إيفان تورغنيف - الغريم.. ترجمة: غائب طعمة فرمان

كان لي رفيق، غريم، ليس في الدروس، ولا في الوظيفة، ولا في الحب، ولكن نظراتنا لم تكن تتفق في شيء. وكلما التقينا نشأت بيننا نقاشات لا تنتهي.
كنا نتجادل في كل شيء في الفن، في الدين، في العلم، في الحياة الدنيا والآخرة – ولاسيما الأخيرة.
كان رجلاً مؤمناً، ومتحمساً، وذات مرة قال لي:
- أنت تضحك من كل شيء، ولكن إذا مت قبلك، فسأحضر إليك من الآخرة... وسنرى هل ستضحك عند ذاك؟.
وبالفعل، مات قبلي، وهو في شبابه لما يزل، ولكن السنين مرت، ونسيت وعده، ووعيده.
وذات ليلة تمددت على الفراش، و لم أستطع، بل و لم أرد أن أغفو. والغرفة يتقاسمها النور والظلمة. فأخذت انظر في الغبش الشائب. وفجاة خيل إلي أنني أرى غريمي واقفاً بين نافذتين ينود برأسه بهدوء من فوق إلى تحت.
لم أرتعب - بل لم أندهش-، ولكنني رفعت جسمي قليلاً، وارتفقت على كوعي، وأخذت اتفرّس في ذلك الشخص الذي ظهر على غرة.
وهو ماض في هز رأسه.
وأخيراً قلت:
- ماذا؟ أمنتصر أنت أم آسف؟ وهذا أهو تحذير أم تقريع؟ أم تريد أن تفهمني أنك كنت على غير حق؟ أم كلانا على خطأ؟ وماذا تشعر به؟ عذاب الجحيم؟ أم نعيم الجنة؟ انطق ولو بكلمة!.
إلا أن غريمي لم ينبس بصوت بل مضى كالسابق ينود برأسه من فوق إلى تحت بحزن وخضوع.
وضحكت... فاختفى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى