أمل الكردفاني- لماذا سيفشل الروبوت في مهنة المحاماة

اوردت اسكاي نيوز خبراً عن بداية أول روبوت سيترافع أمام المحكمة في قضيتي مرور بسيطتين. وذلك على الرابط أسفله. ولكن هل سيتمكن الروبوت بالفعل من اقتحام أصعب المهن من حيث إعمال العقل والقلب؟
يستطيع الروبوت أن يكون طبيباً ماهراً حيث يمتلك معلومات عن التشخيص والدواء.
ومهندساً بارعاً.. لأنها معطيات حسابية..
أما أن يكون محامياً فهذه لا.. يمكن للروبوت أن يكون قاضياً لأن عمل القاضي هو ترجيح البينات أو وزنها بمعيار الشك المعقول، أما المحامي فهو يعتمد على عمليات ربط شبكي واستبصار وخلق للمعنى والحقيقة القانونية، بالإضافة لاستخدام مشاعره لطرح روح القانون والعدالة. ولو استطاع الروبوت أن يفعل ذلك فسيكون قد أضحى بشراً بلا شك.
هناك نوعان من المحامين:
نوع خطي.. اي يعتمد على النص اعتماداً مطلقاً، وهناك محام خلاق ومبدع، فهو وإن كان لا يجتهد (مع) النص لكنه يجتهد (في) النص. وأحيانا حين تكون الوقائع واقعة في منطقة الفراغ الموضوعي، فإن المحامي يختلق النص، ولكنه ليس نصاً معلقاً في الهواء وإنما هو نص يستند إلى القراءات المتعددة في مستويات مختلفة من القواعد القانونية والمبادئ القضائية والاجتهادات الفقهية ليفسر النص. هذا هو المحامي الذي يمتلك حرفة وفن في نفس الوقت، أي حرفة عبر الاستخدام المباشر للأدوات وفن عبر الاستخدام غير المباشر للأدوات القانونية واللسانية والتأويلية. ولا يتأتى للمحامي أن يكون فناناً إلا عبر قدرات ذهنية خاصة ومتميزة بالإضافة إلى الثقافة الواسعة والإطلاع المستمر والمواكبة الدؤوبة لكل المفاهيم الجديدة في القوانين وأحكام القضاء في الدول الاخرى كذلك، فهو المحامي الفنان والباحث باعتباره يعمل باستمرار على منهج المقارنة والتحليل.
فهل يستطيع الروبوت ان يكون كذلك؟
لو نجح الإنسان في صناعة روبوت على هذا النحو، فإن مهنة المحاماة لن تنتهي وحدها، بل ستنتهي حتى حاجتنا إلى الحكومة وسلطات الدولة والشعراء والممثلين.. بل ستنتهي الحاجة إلى الإنسان نفسه..


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى