د. محمد عباس محمد عرابي - اللوز في شعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي "نماذج مختارة"

للطبيعة الخلابة بشعابها وأوديتها وزروعها وأشجارها، وخاصة أشجار اللوز أثر كبير على الشعراء، ومنهم الشاعر القدير الدكتور عبد الرحمن العشماوي، وقد سبق وأن تم إعداد مقال بعنوان غصون اللوز في ديوان (أنت لدينا متهم ) له ،وفيما يلي بيان ما قاله عن اللوز في بعض المختارات الشعرية للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:‬
فرح القلوب بثمار اللوز:
فقد تحدث الشاعر عن فرح قلب المزارع بالثمار والنبتات فيقول في قصيدة " وقفة على حمى ظبيان ":
فسلني عن الزرع المبارك بعدها ** على بركات الله يُعطي ويمنحُ
وكنتُ أرى الأغصان بالطَّل تزدهي ** وأسمع أسراب العصافيرِ تصدحُ
وأسمع أصوات السواني كأنها ** أنين محب ٍّ جفْنه يتقرَّحُ
وكنت أرى في اللوز ما لا ترونه ** ثمارًا بها قلب المزارع يفرحُ (1)
طرب أغصان اللوز:
تحدث شاعرالقدير الدكتور العشماوي عن طرب أغصان اللوز حيث يقول :
يا نجدُ، قافيتي التي تجري على
رمل الصَّحارى ، قد أتتْكَ منَ الجَبَلْ
وُلِدَتْ على قِمَمِ السَّراةِ فشدْوُهَا
شدْوُ الطُّيور ، ومشْيُها مَشْيُ الحَجَلْ
لو تسألينَ اللوزَ ، هل طرِبتْ لها
أغصانُه يوماً ، لقال : أجَلْ أَجَـلْ
عشق الشاعر للوز فسرَّه في فؤادي
فقد بين الشاعر عشقه للوز فسرَّه في فؤادي حيث يقول :
أعشقُ اللوزَ، قِشْرَه والُّلبابا
وسفوحاً تضمّه وشِعابا
والينابيعَ حين تَسقيه ماءً
والسواقي دفّاقةً والسّحابا
يَعرفُ اللوزُ سرَّه في فؤادي
قبل أن تعرفَ الجذورُ التُّرابا

حلاوة اللوز:
وصف الدكتور العشماوي أن الشِّعبَ بستان الحياةِ، وبين
صفاء السواقي حلاوة اللوزَ والنَّبِق حيث يقول:
جوادشعري يُثير الأرضَ حافره
إذاجرى مهّدتْ من أجله الطُّرُقا
عليه سرجٌ من الإحساسِ وثّقَه
حنينُ قلبي ووجداني به وثِقا
ألاسقى اللهُ أيامَ الطفولةِ في
تلك المغاني التي لاتعرف القلقا
كنا نرى البئرَ بحراً لاحدودَ له
أوأنها كمحيطٍ موجُه اصطفقا
كنا نرى الشِّعبَ بستانَ الحياةِ فما
أصفى السواقي وأحلى اللوزَ والنَّبِقا
نداء جنى اللوز فوق خضر الروابي:
في قصيدة (وقفة على مشارف مكة المكرمة ) ينادي الشاعر جنى اللوز فوق خضر الروابي حيث يقول :
يا جنى اللوز فوق خضر الروابي **يا قشورا مسكونة باللباب
يا جبال السراة صارت مكانا **لعناق الأزهار تحت الضباب
يا حنين الرعود ،يُفضي بشوق**في فؤاد السحاب نحو التراب
يا روابي الزيتون ألقيت فيها **عبء ما نالني من الأتعاب
سافرت بي إليك نفسٌ، لديها **أملٌ بعد نأيها في اقتراب (2)

راحة الصدور بتغريد البلابل رُبَى الزيتون واللوز:
تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي عن راحة الصدور بتغريد البلابل رُبَى الزيتون واللوز في قصيدة "بوابة الشعر" حيث يقول
هنا في رُبَى الزيتون واللوز غرّدتْ**بلابل شوقي فاستراح لها صدري
هنا كانت الآكام ترفع رأسها ** شموخًا وإدلالا بأشجارها الخضر
هنا كان جدي يحرث الأرض كلما** شدا الغيم في الآفاق أغنية القطر
ويبذر باسم الله قمحًا ،فما ترى ** سوى بركات الله في ذلك البذر (3)
حوار الطفلة عهود مع غصون اللوز
في قصيدة "رثاء اب" تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي عن حوار الطفلة عهود مع غصون اللوز عن استشهاد أبيها وهو يؤدي واجبه الوطني على يد الغدر والإرهاب الغاشم
هزي جذوعك يا غصون اللوز

في وطني الحبيب

فلربما صار البعيد لنا قريب

ولربما غنت عصافير الصفاء

وغرد القمري

وابتسم الكئيب

هزي غصونك

وانثري في الأرض لوزك يا جذوع

ودعي النسيم يثير أشجان الفروع

ودعي شموخك يا جذوع اللوز

يهزأ بالخضوع

هزي غصونك

ربما سمع الزمان صدى الحفيف

ولربما وصل الفقير إلى رغيف

ولربما لثم الربيع فم الخريف

هزي غصونك

ربما بعث الصفاء إلى مشاعرنا
بريده

ولربما تتفيأ الكلمات في درب المنى

ظل القصيدة

أنا يا جذوع اللوز

أغنية على ثغر اليقين

أنا طفلة نظرت إلى الأفاق

رافعة الجبين

أنا من ربا المرزوق

تعرفني ربوع بني كبير

أملي يغرد يا جذوع اللوز

في قلبي الصغير

وأبي الحبيب يكاد بي

من فرط لهفته يطير

أنا ياجذوع اللوز من صنعت لها المأساة

مركبة صغيرة

أنا من قدحت على مدى الأحلام

ذاكرة البصيرة

لأرى خيال أبي وكان رعيتي

وأنا الأميرة

كم كنت أمشط رأسه

وأجر أطراف العمامة

وأريه من فرحي ربا خضرا

ومن أملي غمامة

كم كنت أصنع من تجهمه

إذا غضب، ابتسامه

أنا ياجذوع اللوز

بنت فقيد واجبه مساعد

أنا من تدانى الحزن من قلبي

وصبري عن حمى قلبي

تباعد

أنا طفلة تدعى عهود

أنا صرخة للجرح

تلطم وجه من خان العهود

أنا بسمة في ثغر هذا الكون

خالطها الألم

صوتي يردد في شمم

عفوا أبي الغالي ، إذا أسرجت

خيل الذكريات

فهي التي تدني إلى الأحياء

صورة من نأى عنهم

ومات
فما أجمل تصوير شاعرنا الدكتور العشماوي للوز وغصونه وأشجاره !


(1)عبد الرحمن العشماوي :ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة " وقفة على حمى ظبيان "،ص14
(2)عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء ، قصيدة (وقفة على مشارف مكة المكرمة )،ص26
(3)عبد الرحمن العشماوي :ديوان (مراكب ذكرياتي )،ص 52- 53

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى