحق طابور الصباح المدرسي؛ كي لا ترتلين دعوة حرّاء على عصا (الزول عثمان) مدير المدرسة, وقد رأيت يوماً أثر عصاه على رقعة يدي الصغيرة محمرة حتى وقت صلاة العصر, فصببتي عليها عذب مزنك وتلوتي عليه دعوة المكرهة. فقلبك أبيض كما الشال المغطي شعرك. ما تبقى من السبايا التي أسرتيها من فم النار تجعلينها في حقيبتي؛ كي لا أجوع إلى حال عودتي وقت الظهيرة . اليوم يتساقط جدار الغرفة من نشيج ندائي لك, وتتكسر صورتك وأنت تحملين السبايا بيدك, فتتعلق قطع الجدار المتساقطة بخيوط (التبن) فأجثم ماسكاً بيدي أوصال الجدار المتساقط؛ كي لا تتناثر صورتك على قاع الغرفة الرمادي. أهرع سريعاً وأحمل حقيبتي عفواً “كيس اللبان” على ظهري, وأبحث عن أحذيتي البيضاء البلاستيكية مقاس “29”, لا بل مقاس “43”, وأجري بذاكرة طفل الصف الثاني الابتدائي وجسد الموظف الأربعيني, بحلم المستقبل الدراسي ووجع البحث عن رائحة حلمك.
كان الصباح يتثاءب وعين الشمس تدثر خموله وتبعث حيويته , أما اليوم فالشمس حزينة صفراء وعينها لا تبصر الغارقين بصقيع الشتاء. مازلت بين ذاكرة وجسد, وبحث عن حلم, أحث خطاي مسرعاً نحو طابور الصباح. وأمام صباح البحث عن رائحةٍ وصوت لم يرحلا بعد من ذاكرتي , لم أجدهما حتى في سفح “الحريوة”, ولا غرفة الدفء الرمادية, ولا على وجه السبايا.
خان النسيم فوحك, وتدثر وجه الصباح بأقنعة السنين. أتثاقل بالمشي في طريق المدرسة, وأتمنى أن أعود بيدين مخضبتين باحمرار العصا, علّي أجد رائحة دمعك وهو يتخلق أمام ناظري, يومها كان يتشرب قزح أحلامي رذاذ دمعك المنهمر من سحاب حنانك, فأشم رائحة المطر.
طريق المدرسة اليوم طويل وقزح أحلامي مذبوح لأن الجوع أمن جهادك فحقيبتي لم تعد تحمل سبايا الفطور.
أنفاسي تتكاثف ولازلت أبحث جارياً, وفجاة يحيي هذا الصباح ذاكرة النسيم؛ فتفوح رائحتك . أتتبعها وأنا أكتم أنفاسي كي لا تدفع رائحة روحك عني أو تبعثرها. اصطدمت عينييّ باللوحة الحجرية وألوان الأمر المبهرجة ( الفاتحة ). ولم أكمل بقية أحرف الأمر سوى قراءتي لكلمة ( دخول ) .....
تكاثف زفير أنفاسي ولم ترحل الرائحة بل طغت على رائحة الصباح. قبضت على مكان الرائحة أخيراً.
ارتميت بقوامي بين يديك, وحقيبتي التي على ظهري أوجعتني, لأستيقظ من حلم الذاكرة فلم تكن حقيبتي تلك إلا الكيس المملوء باللبان.
جسدي خدشته حراشف الصخور اللبنية الموضوعة فوق هامتك . شممت رائحة روحك من فراغات حراشف الصخور اللبنية. تلك الحراشف تحفظ شيئاً من الحياة. يوم من أيام حلمك كنت أمسك بطرف ثوبك ونحن ذاهبان إلى مصب عين الماء لنجلب (قِرْبُ ماء الشرب), أحد القِرْب تلك فوق رأسك والبقية تتشابك بأصابعك وتفرقهن فوق مقدرة التفرق . ذلك اليوم وسائر الأيام كنا نمر عبر طريق عين الماء على مكان الصخور اللبنية فتنقشينها بأصابعك وأنت تتمنين رائحة ( لبان البخور) وهي تنفح من أكياس البائعين, ولكن لم نجد ما يأسرها من ذلك الكيس اللعين. فكنت على طريق عين الماء تطفئين رغبة اللبان بالصخور اللبنية المتفتتة, وتمنين نفسك من أحلامي الكثيرة أن أعود آسر اللبان المعجز رائحته.
يوم مجاهرتك لي بحلمك – رائحة اللبان - كنت عائداً من آخر صف ابتدائي, كنت أمط جسدي لأكبر وآتي بالحلم, فسمعت غراباً أسود يسلمني أمر تكليفه من القدر لقبض روحك....
روح من؟! روح طفل؟! أم روح أُم؟!.
وارتبك القدر عندما تطاير غبار الحيرة من جناحي الغراب.
روح طفل..... فالدمع ستنهمر شلالاته من مآقي الحنونة, وذكرى ستظل ماطرة بغمامة أحزانها تقتلع معنى الحياة من القلب الرحيم للأم المنتظرة رائحة الأحلام من قزح أحلامها.
أمْ روح أم.... سيبكي وتنهشه نهدات توجع صدره, ودموع تحرق مآقي اللحظة, لكنه سيكبر وتنسف الرياح رماد اللحظة, وتخضر المآقي بغيوم النسيان ومطر الخذلان, وابتسم القدر وهو يخبرني بأني لو رحلت لناحت الحنونة مدى الحياة ومات حلمها . وأقنعني بمكر بأن أرحم دمعها, وأن أُبقي قزح أحلامها يتشرب رذاذ الأمل , ولم أفهم أن معنى إقناعه أن يتثاءب الغراب كي يفتح فكيه ليطبق على روح أمي وقطراتها الدافئة .
غدر بي القدر وسلبني بسمة الحلم. وقدم المساء بعد أن رف جناحا الغراب الأسودان بغبارٍ أسحم, وتبدى قمرٌ نصف مجدول لا يضيء إلا شعابه القريبة.
تصفع ذاكرتي تمتمات الفاتحة وتراتيل دعوات بجوار جسدي الملقى جوار رائحتك. الآن أرمي الذاكرة وأتلمس الكيس الذي على ظهري وأشتم رائحة اللبان, فأبعثر الصخور اللبنية التي على قبرك. لا... لا بل على مكان انتظارك لرائحة اللبان.
استمر في نبش حراشف الصخور فتتفتح حفرة انتظارك المستطيلة, وتكبر الحفرة فتسقط ذاكرة الطفل من على الهوة؛ فتنكسر وتكشف سوأة خيال الأربعيني وهو يصل إلى أعمق مكان في الحفرة, ويزيح أبواب الغرفة التي تقبع فيها روحك المنتظرة. وأصب كيس اللبان على بقايا غصنك الذي كان أخضر فأسمع صوتك الحنون آمراً :
رد عليّ قشور الصخور اللبنية واحمل لبانك.
تهزني الكلمات فتستشعرين دفء مآقيّ قبل أن يذرفن فتشهقين بحنانك:
يا بني صحيح أخذني غراب البين ومازالت أسناني سليمة تقوى على لوك اللبان, ولكن رأيت عودي المخضر قد عبثت به الطينة الرمادية, فاذهب بالكيس واجعله بين يدي (عيشة ونعايم ومستورة) وكل نساء عين الماء, وَزِّعْهُ للمحرومات من رائحة حلم أمك.
رددت الصخور اللبنية على قبرك, ودفنت معها ذاكرتي المشروخة, وخرجت بلا ذاكرة حاملاً الكيس على ظهري. فأبتدئ بقراءة الفاتحة وصَبِّ الدعوات على روحك المتدثرة بصخور عين الماء اللبنية.. وبأمرك أمضي إلى حالمات القرية, وأسمع مراراً غراب القدر.
14/12/2010م
أسأل الطريق المؤدي إلى سفح جبل (الحريوة) الذي كنا نجمع منه الحطب عن مواويلك التي كانت تفتح أبواب الصباح بوقع أحزانها, وأتلمس أغصان“الأثل” المالحة علها حملت بعضاً من حدائك. فأجدها عارية من الحياة, إذا ما أوجعتها ريح تهب وتتراقص أغصانها؛ فيتطاير منها دقيق ملحها الأبيض بتراتيل حداء حزين.
(الدوح) الذي كنت تغسلين يديك من دموع الحطب الأخضر جف كما جف عذب صوتك.. في مكان وضع حُزَم الحطب لم يعد ذاك الحطب أخضر لقد جف روحه وعوده, وهاأنا أسمع طقطقة الأرضة تحت قشوره. لم تحفظ الصخرة بجوار موضع الحطب نَفَسكِ المتتابع حينما كان يدفئ وجهها من صقيع مساءٍ لم يرحم.
الغرفة وذاكرة المساء التي هزت أركانها دعواتك ورجاؤك, وأنت ترجين لي أياماً بيضاء ومراداً موصولاً, لقد خانت رجاءك, ونست رائحة الخبز المرشوش بالسمن البلدي وهي تفتح أرواحنا قبل شهيتنا. لقد طغت رائحة الطين المخلوط ب(تبن) الشعير على خيط دفء الفطور . أرسم على جدار الغرفة شعرك الملفوف بالطرحة البيضاء, ويديك الحاسرتين وبين كفيك أول (السبايا) من عجينة البر التي مازالت بعض مسافات وجهها الدافئة تبعث خيط البخار الدافئ, تقدمينها لآكل وألحق طابور الصباح المدرسي؛ كي لا ترتلين دعوة حرّاء على عصا (الزول عثمان) مدير المدرسة, وقد رأيت يوماً أثر عصاه على رقعة يدي الصغيرة محمرة حتى وقت صلاة العصر, فصببتي عليها عذب مزنك وتلوتي عليه دعوة المكرهة. فقلبك أبيض كما الشال المغطي شعرك. ما تبقى من السبايا التي أسرتيها من فم النار تجعلينها في حقيبتي؛ كي لا أجوع إلى حال عودتي وقت الظهيرة . اليوم يتساقط جدار الغرفة من نشيج ندائي لك, وتتكسر صورتك وأنت تحملين السبايا بيدك, فتتعلق قطع الجدار المتساقطة بخيوط (التبن) فأجثم ماسكاً بيدي أوصال الجدار المتساقط؛ كي لا تتناثر صورتك على قاع الغرفة الرمادي. أهرع سريعاً وأحمل حقيبتي عفواً “كيس اللبان” على ظهري, وأبحث عن أحذيتي البيضاء البلاستيكية مقاس “29”, لا بل مقاس “43”, وأجري بذاكرة طفل الصف الثاني الابتدائي وجسد الموظف الأربعيني, بحلم المستقبل الدراسي ووجع البحث عن رائحة حلمك.
كان الصباح يتثاءب وعين الشمس تدثر خموله وتبعث حيويته , أما اليوم فالشمس حزينة صفراء وعينها لا تبصر الغارقين بصقيع الشتاء. مازلت بين ذاكرة وجسد, وبحث عن حلم, أحث خطاي مسرعاً نحو طابور الصباح. وأمام صباح البحث عن رائحةٍ وصوت لم يرحلا بعد من ذاكرتي , لم أجدهما حتى في سفح “الحريوة”, ولا غرفة الدفء الرمادية, ولا على وجه السبايا.
خان النسيم فوحك, وتدثر وجه الصباح بأقنعة السنين. أتثاقل بالمشي في طريق المدرسة, وأتمنى أن أعود بيدين مخضبتين باحمرار العصا, علّي أجد رائحة دمعك وهو يتخلق أمام ناظري, يومها كان يتشرب قزح أحلامي رذاذ دمعك المنهمر من سحاب حنانك, فأشم رائحة المطر.
طريق المدرسة اليوم طويل وقزح أحلامي مذبوح لأن الجوع أمن جهادك فحقيبتي لم تعد تحمل سبايا الفطور.
أنفاسي تتكاثف ولازلت أبحث جارياً, وفجاة يحيي هذا الصباح ذاكرة النسيم؛ فتفوح رائحتك . أتتبعها وأنا أكتم أنفاسي كي لا تدفع رائحة روحك عني أو تبعثرها. اصطدمت عينييّ باللوحة الحجرية وألوان الأمر المبهرجة ( الفاتحة ). ولم أكمل بقية أحرف الأمر سوى قراءتي لكلمة ( دخول ) .....
تكاثف زفير أنفاسي ولم ترحل الرائحة بل طغت على رائحة الصباح. قبضت على مكان الرائحة أخيراً.
ارتميت بقوامي بين يديك, وحقيبتي التي على ظهري أوجعتني, لأستيقظ من حلم الذاكرة فلم تكن حقيبتي تلك إلا الكيس المملوء باللبان.
جسدي خدشته حراشف الصخور اللبنية الموضوعة فوق هامتك . شممت رائحة روحك من فراغات حراشف الصخور اللبنية. تلك الحراشف تحفظ شيئاً من الحياة. يوم من أيام حلمك كنت أمسك بطرف ثوبك ونحن ذاهبان إلى مصب عين الماء لنجلب (قِرْبُ ماء الشرب), أحد القِرْب تلك فوق رأسك والبقية تتشابك بأصابعك وتفرقهن فوق مقدرة التفرق . ذلك اليوم وسائر الأيام كنا نمر عبر طريق عين الماء على مكان الصخور اللبنية فتنقشينها بأصابعك وأنت تتمنين رائحة ( لبان البخور) وهي تنفح من أكياس البائعين, ولكن لم نجد ما يأسرها من ذلك الكيس اللعين. فكنت على طريق عين الماء تطفئين رغبة اللبان بالصخور اللبنية المتفتتة, وتمنين نفسك من أحلامي الكثيرة أن أعود آسر اللبان المعجز رائحته.
يوم مجاهرتك لي بحلمك – رائحة اللبان - كنت عائداً من آخر صف ابتدائي, كنت أمط جسدي لأكبر وآتي بالحلم, فسمعت غراباً أسود يسلمني أمر تكليفه من القدر لقبض روحك....
روح من؟! روح طفل؟! أم روح أُم؟!.
وارتبك القدر عندما تطاير غبار الحيرة من جناحي الغراب.
روح طفل..... فالدمع ستنهمر شلالاته من مآقي الحنونة, وذكرى ستظل ماطرة بغمامة أحزانها تقتلع معنى الحياة من القلب الرحيم للأم المنتظرة رائحة الأحلام من قزح أحلامها.
أمْ روح أم.... سيبكي وتنهشه نهدات توجع صدره, ودموع تحرق مآقي اللحظة, لكنه سيكبر وتنسف الرياح رماد اللحظة, وتخضر المآقي بغيوم النسيان ومطر الخذلان, وابتسم القدر وهو يخبرني بأني لو رحلت لناحت الحنونة مدى الحياة ومات حلمها . وأقنعني بمكر بأن أرحم دمعها, وأن أُبقي قزح أحلامها يتشرب رذاذ الأمل , ولم أفهم أن معنى إقناعه أن يتثاءب الغراب كي يفتح فكيه ليطبق على روح أمي وقطراتها الدافئة .
غدر بي القدر وسلبني بسمة الحلم. وقدم المساء بعد أن رف جناحا الغراب الأسودان بغبارٍ أسحم, وتبدى قمرٌ نصف مجدول لا يضيء إلا شعابه القريبة.
تصفع ذاكرتي تمتمات الفاتحة وتراتيل دعوات بجوار جسدي الملقى جوار رائحتك. الآن أرمي الذاكرة وأتلمس الكيس الذي على ظهري وأشتم رائحة اللبان, فأبعثر الصخور اللبنية التي على قبرك. لا... لا بل على مكان انتظارك لرائحة اللبان.
استمر في نبش حراشف الصخور فتتفتح حفرة انتظارك المستطيلة, وتكبر الحفرة فتسقط ذاكرة الطفل من على الهوة؛ فتنكسر وتكشف سوأة خيال الأربعيني وهو يصل إلى أعمق مكان في الحفرة, ويزيح أبواب الغرفة التي تقبع فيها روحك المنتظرة. وأصب كيس اللبان على بقايا غصنك الذي كان أخضر فأسمع صوتك الحنون آمراً :
رد عليّ قشور الصخور اللبنية واحمل لبانك.
تهزني الكلمات فتستشعرين دفء مآقيّ قبل أن يذرفن فتشهقين بحنانك:
يا بني صحيح أخذني غراب البين ومازالت أسناني سليمة تقوى على لوك اللبان, ولكن رأيت عودي المخضر قد عبثت به الطينة الرمادية, فاذهب بالكيس واجعله بين يدي (عيشة ونعايم ومستورة) وكل نساء عين الماء, وَزِّعْهُ للمحرومات من رائحة حلم أمك.
رددت الصخور اللبنية على قبرك, ودفنت معها ذاكرتي المشروخة, وخرجت بلا ذاكرة حاملاً الكيس على ظهري. فأبتدئ بقراءة الفاتحة وصَبِّ الدعوات على روحك المتدثرة بصخور عين الماء اللبنية.. وبأمرك أمضي إلى حالمات القرية, وأسمع مراراً غراب القدر.
14/12/2010م