ــ مساء 2002/11/13:
قابلته في (الريتز)، ناولته نص المقالة التي كتبها القاص الصديق محمد سدحي عن كتاب "هكذا تكلم محمد شكري"· قرأها بسرعة:
ــ صديقك يبالغ كثيرا· إنه يقول: "محمد شكري ما فتئ يؤكد على ألفي درهم بالنسبة للأجهزة المغربية، وألف دولار بالنسبة للأجهزة الأجنبية، كحد أدنى مقابل إجراء أي حوار معه"· هذا كلام غير صحيح· أنا لا أتقاضى عن حواراتي مع الصحف المغربية أي أجر· أما القنوات التلفزيونية الأجنبية فهذا شيء آخر·
يصمت لثوان، ثم يواصل:
ــ أنا لم أوقع عقدا مع البؤس! وسائل الإعلام الغنية ينبغي أن تدفع بسخاء مقابل حديثي معها· لكن مبلغ ألف دولار مبالغ فيه· لست كاتبا نوبليا (= نوبل) حتى أتقاضى مثل هذه المبالغ·
ــ ظهر 2002/11/19:
كانت الساعة الحادية عشرة حين دلفت إلى (الريتز)· هدوء شامل يعم المكان· محمد شكري في ركنه المعتاد· يقرأ جريدة (الباييس)· مستعملا نظارته الطبية السميكة· وضع الجريدة جانبا· خلع نظارته· أعادها إلى غشائها البني:
ــ (الباييس) نشرت موضوعا تشيد فيه بحكومة اليوسفي·
ــ السي محمد أعرف أنك تكره الحديث في السياسة· لكني أحب أن أعرف رأيك في حكومة التناوب·
ــ لا أعرف حجم ما أنجزته· وما فشلت في تحقيقه· لكني لا أشك في أنها أزالت الكثير من الأوضاع المختلة· وأعادت الاعتبار لما هو ثقافي· حكومة التناوب لم تستطع تحقيق كل ما نادت به· لكنها أنجزت الكثير· وتبنت قضايا اجتماعية لم تكن الحكومات السابقة تعيرها أي اهتمام·
ــ عبد الرحمن اليوسفي كيف تراه، صديقا وسياسيا؟
ــ أكن لهذا الرجل إعجابا خاصا· كثيرون تنكروا لماضيهم النضالي· لكن السي اليوسفي لم يتنازل عن مبادئه· ولم يغير المنصب طبيعته النضالية·
ــ تنبئ لهجتك عن حبك لليوسفي، وتعاطفك مع حزب " الاتحاد الاشتراكي "·
يحدجني بنظرة ثاقبة، يقول باسما:
ــ هل تريد الصدق؟
ــ بالتأكيد·
ــ نعم· أنا أحب عبد الرحمان اليوسفي· لكني لست متحزبا· ولن أكون، أنا منحاز للإبداع· هذا هو الأهم عندي·
ــ مساء 2002/12/5:
كنا جالسين نتحدث عن دور الأغنية في إيصال القصيدة إلى مختلف الفئات الاجتماعية· دخل إلى المطعم شخص خمسيني· خطواته غير متماسكة· اربدَّت ملامح شكري حالما رآه· اقترب منا· سلَّم وجلس· عدنا إلى حديثنا· أخذ الشخص يقاطع كلامنا· ويستعرض نفسه بطريقة تثير الأعصاب· وجه شكري يخضر، يحمر، يسود، بمشقة يسيطر على أعصابه·
فجأة، ارتطمت يد الشخص بكأس فسقط وحطَّم، واندلق محتواه على المنضدة وعلى الأرض، التفت الرؤوس حيث نجلس·
هب شكري من على كرسيه· غضبه يكبر في صوته:
ــ إسمع السي، لقد أزعجتنا، وأفسدت علينا جلستنا· إما أن تغادر، أو نغادر نحن· لا أريدك أن تجالسني· أتفهم؟!
نكس الرجل رأسه· نهض، ثم غادر، دون كلمة·
جاء النادل، بدأ يجمع حطام الكأس، قال له شكري ساخطا:
ــ كيف تسمحون لهذه الأشكال بالدخول إلى هنا؟ هذا مطعم، وليس بمقهى يجمع كل من هبّ ودبّ!
اعتذر النادل· وذهب·
جسد شكري يرتجف، يداه ترتعشان، أشعلت سيجارة، قدمتها له:
ــ أرجو أن تهدئ أعصابك·
أخذ السيجارة، شرب محتوى كأسه دفعة واحدة:
ــ هذا التافه الذي أزعجنا، من بقايا الصداقات القديمة السيئة· كان يزعجني في (كران بوسط)· وها هو يتبعني إلى هنا أيضا· تفو على الطحالب البشرية!
لم أجد ما أقوله، ركنت إلى الصمت ·
ــ مقارنة مرفوضة:
لا يحب محمد شكري أن يقارَن بكاتب آخر· "ينبغي الحكم على كتاباتي بمعزل عن كتابات غيري"، هكذا يقول لي·
ذات جلسة في سطيحة بيته، وقف بنا الحديث عند كتابات ألبرتو مورافيا· قلت له:
ــ ثمة توافق بينكما·
ــ كيف؟
ــ كلاكما كرس أدبه لكشف مأساة الجنس، وفضح الزيف الاجتماعي، وإبراز هشاشة الكائن البشري·
ــ لا أهمية لمضمون الكتابة، التقنية هي الأهم والأخلد· لا أشبه مورافيا· ولا يشبهني· له أسلوبه الخاص· ولي أسلوبي الخاص· ما عدا هذا لا قيمة له·
ــ أنتما تتشابهان في الأسلوب الذي يصف به كل منكما تفاصيل العملية الجنسية·
ــ ما تقوله ليس صحيحا· تأكد من ذلك·
أحاول أن أستوضحه· لكنه يواصل على نحو ينبئ برغبته في تغيير الموضوع:
ــ شوف· المقارنة بين الكتاب تؤدي، في الغالب، إلى إصدار حكم قيمة· و تفضيل هذا الكاتب على ذاك· وفي هذا نوع من الاختزال يوقع في فخ السطحية·
ــ الجلوس السامي :
التقيت يوما محمد الهرادي· قال لي ضاحكا: "يا أخي نحن نعصر أذهاننا ونقطرها قطرة قطرة، لكي نكتب صفحات قليلة في أسبوعين أو أكثر· فكيف استطعت أن أن تكتب "زمن الأخطاء" (وعدد صفحاتها 280 صفحة) في شهر واحد؟!"·
قال شكري مجيبا عن سؤال وجهته له بخصوص المدة التي استغرقها في كتابة "زمن الأخطاء"· قلت له:
ــ بماذا أجبته؟
ــ قل له: إنها الموهبة والجلوس السامي العبقري للقراءة والكتابة·
ــ شهر واحد لكتابة 280 صفحة، مدة قياسية أليس كذلك؟
ــ نعم، هي كذلك، لكن هناك من كتب في مدة أقل بكثير، طه حسين كتب "الأيام" في ستة أيام، كافكا كتب "المحاولة" في ليلة واحدة، ماياكوفسكي كان يكتب أجمل قصائده في ساعات قليلة·
ــ ألا يفقد النص تماسكه إذا كتب سريعا؟
ــ ذلك يتعلق بقدرة الكاتب، واختمار الموضوع في ذهنه· بالنسبة لي، موضوع "زمن الأخطاء" كان جاهزا ومكتوبا في ذهني بتفاصيله الكاملة، ولم يكن يتطلب إلا الشروع في صياغته·
ــ أتُنقح نصوصك كثيرا؟
ــ آ··· نعم· الصبر على التنقيح ميزتي الكبرى· أحيانا أعيد كتابة النص مرات كثيرة· كثيرا ما كان زفزاف يصارحني باستغرابه من صبري على التنقيح· زفزاف كان يتكاسل، لم يكن يراجع كتاباته·
دخلت الكتبية ثريا حجي التمسماني· صافحها شكري بحرارة· همست في أذنه بكلمات قليلة· قال باسما: "لا مانع عندي· يمكنها أن تتصل بي هاتفيا· أو تزورني هنا· اللي بغات "· غادرت ثريا· قلت له:
ــ زفزاف كاتب كبير· بلغ ذروته في "المرأة والوردة"· استثار زفزاف في روايته هذه المشاعر الساخطة، المتمردة، التي زامنته·
يكتفي بهز رأسه موافقا· ثم يقول:
ــ صحيح ما تقوله· زفزاف من أكبر كتابنا· لكني أفضل "الثعلب الذي يظهر ويختفي" على "المرأة والوردة"· أخبرني بعض الكتاب الذين أعادوا قراءة "المرأة والوردة"، أنهم افتقدوا فيها زخمها القديم·
رافقته حتى باب العمارة· قال لي وهو يصافحني مودعا:
ــ أعجبني ما كتبته عن محمد برادة، استمر في هذا المستوى، حياك الله·
ــ كلانا يحب الآخر:
قرأت عليه:
سأل علي أنوزلا محمد زفزاف:
ــ أي الكتاب المغاربة أقرب إليك أدبيا؟
رد زفزاف:
ــ بالدرجة الأولى محمد شكري·
علق شكري مبتهجا:
ــ أنا راض عن زفزاف· وهو عني راض· كلانا يحب الآخر· في حضوره وفي غيابه·
أقول له:
ــ كيف لقي خبر وفاته؟
صوته ينضح بما يعتمل في دخيلته:
ــ صُدمت إلى حد أنني توقفت عن ممارسة طقوسي اليومية· مضت ستة أشهر على رحيله· لكن الحزن ما يزال يسكنني·
ــ لم تحضر جنازته· قيل الكثير عن غيابك·
ــ كنت في حالة ذهول، كنت متيقنا أنني لن أتحمل رؤية زفزاف وهو يوارى التراب· لم أحضر جنازته حتى لا أصاب بانهيار·
عينا شكري مغرورقتان· إنه على وشك الإجهاش بالبكاء·
فيما بعد، ستقول لي فتحية: "موت زفزاف أثر في شكري بزاف، بزاف، الرجل تبدل· ما بقاشي كيف ما كان· بقى دابا وساعة كيهضر عليه· موت زفزاف سبب لشكري صدمة كبيرة"·
8/23/2005
قابلته في (الريتز)، ناولته نص المقالة التي كتبها القاص الصديق محمد سدحي عن كتاب "هكذا تكلم محمد شكري"· قرأها بسرعة:
ــ صديقك يبالغ كثيرا· إنه يقول: "محمد شكري ما فتئ يؤكد على ألفي درهم بالنسبة للأجهزة المغربية، وألف دولار بالنسبة للأجهزة الأجنبية، كحد أدنى مقابل إجراء أي حوار معه"· هذا كلام غير صحيح· أنا لا أتقاضى عن حواراتي مع الصحف المغربية أي أجر· أما القنوات التلفزيونية الأجنبية فهذا شيء آخر·
يصمت لثوان، ثم يواصل:
ــ أنا لم أوقع عقدا مع البؤس! وسائل الإعلام الغنية ينبغي أن تدفع بسخاء مقابل حديثي معها· لكن مبلغ ألف دولار مبالغ فيه· لست كاتبا نوبليا (= نوبل) حتى أتقاضى مثل هذه المبالغ·
ــ ظهر 2002/11/19:
كانت الساعة الحادية عشرة حين دلفت إلى (الريتز)· هدوء شامل يعم المكان· محمد شكري في ركنه المعتاد· يقرأ جريدة (الباييس)· مستعملا نظارته الطبية السميكة· وضع الجريدة جانبا· خلع نظارته· أعادها إلى غشائها البني:
ــ (الباييس) نشرت موضوعا تشيد فيه بحكومة اليوسفي·
ــ السي محمد أعرف أنك تكره الحديث في السياسة· لكني أحب أن أعرف رأيك في حكومة التناوب·
ــ لا أعرف حجم ما أنجزته· وما فشلت في تحقيقه· لكني لا أشك في أنها أزالت الكثير من الأوضاع المختلة· وأعادت الاعتبار لما هو ثقافي· حكومة التناوب لم تستطع تحقيق كل ما نادت به· لكنها أنجزت الكثير· وتبنت قضايا اجتماعية لم تكن الحكومات السابقة تعيرها أي اهتمام·
ــ عبد الرحمن اليوسفي كيف تراه، صديقا وسياسيا؟
ــ أكن لهذا الرجل إعجابا خاصا· كثيرون تنكروا لماضيهم النضالي· لكن السي اليوسفي لم يتنازل عن مبادئه· ولم يغير المنصب طبيعته النضالية·
ــ تنبئ لهجتك عن حبك لليوسفي، وتعاطفك مع حزب " الاتحاد الاشتراكي "·
يحدجني بنظرة ثاقبة، يقول باسما:
ــ هل تريد الصدق؟
ــ بالتأكيد·
ــ نعم· أنا أحب عبد الرحمان اليوسفي· لكني لست متحزبا· ولن أكون، أنا منحاز للإبداع· هذا هو الأهم عندي·
ــ مساء 2002/12/5:
كنا جالسين نتحدث عن دور الأغنية في إيصال القصيدة إلى مختلف الفئات الاجتماعية· دخل إلى المطعم شخص خمسيني· خطواته غير متماسكة· اربدَّت ملامح شكري حالما رآه· اقترب منا· سلَّم وجلس· عدنا إلى حديثنا· أخذ الشخص يقاطع كلامنا· ويستعرض نفسه بطريقة تثير الأعصاب· وجه شكري يخضر، يحمر، يسود، بمشقة يسيطر على أعصابه·
فجأة، ارتطمت يد الشخص بكأس فسقط وحطَّم، واندلق محتواه على المنضدة وعلى الأرض، التفت الرؤوس حيث نجلس·
هب شكري من على كرسيه· غضبه يكبر في صوته:
ــ إسمع السي، لقد أزعجتنا، وأفسدت علينا جلستنا· إما أن تغادر، أو نغادر نحن· لا أريدك أن تجالسني· أتفهم؟!
نكس الرجل رأسه· نهض، ثم غادر، دون كلمة·
جاء النادل، بدأ يجمع حطام الكأس، قال له شكري ساخطا:
ــ كيف تسمحون لهذه الأشكال بالدخول إلى هنا؟ هذا مطعم، وليس بمقهى يجمع كل من هبّ ودبّ!
اعتذر النادل· وذهب·
جسد شكري يرتجف، يداه ترتعشان، أشعلت سيجارة، قدمتها له:
ــ أرجو أن تهدئ أعصابك·
أخذ السيجارة، شرب محتوى كأسه دفعة واحدة:
ــ هذا التافه الذي أزعجنا، من بقايا الصداقات القديمة السيئة· كان يزعجني في (كران بوسط)· وها هو يتبعني إلى هنا أيضا· تفو على الطحالب البشرية!
لم أجد ما أقوله، ركنت إلى الصمت ·
ــ مقارنة مرفوضة:
لا يحب محمد شكري أن يقارَن بكاتب آخر· "ينبغي الحكم على كتاباتي بمعزل عن كتابات غيري"، هكذا يقول لي·
ذات جلسة في سطيحة بيته، وقف بنا الحديث عند كتابات ألبرتو مورافيا· قلت له:
ــ ثمة توافق بينكما·
ــ كيف؟
ــ كلاكما كرس أدبه لكشف مأساة الجنس، وفضح الزيف الاجتماعي، وإبراز هشاشة الكائن البشري·
ــ لا أهمية لمضمون الكتابة، التقنية هي الأهم والأخلد· لا أشبه مورافيا· ولا يشبهني· له أسلوبه الخاص· ولي أسلوبي الخاص· ما عدا هذا لا قيمة له·
ــ أنتما تتشابهان في الأسلوب الذي يصف به كل منكما تفاصيل العملية الجنسية·
ــ ما تقوله ليس صحيحا· تأكد من ذلك·
أحاول أن أستوضحه· لكنه يواصل على نحو ينبئ برغبته في تغيير الموضوع:
ــ شوف· المقارنة بين الكتاب تؤدي، في الغالب، إلى إصدار حكم قيمة· و تفضيل هذا الكاتب على ذاك· وفي هذا نوع من الاختزال يوقع في فخ السطحية·
ــ الجلوس السامي :
التقيت يوما محمد الهرادي· قال لي ضاحكا: "يا أخي نحن نعصر أذهاننا ونقطرها قطرة قطرة، لكي نكتب صفحات قليلة في أسبوعين أو أكثر· فكيف استطعت أن أن تكتب "زمن الأخطاء" (وعدد صفحاتها 280 صفحة) في شهر واحد؟!"·
قال شكري مجيبا عن سؤال وجهته له بخصوص المدة التي استغرقها في كتابة "زمن الأخطاء"· قلت له:
ــ بماذا أجبته؟
ــ قل له: إنها الموهبة والجلوس السامي العبقري للقراءة والكتابة·
ــ شهر واحد لكتابة 280 صفحة، مدة قياسية أليس كذلك؟
ــ نعم، هي كذلك، لكن هناك من كتب في مدة أقل بكثير، طه حسين كتب "الأيام" في ستة أيام، كافكا كتب "المحاولة" في ليلة واحدة، ماياكوفسكي كان يكتب أجمل قصائده في ساعات قليلة·
ــ ألا يفقد النص تماسكه إذا كتب سريعا؟
ــ ذلك يتعلق بقدرة الكاتب، واختمار الموضوع في ذهنه· بالنسبة لي، موضوع "زمن الأخطاء" كان جاهزا ومكتوبا في ذهني بتفاصيله الكاملة، ولم يكن يتطلب إلا الشروع في صياغته·
ــ أتُنقح نصوصك كثيرا؟
ــ آ··· نعم· الصبر على التنقيح ميزتي الكبرى· أحيانا أعيد كتابة النص مرات كثيرة· كثيرا ما كان زفزاف يصارحني باستغرابه من صبري على التنقيح· زفزاف كان يتكاسل، لم يكن يراجع كتاباته·
دخلت الكتبية ثريا حجي التمسماني· صافحها شكري بحرارة· همست في أذنه بكلمات قليلة· قال باسما: "لا مانع عندي· يمكنها أن تتصل بي هاتفيا· أو تزورني هنا· اللي بغات "· غادرت ثريا· قلت له:
ــ زفزاف كاتب كبير· بلغ ذروته في "المرأة والوردة"· استثار زفزاف في روايته هذه المشاعر الساخطة، المتمردة، التي زامنته·
يكتفي بهز رأسه موافقا· ثم يقول:
ــ صحيح ما تقوله· زفزاف من أكبر كتابنا· لكني أفضل "الثعلب الذي يظهر ويختفي" على "المرأة والوردة"· أخبرني بعض الكتاب الذين أعادوا قراءة "المرأة والوردة"، أنهم افتقدوا فيها زخمها القديم·
رافقته حتى باب العمارة· قال لي وهو يصافحني مودعا:
ــ أعجبني ما كتبته عن محمد برادة، استمر في هذا المستوى، حياك الله·
ــ كلانا يحب الآخر:
قرأت عليه:
سأل علي أنوزلا محمد زفزاف:
ــ أي الكتاب المغاربة أقرب إليك أدبيا؟
رد زفزاف:
ــ بالدرجة الأولى محمد شكري·
علق شكري مبتهجا:
ــ أنا راض عن زفزاف· وهو عني راض· كلانا يحب الآخر· في حضوره وفي غيابه·
أقول له:
ــ كيف لقي خبر وفاته؟
صوته ينضح بما يعتمل في دخيلته:
ــ صُدمت إلى حد أنني توقفت عن ممارسة طقوسي اليومية· مضت ستة أشهر على رحيله· لكن الحزن ما يزال يسكنني·
ــ لم تحضر جنازته· قيل الكثير عن غيابك·
ــ كنت في حالة ذهول، كنت متيقنا أنني لن أتحمل رؤية زفزاف وهو يوارى التراب· لم أحضر جنازته حتى لا أصاب بانهيار·
عينا شكري مغرورقتان· إنه على وشك الإجهاش بالبكاء·
فيما بعد، ستقول لي فتحية: "موت زفزاف أثر في شكري بزاف، بزاف، الرجل تبدل· ما بقاشي كيف ما كان· بقى دابا وساعة كيهضر عليه· موت زفزاف سبب لشكري صدمة كبيرة"·
8/23/2005