المحامي علي ابوحبله - إسرائيل تعيش صراع قبلي تداعياته " انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي وتمرد في الجيش"

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء يوم الأحد، إقالة وزير الأمن يوآف غالانت، على اثر دعوته إلى تجميد خطة التعديلات القضائية ، وجاء قرار نتنياهو، الذي أعلن عنه مكتبه في بيان، في أعقاب الضغوط التي مارسها غالانت خلال الأيام الماضية، لإقناع نتنياهو بتعليق التشريعات الرامية لإضعاف الجهاز القضائي، في محاولة للتوصل إلى تسوية مع المعارضة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو استدعى غالانت إلى مكتبه وأبلغه أنه "فقد ثقته فيه"، بعد تعبير غالانت عن معارضته لخطة نتنياهو المثيرة للجدل للتعديلات القضائية، أمس السبت، تزامنا مع زيارة نتنياهو إلى لندن.

وكان غالانت قد دعا، السبت، إلى تجميد خطة التعديلات القضائية في خطوة لقيت استحسان المعارضة، التي أشاد زعيمها يئير لبيد بغالانت، معتبرا موقفه "خطوة شجاعة ومهمة لأمن دولة إسرائيل" ويعد غالانت أول سياسي بارز من حزب الليكود يعارض التشريع المثير للجدل علانية.

وفي مؤتمر صحافي بثته هيئة البث الإسرائيلي (رسمية)، قال غالانت أمس السبت: "أقولها بصوت عالٍ وعلانية لأبنائنا وبناتنا، يجب تجميد خطة الإصلاحات القضائية" وحذر من أن "الانقسام في المجتمع يتغلغل في الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا خطر مباشر وملموس على أمن الدولة"

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فقد انضم إلى دعوة غالانت بعد دقائق من بيانه، نائبان آخران من حزب الليكود، يولي إدلشتين، الذي يرأس لجنة الكنيست للأمن والشؤون الخارجية، وديفيد بيتان، وهو ناقد نادر لنتنياهو في حزب الليكود اليوم ، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الزراعة آفي ديختر، عضو آخر في الليكود، قال لنتنياهو بشكل خاص إنه يؤيد تجميد التشريع.

لكن دعوة غالانت أثارت حفيظة اليمين المتطرف، فدعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير رئيس الوزراء نتنياهو إلى إقالة غالانت، الذي "دخل وزارة الدفاع بأصوات اليمين لكنه خضع لضغوط هؤلاء (عناصر مؤسسة الدفاع)، الذين يهددون برفض (القيام بواجبهم) في محاولة لوقف الإصلاح المهم"، بحسب تعبير بن غفير.

وبحسب "هآرتس"، طالب وزير الاتصالات (من الليكود) شلومو كرهي ناخبي حزبه بالعفو بعد خطاب غالانت، متهما وزير الدفاع بـ"الاستسلام تحت ضغط اليسار". وقال عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس الائتلاف أوفير كاتس، في أعقاب الخطاب، إن "أي شخص لا يصوت لصالح الإصلاح هذا الأسبوع قد أنهى حياته السياسية في الليكود".

لم يتأخر الرد الإسرائيلي على اقالة يوءاف غالانت حتى عمت التظاهرات كافة أنحاء فلسطين المحتلة " إسرائيل " "أكثر من 600 ألف يتظاهرون من كريات شمونة شمالاً إلى إيلات جنوباً"، ضد حكومة بنيامين نتنياهو.

واحتشد الآلاف مقابل منزل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة بعد إقالة وزير الأمن يوآف غالانت ، وذكر الإعلام الإسرائيلي أن مركبة إسرائيلية حاولت دهس مجموعة من المتظاهرين في شوارع "تل أبيب". وبالتزامن، أفادت وسائل اعلام بأن هناك محاولة دهس لمتظاهرين في عكا المحتلة ، وأضافت وسائل الإعلام ذاتها أن المتظاهرين أمام الكنيست أطلقوا هتافات تدعو إلى إسقاط حكومة نتنياهو.

وقال مسئولون سابقون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تعليقاً على إقالة غالانت إن "خطوة كبيرة على طريق تفكيك الجيش"، مشيرين إلى أن "إسرائيل تنزف"، فيما قال افي بنياهو وهو ناطق سابق باسم الجيش الإسرائيلي إن "هذه هي أحلك أمسية في تاريخ إسرائيل"

إسرائيل وفق كل المؤشرات تعيش الصراع القبلي وهو المكون الرئيس للمجتمع الإسرائيلي غير المتجانس ، وتكشفت حقيقة الصراع بين العلمانيين الليبراليين والمتدينين المتزمتين بالتشكيل الحكومي وسيطرة المتدينين على العديد من مفاصل الحكم في إسرائيل وكشفتها حقيقة السياسات الداخلية

نتنياهو يتولى رئاسة الحكومة للمرة الخامسة ويحاول أن يمسك بقبضه ديكتاتوريه وإحداث التغييرات القضائية في مسعى يقوده إلى تبرئة نفسه من التهم المسندة إليه ويستغل اليمين الأصولي ويسعى إلى تقليص دور السلطة القضائية في إسرائيل، وتقوّيض كل القيود الفعلية والمؤثرة على سلطة الحكومة من خلال نزع الشرعية عن القضاء

خطة تعديل القضاء تصطدم بمعارضه داخليه وتحفظ أمريكي وغربي وهناك خشية من تداعياتها ، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ وحدة الأمن 730 أخرجت عائلة نتنياهو إلى مقر الشاباك في القدس المحتلة والمتظاهرون اقتحموا الحواجز حول منزله.

وأوضحت أيضاً أنّ "أمن إسرائيل أصبح في خطر واضح وفوري وعلى كل قادة المنظومة الأمنية قول ذلك بصوت عالٍ"، مضيفةً أنّ "فوضى عارمة قرب منزل نتنياهو والأوضاع على ما يبدو خرجت عن السيطرة" وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الشباك تلقى اليوم واحدة من أكبر إخفاقاته الأمنية في تاريخه في شارع غزة في القدس المحتلة، (مقر إقامة نتنياهو).

وأمام تداعيات المشهد الدرامي كتب نتنياهو، عبر حسابه على "توتير": "يجب علينا جميعاً الوقوف بقوة ضد العصيان ، وتجمع كل وسائل الإعلام والمحللين والمتابعين للشأن الإسرائيلي أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر الآن في أضعف أحواله وهناك توجه لتعليق الإجراءات القضائية لامتصاص الغضب، قائلاً: " نحن أمام تحول كبير يدل على عمق الأزمة الإسرائيلية من تشرذم مجتمعي وعدم انسجام".ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رئيس "نقابة العمال" الإسرائيلي، قوله إنه "سيعقد مؤتمراً صحفياً الإثنين لإعلان دراماتيكي"، مشيرةً إلى أنه "قد يكون الإضراب الشامل وشل الاقتصاد" هذا وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن "السلطات المحلية تدرس الانضمام إلى نقابة العمال"، واصفةً ما يحصل بـ"الجنون".

ووفق كل التحليلات تؤكد وتدلل أن ما يواجهه الكيان الإسرائيلي في هذه اللحظة التاريخية هو أزمة وجودية حقيقية قد حذرت منها مجموعة من مراكز الأبحاث الإستراتيجية وأجهزة الأمن الإسرائيلي، فحجم هذه الدولة حتى وإن كانت إمكاناتها العسكرية والتكنولوجية كبيرة جدا فإنها غير قادرة ثقافياً وحضارياً على الصمود في وجه هذه التقلبات والاصطفاف العرقي والديني المتنامية في المجتمع الإسرائيلي ، وهذا تحديداً ما سيهدد وجودها وإمكانية استمرارها على المدى البعيد، فقد كان مخطط الآباء الأوائل لها أن يحصل الاندماج والانصهار السريع، وأن تتم إزالة كل الفوارق النفسية والثقافية بين فئات المجتمع، وهذا ما لم يحصل، بل على العكس تماماً فهو يزداد اتساعاً وتجذراً مع مرور الوقت وباتت انعكاساته وارتداه واضحة للعيان وهذا ما تخشاه أمريكا والغرب من فقدان الكيان الإسرائيلي لوجوده وأهميته بفعل الصراع الوجودي والقبلي الذي تعيشه إسرائيل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى