في المرآة …
أعينٌ يتبخر منها النوم
للانتشار على أسلاك نفسٍ خارجةٍ للتو من مستودعها
وثمة مدينةٌ تثرثر في مصعد يلتهم السحاب
ليست تلك صوراً لإيحاءات متجمدة
لوردة تشبه رحم الخلاط
بل هي نيويورك
تضطرب تحت جلد من زجاج
خريفها قارئ في حديقة للميكافيليات
حيث السيدُ شجرٌ من حديد
والقانونُ في المعلبات
هذه القبلة ضيقة… نيويورك
والماء يسأل عن أنثاه في تخت روزفلت
حيث السراويل والخوذ والمناطيد والأوبئة مبعثرة
هذه القبلة ضيقة
لأنها لا تطير فوق ضفاف .
***
لا الرغبة تعوم
ولا القمر الأزرق في الهدسن
كل شيء لا يماثل نفسه
هكذا تنمو الطعنة في الاحتفال
لأجل بلوغ نهار هارلم المعلق كالغسيل
أهي حديقة حليب اسود،
يُؤسلح الأنسنة .
لا سؤال في مدينة تجاوزتها الفصول،
وسقط عن جسدها الغلاف .
***
هو ليس احتمالاً ../
وهي ليست وصيفة الاحتمال .
لقد تفسخت الحياة هنا :
في السلطة .
في الهواء .
في النهد .
في الكحول .
***
كل التألق
لمناطق البحار في الرؤيا .
لكن الميسيسبي تفاحة ماريجوانا
في ردهة الرأس .
الآن …
أتوسط سيفاً وعصافير قرميد .
جالساً، وفي ظلالي تتموجُ أريكة ُ
فلاسفة المصحات .
فيما كاترين،
تطهر ثقوب أميركا بالديتول .
فوقها أكاليل الإيدز،
وتحتها الغيوم الهابطة نحو تلال فئران
تتمركز في الأعصاب .
***
سلّمٌ أميركي
يستند على عضلة الهواء/ متذوقين جاذبيته الإعتدائية/ سلّم/ وفي الطابق الأخير من الموسيقى والإغتصابات/ تجلس نيويورك على حافة الإمبريالية/ حاملة ببرونة المسيح المسلح/ سلّم معلق لا مرتفع عليه يصل/ ثمة أيام بسراويل نايلون/ ثمة مصور بروتستاني وحديقة للمصادفات/ ثمة تماثيل وأحذية لأرمسترونغ وأناجيل معطلة/ ثمة مداخن يبرز من بين شقوقها نافخو البلوز/ ومحامون إزاء البناء الطريف للسخرية/ ثمة تشكيلات من لغة التناسق في الدمار/ ثمة قبل ضيقة وسكرتيرات يعزفن الترومبيت المجرد من بواعثه/ ثمة كاسحات لألغام البهجة/ وبطاريك للنواح وحشرات لتفكيك مباني الرأس / أية أنثى أنتِ يا نيويورك/ أية سمكة تبحر في غيمة من الأمونياك .
***
الآن…
لا توجد غرفة شاغرة في كتاب نيويورك .
هي التي تركت السوتيان، وفرّت بنهديها للغبار .
هي التي مشي وخلفها الأسئلة .
هي التي يضايقها عروة بن الورد
وأنتيكات الشرق وصحة الطير .
نيويورك…
كيف نتحاور، وفي فمك طوربيد
مراهق .
الوقت محفظة نقود يا كولومبوس .
***
ترسمين خيمة…
وأرومة للنفط .
وحين أسال عن معناي،
تلفظين الزفير .
***
GOOD NIGHT NEW YORK
وأنت تهبطين مع الروبوت إلى فراشك
ببذلة السموكينغ .
لكن،
لِمَ هذه الأوركسترا النازفة على الوجه .
لِمَ شفرة الشهوة صدئة بين الأدغال .
إن وقتك متطوع في أساطير القديس
كينغ كونغ أو حامل خراطيم البوربون
المعتق بالمارينز .
فيما وقتي مندوب إعلانات يتسكع
بين جرائد .
***
هنا…
مدجنة ذعر الأنسنة .
ما هي الروح
إذ نيويورك بروجكتور محطم
في الخلايا .
ما هي البلاغة
إذ نيويورك بثوب موسلين،
وأنا حصان تقضمه راقصة الستريبتيز
في السيوسول المؤدي إلى غرفة كمان
من فئة المنتحبين .
أي قبر يتسع نيويورك .
الزهرة… أم القصيدة .
القبائل… أم جبهة ماريلين مونرو .
الديسكو… أم حبة منع الحمل .
المصباح… أم فوهة المسدس .
رعاة البقر… أم الأمم الرعاع .
أبني النداءات…
لكن بلادي كعكة طازجة بالجثث .
***
نيويورك…
هذه عيون، أم ملجأ لأيتام
الملائكة .
سندخل الدماغ .
لنحرر صورنا من التقاويم المؤجلة .
كذلك،
ستذهب بنا طفولتنا نحو البريد
لنرحل في كمال الرماد .
لا بلاد لنا إلا اللغة .
***
لماذا على سلة الغسيل…
أن تحمل ورد الـ T. N . T في الشرق .
تلك هي نيويورك ..
اللا فاصل التاريخي ما بين جثة المتنبي
والـ C.I.A .
***
كم من الطبقات…
يتألف نهد نيويورك جيولوجياً .
كم من كنيسة دون ورشة للحكمة أو الجمال .
كم من الوجوه الذابلة في السرعة
والجنون .
الليل مضاء،
لأن خنزيراً يرقص في القاعة المجاورة .
الليل مضاء،
لأن امرأة تأخذ دش كوكايين تحت قبعة
الغد السعيد .
هكذا عضلة الحلم .
نافرة متوترة .
***
بعد الرأس. ..
الشارع
المبلط بأحجار الفاليوم .
ستخرج طفولة العرب من أنهر
لا تمر بين الإذاعات .
***
ندخل حقل اللامبالاة…
ونرمي نظراتنا إلى الأبراج البعيدة .
الذهن إكواريوم من الكونياك،
لأجل نشيد الحرية بين الشهوات
المؤكسدة .
الساكسوفون. ..
الساكسوفون. ..
لم يخترع التاريخ .
وشمس نيويورك لا تزال مقفلة .
الهدم مقود شاحنة وحيد في طريق الكتابة .
وقت تام،
وأنا أستمتع بالوريث المضاد .
حيث تتسكع الأوبئة على طاولة العشاء
الديبلوماسي .
لأي حكمة تذهب نيويورك .
لأي سماء أو شيخوخة .
لأي صراع أو نزاع. لأي نحت أو خيال
في ميدان المعارف والكشوفات .
***
نيويورك…
عربة مدفع فضائي .
خلفها جوقة من أبواق الإلكترون .
فيما الحب
قلنسوة تنتحب فوق صلع أميركا .
أيها العراب،
أنت لم تسمع غير نواح القبائل .
والأيام المقبلة،
ارتجاجات دماغ .
***
يقول الهواء…
أنا هواء .
تقول نيويورك :
أنا قانون التنفس .
وسلاماً لأخي بالعدم .
***
ثمة وردة مليئة بالإيحاءات،
اسمها العزلة .
ثمة مدن. ..
تجلس في حديدها .
قليلاً،
أرفع السماء عن رأسي…
ولولا هذا، لكنت روحاً دون
زلزال .
***
يا إلهي…
أنا طفلك الوحيد
يترسب في ثمر الكهولة والإغماء .
أخرجني من مضيق السعادة في برونكز
حيث القبلة الضيقة .
والنوم الضيق .
والسرير المقمش بنسوة
الجوكر .
***
نيويورك…
تفاحة تقابل سريرها مشرحة .
نيويورك كاهن يستفرغ في كاميرا .
العيون أرانب في الحقول،
ويتبعها الحنين كالذئب .
نحن دم الليل…
نحن جحفل الكتابة…
نحن في الناقلة غياب .
كل شعب همزة وصل في المجهول .
وفيما تنظر إلى اليانكي،
القصيدة بين فكيه .
***
أرى بلاداً يتجمهر فيها المجهول .
وكل عدم بما فيه .
وهل لا يهم،
إن أقمتَ على صدر امرأة
أو على بطن مرآة .
ربما… تقول رأسي نابت في الأفق .
وإن رسولاً سيرشدني إلى حتفي في المحبرة .
وما يهم،
وكل اللغات تنشر أقفاصها في المخيلة .
***
حدِّثني…
أيها البعير القاطع بي صحارى نيويورك
أو صحارى الرسائل .
هل من هوى
لنسند إليه قامة الزمان .
هل لنا غير متحف عظام الضوء والنبات
والكلام .
هواء الدولة نباحٌ
يسيل بين الدفاتر .
والأمل نفسه من شلة الزعران،
يطارد تنورة الحزب في الزقاق .
وفي كل يوم لنا شق عميق،
تتقدمه جارية من جواري اليأس .
هنا… جثث الفرسان والغصون والأعياد .
فهل من فم للغريق على الشاطئ،
كي نلقي إليه بحبل الرماد .
***
الروح غرفة…
فيها الغيـمة أنتَ
وجذعكَ الجدار .
القصيدة طارت من غلافها
وثمة كلب يخربش الأفق بصوته .
هنا…
المؤلف والطاحونة في قاعة المؤتمر .
هنا تماثيل القطط تقرقر تحت إبط الجنرال .
والشرق فرن لأزياء تتفسخ .
ماذا سأدخل بعد خروجها من الجملة .
المكان هروب
يسوق اللغة بمطر من فصيلة الأفعال
التي خذلتها المآتم .
***
غناؤنا أسود .
وكلما لامسته وردة،
اعشوشب الفضاء بالاختناق .
أهو ورد الحب
أم ورد العراق .
نحن على السجاد السياسي .
أمامنا أراملُ الأحزاب والطوائف .
وبيننا بنات الهوى المؤدلج والبنوك .
وفي الخلف قبائل المذاهب ومطلقات
المعارضة .
تلك بلاد،
تخنقها قلادة.
وهذا الورد لغير احتفالنا .
نيويورك الطاولة الشاهقة للحذف .
والكأس
خريطة الغريب .
ماذا ستحدث النهرين
والقباب والجنائن وأشباح الدستور
المؤقت،
وكل امرئ في البلاد كحاكم في الجحيم .
تعال نهرب بالنصوص من باب الطوارئ،
حاملين الحرائق على ظهورنا مباخر شموع .
إنها طاولة العشاء الأخير .
أهو الجسد…
سلسلة جبال في قاموس .
أم نحن على مفترق الغناء،
ونطفو كالريح .
قلتُ الشبحَ سيفكك البلد .
بعدها صعدت الروح لتقيم
بين الغيوم .
هكذا غادر البلدُ منازله القديمة وحيداً .
وهكذا وجدتنا مبتسمين تحت قوس قزح
وأفواهنا كمداخل الثكنات .
عقل اسود…
أتجمهر في رماده،
مأخوذاً بتفاصيل العرق والمذهب .
ورعب أميركا بين القامات…
ويعم حويصلة العصفور .
مثله مثل دفتر اللجوء وبطاقة الضمان
الصحي وفاتورة التهدم في بلاد الفرنجة .
السماء…
ورقٌ .
والثمار أثداء كلاب تتدلى فوق الشفاه .
فهل ستقفل عائداً كالبخار إلى الصور القديمة .
كثيراً ما يحط الإحساس على الحائط
كالغراب،
وينظر رائحته التي فينا .
إن الموت جد ضئيل .
وتلك المواعظ مشبعة برائحة
المتاحف .
نحن لاجئون على سطح .
سكارى ننازل مصارعي الثيران .
أمامنا نيويورك
فرن تحميص .
***
نيويورك…
غبار يغطي ورقي .
وأنا أطير وأحط تحت زجاج الساعة الصغيرة
ما بين النهرين .
لا مكان لك في مياهي .
وليس لك من الأرض إلا وجوه
تتبخر من أنوفها النفايات .
.
أسعد الجبوري
العراق
* من كتاب “طيران فوق النهار”
أعينٌ يتبخر منها النوم
للانتشار على أسلاك نفسٍ خارجةٍ للتو من مستودعها
وثمة مدينةٌ تثرثر في مصعد يلتهم السحاب
ليست تلك صوراً لإيحاءات متجمدة
لوردة تشبه رحم الخلاط
بل هي نيويورك
تضطرب تحت جلد من زجاج
خريفها قارئ في حديقة للميكافيليات
حيث السيدُ شجرٌ من حديد
والقانونُ في المعلبات
هذه القبلة ضيقة… نيويورك
والماء يسأل عن أنثاه في تخت روزفلت
حيث السراويل والخوذ والمناطيد والأوبئة مبعثرة
هذه القبلة ضيقة
لأنها لا تطير فوق ضفاف .
***
لا الرغبة تعوم
ولا القمر الأزرق في الهدسن
كل شيء لا يماثل نفسه
هكذا تنمو الطعنة في الاحتفال
لأجل بلوغ نهار هارلم المعلق كالغسيل
أهي حديقة حليب اسود،
يُؤسلح الأنسنة .
لا سؤال في مدينة تجاوزتها الفصول،
وسقط عن جسدها الغلاف .
***
هو ليس احتمالاً ../
وهي ليست وصيفة الاحتمال .
لقد تفسخت الحياة هنا :
في السلطة .
في الهواء .
في النهد .
في الكحول .
***
كل التألق
لمناطق البحار في الرؤيا .
لكن الميسيسبي تفاحة ماريجوانا
في ردهة الرأس .
الآن …
أتوسط سيفاً وعصافير قرميد .
جالساً، وفي ظلالي تتموجُ أريكة ُ
فلاسفة المصحات .
فيما كاترين،
تطهر ثقوب أميركا بالديتول .
فوقها أكاليل الإيدز،
وتحتها الغيوم الهابطة نحو تلال فئران
تتمركز في الأعصاب .
***
سلّمٌ أميركي
يستند على عضلة الهواء/ متذوقين جاذبيته الإعتدائية/ سلّم/ وفي الطابق الأخير من الموسيقى والإغتصابات/ تجلس نيويورك على حافة الإمبريالية/ حاملة ببرونة المسيح المسلح/ سلّم معلق لا مرتفع عليه يصل/ ثمة أيام بسراويل نايلون/ ثمة مصور بروتستاني وحديقة للمصادفات/ ثمة تماثيل وأحذية لأرمسترونغ وأناجيل معطلة/ ثمة مداخن يبرز من بين شقوقها نافخو البلوز/ ومحامون إزاء البناء الطريف للسخرية/ ثمة تشكيلات من لغة التناسق في الدمار/ ثمة قبل ضيقة وسكرتيرات يعزفن الترومبيت المجرد من بواعثه/ ثمة كاسحات لألغام البهجة/ وبطاريك للنواح وحشرات لتفكيك مباني الرأس / أية أنثى أنتِ يا نيويورك/ أية سمكة تبحر في غيمة من الأمونياك .
***
الآن…
لا توجد غرفة شاغرة في كتاب نيويورك .
هي التي تركت السوتيان، وفرّت بنهديها للغبار .
هي التي مشي وخلفها الأسئلة .
هي التي يضايقها عروة بن الورد
وأنتيكات الشرق وصحة الطير .
نيويورك…
كيف نتحاور، وفي فمك طوربيد
مراهق .
الوقت محفظة نقود يا كولومبوس .
***
ترسمين خيمة…
وأرومة للنفط .
وحين أسال عن معناي،
تلفظين الزفير .
***
GOOD NIGHT NEW YORK
وأنت تهبطين مع الروبوت إلى فراشك
ببذلة السموكينغ .
لكن،
لِمَ هذه الأوركسترا النازفة على الوجه .
لِمَ شفرة الشهوة صدئة بين الأدغال .
إن وقتك متطوع في أساطير القديس
كينغ كونغ أو حامل خراطيم البوربون
المعتق بالمارينز .
فيما وقتي مندوب إعلانات يتسكع
بين جرائد .
***
هنا…
مدجنة ذعر الأنسنة .
ما هي الروح
إذ نيويورك بروجكتور محطم
في الخلايا .
ما هي البلاغة
إذ نيويورك بثوب موسلين،
وأنا حصان تقضمه راقصة الستريبتيز
في السيوسول المؤدي إلى غرفة كمان
من فئة المنتحبين .
أي قبر يتسع نيويورك .
الزهرة… أم القصيدة .
القبائل… أم جبهة ماريلين مونرو .
الديسكو… أم حبة منع الحمل .
المصباح… أم فوهة المسدس .
رعاة البقر… أم الأمم الرعاع .
أبني النداءات…
لكن بلادي كعكة طازجة بالجثث .
***
نيويورك…
هذه عيون، أم ملجأ لأيتام
الملائكة .
سندخل الدماغ .
لنحرر صورنا من التقاويم المؤجلة .
كذلك،
ستذهب بنا طفولتنا نحو البريد
لنرحل في كمال الرماد .
لا بلاد لنا إلا اللغة .
***
لماذا على سلة الغسيل…
أن تحمل ورد الـ T. N . T في الشرق .
تلك هي نيويورك ..
اللا فاصل التاريخي ما بين جثة المتنبي
والـ C.I.A .
***
كم من الطبقات…
يتألف نهد نيويورك جيولوجياً .
كم من كنيسة دون ورشة للحكمة أو الجمال .
كم من الوجوه الذابلة في السرعة
والجنون .
الليل مضاء،
لأن خنزيراً يرقص في القاعة المجاورة .
الليل مضاء،
لأن امرأة تأخذ دش كوكايين تحت قبعة
الغد السعيد .
هكذا عضلة الحلم .
نافرة متوترة .
***
بعد الرأس. ..
الشارع
المبلط بأحجار الفاليوم .
ستخرج طفولة العرب من أنهر
لا تمر بين الإذاعات .
***
ندخل حقل اللامبالاة…
ونرمي نظراتنا إلى الأبراج البعيدة .
الذهن إكواريوم من الكونياك،
لأجل نشيد الحرية بين الشهوات
المؤكسدة .
الساكسوفون. ..
الساكسوفون. ..
لم يخترع التاريخ .
وشمس نيويورك لا تزال مقفلة .
الهدم مقود شاحنة وحيد في طريق الكتابة .
وقت تام،
وأنا أستمتع بالوريث المضاد .
حيث تتسكع الأوبئة على طاولة العشاء
الديبلوماسي .
لأي حكمة تذهب نيويورك .
لأي سماء أو شيخوخة .
لأي صراع أو نزاع. لأي نحت أو خيال
في ميدان المعارف والكشوفات .
***
نيويورك…
عربة مدفع فضائي .
خلفها جوقة من أبواق الإلكترون .
فيما الحب
قلنسوة تنتحب فوق صلع أميركا .
أيها العراب،
أنت لم تسمع غير نواح القبائل .
والأيام المقبلة،
ارتجاجات دماغ .
***
يقول الهواء…
أنا هواء .
تقول نيويورك :
أنا قانون التنفس .
وسلاماً لأخي بالعدم .
***
ثمة وردة مليئة بالإيحاءات،
اسمها العزلة .
ثمة مدن. ..
تجلس في حديدها .
قليلاً،
أرفع السماء عن رأسي…
ولولا هذا، لكنت روحاً دون
زلزال .
***
يا إلهي…
أنا طفلك الوحيد
يترسب في ثمر الكهولة والإغماء .
أخرجني من مضيق السعادة في برونكز
حيث القبلة الضيقة .
والنوم الضيق .
والسرير المقمش بنسوة
الجوكر .
***
نيويورك…
تفاحة تقابل سريرها مشرحة .
نيويورك كاهن يستفرغ في كاميرا .
العيون أرانب في الحقول،
ويتبعها الحنين كالذئب .
نحن دم الليل…
نحن جحفل الكتابة…
نحن في الناقلة غياب .
كل شعب همزة وصل في المجهول .
وفيما تنظر إلى اليانكي،
القصيدة بين فكيه .
***
أرى بلاداً يتجمهر فيها المجهول .
وكل عدم بما فيه .
وهل لا يهم،
إن أقمتَ على صدر امرأة
أو على بطن مرآة .
ربما… تقول رأسي نابت في الأفق .
وإن رسولاً سيرشدني إلى حتفي في المحبرة .
وما يهم،
وكل اللغات تنشر أقفاصها في المخيلة .
***
حدِّثني…
أيها البعير القاطع بي صحارى نيويورك
أو صحارى الرسائل .
هل من هوى
لنسند إليه قامة الزمان .
هل لنا غير متحف عظام الضوء والنبات
والكلام .
هواء الدولة نباحٌ
يسيل بين الدفاتر .
والأمل نفسه من شلة الزعران،
يطارد تنورة الحزب في الزقاق .
وفي كل يوم لنا شق عميق،
تتقدمه جارية من جواري اليأس .
هنا… جثث الفرسان والغصون والأعياد .
فهل من فم للغريق على الشاطئ،
كي نلقي إليه بحبل الرماد .
***
الروح غرفة…
فيها الغيـمة أنتَ
وجذعكَ الجدار .
القصيدة طارت من غلافها
وثمة كلب يخربش الأفق بصوته .
هنا…
المؤلف والطاحونة في قاعة المؤتمر .
هنا تماثيل القطط تقرقر تحت إبط الجنرال .
والشرق فرن لأزياء تتفسخ .
ماذا سأدخل بعد خروجها من الجملة .
المكان هروب
يسوق اللغة بمطر من فصيلة الأفعال
التي خذلتها المآتم .
***
غناؤنا أسود .
وكلما لامسته وردة،
اعشوشب الفضاء بالاختناق .
أهو ورد الحب
أم ورد العراق .
نحن على السجاد السياسي .
أمامنا أراملُ الأحزاب والطوائف .
وبيننا بنات الهوى المؤدلج والبنوك .
وفي الخلف قبائل المذاهب ومطلقات
المعارضة .
تلك بلاد،
تخنقها قلادة.
وهذا الورد لغير احتفالنا .
نيويورك الطاولة الشاهقة للحذف .
والكأس
خريطة الغريب .
ماذا ستحدث النهرين
والقباب والجنائن وأشباح الدستور
المؤقت،
وكل امرئ في البلاد كحاكم في الجحيم .
تعال نهرب بالنصوص من باب الطوارئ،
حاملين الحرائق على ظهورنا مباخر شموع .
إنها طاولة العشاء الأخير .
أهو الجسد…
سلسلة جبال في قاموس .
أم نحن على مفترق الغناء،
ونطفو كالريح .
قلتُ الشبحَ سيفكك البلد .
بعدها صعدت الروح لتقيم
بين الغيوم .
هكذا غادر البلدُ منازله القديمة وحيداً .
وهكذا وجدتنا مبتسمين تحت قوس قزح
وأفواهنا كمداخل الثكنات .
عقل اسود…
أتجمهر في رماده،
مأخوذاً بتفاصيل العرق والمذهب .
ورعب أميركا بين القامات…
ويعم حويصلة العصفور .
مثله مثل دفتر اللجوء وبطاقة الضمان
الصحي وفاتورة التهدم في بلاد الفرنجة .
السماء…
ورقٌ .
والثمار أثداء كلاب تتدلى فوق الشفاه .
فهل ستقفل عائداً كالبخار إلى الصور القديمة .
كثيراً ما يحط الإحساس على الحائط
كالغراب،
وينظر رائحته التي فينا .
إن الموت جد ضئيل .
وتلك المواعظ مشبعة برائحة
المتاحف .
نحن لاجئون على سطح .
سكارى ننازل مصارعي الثيران .
أمامنا نيويورك
فرن تحميص .
***
نيويورك…
غبار يغطي ورقي .
وأنا أطير وأحط تحت زجاج الساعة الصغيرة
ما بين النهرين .
لا مكان لك في مياهي .
وليس لك من الأرض إلا وجوه
تتبخر من أنوفها النفايات .
.
أسعد الجبوري
العراق
* من كتاب “طيران فوق النهار”