عصري فياض - إتركوهــــــا وشأنهـــا...!!!

عندما تكوَّنت وإنطلقت، كانت بفعل نية، أو غِيرَةْ، أو نَخّوَة رجل، فنفخ في الله من روحه فتمددت، فكانت، وقد لبست ثوبا هو عبارة عن كفن ٍ أو علم ِأو سربلة حمراء... من تحتها غضب ودموع، ومن أعلاها رصاصات وشموع...
لقد خُلِقَتْ بين يديّ الله... لذلك، أرجوكم أتركوها تتكوَّن، وتتلوَّن، وتزهو، وتَكْبُرْ كما تريد، وتتسع كيفما وصل ظلها الساخن...
اتركوها،لا تقتربوا منها أو يسوققكم فضولكم المريض كشف خوابيها،ولا تستثيركم تجاربكم المغمسة بالخطأ والخطايا وتدفعكم للتهام أجنحتها... أو الاستحواذ على لحن أغانيها... دعوها تتألقْ...تتعملقْ... تبني حولها مداً، فربما يخرج عنها جديد يشفيكم ويشفينا..
اتركوها،لا ترموها بسهام عُقَدِكُمْ،قد تجرحوها،وتستنزفوها،فينكمش حجمها،ويتكسر شوك وردها، ويُذْبِلُهَا غباؤكم الذي تَكَلّسَ عقوداً، فأصبح جيراً يشوه مراميها...
اتركوها وابتعدوا أرجوكم، فأنفاسكم التي جربت في رعاية زمانكم، فيها بعض ما يزكم أنفاسها، وفي فراش العلل يرميها...
اتركوها،من فضلكم، فكل الفضل لمن أدرك انبلاجها، وانبرى يرقب صعودها نحو الافق وبدعاء قلبه يدعو لها ويرقيها...
هي ليست مِلْكُ أحد، ولا مِلْكُ جَسَدٍ مريضٍ إتحد، هي من الله وإلى الله، معادلة يريد بها أمرا، يريد منها شفاء لصدور صبرت وآن أوان أن ينتقم من عدوه وعدوكم، بها سيكوي أرواحهم ويرميها...
يا سيد الوعيّ والثقافة، يا صاحبة التجربة الطويلة والفقاهة، نعم، نحن لا ننكر تاريخك وعظمة نضالك وتضحياتك، لكن ارجوك إتركها تنمو وحدها، تكبر وحدها، تتعلم وحدها، تخطأ وحدها، تصيب وحدها، تصوب مسيرها بنفسها، فهذا درب مسارها، هذا منبعها ومنتهاها... لا تزعجها بتنظيرك، ولا تلسعها بتحليلك،ولا ترمقها بالتعالي، فلو كنت على حق أنت ومن سار معك،لانتصرتم، ولما جاءت، ولا إنبعثت،ولا كانت، فدعها تسجل أمسها ويومها ومستقبلها ... فلربما أذهلت تجربتكم وقزمتها... والقيت على هامش التاريخ كل ما فيها...
يا أخانا، أنت مؤمن، وتفقه أن الخليفة إذا إعتقل ذهبت سلطته، فلا يعود له فيها كلام، ولن تبقى على لسانك قصيدة شعر ولا الزجال حاديها... إتركها،ولا تحبسها رهن ذهنك، فالقيد يقتلها،والاستئثار بها خوفا أو حرصا يفنيها...
أتعلمون كيف تتعلمون منها وقد شابهت محمداً بأميته،بالنظر والتَمَعُنْ الصامت،إقروا جيدا المسافة المتحركة بين قدميّ "جميـــــــــــــل" وهو يتحرك في وسطين،الشارع والنار،تذوقوا رتب " داوود "،تعبيرات "فــاروق"،إندفاع "متيـــــن"،انغام إرتداد الصوت في حنجرة "نعيـــــــم"،همهمات " السعدي"، ترانيم حوافر الخيل تحت "عبد الرحمـــــــن "،مفاجأة "عبد الله"،تصويب "أحمــــــد" ،إصرار "امجــــد"،جمال البسمة على ثغر "نــــور"،لعبة "جنـــــى"... وكل الاسماء الصاعدة نجو السماء دون منحى...ستعلمون... أنها قدر الله... وليست قدر الرايات...فعل الوعد،وليست لقمة في فم وغد...هي رياح الصبا قبل الشمس...ولهيب الوجع الذي تراكم منذ سبعين عاما حتى الامس...
لذا اتركوها وشأنها... وإذا قلتم أن نقد حركتها نابع من خوفنا وحصرنا عليها،فانا أقول لكم"لقد عصمها الله،حتى يحقق فيها مبتغــــــــــــــاه" .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى