عثمان تلاف - مرايا وشحوب

هل أنا أنا ؟
أسألُ نفسي متأملا في المرآة.

كلما حدقت في المرآة أتوقع أن تغييراً ما قد طرأ فيّ.

كنت أعزو هذا الشعور إلى قلة ما أقف وانظر إلى نفسي في المرآءة.
ما إن أقف أمام المرآءة إلا وتنهال علي الأسئلة وكأن المرآءة تفتح نافذة تطل منها سؤالات وعذابات الروح.

هل هذا أنا ؟
أما أنا غيري ؟
كيف أقنع نفسي أن هذا الذي يحدق فيّ خلف المرايا أنه أنا؟

ماذا لو كان جنيّاً!؟
أمي تقول أن النظر إلى المرايا في الليل تبعث الجن من بوابة خلف المرآءة.

على أني أفكر طويلاً هل هذا التغيير الذي أجده كل مرة في وجهي يتبعه تغيير في ذاتي وروحي؟

أتأمل هذا الوجه فلا أرى إلا الشحوب وكل مرة أنظر في المرآءة أجدني إزددت شحوباً، أخشى أن أقف يوماً وأُحدّق إلى المرآءة فلا أجد نفسي.
أتساءل ما إذا كان أصدقائي يرون هذا الشحوب الذي يأكل روحي ويُطفئ جذوة الأنا في داخلي فتنزوي.

حينما أنظر إلى ذاتي في المرآءة لا أشعر بالفخر أو الغرور كما يفعل البلهاء الذي يستعرضون صورهم ليل نهار على أنها ذاتُ الحقيقة وكنهها وما على الحائرين إلا قصدها لتنحل عنهم الألغاز وتنفرج عنهم الهموم، وأن صورهم فقط تتحدث ببلاغة وتنثر الأشعار وانها محور الكون...
إني لأجد ذلك الحزن ينثال من روحي التي أنهكتها وجودها.

في بعض الأحيان يتلبسني أناي الذي في المرايا فاتشظى كصوفي تلبسته حال الشطح والفناء، فاتشظى مراياً وأفنى في مرايا فلا أجدُني ولا أجده.

عثرتُ على هذه المقالة في مفكرتي لا أدري أنا كتبتها أم الذي في المرآءة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى