المهدي شبو - دفاعا عن العربية

وصلتني في مسكني بحر هذا الأسبوع مطوية إشهارية لأحد الأسواق الممتازة تتضمن عبارة " أثمنة محطمة " ( الصورة) ، فذكرتني بجملة من الأخطاء الفجة التي اشتهرت في مجال الترجمة إلى اللغة العربية.
دأبت الأسواق الكبرى أو التي يصطلح عليها بالأسواق الممتازة منذ دخولها المغرب في أوائل التسعينات، على استعمال عبارة تكسير أو تحطيم الأسعار في وصلاتها الاشهارية للدلالة على حملاتها بتخفيض الأسعار أو التنزيل منها في بعض المواسم والمناسبات.
والحقيقة أن العبارة ليست إلا ترجمة حرفية للعبارة الفرنسية Prix cassés التي هي أيضا مجرد ترجمة للعبارة الإنجليزية Knockdown prices القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية حيث دأبت المتاجر الكبرى على استعمال هذه العبارة لوصف التنزيلات الكبرى التي تعتمدها في أعياد الميلاد.
قد تؤدي العبارتان الفرنسية والانجليزية مضمونا بلاغيا في لغتهما من خلال تعبيرهما المجازي عن تخفيض الأسعار، لكن حين تترجم العبارة إلى اللغة العربية، فإنها لا توحي بأي تركيب مجازي بليغ، بل على العكس من ذلك، تتحول العبارة المترجمة في اللغة العربية إلى تعبير ركيك في مضمونه ومبناه، لذلك يشدد المتمكنون من الترجمة على وجوب مراعاة عبقرية كل لغة وسياقها ومنطقها، فعلى سبيل التدليل يصعب ترجمة العبارة الشهيرة في العربية " أشهر من نار على علم " إلى اللغة الفرنسية ، لأن الترجمة الحرفية تعطي ما يلي : " Plus célèbre qu’un feu sur une cime "، وهو ما قد لا يعني للقارئ الفرنسي شيئا ، على عكس اللغة العربية حيث المجاز العربي بليغ لارتباطه بسياق معين في عادات العرب وثقافتهم، حيث كانوا يشعلون النار في قمم الجبال لتبليغ رسالة متفق عليها .
لكل ما تقدم ، ينبغي البحث في اللغة العربية عن تعبير بليغ ذي دلالة للتعبير عن حملات تنزيل الأسعار، ولعل عدم توفق الترجمة أعلاه يؤكد مرة أخرى وجوب انفتاح صناع الاشهار وفن التسويق على المختصين في اللغة العربية لصياغة الحملات الاشهارية باللغة العربية ، فلم يعد مقبولا الاستعانة بالمعجم أو برامج الترجمة على الشبكة .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى