الطاهر الهمامي - شـعــــر الاحتراف.. مثال أبي تمام

اخترنا معالجة هذه المسألة بدافع الوقوف على خصائص إحدى اللحظات الكبرى في تاريخ الشعرية العربية، لحظة اكتمال الاحتراف التي كان القرن الثالث الهجري إطارها وحبيب بن أوس الطائي المعروف (بأبي تمام ـ ت.نحو 232هـ)، أحد أعلامها إن لم يكن عَلَمْها.
ولعل العَوْد إلى الاحتراف في دلالته المعجمية أن ييسر أمره على الدارس. فالاحتراف، من هذه الزاوية، اتخاذ الحرفة و"الحرفة الصناعية وجهة الكسب.... والمحترف الصانع"(1)، ففي تعريفه وجهان أحدهما عالق بالصناعة والآخر بالكسب. وأصل "الحرفة" مادّي كأصل "الثقافة" و"العقل"، وعديد من المجردات ذات المنابت الحسية، قبل أن ينتقل بها، أي الحرفة، من ميدان تثقيف السلاح وبري السهام وَقدّ النِّعال وصوغ المعدن إلى ميدان نظم الشعر، وسرد القصّ، وتعاطي الأدب حتى قيل "أدركته حرفة الأدب"، وظل الجامع بين هذه وتلك جامع الصناعة أولاً، وإن اختلفت موادّها الأولية، وجامع الكسب ثانياً، بعد خضوع الشعر لمنطق السعر والسوق. وبات الموضوع حينئذٍ بحاجة إلى معالجة من وجهين: الوجه الاجتماعي المتعلق بالشاعر المتكسب، والوجه الإبداعي المتعلق بالشعر صناعة تكسبية، بغية النظر في العوامل التي حوّلت "ديوان العرب" إلى حرفة و"لسان القبيلة" إلى محترف، وهي عوامل تجد تفسيرها في تطور المجتمع العربي وتطور حاجته، من الرابطة القَبَلية إلى الرابطة العَقَدية والسياسية، الدينية والحزبية، ومن وجود ذرّي إلى قيام الدولة واتساع دواليبها وتعقد تراكيبها، ومن مشافهة إلى كتابة، ومن بداوة إلى حضارة، ومن زراعة إلى صناعة، وما أنجز عن ذلك كله من طوارئ طرأت على وضع الشاعر ومنزلته جرّاء اهتزاز علاقته العضوية القديمة بجماعته وتغير العقد الضمني الذي يربطه بها.

أما الوجه الثاني، الإبداعي، العائد إلى الشعر فيخصّ تأثير هذه التحولات ذات الطبيعة الاجتماعية في علاقة المُقصِّد بقصيدته، والأثر الذي أحدثته على مستوى تركيبها العَرَضِي وتصورها وصناعتها وعِيَارها.

ونعقد المحور الأول على تقصّي السيرورة الاجتماعية التي أفضت بالشاعر إلى احتراف الشعر ومن ثمة أدّت إلى تغيير سيماء القصيدة...

عندما وصل الشعر إلى القرن الثالث الهجري، وإلى أبي تمام تحديداً، كان الاحتراف قد بلغ بعدُ درجة اكتماله في أعقاب مسيرة طويلة هي مسيرة المدح الذي شهد انطلاقته مع "بداية اهتزاز الرابطة القبلية أواخر الجاهلية وظهور النزعة الفردية وبداية تمايز المال الشخصي وصعود قيمة المال بفعل ازدهار التجارة من جهة، ثم بداية اتضاح "ثمن" للشعر حصل وعي الشعراء به تدريجيّاً.... يضاف إلى هذا من جهة أخرى، إغراء بعضُ وُجَهاء المراكز الحضرية لبعض الشعراء بأن يمدحوهم مدحاً خاصاً"(2).

ويحتل ها هنا بلاطا إمارتي المناذرة والغساسنة منزلة استثنائية في اجتذاب شعراء هذا الطور من أمثال النابغة الذبياني وعمرو بن قميئة وأوس بن حجر وعدي بن زيد والأعشىميمون والحارث بن حلّزة والمتلمس الضبي والمرقش الأكبر(3).

وإلى هذا الطور كان الشاعر لا يزال، عموماً، يعيش في أكناف عشيرته تُؤمِّن حاجاته ويؤمن حاجاتها، وكان الفخر لا يزال قطب أغراض الشعر، وهو فخر قبلي إليه يرتدُّ عادة كل فخر فردي...

ولعل عنترة (ت.نحو 615م)، أن يقدم أبلغ مثال على ذلك وقد حرمه قومه ما به يكون العضو، ألا وهو الاعتراف لكن الحرمان لم ينل من علاقته بهم ومن الدور الموكول إلى "لسانهم" في حلبة المفاخر الدائرة على أمّهات الخِلاَل، وفي مقدّمتها خلال النسب [بسيط]...

للّهِ دَرُّ بَنِي عَبْسٍ لقد نَسَلوا = من الأكارمِ ماقد تَنْسلُ العَرَبُ(4)

عروة وثقى بين اللسان وقبيلته عبر عنها مُعوّد الحكماء(5) إذ يفاخر بنسبه ويذكر حقوق الجماعة على أفرادها [كامل]..

إنّي امرُؤٌ من عُصْبَةٍ مشهورةٍ = حُشُدٍ، لهم مجدٌ أشمُّ تليدُ
.......
نُعطي العشيرة حقَّها وحقيقَها = فيها ونغفر ذنبَها ونَسودُ
وإذا تُحمِّلُنا ثِقْلَها = قُمْنَا به وإذا تعُودُ نعودُ(6)

بيد أن هذه الصورة التي يصورها الشعر لشاعر الجماعة العربية قبل الإسلام كانت آخذة في التراجع بتطور الهيئة الاجتماعية النازعة منزع التشكل الهرمي غِبَّ نشوء المال واتّساعِ سلطانه وتوطد أركان الحوز الخاص.

فقد حلت محلّها تدريجيّاً صورةٌ صاحبُها على قَلَقٍ، وعلت عندهُ نبرة "أنا" القوّال لائذاً بحمى "أنت" الموّال، فيما فَقَدَ الـ"نحن" العائد إلى جماعته مركزيته، وأضحى الشعر دائراً على قطبية المدح بعد قطبية الفخر.

أخذت هذه الصورة الحائلة في الارتسام بدءاً من موفّى الحقبة الجاهلية واكتملت سماتها غداة قيام الدولة الأموية ثم العباسية وخصوصاً حين اشتدت "المحنة على شعراء زماننا في أشعارهم"(7). فإلى عهد بني أمية كان الشاعر ما يزال لسان جماعة قبلية وإن تراجع حظها، ومذهبية نجمها في صعود. بيد أن ذلك لم يَحُلْ دون اتساع الشرخ قُدُماً بين الفرد وجماعته، والإيذان بتغيير وظيفة الشاعر ومكانة الشعر.

وكان الشعر والقبيلة قد فقدا من سلطانهما أمام الدعوة الإسلامية وحاجتها إلى دعم الرابطة الدينية وإلى الخطباء والقُصَّاص والوُعَاظ والمفسرين والمحدّثين، وأخذت صورة الشاعر تتهاوى مع الوقت بعد أن "كان الشاعر في الجاهلية يُقدَّم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر... فلما كثر الشعر والشعراء واتخذوا الشعر مكسبة ورحلوا إلى السوقة وتسرعوا إلى أعراض الناس صار الخطيب عندهم فوق الشاعر"(8) وعدا الخطيب واجه الشاعر عوناً آخر من أعوان الدولة الناشئة بعد اتساع دائرة الدواوين وتزايد الحاجة إلى الممسكين بدواليبها وبعد التطور الذي شهدته الكتابة(9) وهو الكاتب "لسان الدولة وفارس الجولة" (10)

وأفضت هذه العوامل إلى اتجاه العلاقة العضوية القائمة بين الشاعر وجماعته القبلية نحو الانحلال وارتسام ملامح عَقْد بديل عَقَد عليه الشعراء أمل التموّل والارتزاق، هو العقد المدحي، حتى غدونا نسمع من يقول [مج الكامل]..

ولقد غدوتُ وليس لي = إلاّ مديحكَ من تجاره(11)
وداخلت لغةَ الشعر مفرداتُ معجم السوق وأضحى القول المدحي من عيار الأشعرية، ووجدنا شاعر الخمرة يجمع في البيت ثلاثاً من أمهات مفردات هذا المعجم هي البضاعة والنفاق والكساد بقوله [كامل]:

وبضاعة الشعراء إن أنفقَتْها = نفقتْ وإن أكسدتَها لم تنفقِ(12)

واقترن مسعى عقد هذا العقد الجديد وتوطيده وحفظه من التقلبات وعوامل الانفراط بشكاة متّصلة وتكاد تكون مشتركة بين صغار الشعراء وكبارهم من دوران الوقت على الشعر ومن كون العصر بات غير عصره فلا غنى إلاّ في تركه، وذا ما عبّر عنه أحدهم بقوله [كامل]..

إن كنتَ تبغي العيشَ حلواً صافياً = فالشعر أغربْهُ وكُنْ نخَّاسَا
... دارت على الشعراءِ حرفةُ تُوبةٍ = فَتَجرَّعُوا من بعد كأسٍ كَاسَا(13)

وهل أبلغ من ضرب أكباد المطايا كناية عن الحاجة القاهرة تضطر صاحبها إلى تجرّع سؤال أناس حاجاتهم عنده لولا قسمة الحظوظ الظالمة التي شاءت أن يكون قوَّالاً في زمن بوار القول [طويل]:

أأضربُ أكباد المطايا إليهِمِ = مطالبَةً منّي وحاجاتُهم عندي(14).

وقد عمدنا إلى الاستشهاد بزوجين من الشعراء، واحد مغمور (أبو الشمقمق وأبو دلامة) والثاني مشهور (أبو نواس والبحتري)، كي ندّل على شمول شجون الحرفة والاحتراف جميع طبقاتهم، وانتخبنا أبا تمام وهو الذي لم يكن، على ما حصد، أقلّ شكاة بَيْدَ أن شكاته كثيراً ما تمت باسم الفئة الشاعرة أو الأدبية، وباسم صناعتها المهدّدة، فيقول مستغيثاً لها [بسيط]...

أنت السليلُ فسُلّ السيفَ منتصراً = لذمِةِ الشعر إن ضاعتْ له الذِّمَمُ(15).

فقد صار "أكثرُهُ مُلْقَىً ماله حَسُبُ"(16)، واضطر بائعه إلى البيع بالثمن البخس: بحر من المال بسبعة من القال [كامل]:

جِشْ لي ببحر واحد أُغرقْكَ = فيمدح أجيشُ لَهُ بسبعةِ أبحُرِ(16)

و"الذي نخرج به مما تقدم هو أنّ الشاعر المداح المتكسّب الذي تدرّب على هذا الدور وبدأ حُكمه نسبيّاً في الجاهليّة الأخيرة قد أتقنه أو كاد في القرن الأول.... ثم احترفه بدءاً من هذا العصر ولا سيما انطلاقاً من أواسط القرن الثاني كأوضح مايكون الاحتراف"(18)، وآل الأمر بالشعراء وقد ازدحموا على أبواب السلطان واشتبهت أحوالهم إلى وضع الفئة الاجتماعية ذات السمات المميزة، وبأُولي الأمر إلى تعيين من يقوم على "ديوان الشعر" (في مفهومه الإداري)، ويتولى "وزن" المِدَح ومكافأة أصحابها.(19).


II ـ الشعر من وحي شيطان
إلى كدّ إنسان:
قبل اتجاه الشعر وجهة الحِرْفَة بُبعدِيها الصناعي والبضاعي كان أمر خُطُوره والنبوغ فيه موكولاً إلى فعل الجن، ومن ثمة كانت "العبقرية" بما هي نسبة إلى عبقر، وادي الجن، على ما اعتقدوا، ومن ثمة أيضاً كان لكل شاعر شيطانه، يلهمه الشعر، وكان تفاخر الشعراء بشياطينهم صورةً وجاهاً وجنساً وعُمدتُهم مفاخرين أو مهاجين قوةٌ خارقةً يزعمونها، وقلما احتكموا في ذلك إلى صناعة محكمة يتعاطاها صانع ماهر. وأنجز عن ذلك أن انصبَّ معظم عنايتهم وهم ينظرون إلى الشعر على قيمته العملّية ووظيفته النفعية في معركة الوجود القبلي التي لا تهدأ وكان النظر إلى الشعرية بتحديد مصادرها من خارج القول الشعري وبمعزل عن الإرادة البشرية(20). ويجب انصباب العناية على الشعر سلاحاً تعليله في الدور الموكول إلى الشاعر باعتباره لسان جماعة (القبيلة) مطالبُها مطالب معاش حاجي فرضته البيئة ونمط الإنتاج والحياة، وحربها حرب بقاء..

ومع الوقت، كان هاجس البِنْيَةِ يزداد حضوراً عند الشعراء حتى كاد نفر منهم يقصر نظرته على مبنى القصيد وصناعته، بعدما أدركَ أن تحقيق النجاعة رهين البراعة في تصريف الأبنية ومع الخطرات الأولى من تلمس أمر الصناعة كان يُشَار إلى ذلك بـ"غرابة" القصيدة (المُسيّب بن علس).. و"تثقيفها" (امرؤ القيس) و"تجهيزها" (بشر بن أبي خازم)، و"إحكامها" (النابغة الذبياني)، و"تحبيرها" (أمية بن أبي عائذ)، و"تقويمها" (عدي بن الرّقاع)، و"تنخيلها" (كعب بن زهير) و"صعوبتها" (الحطيئة). ولعل الأحوص الأنصاري (ت105هـ)، أن يكون أول من ترك حديث البنية العام ووقف على أمر البنية الخاص ودورها الحاسم في تحقيق الشعر وإنتاج المعني، فقد أدرك أن الشاعر "مؤلّف" وأن مفارقة الواقع لا مناص منها مادام الشعر "يُبنَى بناءَ المنازل"، ثم تعزز المنحى "البنيوي" عند كل من أبي نواس والباهلي وأبي العتاهية وأبي تمام والبحتري وابن الجهم وابن الرومي ومن تلاهم وبدا أبو تمام أوعاهم جميعاً بعد أن تحوّل الشعر عنده من حَيِّز الخرافي على نحو ماكان شائعاً حتى عهد بني أمية، إلى حيز الجمالي حيث احتفال خاص بالقصيدة صناعة نفِيسة(21) وانتقال ببلاغة التقصيد من الشفوي إلى الكتابي (22) وكان النواسي قد نقض المحددات غير الأدبية التي فهم القدامى في ضوئها أدبية الكلام (نسب، حسب، رجولة...)، واقترن تطور الوعي الحِرْفي بتعاظم شأن المدح وازدحام سوق التكسب واشتداد المنافسة، ناهيك أن ثلاثة من شعراء القرن الثالث، أبا تمام والبحتري وابن الرومي، استغرق المدح ثمانية أعشار شعرهم. وفضلاً عن تزايد هاجس التجويد الصناعي وامتداح وسيلة المدح أضحى تمثيل صناعة الشعر بالحِرَف والصنائع ظاهرة ملازمة (23) وبات القريض تحكمه أحكامها وقوانين إجرائها، وإتقانها. ولم نعثر على من وعى وعي الطائي حبيب بن أوس النص في دلالته الحِرْفية حتى استحق تلقيبه بالنصّاص (24) وإذا كانت "السيارة" صفة لقصيدته يفاخر بها فإن "تراكيبها" الذي تحدث عنه في قوله يشير إلى شعره [مج. المديد].

ليَ في تركيبه بدعٌ = شغلت بالي عن السُّنَنِ(25)

من شأنه أن يجعل تركيب سيّارات القصيد كتركيب سيارات الحديد، العمدة فيه على "الفكر والساعد"، ولا شيء عدا ذاك من متعاليات النسب أو الحسب أو العِرْق أو الدين أو الخَلْق أو الخَلاق أو السبق الزمني أو الجنس أو الصلة المزعومة بالخوارق(26).

ظلت الحرف والصنائع أصلاً استعارياً يمتح منه الشاعر في الحديث عن صناعته اللغوية وعن وجوه الكدّ والاجتهاد في أدائها، مَتْحَهُ من الأصل التجاري في تسويق بضاعته الشعرية وإشهارها. فلقد بات شأن صنعة الشعر موكولاً عند أبي تمام إلى الإنس، ومن ثمة فالقصيدة بما هي عمل إنساني "ابنةُ الفكر المهذبُ في الدجى"(27) يسهر على تدبيرها وإحكام صنعتها. والشعر أبو الحِرَف، لئن اعتمد اللغة مادة فهو حرفة شبيهة بالحرف التي استعار الشاعر صُوَرَ تعاطيها لتجسيم هذه الصلة، والتي منها "التنخيل"(28) و"التحبير" و"التفصيل"(29) و"السبك"(30)، و"الإحذاء"(31). يَقُدُّ المقصِّدُ قصيدَهُ قَدَّ النِّعَال "أُرهفت وأجادها التخصير والتلسينُ"(32)، ويصنع "صَنَع اللسان"(33)، صناعةَ صَنَع اليدين، كلاهما يحتاج إلى البصر والسهر والذوق. ويأتي هذا المعجم كي يعزّز حقل "التثقيف" الذي دأب عليه "عبيد الشعر"
(34)، فقصيدة الطائي "مُثقَّفة القوافي"(35) وصاحبها "ثَقِّفتْ منهُ الشآم"(36)..

ولولا مزايا هذه الصنعة ما كُتبَ للشعر أن يجُودَ ويرقّ ويرُوق، وأن يتجدد ومعانيه تغنى وتتعدد فلا ينضب لها معين حتى "إذا انجلت سحائبُ منهُ أُعقبتْ بسحائبِ"(37) وعلى غير العادة [سريع]..

يقولُ من تقرعُ أسماعَهُ = كم تركَ الأولُ للآخِر(38)

وإذ باتت صناعة الشعر من تلك الصنائع التي تتطلب مهارة وحذقاً وذائقة، لا يفصلها عن سائر الحرف الرفيعة سوى كونها حَرْفية، فقد أضفى أبو تمام على قصيدته سِيمَاء "البُرْد" و"الحلّة" وعلى نظمها هيئة "النسج" و"الحَوْكَ" أمّا صاحبها فـ"حائكُ قريض"(39). وإلى ذلك "عقد" و"قلادة" و"حَلْي" وينتظم الحقلين أصلان "النسيج والمعدن النفيس. ولعل بعض هذا المنزع الاحترافي أصداء من ذاكرة الحائك والنسّاج الذي كان في صدر شبابه يشتغل بأسواق دمشق..


III ـ شواهد الاحتراف في
مبنى القصيدة: حرفة الحِرَف:
لعله ليس كمبنى القصيدة مجالاً لإجلاء شواهد الاحتراف في صناعة المديح بما يجعل مصنوعاتها أقدر على "المنافسة" ونفاقها أضمن. وقد وجدنا للاحتراف في مسعى أبي تمام لإحكام الصناعة وتجويد "البضاعة" أدلة وافية.

عُني الطائيّ بصناعة مِدحته وعموم قصيدته عناية استثنائية حفَل بلغتها وإيقاعها وبلاغتها على نحو جعل منه "رأساً في الشعر مبتدئاً لمذهب.... حتى قيل مذهب الطائي"(40) ولَقَّبه الصولي مُدوِّن أخباره بـ"الرئيس الأستاذ"(41) الذي "انفرد بمذهب اخترعه وصار فيه أوّلاً وإماماً متبوعاً.... "كما أورد الآمدي على لسان "صاحب أبي تمام"، وهو يستعرض حجج طرفي الموازنة(42) ثم يُعدِّل من ذلك بما أورد على لسان "صاحب البحتري" الذي أنكر أن يكون أبو تمّام السابقَ إلى هذا المذهب وحصر إضافته في كونه "أفرط وأسرف"(43) أما المذهب فمذهب "الأنواع التي وقع عليها اسم البديع وهي الاستعارة والطباق والتجنيس"(44) وقد "أحبّ أن يجعل كل بيت من شعره غير خال من بعض هذه الأصناف"(45) بيد أن أبا تمام كان "يريد البديع فيخرج إلى المحال"(46) ويبدو المحال علة علل الانزعاج الذي سببه لذائقة رهط من متقبليه. والمحال بناء المعنى على التوهم(47) وبالتالي على الالتباس والتعمية والإغراب مما يحتاج معه إلى "استنباط وشرح واستخراج"(48) فلا غرو أن كانت "الاستعارة هي مشكلة المشكلات في شعر أبي تمام"، و"أساس الحملة التي شنّها النقاد المحافظون على شعره"(49) وأنْ عُدَّ ، إذْ قُوبِلَ بالبحتري، "شديد التكلف، صاحب صنعة.... وشعره لا يشبه شعر الأوائل ولا على طريقتهم لما فيه من الاستعارات البعيدة، والمعاني المولدة"(50). والاستعارة بما هي "جمع بين أعناق المتنافرات"(51) تستدعي نشاطاً ذهنيّاً تجريديّاً ومتى جاوزت الحد نأت عن مألوف بلاغة العرب الذين قام مبدأ الاستعارة عندهم على المناسبة، مناسبة المستعار للمستعار له حتى يتحقق البيان والتبيين، لذا، وهو يُغْرِب ويُغْمِض "زال عن النهج المعروف والسَّنَن المألوف"(52) في نظر من فضّل عليه البحتري لأنه "أعرابي الشعر مطبوع وعلى مذهب الأوائل وما فارق عمود الشعر المعروف"(53)، وممن ينسب إلى "حلاوة اللفظ وحسن التخلص ووضع الكلام في مواضعه وصحة العبارة وقرب المآتي وانكشاف المعاني"(54) ولئن نالت الصورة عند (حبيب) وهو يُجوِّدُ مِدْحته نصيب المركز فإنْ هي إلاّ مظهر واحد من مظاهر صنعة القصيدة واحتراف المدح، فعداها ثمة ظواهر أخرى كالتطبيق والتجنيس والإيحاش اللفظي والتعقيد التركيبي وترك الاعتدال في المعاظلة والتزحيف، مما عليه يدور الاختصام، فلقد عمد الطائي إلى إعادة "تصنيع" القديم وتسمية الأشياء وإلى كسر الإلْف بين الأسماء والمسميات استدراكاً على اللغة وقصورها مادامت الألفاظ متناهية والمعاني لا متناهية(55). وفُسِّرَ هَجْرُ الشاعر القريب من اللفظ والصورة والتركيب إلى القصي العصيّ بذلك وبالرغبة في لفت الأنظار إلى الأداة وتجليتها أمامها(56) وقد أومأ الطائي إلى هذا النهج قال [مج.المديد].

لي في تركيبه بدع = شغلت بالي عن السنن(57)

حيث التركيب هو مجال الإبداع، فليس المهم ما يقال بل المهم كيف يقال. وها هنا يتبدى الطائي مُرَكِّبُ سيارة هي مدحته الموسومة بميسم الذيوع والانتشار..

يُركِّب بُنيان قصيدته ويُحوِّله عن مألوف البناء فإذا الاستهلاك حاضر أو غائب، وفي حال الحضور مراوحة بين قديم الفواتح (طلل، نسيب...)، ومُحْدِثها (طبيعة، خمرة....)، وإذا الطلل عليه من سيماء الحضارة ما يجعله طلل خصب أما الرحلة فنازعة إلى الشكلية بدورها، وقد تفارق ظهور العيس إلى ظهور "بنات الحدائق" سفائن الخشب(58) وقد تختفي أو تفارق موقع وقوعها التقليدي. وكما تصرف أبو تمام في الفواتح تصرف في الخواتم، وأظهر ما طرأ على خاتمة حديث الشعر عن نفسه الذي أضحى ظاهرة قارّة عنده واطّرد هناك حيث غابت فاتحة الطلل(59) وبه انضاف إلى أقسام القصيدة قسم جديد لن تختلف حاله كثيراً عن حال بقية الفواتح أو الخواتم من شاعر إلى شاعر ومن عصر إلى آخر، في عدم الاستقرار. ويُركّب الطائي الصورة على أساس المباعدة مابين المستعار والمستعار له وبالتالي مابين المُخيّل مراجعة الواقعية (الإحالة) ومن ثمة مابين المنشئ والمتقبل (فقدان اللغة المشتركة)(60) فينقض بذلك ما استقر من مراسم تقبّل كانت البادية بيئته الأساسية والتلقي الجماعي إطاره والأذن قناته والذاكرة حافظته والرواية ناقلته، وقامت بلاغته على الوضوح المُمَكّن للسمع من المسموع. أما الكتابة، ركن المراسم الجديدة، فإنها كانت تُقوّي، بالقراءة والتلقي الفردي، فرص التأمل في المكتوب فـ"إنّ حلول الشاعر المنتخِب المسجِّل على الورق محل الشاعر الراوية لن يمرّ دون أن يترك أثراً"(61) تجلى في قيام فضاء بصري تشكيلي يخاطب حس المتقبل وبلاغة تعارض بلاغة المسموع في ركني الانسجام الصوتي واعتدال الصنعة(62)، أما المباعدة فكأن يقول "الطائي" "لا تسقني ماء الملام"(63) فيجعل للملام، وهو مُجَرَّد يُنالُ بالفكر، ماء وهو محسوس يُنال بالحواس، وفي مثل ذلك اختصم النقاد، فاستجاد الصولي الصورة واشترط، حتى يتسنى إدراكها، البعد عن الفهم الحَرْفي الذي يردّها إلى الحقيقة، وقَبِلها الآمدي محتكماً إلى العُرْف والعادة (ماء الوجه...) فيما أتى أحدهم أبا تمام وطلب منه، وبين يديه وعاء، أن يعطيه قطرات من "ماء الملام" فردّ عليه بأنه لن يعطيه قبل أن يأتيه بريشة من "جناح الذل" (الواردة في القرآن). أو كأن يقول [كامل]:

جارى إليه البينُ وصلَ خريدة = ماشتْ إليه المَطْلَ مَشْيَ الأَكْبَدِ(64)

فيثير حفيظة حُفَّاظ الأصول، وينعتونه بالزوال عن النهج المعروف والخروج إلى المحال. فلقد وقف الآمدي أمام هذه الصورة التي لم يجد للعقل فيها مكاناً وأشهد القوّامين على العربية قائلاً: "فيا معشر الشعراء والبلغاء ويا أهل اللغة العربية خبرونا كيف يجاري البين وصلَها وكيف تماشي هي مَطْلَها ألاَ تسمعون ألا تضحكون؟"(65) وعُدَّ هذا ومثله استعارات في غاية القباحة والهجانة والغثاثة والبعد عن الصواب وإنما استعارت العرب المعنى لما ليس هو له إذا كان يقاربه أو يناسبه أو يشبهه في بعض أحواله أو كان سبباً من أسبابه"(66)..

أما أبو تمام فكان يبحث عن "أبكار المعاني"(67) ويطلب اللُّقَى(68) ولعله كان يتعمَّد إغاظة هؤلاء.

وعدا تركيب القصيدة وتركيب الصورة دأب على تركيب الجملة على نحو قد يحجب المعنى ويُلبِّسُهُ، حين يعمد إلى توسيع الفجوة بين المسند والمسند إليه (الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر)، والضمير ومايعود عليه، وحين يقدم ويؤخر ويحذف ويكثر من الأسماء المحتمل رجوع الضمير عليها، ويناوب بين التكلم والخطاب والغياب فيما هو يتكلم (أنا/ أنت/هو) وذي ظواهر عامة متواترة لا حاجة إلى تخصيصها بشواهد.

ويُركِّبُ الإيقاع بضروب التجنيس والترصيع وفنون التناظر والتوازي والتوازن والتشكيل الصوتي ويفي به كل ذلك إلى الخروج على مذهب العرب(69) فيما رأى الرأي المحافظ، وعلى البلوغ بصناعة القصيد، حِرْفةِ الحِرَف، مبلغَ الدرجة القصوى من التحكيك والتجويد، الضامنة لنفاقها، فيما كان الصانع و"ذَوُو الفهم" يُقدِّرون"..


IV ـ شواهد الاحتراف
في معنى القصيدة:
حديث الصناعة إشهار البضاعة:

جسّد إشهار القصيدة بما هي "بضاعة" راقية الصناعة أحد شواهد المنزع الاحترافي في مستوى معناها بعد أن جسده مسعى الإتقان والتجريد في مستوى مبناها. وقوام الإشهار حديث المُقصدِّ عن قصيدته، الصانع عن صناعته. وإذْ هي في الغالب قصيدة مدحية فإن مدار هذا الحديث على المِدْحَة ومزاياها مُحْكَمَة الصّنع، سيّارة مُعْجبَة، ذات فتنة ووقع وإيقاع. وحبيب بن أوس أحد أكثر شعراء العربية تعاطياً لظاهرة الشعر على الشعر، بل كان "أوصف الناس لقصيده"(70) فلقد حققت عنده نسبة بلغت (8.45%) من شعره(71) وتواترها هو الذي جرّ بعض التغيير في بنية القصيدة، واحتلت محل الخاتمة أحياناً وعوضت الفاتحة الطللية بعد غيابها أحياناً، بل كانت بمثابة الصدى لجملة المقدمات التقليدية المختفية (طلل، نسيب، رحلة....)، فوجدنا الغزل بالقصيدة وهي توشك على نهايتها قد قام مقام الغزل بالقصْدَة (من صفات المرأة الجميلة) المتداول تقليدياً في بدايتها، والرحلة على ظهر القصيدة (السيارة) قد ناب عن الرحلة على ظهر القصيد (سنام الرّاحلة). ووجدنا المدح مجال توطين "إشهار البضاعة" عند الطائي وعددنا ذلك أمراً طبيعياً نابعاً من الأفق التكسبي الذي يحرك المادح ويُنَزِّل مدحته منزلة البضاعة تدخل غِمار المنافسة وتقاس بقيمتها "التبادلية" وتقتضي من عارضها تزيينها في عين طالبها عساه يوجب عليه ماكان يوجبه حديث مكاره الرحلة ومعاناة السير وإنضاء الظهور ألا وهو "حق الرجاء وذمامة التأمل... فيبعثه على المكافأة ويهزه للسماح"(72). حديث الرحلة هناك وهنا واحد وإن اختلف ظهر القصيدة عن ظهر الناقة بطبيعته العجيبة الخارقة، وذا مغزى ما صور الطائي بقوله [طويل]:

وسيارةٍ في الأرض ليس بنازح = على وَخْدِها حَزْن سَحيق ولا سَهْبُ(73)

لكن يظل دون تَسيارها كدّ وسهر يتكبدهما "صاغة الشعراء"(74) في السبك والصوغ وتحبير "حَبِر القصائدُ فُوِّفتْ تفويفاً"(75) ويستخدم العارض لإشهار "بضاعته جملة من الأصول الاستعارية ذات الوقع الإغرائي مثل اللباس والخمرة الجيدة والمرأة الحسناء والمعدن النفيس والطبيعة الغنَّاء. وإذ يقتنيها قانيها فإنه يقتني هذه المُتَع الحسية زيادة على اقتناء المجد والبقاء.

وإذا كان المادحون قد دأبوا على التصريح بالغاية التكسبية في خاتمة أقسام المِدْحة فإن الطائي أدرج ذلك أحياناً ضمن حديثه عن صناعته فأحدث توازناً بين جهد الصانع ومال الشاري، وما انفكّت خواتم المِدَحِ تدور على معنى الحاجة المتبادلة بين المادح والممدوح، صاحب القال وصاحب المال، في مساومة خفية لعلها أن تكون بقية اعتداد عند الشعراء الكبار من شعورهم بامتلاك مهارة وحوز سلطة ما زال ممكناً تثميرهما فاحتثهم ذلك على مسابقة الزمن لتحقيق التوازن بين الحاجتين على غرار ما صور الطائي من تبادل فعل الإلباس بالقول [طويل]:

فألبسني من أمهاتِ تِلاده = وألبسته من أمهات قلائدي(76)

بيد أنّ الزمن الذي كان فيه الشعر مطلباً حاجياً قد ولَّى بعدما أضحى الشعر إلى المكمَّلات والكماليات أقرب، وذا ما وجدنا الشاعر يعقد عليه معنى قوله مستغيثاً للشعر [طويل]

تداركْه! إن المكْرُمات أصابعٌ = وإن حُلَى الأشعار فيها خواتُمُ(77)

حيث احتل الشعر من المال مَحَلّ الخاتم من الإصبع وهو محلّ الزينة لا الضرورة. في هذا القسم "الإشهاري" من المِدْحة تَمَدَّح المادحُ (شاعراً فذّاً) وامتدح وسيلةَ مَدْحِهِ (عبقرية الصنع، فائقة الجودة) مَثَلُهُ مَثَلُ كل ذي حرفة متقِنِ مُجوِّد، إذ يحتفي بمنتوجه فعلاً (وهو يصنع) وقولاً (وهو يُشْهِر) وإذ يعزّ عليه أن يفارقه ويُفَرِّط فيه لذا كان إذْ يمدح كمن يمنح مَنْحاً يفوق مَنْحَ العادة الذي دأب عليه الممدوحون [طويل]:

مَنَحتُكَها تَشْفِي الجَوى وهو لاعجٌ = وتبعثُ أشجانَ الفتى وهو ذاهلُ(78)

وإذا كان فعل هذه المنيحة فعل الرُّقى فإن لشقيقتها من الحلاوة واللذاذة ما يفوق حلاوة المُنَى ولذاذة ريق الأحبة [كامل]:

زهراءُ أحلى في الفؤادِ من المُنى = وألذّ من ريق الأحبة في الفمِ(79)

ولشقيقتها من الحسن ما يُعفِّي على حُسن الخِلْعَةِ التي خلعها الممدوح على المادح، وشتّان بين ما تقع عليه العين وما يمتد إلى شغاف القلب [خفيف]..

حُسْنُ هاتيك في العيون وهذي = حُسْنُها في القلوب والأسماعِ(80)

بل غاية صاحبها إذْ تخرج من بين يديه أن تقع على شقيقٍ لها في الغَرابة [بسيط]:

خُذْها مُغرّبة في الأرضِ آنسةً = بكلِّ فهمٍ غريب حين تغتربُ(81).

لذا كان الطائي يربأ بنفسه عن أن ينسب إلى شعراء "الغوغاء" وكان "ينتج" لفئة مخصوصة بالحجا والفهم والذوق، بل أضحى الانتساب إلى تلك الغوغاء معنى هجائياً هش به على بعض من هاجاه(82).

وعدا حديث المقصد عن قصيدته وامتداح الصانع لصناعته وإشهار بضاعته وجدنا للطائي شاهداً ثانياً من شواهد الاحتراف على صعيد المعنى هو التكلم باسم الفئة التي أدركتها حرفة الأدب كلاماً يعكس وعي ذوي الصناعات حين يداهمها الخطر مهما كان نصيب نص الشكاة المتداول وفعل الغُلُوّ الذي مرده إلى طبيعة الشعر. يتجه الطائي إلى أحد ممدوحيه يستنفر فيه غيرته على الشعر متوسلاً بالإنشاء: "فما بال وجه الشعر أغبر قاتماً...."، "تداركْهُ...."، بل مستنفراً مشاعره القومية متوسلاً بالتلازم حيث تهاونُ العرب في حفظ الشعر ينفي العجب من تضييع غير العرب له[طويل]:

إذا أنت لم تحفظه لم يَكُ بِدْعةً = ولا عجَباً إن ضيعتهُ الأعاجمُ(83).

ويصور القريض وقد قضى لولا أنْ قَيّض له من أحياه فكانت عودته إلى الحياة استثناء [كامل]

أحييتَهُ وظننتُ أنّي لا أرى = شيئاً يعود إلى الحياة وقد قضى(84).

ويتوسل ممدوحه إسعاف ذوي الآداب وتفريج كربتهم، ويتكلم على لسانهم: "فكن هضبة نأوي إليها...."(85).

ويشارك أبو تمام غيره من شعراء المديح المعنى التكسبي الذي غالباً ما كان القسمُ الأخير في المدحة موطنَ تنزيله إن أومأت إليه بقية الأقسام، وكثيراً ماكان يشاركهم طرائق العبارة عنه، وهاهنا مَجْلَى الحِرفِية في بُعدها الارتزاقي أولاً والصناعي ثانياً متى حرص الشاعر على إعادة تصنيع هذا القسم..





الهوامش:

(1)ـ لسان العرب، مادة: ح.ر.ف.

(2)ـ مبروك المناعي، الشعر والمال، بحث في آليات الإبداع الشعري عند العرب من الجاهليّة إلى نهاية القرن III هـ/IX م، منشورات كلية الآداب بمنوبة 1998، ص 387.

(3)ـ يقول ابن رشيق في الصدد: "وكانت العرب لا تتكسب بالشعر... حتى نشأ النابغة فمدح الملوك وقبل الصلة على الشعر، وخضع للنعمان بن المنذر... فسقطت منزلته... فلما جاء الأعشى جعل الشعر متجراً يتجر به نحو البلدان..."، العمدة 1/80-81، دار الجيل، بيروت 1981.

(4)ـ عنترة، الديوان، شرح يوسف عيد، دار الجيل، بيروت 1992، ص 48.

(5)ـ هو معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب، شاعر جاهلي أطلق عليه معود الحكماء انطلاقاً من قوله: "أعوّد مثلها الحكماء بعدي"...

(6)ـ أورده المفضّل الضبي، المفضليات، تحقيق وشرح أحمد شاكر وعبد السلام محمد هارون، دار المعارف بمصر، ط5، د.ت، ص ص 354-356.

(7)ـ ابن طباطبا،عيار الشعر، تحقيق وتعليق:طه الحاجري ومحمد زغلول سلام، القاهرة، 1956، ص ص 8-9.

(8)ـ الجاحظ، البيان والتبيين، حققه وشرحه حسن السندوسي، القاهرة 1932، 1/204.

(9)ـ الكتابة بالمعنيين، معنى النثر ومعنى الخط. استخدمها أبو هلال العسكري بالمعنى الأول في عنوان كتابه: (كتاب الصناعتين الكتابة والشعر)..

(10)ـ الحريري في إحدى مقاماته وانظر في تدافع الشعراء والكُتّاب: حمادي صمود، في نظريّة الأدب عند العرب، النادي الثقافي بجدّة، جدّة 1992، ص ص 89-124.

(11)ـ أبو الشمقمق (ت.نحو 190)، أورده إبراهيم النجار، مجمع الذاكرة أو شعراء عباسيون منسيون، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية تونس 1987-1990، III/49.

(12)ـ أبو نواس (ت 198هـ)، الديوان، تحقيق وضبط وشرح أحمد عبد المجيد الغزالي، القاهرة 1953، ص 401.

(13)ـ أبو دلامة، (عايش أوائل خلفاء بني العباس)، أورده إبراهيم النجار، نفسه، III/208.

(14)ـ البحتري (ت 284هـ)، الديوان، دار صادر، بيروت، د،ت، I/208.

(15)ـ أبو تمام، الديوان، شرح الخطيب التبريزي، دار المعارف بمصر 1951، III/284.

(16)ـ نفسه، III/265.

(17)ـ نفسه، IV /454.

(18)ـ مبروك المناعي، م،س،ص 392.

(19)ـ أورد جمال الدين بن الشيخ جملة من المعطيات في الصدد، انظر: الشعرية العربية، ترجمة مبارك حنون ومحمد الولي ومحمد أوراغ، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1996، ص ص 78-81.

(20)ـ انظر في الصدد: مبروك المناعي، صلة الشعر بالسحر، فصول ع1، و2، مX ، يوليو 1991.

(21)ـ انظر في صدد نزوع الشعر من الجليل إلى الجميل، عبده بدوي، أبو تمام من خلال عصره، الثقافة ع 19، أفريل 1995، ص 45.

(22)ـ محمد العمري، تحليل الخطاب الشعري، الدار العالمية للكتاب، الدار البيضاء، 1990، ص ص 204-224.

(23)ـ أشار إلى ذلك محمد الماكري بقوله "لم يَخْلُ حديث عن تجويد الصناعة الشعرية من استعارة فعل الحوك المحيل على صناعة النسج... فالقصيدة بمثابة المنسج شكلاً مرئياً وفناً يدوياً" بيد أن الحوك لم يكن المستعار الوحيد، والمدح كان أجلب الأغراض للتمثيل الحرفي ـ انظر سياق قوله الماكري في كتابه:

"الشكل والخطاب، محمد الماكري، بيروت/الدار البيضاء، 1991، ص 143.

(24)ـ تفصيل ذلك في الفصل الذي نشرناه بعنوان "أبو تمام نصّاصاً"، ـ الموقف الأدبي، ع 312، نيسان 1997.

(25)ـ الديوان، شرح شاهين عطية، دار الكتب العلمية، بيروت.

(26)ـ رغم ما أبداه من حرص على إثبات عروبته، ولعل البعض من ذلك كان راجعاً إلى تواصل تحكيم المحددات الخارجية في عيار الأدب عند النقاد...

(27)ـ الديوان، شرح الخطيب التبريزي، دار المعارف بمصر، 1951، I/96.

(28)ـ نفسه III/ 109

(29)ـ نفسه III/110

(30)ـ نفسه I/33

(31)ـ نفسه III/331

(32)ـ نفسه III/328

(33)ـ نفسه III/331

(34)ـ ابن قتيبة يروي قول الأصمعي "زهير والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر لأنهم نقحوه ولم يذهبوا فيه مذهب المطبوعين".. وقول الحطيئة: "خير الشعر الحوليّ المنقح المُحَكَّك"... ـ الشعر والشعراء، دار الثقافة، بيروت، 1964، ص 23.

(35)ـ الديوان I/408

(36)ـ نفسه IV/401

(37)ـ نفسه I/222

(38)ـ نفسه II/161

(39)ـ نفسه IV/ 74

(40)ـ الصولي، أخبار أبي تمام، تحقيق وتعليق محمود عساكر ومحمد عزام، المكتب التجاري للطباعة والتوزيع، بيروت، د.ت.ص37.

(41) ـ نفسه ص 67.

(42) ـ الآمدي، الموازنة، بين أبي تمام والبحتري، تحقيق وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العلمية، بيروت 1944، ص 16.

(43) ـ نفسه ـ ص 17

(44) ـ نفسه ـ ص 17

(45) ـ نفسه ـ ص 20

(46) ـ نفسه ـ ص 21

(47) ـ شكري المبخوت، المعنى المحال في الشعر، علامات V /2، سبتمبر 1992، ص ص 35-99.

(48) ـ الآمدي، م.س. ص 10.

(49)ـ يوسف خليفة، م.س.ص 103.

(50) ـ الآمدي، م.س.ص11.

(51) ـ عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق هـ.ريتر، مكتبة المتنبي، القاهرة، 1979، ص 136.

(52) ـ الآمدي، م.س.ص 17

(53)ـ نفسه ـ ص 11

(54) ـ نفسه ـ ص 10.

(55)ـ حسين الواد، اللغة الشعر في ديوان أبي تمام، دار الجنوب للنشر، تونس 1997، ص ص 50-81.

(56) ـ نفسه.

(57) ـ أبو تمام الديوان، شرح شاهين عطبة، نشرة دار الكتب العلمية، بيروت 1987.

(58) ـ أبو تمام الديوان، شرح الخطيب التبريزي، نشره دار المعارف بمصر 1951.

(59) ـ أفضى بنا تقصي الظاهرة عند أبي تمام في الأطروحة التي أنجزناها على "الشعر على الشعر عند العرب قديماً"، إلى تسجيل استقطاب الخواتم المدحية لما يناهز ثلاثة أخماس الظاهرة وتعويض خاتمة الشعر على الشعر للنسبة نفسها من غياب الفواتح، بما جعلنا نرى "الوقوف على أطلال القصيدة في الخواتم يحل تدريجياً محلّ الوقوف على أطلال الأحبة في الفواتح، بل نرى حضور خواتم الشعر على الشعر يسدّ مسدّ الفواتح بعد غيابها.

(60) ـ انظر: محمد العمري، م.س.ص 217

ـ ثامر سلوم، الانزياح الشعري، علامات، V/ 19، مارس 1996، ص ص 90-122.

(61) ـ محمد العمري، م.س.ص 205.

(62) ـ نفسه، ص 206

(63) ـ أبو تمام، الديوان، شرح الخطيب التبريزي، I/ 25

(64) ـ نفسه II/44.

(65) ـ نفسه ـ ص 248

(66) ـ الآمدي، م.س.ص 235.

(67) ـ أبو تمام حيث يقول[وافر]:


إليكَ بعثتُ أبكارَ المعاني


تليها سائقٌ عَجِلَ وَحادِ I/245


(68) ـ انظر الفقرة: "بحثاً عن الإتقان واللُّقى"، من فصل انتصار الصانع الفنّان ـ فهد عكّام، الموقف الأدبي ع 181، أيار، 1986، ص 228.

(69) ـ وهو معنى قول ابن الأعرابي (لغوي): إن كان هذا شعراً فما قالته العرب باطل" ـ الصولي ، م.س.ص 245.

(70) ـ ابن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، دار الجيل، بيروت 1981، I / 201.

(71) ـ نسبة انتهينا إليها من اقتصاص أثر الظاهرة في ديوانه ضمن الأطروحة التي أنجزناها في موضوع "الشعر على الشعر عند العرب قديماً"...

(72) ـ ابن قتيبة، م.س.ص 21

(73) ـ أبو تمام، الديوان ، I/ 203-204.

(74) ـ نفسه I/ 33

(75) ـ نفسه II/386

(76) ـ نفسه II/6

(77) ـ نفسه III/182

(78) ـ نفسه III/131

(79) ـ نفسه III/256

(80) ـ نفسه II/342

(81) ـ نفسه I/ 264

(82) ـ قال يهجو عتبة بن أبي عاصم [كامل]:

نُبِّئتُ عُتبةَ شاعرَ الغَوْغَاءِ = قد ضَجَّ من عَوْدي ومن إبدائي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى