د. محمد الشرقاوي - حوار الثقافات.. وغسل المؤخّرات..!

يتأكد مجددا أن الحضارات العريقة الضاربة في التاريخ تكرّس أساليب عيش وعادات راقية كانت قبل الثورة الصناعية قبل أن ينهض الغرب ويدخل عصر الثورة الرقمية في الوقت الراهن. ويتجدد المنظور الفلسفي إلى أنّ الحضارة في كنهها ليست ناطحات سحاب ضخمة وطرقا سريعة ومطارات حديثة وصناعات متطورة فحسب، بل وأيضا رقي الإنسان في نظافته وريحته ومظهره وطيب عشرته مزاجيا وجسديا.
يكتشف الزوار الغربيون حاليا خلال مونديال قطر حلا عمليا لمعضلة استعصت عليك لقرون طويلة: كيفية تنظيف أنفسهم بعد قضاء حاجتهم من عيف صادرات أمعائهم. فحدث الاكتشاف العظيم: وجود ألية مثبتة في المراحيض القطرية تسمى "الشطافة"Bidet، تساعد على الاستنجاء يعتمدها العرب للتنظيف الكامل باستخدام الصابون. فتنتهي زيارة المرحاض بسلام، وكفى الزوار شر الشظايا الكريهة من صادرات أجسامهم!
في المقابل، ظل تنظيف الذات كلما تحركت الأمعاء تحديا تاريخيا في أوروبا منذ العهود القديمة. وحاول الرومان القدامى تركيب ما أصبح يعرف Eau de toilette أو الماء الطري Eau Fraiche من مستخلص بعض الزهور ذات الرائحة الزكية. وهي طريقة اقتبسوها من الفراعنة الذين كانوا يستعملون زيوتا مستخلصة من تلك الزهور. ويروي پليني الأكبر Pliny the Elder الذي عاش بين عامي 23 و 79 قبل الميلاد كيف كان مسؤولو المسارح في روما ينشرون تلك "المياه الطازجة" المعصورة من رحيق الزهور على الجمهور حتى يخففوا من كثافة الروائح المعادية.
في القرن الرابع عشر، تم إنتاج Hungarian Eau de toilette "ماء النظافة المجري"، وهو عطر قائم على الكحول وتركيبة متطورة عن ماء العطر توصّل إليه مواطن مجري، يروى أنه يوهان بيكمان، للملكة إليزابيث ملكة المجر. وأصبح هذا السائل يعرف "eau de la reine de hongrie" أو "ماء ملكة المجر".
في فرنسا، استخدم الملك لويس الرابع عشر (1638-1715) مزيجًا من العطور سميت "الماء السماوي" أو "ماء الجنة" لتعطير قمصانه. وتتكون من خشب الصبار والمسك وزهرة البرتقال وماء الورد والتوابل الأخرى. وعُرف عن الملكة ماري أنطوانيت (1755-1793) عشقها العطور الطبيعية فضلا عن الملابس الفخمة. وكان صانع العطور الخاص بها شابًا يدعى "جان لويس فرجون"، وابتكر العديد من السوائل والعطور ومنتجات التجميل للملكة الشابة.
أخيرا، اهتدى الغربيون في قطر إلى ما يمكن اقتباسه من العرب كحل جذري في التعامل مع مخرجات الجسم، ويزداد الإقبال على شراء الشطافات من شركة أمازون لتركيبها داخل مراحيضهم.
من حسنات مونديال قطر تعزيز حوار الثقافات وتقديم الحلول لغسل المؤخرات!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى