الأدب الامريكي صراع التبعية والاستقلال.. (الجزء الثاني) ريتشارد غاري، توماس، ج. ريتشارد سون، ج. ي . لوبيرنغ ترجمة: ابتسام

(الجزء الثاني)

ريتشارد غاري ، توماس .ج. ريتشارد سون
ج. ي . لوبيرنغ
ترجمة : ابتسام ابراهيم


ذكرنا في مقال سابق ان الادب الامريكي بدأ بوصول الأوروبيين الناطقين بالإنجليزية الى ما سيصبح فيما بعد الولايات المتحدة امثال جون سميث الذي يعود اليه الفضل الاكبر بتشكيل الادب الامريكي , فقد كتب جون سميث تاريخًا لفرجينيا والذي نـُشر خلال الاعوام 1608 و 1624 ، وتعد من أقدم الأعمال الأدبية الأمريكية كما كتب وارد براد فورد صدى إيحاءات الكتاب المقدس للملك جيمس.
بالرغم من أن هذه المجلدات غالباً ما تمجد مؤلفها لكن الحقيقة تقول انها كُتبتْ من اجل شرح فرص الاستعمار للإنجليز لان كل مستعمرة وُصفتْ بدقة , ونأخذ مثلا وصف دانيال دينتون المختصر لنيويورك 1670 , كذلك تقرير وليام بين الموجز عن بنسلفانيا عام 1682
اشتملت معظم الكتابات في القرن السابع عشر على السير الذاتية و الأطروحات وحسابات الرحلات والخطب بالإضافة الى عدد قليل من الاعمال التي تخص الدراما والخيال حيث كان هناك تحيز واسع النطاق ضد كل شكل ادبي يخالف ما تعارف عليه مسبقا , فقد ظهر شعر شعبي سيئ في كتاب نشيد الخليج 1640 , كما ظهر نوع بسيط من الادب في كتيب مايكل ويجلزورث الشعري (دوجريل) حيث صُنف كنوع من الادب غير منظم الوزن والقافية .
قد تكون آن برادستريت صاحبة اقدم مجموعة شعرية مكتوبة في امريكا 1650
The Tenth Muse Lately Sprung Up
حين كتبت براد ستريت بعض كلمات الأغاني المنشورة في المجموعة اعلاه و التي نقلت فيها مشاعرها المتعلقة بالدين والعائلة , وذكر النقاد " ان اسلوب براد ستريت الشعري مستمد من الشعراء البريطانيين بما في ذلك سبنسر وسيدني " .
عند حلول القرن الثامن عشر بدأت مرحلة جديدة من مراحل الادب الامريكي حين اعلنت الولايات المتحدة
الامريكية استقلالها عام 1776 لتبدأ حقبة جديدة من الادب .
وتعتبر فيليس وايتلي اول امريكية من اصل افريقي تتكسب من شعرها رغم انها جاءت الى المستعمرات كعبد حيث لم يكن العبيد يملكون فرصة للتعليم لكن وخلال عامين من شراء وايتلي 1761 تعلمت القراءة
والكتابة لتبدأ بنشر كتبها شعرا ونثرا عام 1773 والتي تضمنت مواضيعاً متعددة كالدين و الاخلاق .
ويطول الحديث عن الادب الامريكي حيث تناولت الكتابة الجديدة مستقبل البلاد بشكل اوسع كما تم توجيه وتصميم الشعر والخيال الأمريكي على غرار ما تم نشره في بريطانيا العظمى ،لذا فان اغلب ما استهلكه القراء الأمريكيون حينها كان قادما أيضًا من بريطانيا لذا ظل القرن الثامن عشر حقبة الصراع الادبي الفكري بين التبعية لبريطانيا وبين الاستقلال .
و بحلول العقود الأولى من القرن التاسع عشر اتخذ الادب الامريكي منعطفاً استقلاليا اكثر خارجا من مخاض قرنين متتاليين بكل ما تحملانه من صراعات فكرية , دينية و اقتصادية , و رغم ان كل فنون الادب لا تزال مشتقة من التقاليد الأدبية البريطانية ، إلا أن القصص والروايات القصيرة المنشورة من عام 1800 حتى عشرينيات القرن التاسع عشر بدأت في تصوير المجتمع الأمريكي واستكشاف المشهد الأمريكي بطريقة غير مسبوقة . فقد نشر واشنطن ايرفينغ مجموعة من القصص والمقالات القصيرة " كتاب رسم جيفري كرايون " 1819-1820.
اما جيمس فينمور كوبر فقد كتب روايات المغامرة عن ضابط الحدود( ناتي بامبو) وسميت هذه الروايات بحكايات تخزين الجلود حيث تصور خبرته في البراري الامريكية بطريقة واقعية مرة ورومانسية مرة اخرى .
وبالوصول الى الكاتب ادغار الان بو الذي يصنف كأبرز كتاب الادب الرومانسي - وهو شاعر و ناقد أمريكي اشتهرت حكاياته بالأسرار - كان ادغار بو واحداً من أقدم الممارسين الأمريكيين لفن القصة القصيرة حيث ظل يناضل ويدافع عن معتقداته الادبية خلال ثلاثينيات القرن التاسع عشر وحتى وفاته الغامضة في عام 1849 , اما جيمس راسل لويل فهو من بين أولئك الذين استخدموا الفكاهة في النص الادبي لتصوير الحياة اليومية في الشمال الشرقي ومثله ( ناثانيال هوثورن ، وهيرمان ميلفيل ، والت ويتمان ) ساهموا في نشر الروايات والقصص القصيرة والشعر خلال الفترة الرومانسية التي أصبحت من أكثر الأعمال الأدبية الأمريكية ثباتًا.
وخلال خمسينيات القرن التاسع عشر عندما كانت الولايات المتحدة تتجه نحو حرب أهلية تم كتابة المزيد والمزيد من القصص عن الأمريكيين الأفارقة المستعبدين و الاحرار ، فقد نشر ويليام ويلز براون (كلوتيل 1853) و تعتبر أول رواية أمريكية سوداء كما كتب أول مسرحية أمريكية أفريقية( الهروب ) وتم نشرها عام 1858
اما إميلي ديكنسون فقد عاشت حياة منعزلة ومختلفة تمامًا عن الكتاب الآخرين في الفترة الرومانسية ولم تنشر قصائدها الا قبل وفاتها بعام واحد 1886 , ورغم ذلك ، فقصائدها تعبر عن رؤية رومانسية واضحة تمامًا مثل قصائد والت ويتمان أو إدغار بو ومن قصائدها عربة الموت :
لم استطع التوقف لأجل الموت
لكني رأيته بلطف يتوقف لي
والعربة تحملنا نحو الخلود
لتبدأ بها حقبة الادب الواقعي والممتدة مابين 1870 الى 1910 مما انعكس على شكل الادب الامريكي بشكل عام مثل: مغامرات توم سوير (1876) ، مغامرات هكلبيري فين 1885 وادب الرحلات مثل ( الابرياء في الخارج 1869 , الحياة على المسيسيبي عام 1883)
بعد الوقائع القاتمة لحرب مدمرة ، أصبح أسلوب التعبير الأساسي للكتـّاب يميل الى الواقعية , فبرز بعض الكتـّاب ممن اسهموا في استقلال الادب الامريكي ومنحه صفه خاصة . فقد كان صموئيل كليمنس كاتبًا وصحفيًا وقبطانًا وعاملًا متجولًا قبل أن يصبح في عام 1863، مارك توين حيث استخدم هذا الاسم لأول مرة أثناء تغطياته السياسية في إقليم نيفادا.
فقد نشر "ضفدع القفز المشهور من مقاطعة كالافيراس" التي نشرت في عام 1865 ، كانت قصة توين طويلة ومضحكة ، لكن شخصياتها كانت تصويرًا واقعيًا للأمريكيين الفعليين.
ليظهر لنا لون اخر من الادب عـُرف باسم الادب المحلي و كان جورج واشنطن كيبل 1844 -1925 أحد أفراد هذه الحركة ويعتبر من اشهر الكتاب الجنوبيين في القرن التاسع عشر وقد حاولت هذه الحركة تصوير نبض منطقة معينة من خلال وصف اللهجة والعادات المحلية , وكتابه الأول المسمى ( أيام الكريول القديمة ) الذي صدر عام 1879 خير دليل على ذلك كما ونشر اربع عشرة رواية ومجموعة من القصص القصيرة ، مع روايته الأخيرة عشاق لويزيانا ، التي ظهرت في عام 1918 ، قبل وفاته بسبع سنوات فقط . كذلك سلسلة ادبية صُنفتْ على انها الافضل حيث حصل شاعرها إدوارد تايلور على افضل توصيف نقدي من قبل النقاد المعاصرين وهو شاعر لم يتم نشر اعماله الادبية حتى عام 1939 , وتايلور هو وزير وطبيب من اصل انجليزي عاش في بوسطن و ويستفيلد حيث اظهرت مؤلفات تايلور و كلماته نوعا من الامل و الايمان , لكنه كان يقلد بقية الشعراء الميتافيزيقيين مثل جورج هربرت وجون دون .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى