عصري فياض - التصعيد بين الفلسطينيين و"اسرائيل"... لكن المضمون التحضير للعدوان على ايران

الزيارات للمسؤولين أمريكيين الثلاث الجِنرال جيك سوليفان مُستشار الأمن القومي الأمريكي،وليام بيرنز رئيس وكالة المُخابرات المركزيّة ألأمريكية،وأخيرًا أنتوني بلينكن وزير الخارجيّة في الايام الماضية للمنطقة لا يمكن ربطها بالتصعيد الذي جرى في الاسابيع الماضية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال خاصة مذبحة مخيم جنين التي راح ضحيتها عشرة من الشهداء وعشرات الجرحى وما تلاه من عملية ثأر قام بها الشاب المقدسي خيري علقم وقتل خلالها ثمانية مستوطنين إسرائيليين،وقيام السلطة بالإعلان عن وقف التنسيق الامني،ليس هذا هو الذي جاء بالمسؤولين الامريكان إلى بشكل رئيسي فقط،مع أنه حمل عنوان تلك الزيارة لكن الجوهر والمضمون هو ايران،والتحضير لشن عدوان عليها وهذا الامر مبني على عدة ملاحظات تصب في هذا الاتجاه،والعنوان المعلن هنا له علاقة عضوية بالمضمون،ومرتبط به ارتباطا وثيقا.
فقد جاءت هذه الزيارات فور انتهاء التدريبات والمناورات الامريكية الاسرائيلية الاضخم منذ عشر سنوات،والتي حاكت في إحدى تفاصيلها مهاجمة اهداف في داخل ايران عسكريا وبطريقة واسعة وعنيفة وبستار ناري كثيف،وذلك بعد توقف المفاوضات الغير مباشرة بين ايران والولايات المتحدة في العاصمة النمساوية "فينا" بوساطة اوروبية،خاصة من الدول التي كانت مشاركة في توقيع الاتفاق النووي الذي وقع في الثاني من نيسان عام 2015،وانسحبت منه الولايات المحتدة في الثامن من تموزعام 2018 على يد الرئيس الامريكي السابق دولاند ترامب،كما أن هذه الزيارات وهذه المناورات جاءت بعد اسابيع قليلة على تسلم الرئيس الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مقاليد الحكم في اسرائيل بتوليفة حكومية هي الاكثر يمينية وتطرفا على مر تاريخ كيان الاحتلال.
كما ان هذه الزيارات المتتالية،وخاصة التي بدأها وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن الى مصر،وفي ذلك مغزا كبير له علاقة مباشرة بالمسألة الايرانية،فمصر التي تعاني أوضاع اقتصادية سيئة جاءها بلينكن وأعلن ان الولايات المتحدة ستقدم يد العون الاقتصادي لها،ولم يفصح عن المقابل لهذا الوعد،الا أن ما جرى مؤخرا من مناكفات اعلامية بين مصر وبعض دول الخليج حول طلب مصر عبر صندوق النقد الدولي ضخ المليارات من قبل دول الخليج وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات في شرايين الاقتصاد المصري،كان السبب الخفيّ فيه هو الثمن الذي يتوافق عليه الجانبان الخليجي والأمريكي من مصر في مسألة إيران،وهو توظيف الجيش المصري في الدفاع عن الدول الخليجية إذا ما اندلعت مواجهة مسلحة بين أمريكا واسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى،وقامت الولايات المتحدة باستخدام قواعدها في الخليج في شن عدوان على ايران بمساعدة اسرائيل،فإنه من الحتميّ أن تتعرض تلك القواعد للهجوم من قبل ايران وبالتالي سُيسوَقْ هذا الرد على انه اعتداء على تلك الدول وسيادتها،وسيكون على القوات المصرية الانخراط في المواجهة،بتبرير ظاهره الدفاع عن الاشقاء العرب،وجوهره الحصول على المليارات والمساعدات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد المصري.
أضف إلى ذلك القيام بشن هجوم بالطائرات المسيرة على مصانع للانتاج العسكري قرب اصفهان وسط ايران والذي تشير كل الدلائل سواء الامريكية أو تسريبات الاعلام العبري والتحقيقات الايرانية أن مبعثة وأدوات تحريكة هي اسرائيل،هذا الحدث الخطير الذي ما كان ليكون لولا الضوء الاخضر الامريكي،يضاف اليه الهجوم المتزامن الذي تعرضت فيع شاحنات بالقرب من مدينة البوكمال السورية التي تقع على الحدود العراقية يدلل وبشكل واضح أن خطوات متقدمة من تفهم الموقف الاسرائيلي قد ارتفع في السياسة الامريكية،هذا يتعزز مع التهديد الصريح الذي اطلقه مبعوث الادارة الامريكية للملف الايراني روبرت مالي والذي هدد بشكل واضح لإمكانية استخدام الخيار العسكري لثني ايران عن الحصول على القنبلة النووية عندما قال في آخر تصريح له " الخيار العسكري على الطاولة "
كما أن الملف الفلسطيني غير بعيد عن المضمون الذي تتحرك بإتجاهه الادارة الامريكية،فالقضية الفلسطينية والفصائل المقاومة الفلسطينية تتلقى الدعم والسلاح من قبل ايران،وهذا اصبح واضحا وضوح الشمس جليا لا يمكن لأحد إنكاره أو تفنيدة،وأن هذه الفصائل والمجموعات محسوبة على التيار المقاوم للاحتلال و المناوئ لسياسة الادارة الامريكية وهو يقف في وجه تلك السياسات الامريكية المنحازة تماما لدولة الاحتلال،وفي التحضير والاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية لايران ضرب عدة عصافير بحجر واحد،منها "العصفور" الفلسطيني اضافة لباقي الجهات التي تقف الى جانب ايران في المنطقة ومنها المقاومة اللبنانية وسوريا والحشد الشعبي والحوثيين في اليمن.
كما أن الارباك والتقهقر التي يتلقاه الاكرانيون على يد الجيش الروسي في شرق اوكرنيا بالرغم من الدعم الامريكي والأوربي،والذي كشف سوء الغرب،وجعل حلفاءه الخليجيين والعرب يتوجهون شرقا نحو الصين وروسيا عامل هام في دفع الولايات المتحدة الامريكية لتوجيه ضربة ضد ايران حليف وداعم روسيا في الحرب ضد اوكرانيا وهي ايران،سواء كانت الضربة اسرائيلية صرفة وبغطاء امريكي مع تسهيلات من بعض الدول العربية أو عملية مشتركة اميركية وإسرائيلية وعربية لتحقيق نصر أو إنجاز يعيد الهيبة للولايات المتحدة والغرب ويعرقل تقدم الروس،ويعيد حساباتهم إلى حد ما.كما ان عودة الامريكان بقوة للمنطقة من خلال تلك الحرب المنتظرة سينزع البساط من تحت اقدام التمدد الصيني الصاعد بقوة في العالم،والذي يعد الهاجس الاكبر الان للويلات المتحدة.
هذا هو الهدف الامريكي الاول من تلك الزيارات وتلك الترتيبات،والاتجاه لإخفاء هذا الهدف مردة إلى تشكيل عنصر المفاجأة في تلك المواجهة التي قد تندلع في أي لحظة،وبالنسبة للتوقيت،تعتبر الاشهر القادمة وما يجري في المنطقة والعالم التوقيت الانسب حسب الرؤيا الامريكية التي تلتقي مع الشغف الاسرائيلي في العدوان على ايران،خاصة وان الداخل الايراني شهد مؤخرا وعلى مدار عدة اشهر اضطرابات موجهة في بعض المناطق كان ولا زال القصد منها هز وضرب الوحدة الداخلية،تحضيرا لسيناريو معد تتلوه خطوات جاهزة.
خلاصة القول،الويلات المتحدة الان تحاول إعادة ترتيب أوراق المنطقة من خلال الاعداد لتوجيه ضربة بالتعاون والشراكة مع اسرائيل ودعم بعض العرب لتحقيق الكثير من ألاهداف على رأسها الرد على الهجوم الروسي على أوكرانيا بضرب ايران حليفة روسيا،والثاني سحب البساط من تحت اقدام العملاق الصيني،والإثبات للعرب أن امنهم اولا وأخيرا لا زال مرتبطا بالولايات المتحدة،والدفاع عن أمن اسرائيل قاعدتها العسكرية المتقدمة في المنطقة،واعادة الامساك في كل قضايا الشرق الاوسط والعالم العربي لابقاءه سدا منيعا أمام التمدد الايراني والصيني والروسي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى