بنيامين يوخنا دانيال - السياحة منخفضة الكربون

هي سياحة حديثة نسبيا بالمقارنة مع أنواع و أشكال السياحة الأخرى , و قليلة التناول في الادبيات السياحية العربية , و هي أيضا من أنماط السياحة المستدامة التي نشأت في السبعينيات من القرن الماضي , و تأتي في اطار الاقتصاد منخفض الكربون – الاقتصاد منزوع الكربون – الاقتصاد منخفض الوقود الاحفوري – اقتصاد ما بعد الكربون . و تشير ( السياحة منخفضة الكربون ) إلى تلك السياحة التي تساهم بأقل قدر ممكن من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري – الاحترار العالمي و تغير المناخ و المعروفة أيضا ب ( غازات الصوبة الخضراء ) أو ( غازات الاحتباس الحراري ) من ( ثاني أكسيد الكربون و الميثان و أكسيد النيتروز و الكلورفلوركربون و بخار الماء و الأوزون ) . و هي انبعاثات سجلت قفزة عالية منذ عام 1999 و بنسبة ( 45 ) في المائة وفقا للأمم المتحدة . و يتم ذلك بالعمل على محايدة انبعاثات الكربون من قبل وكلاء السفر و الشركات السياحية في حدود الإمكان , و تخفيض الأثر السلبي للسفر على البيئة الطبيعية – المحيط الحيوي , باستخدام وسائل النقل الخضراء ( السفر المستدام ) مثل الباصات و السيارات الكهربائية منعدمة الانبعاثات و الدراجات الهوائية , و اعتماد البرامج السياحية الخضراء التي تتضمن المشي و ركوب العربات التي تجرها الحيوانات و منع التدخين و اشعال النيران في مناطق التخييم و أماكن التنزه الغابية ( الغابات = مصائد الكربون – بالوعات أو مستودعات الكربون ) منعا للحرائق و ارتياد المطاعم التي تقدم وجبات طعام وطنية معدة من مواد منتجة محليا بالطرق التقليدية و غيرها , و قيام شركات النقل الجوي بمعادلة انبعاثات الكربون و تخفيض بصمته ( بصمة الكربون = البصمة الكربونية ) , و زيادة كفاءة استخدام الطاقة و المياه و ترشيد استخدامها في المنشآت و المرافق السياحية بمختلف أنواعها و تبني اتجاهات و ممارسات خضراء باستخدام مصادر الطاقة البديلة – المتجددة , مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و الطاقة الكهرومائية و الحرارة الجوفية , لضمان الاستدامة البيئية و الاقتصادية , فكان ظهور : ( الرحلات منخفضة الكربون ) و ( السفر الواعي أخلاقيا ) و ( السفر منخفض الكربون ) و ( المنتجات السياحية منخفضة الكربون ) و ( السفر المحايد لناحية الكربون ) و ( العطل منخفضة الكربون ) و ( الوجبات السياحية منخفضة الكربون ) و ( السلوك السياحي منخفض الكربون ) و ( قطاع السياحة و السفر منخفض الكربون ) و ( الفنادق منخفضة الكربون ) و ( المقاصد السياحية منخفضة الكربون ) و ( وجبات الطعام منخفضة الكربون ) و ( المشروبات منخفضة الكربون ) .

وهي سياحة ظهرت و تنامت في السنوات الأخيرة , و انتشرت ثقافتها لدى أصحاب المشاريع السياحية ( المنتجون ) و السياح ( المستهلكون ) بتزايد الوعي بقيمة التراث الطبيعي لكوكبنا , و بأهمية البيئة الطبيعية الزاخرة بالأحياء البرية الحيوانية و النباتية و النظم الايكولوجية و التنوع الحيوي ( الايكولوجي ) , و التي تواجه الكثير من المخاطر و التحديات في ظل تفاقم كارثة التحولات المناخية و تزايد مخاطر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض التي تشكل هاجسا حقيقيا للكثير من الحكومات و العلماء و مئات الملايين من سكان هذا الكوكب .

علما تساهم صناعة السياحة على مستوى العالم ب ( 5 % ) من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري , و هي ناجمة عن البيوت الزجاجية ( الدفيئات ) المتمخضة عن الرحلات و الاقامات لأغراض السياحة , و معظمها ( أي الانبعاثات ) متأتى من أعمال النقل الجوي بالطائرات و بنسبة ( 40 % ) , و ( 32 % ) من النقل البري بالقطارات و الباصات و السيارات ... الخ . و ( 3 % ) من بقية أنواع النقل ( السفن السياحية – الكروز .. الخ ) , أي ما مجموعه ( 75 % ) لعموم النقل بهدف السياحة . أما ال ( 25 % ) من الانبعاثات التي تولدها صناعة السياحة فهي عن بقية النشاطات و الاعمال المرتبطة بالايواء ( الفنادق و المنتجعات ) و الطعام و الشراب ( المطاعم و المقاهي ) و الترفيه و الاستجمام ( مدن الملاهي و المدن المائية ) و غيرها وفقا لدراسة أعدتها ( منظمة السياحة العالمية ) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بالتعاون مع ( المنتدى الاقتصادي العالمي ) و ( منظمة الطيران المدني الدولية ) و ( برنامج الأمم المتحدة للبيئة ) , و أصدرتها في شهر حزيران 2009 تحت عنوان ( نحو سفر منخفض الكربون و قطاع السياحة ) . و بحسب بحث حديث ل ( دانيال سكوت و ستيفن غوسلينغ و بأول بيترس و كولن مايكل هول ) نشر في دورية ( السياحة المستدامة 2015 ) فان استمرار السياحة الدولية على هذه الوتيرة يعني إيصال الانبعاثات التي تسبب بها إلى ثلاثة مليارات طن بحلول 2050 , مسجلة بذلك زيادة بنسبة ( 135 ) في المائة بالمقارنة مع الانبعاثات الحالية , مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار الانبعاثات الصادرة عن الكثير من القطاعات و النشاطات الاقتصادية التي ترتبط بقطاع السياحة و السفر بعلاقات تكاملية و تبادلية . و هناك دول شهدت ممارسات و تطبيقات رائدة في مجال السياحة منخفضة الكربون في اطار الاستدامة البيئية و الاقتصادية و الاجتماعية , و منها تايلاند في ( كوه ماك ) و ( كوه ساموي ) و ( كوه تشانج ) و ( كوه كوت ) التي تعتبر وجهات سياحية مثالية لممارسة السياحة منخفضة الكربون , و مملكة بوتان التي أطلقت مشروعا سياحيا منخفض الكربون في شباط 2012 و لمدة ثلاث سنوات و نصف و بتمويل من الاتحاد الأوروبي , بهدف استحداث حزمة سياحية منخفضة الكربون و تسويقها عالميا , و تتكون من ( 20 ) منتج سياحي مبتكر منخفض الكربون , و قد جرى اطلاقها في بورصة برلين الدولية للسياحة في دورتها ال ( 49 / 2015 ) .

و أيضا استراليا في الجبال الزرقاء ( نيو ساوث ويلز ) , و الصين في منتزه شيشي الوطني للأراضي الرطبة و منتزه ولينغيوان القومي , و مونتينيغرو ( الجبل الأسود ) التي تبنت برنامج فعال في سبيل محايدة الكربون في القطاع السياحي و بدعم و تمويل من ( مرفق البيئة العالمي ) و ( برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ) و بقيمة ( 3424000 ) مليون دولار امريكي , و قد شهدت خلال الفترة 9 – 10 تشرين الأول 2015 انعقاد أول مؤتمر للسياحة منخفضة الكربون تحت رعاية مركز التنمية المستدامة / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .

-------------------------------------

للمزيد من المعلومات ينظر ( السياحة منخفضة الكربون : مقالات و بيبليوغرافيا ) للباحث , مطبعة بيشوا , أربيل – العراق 2017 .


1675502707901.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى