د. سيد شعبان - الكتابة في زمن الكورونا!

يدور القلم في محبرته؛ يبحث عن مفردة يسطرها فوق صفحة محاطة بالخوف من المجهول، بات الأمر أشبه بمباراة صفرية؛ ترى أي غاية يقصدها السارد من وراء تلك الجمل والقصص؟
انتهى زمن نجيب محفوظ وثرثرته عند النيل؛ فالمقاهي الأدبية أغلقت أبوابها؛ صارت خاوية بما جنت يد كورونا، لن يتذكر القراء قهوة ريش ولامتاتيا ولا مقاهي وسط البلد، حتى جاء الزمن الذي تحاصر فيه الأنفاس ويخشى العطاس والشم ويبحثون عن الهواء رطبا فيعجزهم الوصول إليه!
فالجميع في ترقب؛ أي منادى عليه؟
صارت صفحات التواصل الاجتماعي سرداق عزاء.
انعكس ذلك على الأدب الذي صار شاحبا تغطيه الكآبة والوحشة.
أدب يخلو من الخيال وتكسوه واقعية
هل تراه يعبر عن ألمه؟
أم لعله يخشى فقد أحبته؟
لم نمر بمثل هذا من قبل، كان الحديث عن الماضي بآلامه وأوبئته ومجاعاته حديث خرافة، هانحن الآن في صراع من أجل البقاء أحياء نستنشق الهواء.
نتخفف من أحلامنا التي روادتنا زمن العافية؛ أحسب أن العالم كله بدأ يعيد حساباته؛ لم آلات الدمار الشامل ذات خطر قدر ما يفعله فيروس متتاه الصغر، يتحور كل آونة؛ هذه اللقاحات والأمصال وطرق الوقاية والمطهرات حديث الناس، اختفت عادات التحية والترحاب وظهر موانع وتحذيرات، اعتاد الناس لبس الكمامة وكانوا من قبل بستهجتون الذين يقولون: لامساس!
جر ذلك الكتابة إلى وجهة أخرى؛ لو سرد أحدنا عن عناق الأحبة والخلان لاستهجنا فعلته، إنه كاتب غير واقعي لايدري عما ينتاب الناس من خوف.
إنها كتابة في لحظة الخوف كأنما ريح عاصف تداهم سفينة في بحر لجي يعلوها سحاب من فوقه سحاب.
حديث مؤامرة تديرها شياطين تمردت أم هي طامة أو جائحة لن تبقي ولن تذر أحدا من البشر؟ أخشى أن تكون مدبرة بيد هؤلاء الذين يمكرون بالإنسانية؛ يخشى الناس أن يموتوا، هل بقي وقت للحكايات الطويلة، حديث الجن وخرافاتهم في فضاء يتعارك فيه الغيلان ليالي الشتاء!
فلم تعد الروايات تجدي لتسلية السارين في ظلمة العتمة؛ السرد موبوء بالتيه يحاصره.
لمن ستشرق الشمس، أو من يقرع الأجراس ليلة عيد الميلاد؟
من ينادي في الناس حي على الصلاة؟
بيوت الله وأسواق الناس ومقاعد الطلاب باتت خاوية هل هي نذر النهاية؟
لن يغني العشاق أفانين الهوى؛ فليلى بكل وطن مريضة!
بتساءلون: أي لقاح أجدى وأنفع؟
تعددت الآراء وما عاد غير الهلع، والكتابة مرتهنة تحتاج فضاء وخيالا.
الحب زمن الكورونا صعب؛ لانمتلك ترف العاطفة ولاسرف الشدو نحن محاصرون تائهة عقولنا زائغة أبصارنا؛ الشعر والسرد قلادتان للحبية التي تحتجب وتتخفى خشية الليل بظلمته.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى