عصري فياض - فخ الوسيط المصري

عندما دخل الوسيط المصري على خط التفاوض بين حركة حماس و"اسرائيل" ابان اسر الجندي "جلعاد شاليط"، لأجل إجراء صفقة تبادل، طلب "الاسرائيليون" من الجانب المصري أن يحصلوا من حركة حماس على تعهد بعدم اللجوء للأسر مرة ثانية كشرط من شروط اتمام الصفقة، فذهب الوسيط المصري لحماس بهذا الطلب، فكان جواب حماس لا يمكن ضمان ذلك ما دام هناك احتلال ومقاومة لهذا الاحتلال، الجانب المصري عاد للطرف الاسرائيلي وضرب على صدره متعهدا بهذا الشرط لأجل اتمام تلك الصفقة، فكانت وحملت اسم "وفاء الاحرار"، ولما خطفت خلية من حماس المستوطنين الثلاثة في منطقة الخليل في صيف العام 2014، قامت "اسرائيل" بإعادة اعتقال معظم من أفرج عنهم خلال الصفقة في الضفة، ولا زالوا رهن الاعتقال.الامر الذي لم تقدم عليه سابقا في كل اتفاقيات التبادل السابقة
اليوم وبعد اتمام اتفاق أو تفاهم الهدنة التي تلت الايام الخمسة القاسية في المواجهة او المعركة الخامسة عشر بين دولة الاحتلال والجهاد الاسلامي وباقي قوى المقاومة،اعلن ان انجاز الهدنة او التهدئة بشروط كتب بعضه،وبعضه كان تعهدا من الوسيط،فبعد أن كانت مطالب حركة الجهاد واضحة وجلية ومحقة في بداية بدء الاتصالات،ومنها تعهد "اسرائيل" بوقف سياسة الاغتيالات،وتسليم جثمان الشهيد خضر عدنان لأهله،والتوقف عن سياسة الاجتياحات في مدن نابلس وجنين،وكبح جماح مسيرة الاعلام الاستفزازية التي من المنتظر ان يقوم بها المستوطنون الخميس القادم بمناسبة ما يسمى "يوم القدس"،رفضت " اسرائيل" هذه الشروط،فأعاد الوسيط المصري طرح ورقة جديدة لكسر الهوة بين الجهتين،وخرج بورقة هي اقرب للمواقف الاسرائيلية منها لمواقف وطلبات الجهاد،فشطب المطالب الثلاث الاخيرة المتعلقة بالاجتياحات وجثمان الشهيد خضر عدنان ومسيرة الاعلام،وابقى مكانها تعهده بالتوقف عن القصف ومهاجمة البيوت والتعرض للمدنيين،وهذا يكون تحصيل حاصل إذا ما توقفت النيران،وبخصوص الطلب الاهم وهو وقف سياسة الاغتيالات التي كانت سببا رئيسيا في هذه المواجهة،فقد تم استبدال هذه الفكرة بإضافة كلمة و"الافراد"الى نص الاتفاق مع بند التوقف عن قتل المدنيين والإفراد،ولما استفسر جانب الجهاد عن معنى وتفسير كلمة " الافراد" كان جواب الجانب المصري الشفوي المقصود بها " القيادات المستهدفة "،ولما اصر ممثل حركة الجهاد على ضرورة توضيح هذه الكلمة الفضفاضة،ضرب الوسيط المصري على صدره مرة ثانية للمفاوض الجهادي بضمان ان تكون هذه الكلمة معبرة عن طلب الجهاد الرئيسي،وان الجانب " الاسرائيلي" لم يكن من السهل عليه ان يوافق على كلمة او مصطلح مباشر يتوافق مع طلب الجهاد الاسلامي الرئيسي وهو التعهد بوقف الاغتيالات بشكل صريح.كما أن الاتفاق او التفاهم لا يحدد قطاع غزة كجغرافيا مقصودة،وهذا يعني أن ما يجري وسيجري في الضفة منفصل عن ذلك التفاهم.
إن الوسيط المصري وتحت ضغط كبير منه،قد انتزع من جانب الجهاد الاسلامي موافقه على وقف النار،سيرا على سياسته القائمة وفق تجارب نهاية كل المواجهات السابقة والتي كانت تنتهي بتفاهمات لم يلتزم الجانب الاسرائيلي بأغلبيتها،ولم يمارس الجانب المصري خلال التجارب الماضية أية ضغوط على الجانب الاسرائيلي لحثه على الالتزام بكومة التعهدات،وهنا نسوق بعض الامثلة القريبة،عندما جرت معركة وحدة الساحات،تدخل الوسيط المصري وحصلت تهدئة على اساس وقف النار واطلاق سراح الاسير الشيخ بسام السعدي والاسيرالاداري خليل عواودة الذي كان مضربا عن الطعام،مضى تسعة شهور على الاتفاق ولم يفرج عن الاسيرين،المثال الثاني هو ما حصل قبل اقدام اسرائيل على اغتيال القادة الثلاث في بدء المعركة الاخيرة،كان من المقرر ان يخرج وفد من حركة الجهاد لمصر،على الاقل كان سيكون من بينهم طارق عز الدين،الجانب المصري طمئن اعضاء الوفد أنه حصل على تعهد بعدم التعرض لهم،لكن النتيجة كانت عكس ذلك تماما،ودليل ذلك "غضب" الجانب المصري في الساعات الاولى على تنفيذ الاغتيال.
الخلاصة تقول،الوسيط المصري الذي يعمل من منطلق نظرته التاريخية التي تقول أن فلسطين هي عمقه القومي،يمارس هذه القناعة بالضغط على الجانب الفلسطيني أو الميل عليه،بينما فيما خص الجانب" الاسرائيلي" فهو حريص كل الحرص على التمسك باتفاقيات كامب ديفيد الاولى ومعاهدة السلام معه نصا وروحا بالرغم ما فيها من قيود وشروط كبلت الجيش المصري طويلا في بسط سيطرته على شبه جزيرة سيناء،وفي موازين المصلحة والربح والخسارة،مجموع الابقاء على حسن العلاقات مع الجانب الاسرائيلي،والتعايش مع هذا الجار الشرقي،اكثر بكثير ما يربطه مع الجانب الفلسطيني سياسيا وخصوصا انه ينظر لقطاع غزة كإقليم متمرد،مضطر للتعامل معه من بوابة جهاز المخابرات كونة نقطة ساخنة في جهة الشرق.
لذا،اعتاد " الاسرائيليون " على مساهمة الجانب المصري في إنقاذ هم كلما تورطوا في عدوان على غزة،وتعثروا في محاولات الخروج منه.وعتاد الجانب المصري على دس بعض الافخاخ في نصوص التفاهمات لتحقيق وقف النار بأي شكل من الاشكال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى