د. محمد عباس محمد عرابي - فلنحذر دعاءهم!!

نهي ديننا الحنيف عن الخوض في أعراض الناس ولو بكلمة أو إشارة ،أو القول فيهم بما ليس فيهم (َمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ)فعَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ : جَلَسْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَجَلَسَ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ "(1)
ويجب علينا التأمل في مصير من قالوا في الناس بما ليس فيهم ،فها هي العقوبة التي حلت بأسامة بن قتادة الذي يكنى أبا سعدة حينما قال عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه – بما ليس فيه.
فعن جابر بن سمرة، (رضي الله عنهما)، قال: شكا أهل الكوفة سعداً، يعني: ابن أبي وقاص -رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فعزله واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي .
فقال: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين، وأخف في الأخريين، قال: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، وأرسل معه رجلاً - أو رجالاً - إلى الكوفة يسأل عنه أهل الكوفة، فلم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفًا، حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم، يقال له أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة، فقال: أما إذ نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً، قام رياء، وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد ذلك إذا سئل يقول، شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد ،قال عبد الملك بن عمير الراوي عن جابر بن سمرة فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق فيغمزهن . (2)
ولننظر أيضا في مصير أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ التي قالت في سعِيدبنَ زَيْدِ بما ليس فيه ؛فعنْ عُرْوَةَ بن الزُّبيْر أنَّ سعِيدَ بنَ زَيْدِ بْنِ عمْرو بْنِ نُفَيْلِ،خَاصَمتْهُ أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم، وَادَّعَتْ أنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أرْضِهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرْضِها شَيْئًا بعْدَ الَّذِي سمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّه ﷺ،؟ قَالَ: مَاذا سمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّه ﷺ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقُولُ: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ إِلَى سبْعِ أرضينَ فَقَالَ لَهُ مرْوَانٌ: لا أسْأَلُكَ بَيِّنَةً بعْد هَذَا، فَقَال سعيدٌ: اللَّهُمَّ إنْ كانَتْ كاذبِةً، فَأَعْمِ بصرهَا، وَاقْتُلْهَا في أرْضِهَا، قَالَ: فَمَا ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وبيْنَما هِي تمْشي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرةٍ فَمَاتتْ. (3)
فالحذر الحذر من الخوض في أعراض الناس!!

(1) رواه الإمام أحمد بسند صحيح كما قال : شعيب الأرنؤوط ، وصححه الحاكم والذهبي ، رواه أبو داود وصححه الألباني .
(2) متفق عليه ،ينظر : محمد بن صالح بن محمد العثيمين: شرح رياض الصالحين
(3) متفقٌ عَلَيْهِ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى