مازن جميل المناف - أزمة ثقافة وأزمة مثقفين معاً!!

إن الأزمة الفكرية المستعصية لدى المثقفين انتجت عجزاً فكرياً وقصوراً في الوعي الثقافي باتجاهاته الدالة على وفق المنهج الحي بيد أن الازمة الفكرية والثقافية تمتد الى واقع المثقفين انفسهم فلكثرة إمكانيات هذه الفئة واتساع صفوفها ومشاركتها في العديد من الأحداث الصاخبة في الساحة الادبية والتاريخية واسهاماتها في قيادة بعض الأحزاب والحركات السياسية وقدرتها على التلون والالتواء بين ما قدمته وما تبتغيه من مطالبٍ وتناقض مواقفها وتباين توجهاتها الأيديولوجية واهتماماتها السياسية ووقوعها في دوامة مفرغة من المنطلقات والنتائج بحيث افرغت ازماتها الذاتية في الواقع الموضوعي وزورت الوعي الحقيقي ومع كل ذلك ظلت مفتقرة الى الشخصية الأدبية بسبب قدرة مغامري السياسة ولصوصها من امتطاء هذه الفئة وتسلقها والصعود فوقها تماماً مثلما حدث وتسلقت هذه الفئة بعض المسؤولين القادة وصعدت بواسطتهم .

ان تبادل الأدوار شدد على المثقفين الذين يربطون بين ذاتهم والخريطة السياسية بوعي احيانا. واحيانا اخرى يتقدمون حين يطمئنون ، واحياناً ثالثة يهرولون وراء التبشير والهداية ، واحيانا رابعة يجلبون من بيوتهم لتولي المناصب ، وقبل ذلك علينا ان نعرف المثقف من هو ؟ كمبدأ عام .
هناك ارتباط بين الثقافة والحضارة وفي المفهوم العلمي المثقف هو الشخص الذي يبذل جهده الذهني مقابل الجهد العضلي عندئذ يمكننا ضم الاساتذة والمهندسين والخبراء والإداريين والمخططين في التشخيص هذا ، لكننا نقصد بالمثقف هنا كما ذكرنا مسبقا المثقف الأيديولوجي، السياسي ، الملتزم ، المفكر ، الكاتب ، الاديب ، الشاعر . المثقف الذي يقول كلمة يلزم بها قائلها ويلتزم إزاء سامعها وقارئها كل حياد هنا او تعميم خيانة وربما ان للثقافة علاقة بالحرية - الضرورة - أي ادراك المرحلة التاريخية والمجتمع وتناقضاته وطبقاته والعالم ومسارا ته وصراعاته ومداراته السياسية والفكرية والاقتصادية .
هذه الفئة اذاً تمثل اقل الفئات الاجتماعية عدداً واكثرها من حيث الارتباط الوثيق بالثقافة المعتدلة والمتزنة
لهذا فأن تلك الفئة منقسمة إلى فئات بحكم انتمائها الطبقي وتأثرها الفكري وطبيعتها المحكومة بالتناقض ، ومن ثم فليس لها ان تتخذ موقفاً موحداً ازاء المشاكل الطبقية القومية والاجتماعية ، لا ادري اي تصنيف علمي او واقعي ينطبق على هذه الوضعية ، ولكن الذي نلاحظه بالمشاهدة العيانية ان هذه السمة ذات خاصية مميزة في مرحلة ازمة الثقافة والمثقفين في التقدم الثقافي والفكري النير الرصين ونحن بأمس الحاجة الى مثقفين يفقهون معنى الأسلوب المتحضر للثقافة والأدبيات التي ادركناها قبل دخول عالم التكنولوجيا فأصبح كل شيء بضغطة زر .
كانت تلك اهم عوامل أزمة الثقافة والمثقفين الذين لم يستطيعوا التغيير في مفهوم لغة الثقافة الحقيقية وبالتالي فهم في شعرهم وادبهم انتقاديون غالباً ما يعبرون عن عالمهم الذاتي فقط من دون الخروج بواقع يحاكي منطق الحرف والكلمة وبذلك يفتقرون إلى الخاصية العفوية بين الفكر والواقع مع استثناءات معينة لم تدرك غير واقع مادي جامد لا حراك له لا يلتمس الجرأة في قول الحق ولهذا ان من يطلق عليهم ( المثقفون ) فالانعكاس كما جاء بالمعنى العلمي ليس بالمعنى الجدلي المشوه كما شوهدت الكثير من الكتابات في الآونة الأخيرة في تناقضات مهنية لضوابط الأدب والثقافة وهم على رغم من بجاحتهم المؤمنة المزعومة الثورية يسقطون كل المصطلحات في كبت الحقيقة أكثر همجية وفظاظة أكثر من التجار او يحولونها إلى بضاعة ذات سعر محدود مقيد وحالما تشعر في التظليل تعزل وتحارب اذا كنت بين صفوفهم بل ان نشر نتاجك يصبح مستحيلاً فقد يضعونك في خانة المشبوهين والجواسيس والخونة وربما المارقين وهم متأكدون انك تحمل الحقيقة دماً والنقاء الفكري والادبي مذهباً .

مازن جميل المناف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى