المقاهي أ. د. عادل الأسطة - في مقهى الميناوي

في مقهى الميناوي تجاذبت ، أنا وأبو زيد وأبو سلطان صاحب المقهى ، الحديث .
أبو سلطان رجل ودود هاديء في السبعين من عمره وأبو زيد في الخامسة والستين وأنا في بداية الثامنة والستين .
ثلاثتنا أتينا على مطعم التاج وصاحبه جدوع الذي كتبت عنه قصة " بائع الفلافل " في العام ١٩٧٩ ، ثم عرجنا على حرب حزيران الأولى ؛ حرب ١٩٦٧ ، فهناك حرب حزيران الثانية ، وهي حرب بيروت ١٩٨٢ .
استشهدت ( ابريزة ) والدة أبو سلطان في أثناء دخول القوات الإسرائيلية مدينة نابلس . كانت على الشرفة ، فقنصها قناص ، وبعد ٢٦ عاما قنص قناص إسرائيلي آخر حفيدتها ( ابريزة ) وهي على الشرفة أيضا ، وكانت الحفيدة في التاسعة عشرة من عمرها ، ومن العائلة نفسها استشهد شابان أيضا .
أبو سلطان قص على مسامعي قصة طريفة عن لافتة رفعها مواطن نابلسي صاحب محل أحذية رحب فيها بالحاكم " أحذية ... ترحب ب ... " وكنت سمعت الطرفة وأنا في عاصمة عربية " أحذية الشعب ترحب ب ... " . هل كان الكندرجيان بسيطين جدا وقصدا تبيان حبهما لسيادة الحاكم أم أنهما كانا ماكرين خبيثين ؟
صارت الحكاية تروى للسخرية من الحاكم وصارت تروى على معناها الخبيث الماكر الساخر .
وماذا عن جدوع ؟
في حرب ١٩٦٧ كان جدوع يحمل بندقية إنجليزية قديمة تطلق رصاصة واحدة ثم تعبأ لتطلق الثانية . ماذا ستفعل هذه البندقية بالدبابات الإسرائيلية التي احتلت نابلس ؟
كان جدوع مؤمنا أن الرصاصة التي قد لا تخترق الباب ستدمر الدبابة ، ولقد جلس على درج بناية ينتظرها .
هل اختلفنا ثلاثتنا على تحديد اليوم الذي دخلت فيه القوات الإسرائيلية جبل النار ؟
إنها الذاكرة ، فثلاثتنا تجاوز الخامسة والستين و ...
قلت لأبو سلطان إنني سأكتب حكاية ( ابريزة ) الأم و ( ابريزة ) الحفيدة ، وشربنا الشاي والماء وواصلنا الحكي . واصلنا حكايتنا التي لا نمل من روايتها وكنابتها وتكرارها . حكاية حزيران الذي لا ينتهي .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى