عصري فياض - روضة للشهداء... ومدفن للمخيم

ما يجري في مخيم جنين منذ نحو عام ونصف من تواصل التصدي لاقتحامات الاحتلال العنيفة في الليل والنهار،والصولات البطولية امام هذه الاقتحامات غالبا ما يؤدي لارتقاء الشهداء،واصابة الجرحى،واعتقال البعض،وتدمير البنية التحية ومحتويات وأثاث المنازل وغيرها،ناهيك عن التصرفات الهمجية التي ترهب وتروِّع كثير من الموطنين من نساء وأطفال وكبار السن والمرضى،لكن كل شيء ممكن أن يعوض،فهذه ضريبة الحرية والنضال والصمود والتحدي،إلا الارواح الطاهرة التي إصطفاها الله عز وجل،وأوسمها بالشهادة،فإن في فراقهم لوعة وألم،فهم الانبل منا جميعا،والقناديل التي ستبقى مضاءة في ليلنا الحالك،حتى نيل الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتـــــــــــــلال.
هؤلاء الشهداء لهم في حياتنا مكانة عظيمة،ومنزلة سامية،مكرَّمون في كل ما يحيط بهم،حتى أن ذويهم وأهليهم وأصدقائهم وكل من كان قريب منهم يرتدي عباءة الفخر والشموخ،ويعيش بظلها زمنا طويلا،فتكريمهم لا ينتهي ولا يتوقف،منذ اللحظة الاولى التي تفيض ارواحهم إلى باريها،حتى يبقى آخر ذكر لهم على الالسن،أو في الكتب والمخطوطات والقصائد والمنثورات،وإذا ما اقتطعنا من مكروماتهم مكان دفنهم،أضرحتهم وروضاتهم،فإنه من رفعة مكانه،يصبح محجّاً لكل قريب ومحب،مزارا لكل عزيز،قبلةً أجر وثواب لكل طالب رضا من الله،فينبغي أن يكون ذلك المكان الذي إحتضن الاجساد الطاهرة،أولا : قريب على الاهل والخلان،ثانيا : رحبا وسهلا يتسع لحجم المشيعين،وأهالي الشهداء وأحبابهم الزائرين،مشجر ٌ جميلٌ نظيفٌ شرح يسر الناظرين،بعيد عن الضوضاء يريح النفوس،فيه سكن وسكينة...
روضة الشهداء في مخيم جنين فيها كثير من ذلك،لكن المشكلة الاصعب التي تواجه سكان المخيم هي أن روضة الشهداء بدأت تمتلئ على آخرها،نتيجة تواصل ارتقاء الشهداء،وقد يأتي يوم قريب لا نجد فيه مكانا نواري فيه شهداء المخيم،حتى ان القائمين على مؤسسات المخيم إقترحوا دفن الاموات العاديين بين قبور مقبرة اغلقت قبل عدة سنين،حتى يتاح دفن جثامين الشهداء في ما تبقى من مساحة ضيقة من المقبرة الاخيرة،وهذه كارثة قد تواجه هذا المخيم،ولا توجد قطع اراضي فارغة قريبة من المنطقة الا ثلاث قطع،ارض كل واحدة منها اقل من دونم،حاول القائمون على المخيم شرائها لاستخدامها كمقبرة جديدة،لكن ملاك هذه الارض طالبوا بمبالغ عالية ثمنا لتلك القطع،الامر الذي صَعَّبَ مشروع شرائها كلها أو جزء منها،وأعاد التفكير القلق في ذلك اليوم الذي قد يرتقي فيه شهيد أو اكثر أو ينتقل لرحمة الله مواطن من المخيم أو أكثر،ومناطق جوار المخيـــــم ـــ حيث ان كثير من الاحياء التابعة لمدينة جنين رسميا تدفن مواتها وشهدائها في مقبرة المخيم مثل حيّ الهدف وواد برقين والجابريات وحتى بعض سكان الاسكان وجسر خروبة وحي الزهراء وشارع حيفا ــــ
لذا لا بد من التصرف السريع والعاجل،حتى لا يداهمنا الوقت،ولا بد من التحرك على أكثر من اتجاه،بغية جمع ما يمكن أن يغطي شراء قطع الارض الثلاث المتجاورة القريبة جدا من المكان،لتكون هذه القطع الثلاث المدفن الجديد،ويمكن أن يكون التحرك على ثلاث مسارات بشكل التالي:-
• أولا تحرك المؤسسات المسؤولة في المخيم تجاه الجهات الرسمية من حكومة ورئاسة وجهات مانحة للمساعدة في شراء تلك الارض .
• ثانيا :عقد اجتماع خاص برجال الاعمال والرسميين في المدينة والمحافظة من أجل التبرع قدر المستطاع والمساعدة في تحقيق الهدف الملح والضروري الملزم.
• عقد اجتماع جماهيري لأهل المخيم والإحياء المجاور المستفيدة من وجود قطعة ارض كمدفن،وحث الجميع على التبرع بمبلغ مقطوع للمساهمة في شراء تلك الارض،على ان يكون المبلغ المقطوع بمجموعه مكملا لما تم جمعه من الرئاسة والحكومة والمتبرعين من رجال اعمال وأثرياء في الداخل والخارج.
• في حال تعذر الحل في النقاط الثلاث،لتسارع الحكومة الفلسطينية في تغطية مشروع تسوية ارض اميرية قريبة من منتزه نيسان لتحويلها الى مقبرة عامة تخدم المخيم وجميع المنطقة الغربية من جنين بأحيائها المحيطة.
بتلك الاقتراحات أو بمثلها نجد الحل،ونتفادي يوما صعبا،قد تحمل الاكتاف جثامين الشهداء أو الاموات،ولا تجد مكانا تواريهم في ثراه.


بقلم / عصري فياض

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى