د. محمد عبدالله القواسمة - رحول برنامج "راحلون"

إنه لعمل جيد أن تتعاون رابطة الكتاب الأردنيين مع إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية منذ بداية هذا العام لتقديم البرنامج الإذاعي الصباحي عبر أثير إذاعة البرنامج العام، بعنوان" راحلون". ويُقدم البرنامج بصوت المذيعة الشجي النقي رولا النجمي. وهو من إعداد الأديب محمد المشايخ. ويتناول التعريف بالأدباء الذين رحلوا عن عالمنا من أعضاء الرابطة من الأردن والبلدان العربية الأخرى حتى نهاية العام الماضي 2022م.

ظهر، من خلال الاستماع إلى الحلقات المذاعة من البرنامج، أنه يعرفنا بحياة الأديب: ولادته، وتعليمه، والوظائف التي تبوأها، وأهم الأعمال التي نهض بها، والمؤلفات التي أصدرها أو تركها بعد رحيله.

من المعروف أن الأديب المشايخ هو أقدر من يقوم بهذا البرنامج وأمثاله؛ لأنه تعرف إلى معظم الأدباء الراحلين من أعضاء رابطة الكتاب الأردنيين، فقد رافق الرابطة التي أنشئت عام 1974م ثمانية وعشرين عامًا، إذ كان مديرها التنفيذي حتى العام 2006م، كما أنه كان عضوًا في هيئاتها الإدارية في فترات مختلفة، وتحمل عبء توثيق الحياة الثقافية بإعداده الببليوغرافيات عن الشعراء والروائيين والقاصين في الأردن وفلسطين. من هذه الأعمال: "الأدب والأدباء والكتّاب المعاصرون في الأردن" 1989،"المبدعون الأردنيون والفلسطينيون المكرمون بمنحهم وسام القدس للثقافة والآداب والفنون لعام 1991" ، "دليل الكاتب الأردني" 1994"كتاب من الأردن"، 1994، "معجم أديبات الأردن وكاتباته" 2012م، " معجم شعراء الأردن" 2017م، "معجم القاصيين والروائيين الأردنيين" 2019م.

لا شك أن المبادرة من رابطة الكتاب الأردنيين باسترجاع حياة الراحلين من أعضائها تُظهر وفاءها الخالص لأعضائها الراحلين، واعتزازها بأعمالهم التي أثروا بها الحياة الثقافية على الساحتين المحلية والعربية، وتشير إلى أن أعضاءها وإن رحلوا فهم خالدون بما أبدعوه من أدب وفن، وأنهم يستحقون التذكر والتكريم من أجل ذلك.

لكن بعد هذا الثناء على الأطراف الثلاثة التي كان لها الفضل في هذا البرنامج: الرابطة، والمشايخ، والإذاعة يجدر بنا أن نكمل رأينا في هذه الأطراف بما يتصل بهذا البرنامج المهم.

فإذا كانت الرابطة قد اهتمت بالراحلين من أعضائها فيحسن أن تهتم بأعضائها الأحياء أيضًا من حيث تسويق إنتاجهم، والاهتمام بشؤونهم المعيشية، والتعريف بهم، دون الانتظار إلى ما بعد موتهم، بإعداد البرامج وإظهارها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، خاصة تلك التي وفرتها التكنولوجيا المعاصرة.

أما عن زميلنا المجد المشايخ فإن المادة التي يقدمها عن الأديب في كل حلقة ينقصها خاصة إذا كان الراحل شاعرًا أو قاصًا أو كاتب مقالات وخواطر نصًا من النصوص التي أبدعها الأديب، وأهم آراء النقاد في أدبه. بذلك تكون الحلقة أكثر جمالًا وتشويقًا كما أرى. كما أن هذا العمل شأن أي جهد ببليوغرافي يحتاج إلى تحديث. فالموت ينشغل بنا نحن الأدباء بفاعلية قوية عبر الزمن؛ فلا بد من إعداد ملحق بقائمة الراحلين اللاحقين وإذاعته بين فترة وأخرى، وتحديث المعلومات التي قدمت عن الراحلين السابقين.

أما عن إذاعتنا الحبيبة، فهي وقد أحسنت في تقديم هذا البرنامج الذي يعكس اهتمامها وتقديرها للأدباء، فنتمنى ألا تقف عند تقديمه وحده، بل تقديم برامج أخرى عن أدبائنا سواء أكانوا راحلين أم أحياء، وأن تزيد من البرامج الأدبية الجادة، وترافقها ببرامج في النقد الأدبي والفكري؛ ليكون لها الدور المهم في إثراء الحياة الثقافية من ناحية، وتكون في طليعة وسائل الإعلام التي تهتم بالأدب والأدباء والنقاد من ناحية أخرى.

في النهاية ما نريد أن نقوله إن برنامج "راحلون" الذي تقدمه رابطة الكتاب الأردنيين بالتعاون مع إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية موفق في إعداده وتقديمه، وتستحق الأطراف التي أوجدته الثناء والتقدير. ولكن ما يطمح إليه الأدباء الأردنيون يتفوق على ذلك، يطمحون بأن تهتم بهم مؤسسات الدولة، وهم على قيد الحياة ليس في توثيق حياتهم ونتاجهم فحسب، بل أيضًا في تسويق هذا النتاج وتقديره، وتوفير الحياة الكريمة لهم؛ فلا قيمة لمجتمع لا يقدر أدباءه ومفكريه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى