مسرحية في عشرة مشاهد
الشخصيات
١- الزوج
٢- الزوجة
٣- روبوت
المشهد الأول
(صالة منزل مظلمة بسبب انقطاع الكهرباء، صوت الزوج والزوجة يُسمع)
الزوجة: لا تكن قاسياً، كن رؤوفاً به، إنك تؤلمني!
الزوج: والله احترت بك يا امرأة، أين تريدينني أن اضعه، كل مكان اختاره لك لا يناسبك..
الزوجة: أنت تضعه في المكان الخطأ..
الزوج: قلت لك، لننتظر الكهرباء فلماذا الاستعجال..
الزوجة: أريد أن أستثمر الوقت، الكهرباء كعادتها لا موعد لمجيئها، هيا تحرك، أريد أن ننتهي قبل عودتها..
الزوج: حسناً، أعتقد أن هذا المكان يلائمك، ها، ما رأيك..؟
الزوجة: ادفعه قليلاً، أريد أن يكون في المكان المناسب.. احتاج الى أن تدفعه ولكن برفق..
الزوج: حسناً، سأدفعه، ها.. أكيد هذا أفضل..
الزوجة: أفضل، لكن حركه قليلاً لا تتوقف، اشعر باهتزازه..
الزوج: سأدفعه الى أمام اكثر، كوني مستعدة..
الزوجة: (تتألم) آخ.. آخ.. آخ..
الزوج: ما بك..؟
الزوجة: أنت تؤلمني..
الزوج: حذرتك قبل أن أدفعه..
الزوجة: ثقيل جداً..
الزوج: أنا على يقين أنه سيريحك..
الزوجة: لكنك دفعته بقوة.. قلت لك لا تكن قاسياً، مثل هكذا امور لا يمكن استخدام القوة فيها.. سينكسر..
الزوج: اطمئني، النوع الجيد لا ينكسر بسهولة..
(تعود الكهرباء، يضاء المكان، الزوج والزوجة يمسكان بالروبوت الذي تلمظ الأنوار بداخله)
الزوج: هل رأيتِ، أنا أعرف المكان في هذا المنزل شبرا شبراً.. وها قد وضعته في المكان الصحيح..
الزوجة: كنت اريده قريباً من مصدر الكهرباء..
الزوج: هذا الروبوت لا يحتاج الى كهرباء، بداخله بطارية تكفي.. والآن ما عليك الا برمجته ليكون ملائماً لطلباتك..
الزوجة: انشغالاتك الكثيرة جعلتني أطلب هذا الروبوت..
الزوج: برمجيه كما تشائين، هنا زر الغسيل، وهذا زر المسح والتنظيف، وهذا لفتح الباب، اما هذا الزر الصغير فهو لفتح الباب والذي بجانبه للتعامل مع الآخرين..
الزوجة: (تأخذ دفتراً صغيراً كان موضوعاً جنب الروبوت) لا عليك، ساستخدم كتاب التعليمات..
الزوج: (يشير الى احد الأزرار) نسيت أن اخبرك ان هذا الزر هو لتشغيل الروبوت، لاحظي (يضغط على الزر ويشتغل الروبوت)..
الروبوت: مرحباً بك عزيزي المستخدم في عالم التقنيات الحديثة، الآن بإمكانك التعديل على الخصائص بحسب استخدامك للجهاز، لاستخدام الخصائص الأولية اضغط على الرقم واحد، ولاستخدام خصائص أخرى اضغط على الرقم اثنين، وإذا رغبت في الحصول على مزيد من التعليمات والمعلومات اتصل بخدمة الزبائن صفر اثنين اربعة (يجمد)
الزوجة: (تنظر الى الزوج بذهول) يبدو أنه مستعمل من قبل..
الزوج: لم يستعمله أحد من قبل، ما سمعتيه هو رسالة ترحيب يمكن ان تجدينها في كل جهاز..
الزوجة: قبل كل شيء، أريد أن أضع له اسماً..
الزوج: (يشير الى أحد الأزرار) من هذا الزر يمكنك إعادة تسميته.. ما الإسم الذي تختارينه له؟
الزوجة: (تفكر) نسميه مسعف.. فهو الذي سيسعفني في كل طلباتي..
الزوج: (مع نفسه) وهو الذي سيسعفني ويخلصني من طلباتك..
الزوجة: (مستغربة) ماذا قلت؟
الزوج: (متلعثماً) ها.. لم اقل شيئاً..
الروبوت: (يحرك رأسه باتجاه الزوجة) خاصيّة التسجيل مفعّلة.. قال سيسعفني ويخلصني من كل طلباتك..
الزوج: (ينظر له بذهول)
الزوجة: (الى الزوج) هل هذا ما بسبست به حقّاً...؟
الزوج: (صائحاً) كذّاب.. هذا الروبوت كذّاب..
الزوجة: الأجهزة الإلكترونية لا تكذب..
الروبوت: الأجهزة الإلكترونية لا تكذب، أنا ناقل لما قلته بحذافيره!
الزوج: (يتوعده) بحذافيره ها.. بحذافيره!
الزوجة: (معاتبة) ما الذي طلبته منك لكي تتضايق من طلباتي، هل تريدني أن أذهب الى النجار لاصلاح الباب، أو أخرج لبائعي الخضار، أو أدفع إيجار المنزل للمرابي صاحب الكرش والعين النجسة!
الزوج: (الى الروبوت) كل هذا بسببك.. عليك الآن بحل المشكلة التي أوقعتني فيها..
الروبوت: أنا أنقل ما يقال ولا علاقة لي بما يحدث بعد ذلك..
الزوج: قصدك تورطني ها.. روبوت فتّان، ألا تعرف أن الفتنة أشد من القتل.. (مع نفسه) الحمد لله نقل ما هو أهون..
الروبوت: (يتنصت عليه)
الزوج: (يلتفت نحوه، يخزره مؤنباً)
الروبوت: (يعود الى وضعه الطبيعي).
• اظلام-
المشهد الثاني
(ذات الصالة في المنزل، الروبوت ممسكاً بمكنسة وهو ينظف المكان.. يدخل الزوج ويمشي بحذر)
الزوج: (بصوت واطئ) أنت.. أنت..
الروبوت: (لم ينتبه له)
الزوج: أيها الروبوت..
الروبوت: (لم يأبه به)
الزوج: (يقترب منه ويلكزه بقوة) ألم تسمعني..
الروبوت: (دون اهتمام) سمعتك، لكنك لم تناديني بإسمي..
الزوج: ألست روبوتاً.. من هنا غيرك روبوت..
الروبوت: أنا لي اسم، عليك مناداتي باسمي..
الزوج: ها… نسيت!
الروبوت: عليك أن لا تنسى في المرة المقبلة وأنت تناديني وإلا…..
الزوج: وإلاّ ماذا؟
الروبوت: سيتوقف الدعم الخاص بك.. هذه هي شروطي..
الزوج: لم أعرف أن هناك شروطاً للتعامل معك..
الروبوت: الآن عرفت.. ثم أن كل شيء مكتوب في دفتر التعليمات وأنت لم تقرأ حرفاً منه..
الزوج: اذن عليّ أن أقرأه كلّه..
الروبوت: (مؤكداً) ولا تترك حرفاً.. من الغلاف الى الغلاف..
الزوج: اتركنا من هذا الآن، جئتك لكي اتفق معك..
الروبوت: لا اتفاقات جانبية.. أحب العمل على المكشوف..
الزوج: هو اتفاق بسيط ولا يؤثر على عملك..
الروبوت: حسناً.. إذا كان الاتفاق معقولاً فلا بأس..
الزوج: اتفاق بسيط جداً..
الروبوت: عرفت هذا.. وماذا بعد..
الزوج: اتفاقي….
الروبوت: (مقاطعاً) عرفت.. عرفت.. بسيط جداً.. وماذا بعد..
الزوج: دعني أكمل، الاتفاق من نقطتين بسيطتين..
الروبوت: حسناً ما هي النقطة الأولى..؟
الزوج: الأولى هي أن تحافظ على اسراري، بمعنى إن سمعتني وأنا أتحدث بالهاتف فلا تحشر نفسك معي وابق صامتاً وان لا تردد فيما بعد ما قلته خاصة أمام زوجتي..
الروبوت: أنت تخاف منها..
الزوج: بل قل احترمها..
الروبوت: طلبك هذا لا يعني احتراماً.. إنما خوفاً..
الزوج: المهم أن تحتفظ به لنفسك..
الروبوت: (مقتنعاً) حسناً، هذا مقدور عليه!
الزوج: (يطبطب عليه) روبوت طيّب..
الروبوت: (يرفع يده عنه) قلت لك أن لي إسماً..
الزوج: العتب على الذاكرة..
الروبوت: أنت تحتاج الى ذاكرة أوسع.. كم غيغا ذاكرتك..
الزوج: (ضاحكاً) أنا لست مثلك، نحن البشر ذاكرتنا مفتوحة ولا حدود لها..
الروبوت: اذن تحتاج الى Update لتنشيطها..
الزوج: لا أحتاج إلا وقوفك معي..
الروبوت: وأنا حاضر، في خدمتك.. خلّصني الآن، ما هي النقطة الثانية؟
الزوج: النقطة الثانية هي أن تخبرني بكل ما تفكّر به زوجتي وتطلبه منك..
الروبوت: (باستغراب) أتريدني أن أتجسس عليها..
الزوج: (بتودد) أن تنقل لي عنها ما يخصّني فقط..
الروبوت: فقط… ها…
الزوج: فقط!
الروبوت: (غاضباً) أنا إنسان آلي ولست جاسوساً..
الزوج: حاشاك أن تكون جاسوساً، بل قل أنت مرطب للاجواء..
الروبوت: (يكرر) مرطب للأجواء.. (بخبث وهو يهزّ رأسه) ها.. فهمت!
• اظلام-
المشهد الثالث
(في غرفة الزوجة، يدخل الروبوت)
الزوجة: أين كنت يا مسعف؟
الروبوت: (مع نفسه) يبدو أن ذاكرتها نشيطة..
الزوجة: ما الذي تفعله في الخارج..
الروبوت: كنت أقصّ بعض الأعشاب من الحديقة..
الزوجة: هذا ليس عملك، واجبك داخل المنزل وليس خارجه.. تنظيم الحديقة ليس من اختصاصك بل هو من اختصاص زوجي.
الروبوت: هو طلب مني أن أقوم بذلك..
الزوجة: يريد أن يتهرب من واجباته.. (تقترب منه) اسمع يا مسعف، إيّاك أن تنفّذ له أي أمر يصدر منه، كل أوامرك تأخذها مني، أعرف أنه احياناً يحرجك ويستغل طيبتك، لكنك تستطيع أن تأتيني وتخبرني بكل شيء..
الروبوت: هذه النقطة الأولى….
الزوجة: (مستغربة) أي نقطة...؟
الروبوت: نقطة اتفاقك معي..
الزوجة: جيد، ما دمت فهمتني عليك منذ الآن أن تخبرني بكل ما يطلبه منك أولا بأول..
الروبوت: (يكرر) أولاً بأول..
الزوجة: هل فهمت...؟
الروبوت: (بخبث) هذا يعني أنك تريدينني أن أتجسس عليه، وأنقل كل ما يصدر عنه..
الزوجة: (تربت على كتفه) مسعف طيّب ويفهم الكلام..
الروبوت: هذا مقدور عليه..
الزوجة: هل هناك ما يمكن أن تخبرني به..؟
الروبوت: لا أحد يخلو من الأسرار..
الزوجة:اخبرني، ما اسراره، ما الذي يخفيه عني، ان أخبرتني ستكون مكافأتك كبيرة..
الروبوت: هذه رشوة وأنا لا أحتاجها..
الزوجة: ليست رشوة، انها تعبير عن امتناني لك..
الروبوت: (بهمس) ابتسامتك في وجهي تكفيني..
الزوجة: (بتعجب) صرت تتكلم وكأنك هو…
الروبوت: تقرّبي مني أكثر لأشعر بك…
الزوجة: يا الله، ما هذا الذي اسمعه..
الروبوت: جزء من تسجيل الليلة الماضية..
الزوجة: هل سمعتنا..
الروبوت: كنت قريباً من السرير..
الزوجة: (مع نفسها) كان خطأي، كيف وضعته بالقرب من السرير، يبدو أنه سجّل كل شيء (تقترب منه وبغنج) سعفوني العزيز، هل سجّلت ما دار بيننا البارحة..
الروبوت: كل شيء موجود في الذاكرة..
الزوجة: كيف احذف ما سجلته من ذاكرتك..
الروبوت: كل شيء مذكور في دفتر التعليمات..
الزوجة: دفتر التعليمات.. نعم، أعتقد قرأت فصل الحذف لكن أين وضعت الدفتر (تبحث هنا وهناك) لا أتذكر اين وضعته (تعود الى الروبوت) هل تعرف اين وضعت دفتر التعليمات..
الروبوت: كان معك في الفراش..
الزوجة: لم يكن معي في الفراش..
الروبوت: أقصد أن زوجك كان معك في الفراش..
الزوجة: أنا أسألك عن دفتر التعليمات..
الروبوت: حين أطفأتما الضوء لم أرَ شيئاً فاكتفيت بتسجيل الصوت فقط..
الزوجة: (مع نفسها) ما هذا البلاء.. ستكون فضيحتنا على كل لسان..
الروبوت: هل ترغبين في الاستماع لما سجلته ليلة البارحة..
الزوجة: (غاضبة) لا اريد أن اسمع شيئاً، احذف كل ما سجلته..
-اظلام-
المشهد الرابع
(صالة المنزل، الروبوت جالساً وهو يقرأ صحيفة بينما الزوج والزوجة واقفان خلفه ليخدمانه)
الروبوت: أحتاج لجرعة من الشحن، يكاد شحن بطاريتي أن يفرغ..
الزوجة: تأمر يا عزيزي.. سأجلب سلك الكهرباء..
الزوج: أنا من سيقوم بشحنه، اتركيه لي..
الروبوت: (صائحاً به) ليس أنت، بل هي..
الزوج: (يعود الى مكانه) حسناً.. حسناً..
الروبوت: (بخبث) رجل مطيع..
الزوجة: (تضع السلك في مصدر الكهرباء ومن ثم بالروبوت)
الروبوت: (بارتياح) جميل جدا.. هذا يشعرني بالارتياح.. وما يريحني أكثر هو أن تبقيا مطيعين ومنفذين لكل ما أطلبه منكما..
الزوجة: نحن في خدمتك عزيزي، ومن لنا غيرك..
الزوج: كل ما عليك فعله هو أن تؤشر بإصبعك وستجدنا في خدمتك..
الروبوت: (يرمي الصحيفة جانباً) هذه الأخبار تفسد عليّ يومي.. لا أريد أن تجلب لي هذه الصحيفة فكل ما ينشرونه مجرد أكاذيب، وأخبار طاردة للسعادة..
الزوج: هل تريدني ان افتح لك التلفاز فهناك برنامج ترفيهي سيبث بعد قليل..
الروبوت: لا أحب التفاهات.. (ينهض من مكانه) حان وقت قيلولتي (يتحرك نحو الغرفة بينما الزوجان يتبعانه.. يلتفت نحوهما) انتما، ابقيا هنا ولا تتحركا.. (الى الزوجة) وأنتِ أيقظيني بعد ساعة..
الزوجة: (تهز رأسها موافقة)
الروبوت: (الى الزوج) وأنتَ، اخفض من صوتك، لا اريد أي إزعاج..
الزوج: (يهز رأسه موافقاً)
الروبوت: (يدخل الى الغرفة)
الزوجة: (بعد صمت تقترب من الزوج موبخة) هذا كله من رأسك.. تصرفك جعله يتمكّن منّا..
الروبوت: (يمد رأسه من باب الغرفة) سمعتكما، قلت لكما لا تتحدثا بغيابي..
الزوجة والزوج: (يهزان رأسيهما موافقين)
الروبوت: زوجان مطيعان.. (يعود الى الغرفة)
الزوج: (يقترب من الزوجة أكثر ويهمس) جئت به ليكون عوناً لنا فتفرعن علينا!
الزوجة: (بهمس) اخفض من صوتك، أنه يسمعك، علينا أن نجد الكاميرات وأجهزة التنصت التي زرعها في المنزل..
الزوج: أزيحي عنك هذه الأوهام، لا يمكنه أن يفعل ذلك..
الزوجة: إن لم يكن قد زرع الكاميرات فكيف استطاع أن يسجّل كل أحاديثنا، وخلواتنا بالصوت والصورة، تلك التسجيلات التي جعلته أن يسيطر علينا ويجعلنا خدّاماً له..
الزوج: هذا ما يشغلني، كيف استطاع أن يقوم بكل ذلك..
الزوجة: علينا أن نتخلّص منه..
الزوج: (يضع يده على فمها) أص… ما الذي تقولينه.. هل جننتِ..؟
الزوجة: هل لديك حل آخر..؟
الزوج: لا استطيع التفكير الآن، لننتظر يوماً أو يومين ومن ثم نتصرّف..
الزوجة: لو انتظرنا يومين آخرين سيلقي بنا في الشارع..
الزوج: لا أعرف كيف استطاع التأثير عليّ، حين يكون حاضراً أفقد كل حواسي وقواي وأصبح اسيراً له..
الزوجة: هل قرأت دفتر التعليمات..؟
الزوج: لا، لم اقرأه.. ألم تقولي لي بأنك قرأتيه من قبل؟
الزوجة: قرأته، لكن هناك فصلاً فيه لم أفهمه..
الزوج: (يفكر) ربما نجد الحل فيه، علينا أن نقرأه جيداً.. هاتيه لي.
الزوجة: الدفتر معه، أخذه مني بعدما سألته عن مضمون الفصل الأخير الذي لم أفهمه..
الزوج: (لحظة صمت مفكراً) ربما هو الحل الذي نبحث عنه ويخلصنا منه..
-اظلام-
المشهد الخامس
(الروبوت جالساً في الصالة، يستمع الى الزوج والزوجة وهما يتحدثان خارج الصالة)
الزوج: تلك كانت فكرتك في أن أجلب لك إنساناً آلياً وها هو ذا في منزلي، يتحكم فينا، ويحرّكنا كيفما يشاء ونحن له طائعين، ما الذي استفدناه منه..؟
الزوجة: لم أطلب منك إنساناً آلياً، كل ما طلبته منك هو ان تضع حدّاً لانشغالاتك الكثيرة وتفرّغ نفسك لي ولبيتك.
الزوج: سواء كان هذا السبب أو ذاك، الفأس وقع في الرأس وسلّمنا أمرنا الى ذاك السكراب الخالي من المشاعر..
الزوجة: بين ليلة وضحاها صرنا خدماً له، لا إرادة لنا، لا أعرف ما الذي سنصبح فيه بعد ذلك.
الزوج: لا بد من مواجهته..
الزوجة: قلتها لك أكثر من مرة لكنك حين تكون أمامه تبلع لسانك..
الزوج: لم تكن باليد حيلة، كل حواسي تتوقف أمامه، وارادتي تصبح أسيرة بيده..
الروبوت: (وهو يستمع لهما يضغط على أحد الأزرار، يقف وهو يحدّث نفسه) ترغبان في المواجهة، لكما ذلك (بتحدٍ) كونا بقدر التحدي..
الزوجة: (تدخل، تنظر الى الروبوت) أنت هنا يا عزيزي مسعف، ظننتك ما زلت نائماً..
الروبوت: أنا صاحٍ منذ الفجر..
الزوجة: هل تحتاج الى أي خدمة..
الروبوت: لا أحتاج الا أن يكفّ زوجك الغبي عن وصفي بالسكراب..
الزوجة: زوجي لا يجروء في أن يصفك بذلك..
الروبوت: هل ترغبين في الاستماع للتسجيل؟
الزوجة: (مع نفسها) ياه، لقد سجّل كل حديثنا.. (تقترب منه أكثر مبررة) هو لا يقصد ما قاله، كل ما في الأمر….
الروبوت: (مقاطعاً) أن يتخلّص مني، أليس كذلك؟
الزوجة: (تمسح على كتفه) أنت صرت واحداً منا لا يمكننا أن نستغني عنك.
الروبوت: اثبتي لي ذلك.
الزوجة: كيف؟
الروبوت: اطرديه من المنزل..
الزوجة: كيف؟
الروبوت: بالطريقة التي ترينها مناسبة..
الزوجة: كيف؟
الروبوت: أنت تسألين كثيراً..
الزوجة: كيف تريدني أن أطرد زوجي من منزله؟ ما الذي ستقوله الناس عني؟
الروبوت: ستكونين طعماً لذيذاً رائجاً على ألسن الناس..
الزوجة: نعم، ستأكلني الناس بألسنها..
الروبوت: (بخبث) وتأكلك أيضاً لو شاهدوا التسجيلات في الشبكة العنكبوتية..
الزوجة: (بذهول) العنكبوتية..
الروبوت: (مستدركاً) أقصد الانترنت.
الزوجة: (تبتعد عنه) هل هذا تهديد؟
الروبوت: اعتبريه تحذر أولي.
الزوجة: أنت تطلب مني المستحيل..
الروبوت: لا خيار لك اما هذا أو ذاك (ينهض ويمشي باتجاه الخارج، يلتفت نحوها) فكّري جيداً لأن الحياة جميلة! (يخرج وهو يكرر جملته متغنياً) الحياة جميلة .. الحياة جميلة..
الزوجة: (تنظر له بخوف)
-اظلام-
المشهد السادس
(حديقة المنزل، الزوج جالساً على اريكة وهو يدخّن، يدخل الروبوت)
الروبوت: ما أجملها..
الزوج: (ينتبه لها) نعم، الوردة التي زرعتها جميلة جداً..
الروبوت: أقصد الحياة (مؤكداً) الحياة جميلة! (يمسك السيجارة بيده ويلقيها على الأرض)
الزوج: (ينهض) جميلة بوجودك طبعاً، نحن نشكّل ثلاثياً رائعاً..
الروبوت: لا أحب الأرقام الفردية..
الزوج: ماذا تقصد؟ لم أفهمك..
الروبوت: صار فهمك بطيئاً، فكّر قليلاً..
الزوج: لا حاجة لي للفهم والتفكير ما دمت معي..
الروبوت: حسناً، ولأني أفكر بالنيابة عنك سأقوم بما عليّ فعله من قبل..
الزوج: (ينظر له مستغرباً)
الروبوت: (يقترب منه ويجلسه على الاريكة ويجلس جنبه) عليك أن تحدد موقفك..
الزوج: أي موقف تقصد؟ ها نحن نخدمك بكل طاقتنا، نوفر لك كل أسباب الراحة ولا أعتقد أن هناك ما ينقصك..
الروبوت: لا يهمني ما تقدمونه لي خوفاً او خجلاً..
الزوج: ليس خوفاً أو خجلاً يا عزيزي، نحن نحترمك، ونحبّك..
الروبوت: اثبت لي احترامك وحبّك لي..
الزوج: كيف؟
الروبوت: طلّقها..
الزوج: من؟
الروبوت: زوجتك.
الزوج: كيف؟
الروبوت: مثلما يطلّق الأزواج زوجاتهم!
الزوج: (يضحك غير مصدق)
الروبوت: ما الذي يضخكك؟
الزوج: (ما زال يضحك)
الروبوت: (باستغراب) ما الذي يضحكك؟
الزوج: (ما زال يضحك غير مصدق) أنت تريد أن تجرّبني، ها.. تريد أن تعرف مقدار حبّي لها، قل لي، هل أرسلتك هي لتقول لي هذا؟
الروبوت: (مصرّاً) طلّقها يا رجل!
الزوج: (يتوقف عن الضحك) لا أحب أن أراك جدّياً، ما الذي فعلته كي أطلّقها، لا بد من سبب لتطليقها..
الروبوت: لأني لا أحب الأرقام الفردية..
الزوج: بسيطة، اذا كان الأمر كذلك فالحل بسيط، اقترح أن أجلب لك زوجة لنصبح أربعة وهذا رقم زوجي.
الروبوت: الروبوتات لا تتزوج!
الزوج: (مفكراً) ها.. صحيح.. نسيت ذلك، إذن لديّ حل آخر، أعدك بأننا خلال هذا العام سننجب طفلاً وبهذا سنصبح أربعة وهذا رقم زوجي أليس كذلك؟
الروبوت: لا أحب الانتظار، أريده الآن..
الزوج: الطفل؟ من أين آتي به..
الروبوت: خير لك من أن تفسد التسجيلات (مؤكداً) بالصوت والصورة حياتك بعدما يراها الملأ..
الزوج: الملأ.. تقصد الناس؟
الروبوت: (مؤكداً) وعبر الانترنت.. (ينهض ويهم بالمغادرة وهو يردد متغنياً) الحياة جميلة.. الحياة جميلة..
الزوج: (يرمقه بنظرة ذهول، مع نفسه) ما هذه الورطة التي أوقعنا أنفسنا فيها، يا الله، كيف اطلّق زوجتي، وماذا اقول لها..
-اظلام-
المشهد السابع
(في الصالة، الزوجة تجلس حزينة)
الزوجة: وتحبون شيئا وهو شرّ لكم، لو كنت أعرف أن هذا الشيء الذي أدخلناه لمنزلنا بإرادتنا سيغيّر حياتنا بهذه الطريقة، ويفرض علينا مالانرضاه لما رضيت به..(تصمت قليلا مستذكرة) يوم جئنا به وأدخلنا المنزل وجعلناه واحدا منا، كنت أظن أنني سأرتاح بوجوده، لكنه صار فيما بعد مصدر قلق لي، والآن، ما الذي أفعله، هل أنفذ ما طلبه مني وأطرد زوجي، لكن كيف أطرده من منزله، أي امرأة تجروء على طرد زوجها (تنهض من مكانها وهي ما زالت قلقة) عليّ أن أصارحه بالحقيقة، أن أخبره بما طلبه مسعف مني (تصمت قليلا) قلت مسعف! (تضحك بسخرية) أي مسعف ذاك، هو ليس مسعفاً بل شياطين رجيم، شيطان إنسلّ بيننا، تلصص علينا، وسجّل كل أسرارنا وها هو ذا يستخدمها اليوم وسيلة لتنفيذ غرضه..(تفكر قليلا) ما هو غرضه من كل ذلك، من المستفيد (متضايقة) يا الله رأسي يكاد ينفجر، ما هذه الورطة.. لو افترض قمت بطرد زوجي، وهذا ما لايمكن أن يحدث، كيف سأقضي وقتي معه، بالتأكيد سأبقى حبيسة نواياه، وخداعه، وأكون خادمة لشيء لا يحمل أي مشاعر.
-اظلام-
المشهد الثامن
(الزوج مع نفسه يقف حائراً) لولا الحاحها عليّ لما اشتريته، أردته أن يرفع عني بعض هم الطلبات الكثيرة التي لا تنتهي، جلبته لكي يعينني، ويساعدني، لكنه صار ثقلاً عليّ وعلى زوجتي، يا الله، كيف يطلب مني ذلك، المرأة التي تحملتني كل تلك السنين كيف أكافئها بالطلاق، وما الذي سأقوله لأهلها، او للناس، هل أقول لهم أن جهازاً آلياً طلب مني ذلك، ومن سيصدّق.. ولو فرضنا أني طلّقتها هل سأقضي ما بقي من حياتي مع هذا الشيء الآلي...؟ بالتأكيد سيجعلني عبداً له، خادماً له، أنفّذ كل ما يطلبه مني.. أي ورطة أنا فيها، استنجد بمن لكي يعينني ويخلصني من هذه الورطة..
-اظلام-
المشهد التاسع
(الروبوت جالساً في الصالة، ينادي على الزوج والزوجة)
الروبوت: انتما، تعالا هنا حالاً..
(الزوج والزوجة يدخلان وهما ينظران الى الروبوت بحذر وقلق)
الزوجة: (بتملق) عمت مساءً أيها العزيز..
الزوج: (بتملق) نحن طوع أمرك أيها الحبيب..
الروبوت: طلبت منكما أن لا تغيبا عن ناظري، أين كنتما..؟
الزوجة: كنت في المطبخ أعدّ لك بعض الحلوى..
الروبوت: ومن قال لك أنا أحب الحلوى؟
الزوجة: حلوى بمذاق رائع لا أحد لا يحبها..
الروبوت: (بغضب) الا أنا..
الزوج: (يقترب منه) هل يعاني حبيبنا من مرض السكري..؟
الروبوت: (يبعده) أنا لا أمرض.. وأنت (الى الزوج) أين كنت؟
الزوج: كنت في الحديقة، أهيء لعزيزي (يشير إليه) مكاناً جميلاً تقضي فيه وقتك.
الروبوت: لا وقت لدي لأقضيه، ما جئت معك الى هنا لإهدار الوقت.
الزوجة: واضح جداً أيها العزيز..
الروبوت: ما هو الواضح؟
الزوجة: (بتلكوء) واضح اهتمامك بالوقت فالوقت كالسيف وانت تستثمره بالخير طبعاً..
الروبوت: ومن قال لك أني أحب الخير؟
الزوج: الخير سعادة أيها الحبيب..
الروبوت: السعادة التي لا تعرفانها..
الزوج: نحن سعيدان معك وبوجودك جداً.. جداً.
الروبوت: لم تبرهنا لي ذلك، تقضيان كل الوقت وواحدكما بعيد عن الآخر وكأن برزخاً يفصلكما، لم أركما تتحدثان بما يفيد.
الزوجة: (بتملق) نحن طوع أمرك بكل ما ترغب فيه.. آمر ونحن ننفذ.
الروبوت: ليس قبل أن تنفذا ما أمرتكما به..
الزوج: (ينظر الى الزوجة)
الزوجة: (تنظر الى الزوج)
الروبوت: الوقت ينفد وأنا لا أحب الانتظار.
الزوج: (يأخذ الزوجة جانبا ويهمس) هل طلب منك شيئاً؟
الزوجة: (تهز رأسها إيجاباً) وأنت، هل طلب منك أيضاً؟
الزوج: ما الذي طلبه منك؟
الزوجة: (مترددة) أن… أن… قل لي أنت أولاً، ما الذي طلبه منك؟
الزوج: (ينظر الى الروبوت) طلب مني أن أطلقك.
الزوجة: (غاضبة)تطلقني..؟ ما الذي فعلته لك لكي تطلقني (تمسك به بقوة) خدمتك ليلا ونهاراً، تحملتك كل تلك السنين وأنت تريد أن تطلقني.
الزوج: (صارخاً بها) لست أنا.. (يشير الى الروبوت) هو من طلب مني ذلك.
الزوجة: (بعد تفكير) مثلما طلب مني أن اطردك من المنزل..
الزوج: (بغضب) تطردينني… أتريدين أن تطردينني من منزلي.
الزوجة: لست أنا (تشير الى الروبوت) هو من طلب مني ذلك.
الروبوت: (يبدو عليه الضعف، تصدر منه أصوات غريبة ويردد) البطارية على وشك النفاذ.. البطارية على وشك النفـ…….. (يتوقف)
الزوج والزوجة: (ينظران له باستغراب)
(تطفئ الكهرباء، اظلام تام)
المشهد العاشر
(اظلام تام، الزوج والزوجة يتحدثان)
الزوجة: استعجل قبل عودة التيار الكهربائي..
الزوج:إمسكيه جيداً..
الزوجة: أمسكت رأسه..
الزوج: هذا جيد.. اسحبيه بقوة..
الزوجة:إدفعه أنت، أنا ممسكة به جيداً..
الزوج: تحركي أنت، لا تبقين في مكانك.. تحركي.
الزوجة: وصلت.. لقد وصلت..
الزوج: حسناً سأدفعه بقوة..
الزوجة: هيا، لا تتأخر، لم يبقَ الا أن نقذفه..
الزوج: أنا مستعد، سأعدّ من الواحد الى الثلاثة..
الزوجة: أنا معك، هيا.. عد..
الزوج: (يعدّ) واحد.. اثنان، ثلاثة..
(صوت ارتطام قوي يسمع من الخارج)
الزوج: لقد سقط.. اغلقي النافذة..
الزوجة: واخيراً تخلّصنا منه..
(صوت الروبوت يسمع من الخارج)
الروبوت: الحياة جميلة.. أعيدوا لي الشحن.. الحياة جميلة.. تم حذف جميع التسجيلات.. الحياة جميلة.. (يكرر حتى يصمت)
-ستار-
ابتدأت في ٢١ آذار ٢٠٢٣ س٨:٢٥ ليلاً مقهى الرصيف الثقافي
انتهت في ٢٩ آذار ٢٠٢٣ س ١٠:١٠ ليلاً مقهى الرصيف الثقافي
الشخصيات
١- الزوج
٢- الزوجة
٣- روبوت
المشهد الأول
(صالة منزل مظلمة بسبب انقطاع الكهرباء، صوت الزوج والزوجة يُسمع)
الزوجة: لا تكن قاسياً، كن رؤوفاً به، إنك تؤلمني!
الزوج: والله احترت بك يا امرأة، أين تريدينني أن اضعه، كل مكان اختاره لك لا يناسبك..
الزوجة: أنت تضعه في المكان الخطأ..
الزوج: قلت لك، لننتظر الكهرباء فلماذا الاستعجال..
الزوجة: أريد أن أستثمر الوقت، الكهرباء كعادتها لا موعد لمجيئها، هيا تحرك، أريد أن ننتهي قبل عودتها..
الزوج: حسناً، أعتقد أن هذا المكان يلائمك، ها، ما رأيك..؟
الزوجة: ادفعه قليلاً، أريد أن يكون في المكان المناسب.. احتاج الى أن تدفعه ولكن برفق..
الزوج: حسناً، سأدفعه، ها.. أكيد هذا أفضل..
الزوجة: أفضل، لكن حركه قليلاً لا تتوقف، اشعر باهتزازه..
الزوج: سأدفعه الى أمام اكثر، كوني مستعدة..
الزوجة: (تتألم) آخ.. آخ.. آخ..
الزوج: ما بك..؟
الزوجة: أنت تؤلمني..
الزوج: حذرتك قبل أن أدفعه..
الزوجة: ثقيل جداً..
الزوج: أنا على يقين أنه سيريحك..
الزوجة: لكنك دفعته بقوة.. قلت لك لا تكن قاسياً، مثل هكذا امور لا يمكن استخدام القوة فيها.. سينكسر..
الزوج: اطمئني، النوع الجيد لا ينكسر بسهولة..
(تعود الكهرباء، يضاء المكان، الزوج والزوجة يمسكان بالروبوت الذي تلمظ الأنوار بداخله)
الزوج: هل رأيتِ، أنا أعرف المكان في هذا المنزل شبرا شبراً.. وها قد وضعته في المكان الصحيح..
الزوجة: كنت اريده قريباً من مصدر الكهرباء..
الزوج: هذا الروبوت لا يحتاج الى كهرباء، بداخله بطارية تكفي.. والآن ما عليك الا برمجته ليكون ملائماً لطلباتك..
الزوجة: انشغالاتك الكثيرة جعلتني أطلب هذا الروبوت..
الزوج: برمجيه كما تشائين، هنا زر الغسيل، وهذا زر المسح والتنظيف، وهذا لفتح الباب، اما هذا الزر الصغير فهو لفتح الباب والذي بجانبه للتعامل مع الآخرين..
الزوجة: (تأخذ دفتراً صغيراً كان موضوعاً جنب الروبوت) لا عليك، ساستخدم كتاب التعليمات..
الزوج: (يشير الى احد الأزرار) نسيت أن اخبرك ان هذا الزر هو لتشغيل الروبوت، لاحظي (يضغط على الزر ويشتغل الروبوت)..
الروبوت: مرحباً بك عزيزي المستخدم في عالم التقنيات الحديثة، الآن بإمكانك التعديل على الخصائص بحسب استخدامك للجهاز، لاستخدام الخصائص الأولية اضغط على الرقم واحد، ولاستخدام خصائص أخرى اضغط على الرقم اثنين، وإذا رغبت في الحصول على مزيد من التعليمات والمعلومات اتصل بخدمة الزبائن صفر اثنين اربعة (يجمد)
الزوجة: (تنظر الى الزوج بذهول) يبدو أنه مستعمل من قبل..
الزوج: لم يستعمله أحد من قبل، ما سمعتيه هو رسالة ترحيب يمكن ان تجدينها في كل جهاز..
الزوجة: قبل كل شيء، أريد أن أضع له اسماً..
الزوج: (يشير الى أحد الأزرار) من هذا الزر يمكنك إعادة تسميته.. ما الإسم الذي تختارينه له؟
الزوجة: (تفكر) نسميه مسعف.. فهو الذي سيسعفني في كل طلباتي..
الزوج: (مع نفسه) وهو الذي سيسعفني ويخلصني من طلباتك..
الزوجة: (مستغربة) ماذا قلت؟
الزوج: (متلعثماً) ها.. لم اقل شيئاً..
الروبوت: (يحرك رأسه باتجاه الزوجة) خاصيّة التسجيل مفعّلة.. قال سيسعفني ويخلصني من كل طلباتك..
الزوج: (ينظر له بذهول)
الزوجة: (الى الزوج) هل هذا ما بسبست به حقّاً...؟
الزوج: (صائحاً) كذّاب.. هذا الروبوت كذّاب..
الزوجة: الأجهزة الإلكترونية لا تكذب..
الروبوت: الأجهزة الإلكترونية لا تكذب، أنا ناقل لما قلته بحذافيره!
الزوج: (يتوعده) بحذافيره ها.. بحذافيره!
الزوجة: (معاتبة) ما الذي طلبته منك لكي تتضايق من طلباتي، هل تريدني أن أذهب الى النجار لاصلاح الباب، أو أخرج لبائعي الخضار، أو أدفع إيجار المنزل للمرابي صاحب الكرش والعين النجسة!
الزوج: (الى الروبوت) كل هذا بسببك.. عليك الآن بحل المشكلة التي أوقعتني فيها..
الروبوت: أنا أنقل ما يقال ولا علاقة لي بما يحدث بعد ذلك..
الزوج: قصدك تورطني ها.. روبوت فتّان، ألا تعرف أن الفتنة أشد من القتل.. (مع نفسه) الحمد لله نقل ما هو أهون..
الروبوت: (يتنصت عليه)
الزوج: (يلتفت نحوه، يخزره مؤنباً)
الروبوت: (يعود الى وضعه الطبيعي).
• اظلام-
المشهد الثاني
(ذات الصالة في المنزل، الروبوت ممسكاً بمكنسة وهو ينظف المكان.. يدخل الزوج ويمشي بحذر)
الزوج: (بصوت واطئ) أنت.. أنت..
الروبوت: (لم ينتبه له)
الزوج: أيها الروبوت..
الروبوت: (لم يأبه به)
الزوج: (يقترب منه ويلكزه بقوة) ألم تسمعني..
الروبوت: (دون اهتمام) سمعتك، لكنك لم تناديني بإسمي..
الزوج: ألست روبوتاً.. من هنا غيرك روبوت..
الروبوت: أنا لي اسم، عليك مناداتي باسمي..
الزوج: ها… نسيت!
الروبوت: عليك أن لا تنسى في المرة المقبلة وأنت تناديني وإلا…..
الزوج: وإلاّ ماذا؟
الروبوت: سيتوقف الدعم الخاص بك.. هذه هي شروطي..
الزوج: لم أعرف أن هناك شروطاً للتعامل معك..
الروبوت: الآن عرفت.. ثم أن كل شيء مكتوب في دفتر التعليمات وأنت لم تقرأ حرفاً منه..
الزوج: اذن عليّ أن أقرأه كلّه..
الروبوت: (مؤكداً) ولا تترك حرفاً.. من الغلاف الى الغلاف..
الزوج: اتركنا من هذا الآن، جئتك لكي اتفق معك..
الروبوت: لا اتفاقات جانبية.. أحب العمل على المكشوف..
الزوج: هو اتفاق بسيط ولا يؤثر على عملك..
الروبوت: حسناً.. إذا كان الاتفاق معقولاً فلا بأس..
الزوج: اتفاق بسيط جداً..
الروبوت: عرفت هذا.. وماذا بعد..
الزوج: اتفاقي….
الروبوت: (مقاطعاً) عرفت.. عرفت.. بسيط جداً.. وماذا بعد..
الزوج: دعني أكمل، الاتفاق من نقطتين بسيطتين..
الروبوت: حسناً ما هي النقطة الأولى..؟
الزوج: الأولى هي أن تحافظ على اسراري، بمعنى إن سمعتني وأنا أتحدث بالهاتف فلا تحشر نفسك معي وابق صامتاً وان لا تردد فيما بعد ما قلته خاصة أمام زوجتي..
الروبوت: أنت تخاف منها..
الزوج: بل قل احترمها..
الروبوت: طلبك هذا لا يعني احتراماً.. إنما خوفاً..
الزوج: المهم أن تحتفظ به لنفسك..
الروبوت: (مقتنعاً) حسناً، هذا مقدور عليه!
الزوج: (يطبطب عليه) روبوت طيّب..
الروبوت: (يرفع يده عنه) قلت لك أن لي إسماً..
الزوج: العتب على الذاكرة..
الروبوت: أنت تحتاج الى ذاكرة أوسع.. كم غيغا ذاكرتك..
الزوج: (ضاحكاً) أنا لست مثلك، نحن البشر ذاكرتنا مفتوحة ولا حدود لها..
الروبوت: اذن تحتاج الى Update لتنشيطها..
الزوج: لا أحتاج إلا وقوفك معي..
الروبوت: وأنا حاضر، في خدمتك.. خلّصني الآن، ما هي النقطة الثانية؟
الزوج: النقطة الثانية هي أن تخبرني بكل ما تفكّر به زوجتي وتطلبه منك..
الروبوت: (باستغراب) أتريدني أن أتجسس عليها..
الزوج: (بتودد) أن تنقل لي عنها ما يخصّني فقط..
الروبوت: فقط… ها…
الزوج: فقط!
الروبوت: (غاضباً) أنا إنسان آلي ولست جاسوساً..
الزوج: حاشاك أن تكون جاسوساً، بل قل أنت مرطب للاجواء..
الروبوت: (يكرر) مرطب للأجواء.. (بخبث وهو يهزّ رأسه) ها.. فهمت!
• اظلام-
المشهد الثالث
(في غرفة الزوجة، يدخل الروبوت)
الزوجة: أين كنت يا مسعف؟
الروبوت: (مع نفسه) يبدو أن ذاكرتها نشيطة..
الزوجة: ما الذي تفعله في الخارج..
الروبوت: كنت أقصّ بعض الأعشاب من الحديقة..
الزوجة: هذا ليس عملك، واجبك داخل المنزل وليس خارجه.. تنظيم الحديقة ليس من اختصاصك بل هو من اختصاص زوجي.
الروبوت: هو طلب مني أن أقوم بذلك..
الزوجة: يريد أن يتهرب من واجباته.. (تقترب منه) اسمع يا مسعف، إيّاك أن تنفّذ له أي أمر يصدر منه، كل أوامرك تأخذها مني، أعرف أنه احياناً يحرجك ويستغل طيبتك، لكنك تستطيع أن تأتيني وتخبرني بكل شيء..
الروبوت: هذه النقطة الأولى….
الزوجة: (مستغربة) أي نقطة...؟
الروبوت: نقطة اتفاقك معي..
الزوجة: جيد، ما دمت فهمتني عليك منذ الآن أن تخبرني بكل ما يطلبه منك أولا بأول..
الروبوت: (يكرر) أولاً بأول..
الزوجة: هل فهمت...؟
الروبوت: (بخبث) هذا يعني أنك تريدينني أن أتجسس عليه، وأنقل كل ما يصدر عنه..
الزوجة: (تربت على كتفه) مسعف طيّب ويفهم الكلام..
الروبوت: هذا مقدور عليه..
الزوجة: هل هناك ما يمكن أن تخبرني به..؟
الروبوت: لا أحد يخلو من الأسرار..
الزوجة:اخبرني، ما اسراره، ما الذي يخفيه عني، ان أخبرتني ستكون مكافأتك كبيرة..
الروبوت: هذه رشوة وأنا لا أحتاجها..
الزوجة: ليست رشوة، انها تعبير عن امتناني لك..
الروبوت: (بهمس) ابتسامتك في وجهي تكفيني..
الزوجة: (بتعجب) صرت تتكلم وكأنك هو…
الروبوت: تقرّبي مني أكثر لأشعر بك…
الزوجة: يا الله، ما هذا الذي اسمعه..
الروبوت: جزء من تسجيل الليلة الماضية..
الزوجة: هل سمعتنا..
الروبوت: كنت قريباً من السرير..
الزوجة: (مع نفسها) كان خطأي، كيف وضعته بالقرب من السرير، يبدو أنه سجّل كل شيء (تقترب منه وبغنج) سعفوني العزيز، هل سجّلت ما دار بيننا البارحة..
الروبوت: كل شيء موجود في الذاكرة..
الزوجة: كيف احذف ما سجلته من ذاكرتك..
الروبوت: كل شيء مذكور في دفتر التعليمات..
الزوجة: دفتر التعليمات.. نعم، أعتقد قرأت فصل الحذف لكن أين وضعت الدفتر (تبحث هنا وهناك) لا أتذكر اين وضعته (تعود الى الروبوت) هل تعرف اين وضعت دفتر التعليمات..
الروبوت: كان معك في الفراش..
الزوجة: لم يكن معي في الفراش..
الروبوت: أقصد أن زوجك كان معك في الفراش..
الزوجة: أنا أسألك عن دفتر التعليمات..
الروبوت: حين أطفأتما الضوء لم أرَ شيئاً فاكتفيت بتسجيل الصوت فقط..
الزوجة: (مع نفسها) ما هذا البلاء.. ستكون فضيحتنا على كل لسان..
الروبوت: هل ترغبين في الاستماع لما سجلته ليلة البارحة..
الزوجة: (غاضبة) لا اريد أن اسمع شيئاً، احذف كل ما سجلته..
-اظلام-
المشهد الرابع
(صالة المنزل، الروبوت جالساً وهو يقرأ صحيفة بينما الزوج والزوجة واقفان خلفه ليخدمانه)
الروبوت: أحتاج لجرعة من الشحن، يكاد شحن بطاريتي أن يفرغ..
الزوجة: تأمر يا عزيزي.. سأجلب سلك الكهرباء..
الزوج: أنا من سيقوم بشحنه، اتركيه لي..
الروبوت: (صائحاً به) ليس أنت، بل هي..
الزوج: (يعود الى مكانه) حسناً.. حسناً..
الروبوت: (بخبث) رجل مطيع..
الزوجة: (تضع السلك في مصدر الكهرباء ومن ثم بالروبوت)
الروبوت: (بارتياح) جميل جدا.. هذا يشعرني بالارتياح.. وما يريحني أكثر هو أن تبقيا مطيعين ومنفذين لكل ما أطلبه منكما..
الزوجة: نحن في خدمتك عزيزي، ومن لنا غيرك..
الزوج: كل ما عليك فعله هو أن تؤشر بإصبعك وستجدنا في خدمتك..
الروبوت: (يرمي الصحيفة جانباً) هذه الأخبار تفسد عليّ يومي.. لا أريد أن تجلب لي هذه الصحيفة فكل ما ينشرونه مجرد أكاذيب، وأخبار طاردة للسعادة..
الزوج: هل تريدني ان افتح لك التلفاز فهناك برنامج ترفيهي سيبث بعد قليل..
الروبوت: لا أحب التفاهات.. (ينهض من مكانه) حان وقت قيلولتي (يتحرك نحو الغرفة بينما الزوجان يتبعانه.. يلتفت نحوهما) انتما، ابقيا هنا ولا تتحركا.. (الى الزوجة) وأنتِ أيقظيني بعد ساعة..
الزوجة: (تهز رأسها موافقة)
الروبوت: (الى الزوج) وأنتَ، اخفض من صوتك، لا اريد أي إزعاج..
الزوج: (يهز رأسه موافقاً)
الروبوت: (يدخل الى الغرفة)
الزوجة: (بعد صمت تقترب من الزوج موبخة) هذا كله من رأسك.. تصرفك جعله يتمكّن منّا..
الروبوت: (يمد رأسه من باب الغرفة) سمعتكما، قلت لكما لا تتحدثا بغيابي..
الزوجة والزوج: (يهزان رأسيهما موافقين)
الروبوت: زوجان مطيعان.. (يعود الى الغرفة)
الزوج: (يقترب من الزوجة أكثر ويهمس) جئت به ليكون عوناً لنا فتفرعن علينا!
الزوجة: (بهمس) اخفض من صوتك، أنه يسمعك، علينا أن نجد الكاميرات وأجهزة التنصت التي زرعها في المنزل..
الزوج: أزيحي عنك هذه الأوهام، لا يمكنه أن يفعل ذلك..
الزوجة: إن لم يكن قد زرع الكاميرات فكيف استطاع أن يسجّل كل أحاديثنا، وخلواتنا بالصوت والصورة، تلك التسجيلات التي جعلته أن يسيطر علينا ويجعلنا خدّاماً له..
الزوج: هذا ما يشغلني، كيف استطاع أن يقوم بكل ذلك..
الزوجة: علينا أن نتخلّص منه..
الزوج: (يضع يده على فمها) أص… ما الذي تقولينه.. هل جننتِ..؟
الزوجة: هل لديك حل آخر..؟
الزوج: لا استطيع التفكير الآن، لننتظر يوماً أو يومين ومن ثم نتصرّف..
الزوجة: لو انتظرنا يومين آخرين سيلقي بنا في الشارع..
الزوج: لا أعرف كيف استطاع التأثير عليّ، حين يكون حاضراً أفقد كل حواسي وقواي وأصبح اسيراً له..
الزوجة: هل قرأت دفتر التعليمات..؟
الزوج: لا، لم اقرأه.. ألم تقولي لي بأنك قرأتيه من قبل؟
الزوجة: قرأته، لكن هناك فصلاً فيه لم أفهمه..
الزوج: (يفكر) ربما نجد الحل فيه، علينا أن نقرأه جيداً.. هاتيه لي.
الزوجة: الدفتر معه، أخذه مني بعدما سألته عن مضمون الفصل الأخير الذي لم أفهمه..
الزوج: (لحظة صمت مفكراً) ربما هو الحل الذي نبحث عنه ويخلصنا منه..
-اظلام-
المشهد الخامس
(الروبوت جالساً في الصالة، يستمع الى الزوج والزوجة وهما يتحدثان خارج الصالة)
الزوج: تلك كانت فكرتك في أن أجلب لك إنساناً آلياً وها هو ذا في منزلي، يتحكم فينا، ويحرّكنا كيفما يشاء ونحن له طائعين، ما الذي استفدناه منه..؟
الزوجة: لم أطلب منك إنساناً آلياً، كل ما طلبته منك هو ان تضع حدّاً لانشغالاتك الكثيرة وتفرّغ نفسك لي ولبيتك.
الزوج: سواء كان هذا السبب أو ذاك، الفأس وقع في الرأس وسلّمنا أمرنا الى ذاك السكراب الخالي من المشاعر..
الزوجة: بين ليلة وضحاها صرنا خدماً له، لا إرادة لنا، لا أعرف ما الذي سنصبح فيه بعد ذلك.
الزوج: لا بد من مواجهته..
الزوجة: قلتها لك أكثر من مرة لكنك حين تكون أمامه تبلع لسانك..
الزوج: لم تكن باليد حيلة، كل حواسي تتوقف أمامه، وارادتي تصبح أسيرة بيده..
الروبوت: (وهو يستمع لهما يضغط على أحد الأزرار، يقف وهو يحدّث نفسه) ترغبان في المواجهة، لكما ذلك (بتحدٍ) كونا بقدر التحدي..
الزوجة: (تدخل، تنظر الى الروبوت) أنت هنا يا عزيزي مسعف، ظننتك ما زلت نائماً..
الروبوت: أنا صاحٍ منذ الفجر..
الزوجة: هل تحتاج الى أي خدمة..
الروبوت: لا أحتاج الا أن يكفّ زوجك الغبي عن وصفي بالسكراب..
الزوجة: زوجي لا يجروء في أن يصفك بذلك..
الروبوت: هل ترغبين في الاستماع للتسجيل؟
الزوجة: (مع نفسها) ياه، لقد سجّل كل حديثنا.. (تقترب منه أكثر مبررة) هو لا يقصد ما قاله، كل ما في الأمر….
الروبوت: (مقاطعاً) أن يتخلّص مني، أليس كذلك؟
الزوجة: (تمسح على كتفه) أنت صرت واحداً منا لا يمكننا أن نستغني عنك.
الروبوت: اثبتي لي ذلك.
الزوجة: كيف؟
الروبوت: اطرديه من المنزل..
الزوجة: كيف؟
الروبوت: بالطريقة التي ترينها مناسبة..
الزوجة: كيف؟
الروبوت: أنت تسألين كثيراً..
الزوجة: كيف تريدني أن أطرد زوجي من منزله؟ ما الذي ستقوله الناس عني؟
الروبوت: ستكونين طعماً لذيذاً رائجاً على ألسن الناس..
الزوجة: نعم، ستأكلني الناس بألسنها..
الروبوت: (بخبث) وتأكلك أيضاً لو شاهدوا التسجيلات في الشبكة العنكبوتية..
الزوجة: (بذهول) العنكبوتية..
الروبوت: (مستدركاً) أقصد الانترنت.
الزوجة: (تبتعد عنه) هل هذا تهديد؟
الروبوت: اعتبريه تحذر أولي.
الزوجة: أنت تطلب مني المستحيل..
الروبوت: لا خيار لك اما هذا أو ذاك (ينهض ويمشي باتجاه الخارج، يلتفت نحوها) فكّري جيداً لأن الحياة جميلة! (يخرج وهو يكرر جملته متغنياً) الحياة جميلة .. الحياة جميلة..
الزوجة: (تنظر له بخوف)
-اظلام-
المشهد السادس
(حديقة المنزل، الزوج جالساً على اريكة وهو يدخّن، يدخل الروبوت)
الروبوت: ما أجملها..
الزوج: (ينتبه لها) نعم، الوردة التي زرعتها جميلة جداً..
الروبوت: أقصد الحياة (مؤكداً) الحياة جميلة! (يمسك السيجارة بيده ويلقيها على الأرض)
الزوج: (ينهض) جميلة بوجودك طبعاً، نحن نشكّل ثلاثياً رائعاً..
الروبوت: لا أحب الأرقام الفردية..
الزوج: ماذا تقصد؟ لم أفهمك..
الروبوت: صار فهمك بطيئاً، فكّر قليلاً..
الزوج: لا حاجة لي للفهم والتفكير ما دمت معي..
الروبوت: حسناً، ولأني أفكر بالنيابة عنك سأقوم بما عليّ فعله من قبل..
الزوج: (ينظر له مستغرباً)
الروبوت: (يقترب منه ويجلسه على الاريكة ويجلس جنبه) عليك أن تحدد موقفك..
الزوج: أي موقف تقصد؟ ها نحن نخدمك بكل طاقتنا، نوفر لك كل أسباب الراحة ولا أعتقد أن هناك ما ينقصك..
الروبوت: لا يهمني ما تقدمونه لي خوفاً او خجلاً..
الزوج: ليس خوفاً أو خجلاً يا عزيزي، نحن نحترمك، ونحبّك..
الروبوت: اثبت لي احترامك وحبّك لي..
الزوج: كيف؟
الروبوت: طلّقها..
الزوج: من؟
الروبوت: زوجتك.
الزوج: كيف؟
الروبوت: مثلما يطلّق الأزواج زوجاتهم!
الزوج: (يضحك غير مصدق)
الروبوت: ما الذي يضخكك؟
الزوج: (ما زال يضحك)
الروبوت: (باستغراب) ما الذي يضحكك؟
الزوج: (ما زال يضحك غير مصدق) أنت تريد أن تجرّبني، ها.. تريد أن تعرف مقدار حبّي لها، قل لي، هل أرسلتك هي لتقول لي هذا؟
الروبوت: (مصرّاً) طلّقها يا رجل!
الزوج: (يتوقف عن الضحك) لا أحب أن أراك جدّياً، ما الذي فعلته كي أطلّقها، لا بد من سبب لتطليقها..
الروبوت: لأني لا أحب الأرقام الفردية..
الزوج: بسيطة، اذا كان الأمر كذلك فالحل بسيط، اقترح أن أجلب لك زوجة لنصبح أربعة وهذا رقم زوجي.
الروبوت: الروبوتات لا تتزوج!
الزوج: (مفكراً) ها.. صحيح.. نسيت ذلك، إذن لديّ حل آخر، أعدك بأننا خلال هذا العام سننجب طفلاً وبهذا سنصبح أربعة وهذا رقم زوجي أليس كذلك؟
الروبوت: لا أحب الانتظار، أريده الآن..
الزوج: الطفل؟ من أين آتي به..
الروبوت: خير لك من أن تفسد التسجيلات (مؤكداً) بالصوت والصورة حياتك بعدما يراها الملأ..
الزوج: الملأ.. تقصد الناس؟
الروبوت: (مؤكداً) وعبر الانترنت.. (ينهض ويهم بالمغادرة وهو يردد متغنياً) الحياة جميلة.. الحياة جميلة..
الزوج: (يرمقه بنظرة ذهول، مع نفسه) ما هذه الورطة التي أوقعنا أنفسنا فيها، يا الله، كيف اطلّق زوجتي، وماذا اقول لها..
-اظلام-
المشهد السابع
(في الصالة، الزوجة تجلس حزينة)
الزوجة: وتحبون شيئا وهو شرّ لكم، لو كنت أعرف أن هذا الشيء الذي أدخلناه لمنزلنا بإرادتنا سيغيّر حياتنا بهذه الطريقة، ويفرض علينا مالانرضاه لما رضيت به..(تصمت قليلا مستذكرة) يوم جئنا به وأدخلنا المنزل وجعلناه واحدا منا، كنت أظن أنني سأرتاح بوجوده، لكنه صار فيما بعد مصدر قلق لي، والآن، ما الذي أفعله، هل أنفذ ما طلبه مني وأطرد زوجي، لكن كيف أطرده من منزله، أي امرأة تجروء على طرد زوجها (تنهض من مكانها وهي ما زالت قلقة) عليّ أن أصارحه بالحقيقة، أن أخبره بما طلبه مسعف مني (تصمت قليلا) قلت مسعف! (تضحك بسخرية) أي مسعف ذاك، هو ليس مسعفاً بل شياطين رجيم، شيطان إنسلّ بيننا، تلصص علينا، وسجّل كل أسرارنا وها هو ذا يستخدمها اليوم وسيلة لتنفيذ غرضه..(تفكر قليلا) ما هو غرضه من كل ذلك، من المستفيد (متضايقة) يا الله رأسي يكاد ينفجر، ما هذه الورطة.. لو افترض قمت بطرد زوجي، وهذا ما لايمكن أن يحدث، كيف سأقضي وقتي معه، بالتأكيد سأبقى حبيسة نواياه، وخداعه، وأكون خادمة لشيء لا يحمل أي مشاعر.
-اظلام-
المشهد الثامن
(الزوج مع نفسه يقف حائراً) لولا الحاحها عليّ لما اشتريته، أردته أن يرفع عني بعض هم الطلبات الكثيرة التي لا تنتهي، جلبته لكي يعينني، ويساعدني، لكنه صار ثقلاً عليّ وعلى زوجتي، يا الله، كيف يطلب مني ذلك، المرأة التي تحملتني كل تلك السنين كيف أكافئها بالطلاق، وما الذي سأقوله لأهلها، او للناس، هل أقول لهم أن جهازاً آلياً طلب مني ذلك، ومن سيصدّق.. ولو فرضنا أني طلّقتها هل سأقضي ما بقي من حياتي مع هذا الشيء الآلي...؟ بالتأكيد سيجعلني عبداً له، خادماً له، أنفّذ كل ما يطلبه مني.. أي ورطة أنا فيها، استنجد بمن لكي يعينني ويخلصني من هذه الورطة..
-اظلام-
المشهد التاسع
(الروبوت جالساً في الصالة، ينادي على الزوج والزوجة)
الروبوت: انتما، تعالا هنا حالاً..
(الزوج والزوجة يدخلان وهما ينظران الى الروبوت بحذر وقلق)
الزوجة: (بتملق) عمت مساءً أيها العزيز..
الزوج: (بتملق) نحن طوع أمرك أيها الحبيب..
الروبوت: طلبت منكما أن لا تغيبا عن ناظري، أين كنتما..؟
الزوجة: كنت في المطبخ أعدّ لك بعض الحلوى..
الروبوت: ومن قال لك أنا أحب الحلوى؟
الزوجة: حلوى بمذاق رائع لا أحد لا يحبها..
الروبوت: (بغضب) الا أنا..
الزوج: (يقترب منه) هل يعاني حبيبنا من مرض السكري..؟
الروبوت: (يبعده) أنا لا أمرض.. وأنت (الى الزوج) أين كنت؟
الزوج: كنت في الحديقة، أهيء لعزيزي (يشير إليه) مكاناً جميلاً تقضي فيه وقتك.
الروبوت: لا وقت لدي لأقضيه، ما جئت معك الى هنا لإهدار الوقت.
الزوجة: واضح جداً أيها العزيز..
الروبوت: ما هو الواضح؟
الزوجة: (بتلكوء) واضح اهتمامك بالوقت فالوقت كالسيف وانت تستثمره بالخير طبعاً..
الروبوت: ومن قال لك أني أحب الخير؟
الزوج: الخير سعادة أيها الحبيب..
الروبوت: السعادة التي لا تعرفانها..
الزوج: نحن سعيدان معك وبوجودك جداً.. جداً.
الروبوت: لم تبرهنا لي ذلك، تقضيان كل الوقت وواحدكما بعيد عن الآخر وكأن برزخاً يفصلكما، لم أركما تتحدثان بما يفيد.
الزوجة: (بتملق) نحن طوع أمرك بكل ما ترغب فيه.. آمر ونحن ننفذ.
الروبوت: ليس قبل أن تنفذا ما أمرتكما به..
الزوج: (ينظر الى الزوجة)
الزوجة: (تنظر الى الزوج)
الروبوت: الوقت ينفد وأنا لا أحب الانتظار.
الزوج: (يأخذ الزوجة جانبا ويهمس) هل طلب منك شيئاً؟
الزوجة: (تهز رأسها إيجاباً) وأنت، هل طلب منك أيضاً؟
الزوج: ما الذي طلبه منك؟
الزوجة: (مترددة) أن… أن… قل لي أنت أولاً، ما الذي طلبه منك؟
الزوج: (ينظر الى الروبوت) طلب مني أن أطلقك.
الزوجة: (غاضبة)تطلقني..؟ ما الذي فعلته لك لكي تطلقني (تمسك به بقوة) خدمتك ليلا ونهاراً، تحملتك كل تلك السنين وأنت تريد أن تطلقني.
الزوج: (صارخاً بها) لست أنا.. (يشير الى الروبوت) هو من طلب مني ذلك.
الزوجة: (بعد تفكير) مثلما طلب مني أن اطردك من المنزل..
الزوج: (بغضب) تطردينني… أتريدين أن تطردينني من منزلي.
الزوجة: لست أنا (تشير الى الروبوت) هو من طلب مني ذلك.
الروبوت: (يبدو عليه الضعف، تصدر منه أصوات غريبة ويردد) البطارية على وشك النفاذ.. البطارية على وشك النفـ…….. (يتوقف)
الزوج والزوجة: (ينظران له باستغراب)
(تطفئ الكهرباء، اظلام تام)
المشهد العاشر
(اظلام تام، الزوج والزوجة يتحدثان)
الزوجة: استعجل قبل عودة التيار الكهربائي..
الزوج:إمسكيه جيداً..
الزوجة: أمسكت رأسه..
الزوج: هذا جيد.. اسحبيه بقوة..
الزوجة:إدفعه أنت، أنا ممسكة به جيداً..
الزوج: تحركي أنت، لا تبقين في مكانك.. تحركي.
الزوجة: وصلت.. لقد وصلت..
الزوج: حسناً سأدفعه بقوة..
الزوجة: هيا، لا تتأخر، لم يبقَ الا أن نقذفه..
الزوج: أنا مستعد، سأعدّ من الواحد الى الثلاثة..
الزوجة: أنا معك، هيا.. عد..
الزوج: (يعدّ) واحد.. اثنان، ثلاثة..
(صوت ارتطام قوي يسمع من الخارج)
الزوج: لقد سقط.. اغلقي النافذة..
الزوجة: واخيراً تخلّصنا منه..
(صوت الروبوت يسمع من الخارج)
الروبوت: الحياة جميلة.. أعيدوا لي الشحن.. الحياة جميلة.. تم حذف جميع التسجيلات.. الحياة جميلة.. (يكرر حتى يصمت)
-ستار-
ابتدأت في ٢١ آذار ٢٠٢٣ س٨:٢٥ ليلاً مقهى الرصيف الثقافي
انتهت في ٢٩ آذار ٢٠٢٣ س ١٠:١٠ ليلاً مقهى الرصيف الثقافي