ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عبدالوهاب الغريري - العراق - 1934 - 1959

عبدالوهاب بن عبود بن عبهول الغريري.
ولد في مدينة المحمودية (جنوبي بغداد)، وتوفي في بغداد.
عاش في العراق عمره القصير، فما علا نجمه حتى خبا.
تلقى تعليمًا نظاميًا في بغداد، فالتحق بمدرسة الفضل الابتدائية، ثم المتوسطة الغربية، وأكمل دراسته الثانوية في المدرسة الإعدادية المركزية، ثم التحق بكلية الآداب (جامعة بغداد) قسم اللغة العربية، وتخرج فيها (1956).
انتمى لتنظيمات حزب البعث منذ كان طالبًا، وقد جنّده الحزب للاشتراك في محاولة لاغتيال عبدالكريم قاسم، فانتهى الأمر إلى مصرعه (1959).
رثاه الشاعر هلال ناجي بقصائد نشرت في ديوان «الفجر آت يا عراق» - القاهرة 1962.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد في: كتاب «عبدالوهاب الغريري أديبًا»، وكتاب «قصائد مختارة من شعراء الطليعة العربية». وقصائد نشرتها صحف ومجلات عصره منها: «قصة قلب» - مجلة الأديب البيروتية، عدد أول السنة 15 - 1956، «ثورتنا في الجزائر» - ملحق جريدة الجمهورية الأدبي - بغداد - خريف 1958.
شعره قليل ينبئ عن نجم كان يمكن أن يعلو في سماء الشعر، غير أن حياته القصيرة التي لم تتجاوز ربع القرن قُدر لها أن تنطفئ قبل الأوان، تتنوع قصائده بين التزام الوزن والقافية، والكتابة على الشكل التفعيلي، في شعره وطنية وتفاعل مع قضايا الوطن العربي، تبدو فيه نزعة تشاؤمية وألم دفين، تراكيبه وصوره فيها جدة وحداثة تتناسب مع ثوريته.
أقيم له تمثال بشارع الرشيد ببغداد (حيث لقي المترجم له مصرعه).

مصادر الدراسة:
1 - حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين - دار الشؤون الثقافية - بغداد 1995.
2 - رزاق إبراهيم حسن: عبدالوهاب الغريري أديبًا - منشورات وزارة الإعلام - دار الحرية للطباعة - بغداد 1976.
3 - علي جعفر العلاق: قصائد مختارة من شعراء الطليعة العربية - دار الحرية للطباعة - بغداد 1977.
4 - ليث الزبيدي: ثورة 14 تموز 1958 - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1981.
5 - مؤيد عبدالقادر: عبدالوهاب الغريري، شهيد في شارع الرشيد - دار الحرية - بغداد 1991.



* ذكرى اللقاء

أيّ ذكرى لـم تزل مـثل لقـانــــــا = حـلـوةً تتلـو أحـاديثَ هـوانــــــــــــا
يـومَ كُنـا والأمـانـي قُبــــــــــــــلةٌ = رشفَتْهـا حـيـن فـاضتْ شفتـانـــــــا
رشفةٌ ذابت بـهـا أمـنــــــــــــــــيَّةٌ = فغدتْ تبحثُ عـنهـا مقـلـتـانــــــــــــا
رشفةٌ مـن بعـدهـا كـم ظـــــــمئَتْ = شفةٌ تطلـبُ ودّاً وحنـانــــــــــــــــــا
الهـوى يـختـال فـي أعـمـاقِنـــــــــــا = ولكـم قـد تـيَّه اللـيلُ سـوانـــــــــــا


***

* حب يغذيه الوفاء


حبُّ يغذِّيه الوفاءْ
بالنورِ يخفق والرجاءْ

بالأمس كانْ
كالطفل يرعاه الحنانْ
يلهو ويمتلك الزمانْ
حتى إذا أزف الفراق وراح يبحث في جنونْ
عن عينها بين العيونْ
هربت وقد أزف الفراقْ
بئس الفراق بلا لقاءْ
ويعود مكلومَ الرجاءْ
يتوعّد القدر الغشومْ
وتمرّ أيام الفراق ثقيلةً مثل الغبارْ
يجثو على رِئةِ السقيمْ
ويعود يحلم من جديدْ
بلقائها بهوًى سعيدْ
حتى نفرت، وقد يردّد في ذهولْ
متوعدًا: «قد عُدتُ إن شئتِ اغضبي
أو فاهربي
لكنْ ستبقى في دروبك لن تموتْ
ذكرى الهوى ، أبدًا ستبقى
لن تموتْ»
قد كان كانْ
يلهو ويمتلك الزمانْ
قلبي الذي عرف الحنينْ

***

* ثورتنا في الجزائر

أخي في السفح والقمةِ تلقانا
تمهَّلْ إنّ فوق الجبلِ المحموم نيرانا
ففي كلِّ يدٍ نارُ
وفي كلِّ دمٍ نارُ
لقد ضجَّتْ من الإذلال والقتل حنايانا
فنحن اليوم ثوارُ
ونحن اليوم أحرارُ

أخي في الثأرِ في الآلامِ في الحبِّ
أخي ياشعلةَ العُرْبِ
أخي في المجد والإصرارِ في الثورهْ
أخي من أمتي الحرهْ
لقد ضجَّتْ من الإذلال والقتل حنايانا
فنحن اليومَ ثوارُ
ونحن اليومَ أحرارُ

غريبٌ حلَّ في داري
أتى بالغدر والعارِ
يدكُّ الدار كي يُهلك مَنْ فيها
ليبني فوق أهليها
له دارا
ولم يعلم بأنا حجر الدارِ
وأنَّ الدار هذي دارنا الحرّهْ
ستبقى تَسَعُ المدفعَ بالنيران يُصليها
وبالحقد يُواريها
ولكن لم تَسعْ في عمرها مَرَّهْ
بأن يبني غريبٌ فوقها دارا

أخي قد شُرِّدَ الأطفالُ من شعبي
وراحوا مِزَقًا يقْطر منها دمُها الحارُّ
وهم في مِخْلب الذئبِ
على الدربِ
وفي الكهف وفي الحفرهْ
تشعُّ النور كالشُّهبِ
تضيءُ الدربَ للركْبِ
ويمضي الركب في الدربِ
وفي كلِّ يدٍ نارُ
وفي كلِّ دمٍ ثارُ
لقد روَّى الثرى الظامي
دمٌ من أمتي الحرهْ

أيدري غاصبُ الدارِ
بأن ليس من الإذلال والعارِ
بأن يبقر بطنَ الطفل نابُ الذئب في غارِ
وأن العار أن تبقرها حربه
يسمّيها:
«شعارَ الحق والإصلاح والعدلِ»
وما أبصرَ ما فيها
دماءَ الحق والعدلِ
فنابُ الذئب أنقى منكِ
يا باريسُ يا حربه
بلا غمدٍ يغطّيها
سوى السمّ الذي أنقع للقتلِ
أخي لم تصدأِ الحربه
ولكنّ دم الأحرار غطّاها
دم الأحرار من شعبي
وإذ تلمح في القمة والسفحِ
شَرارًا كسنا الصبحِ
شرارًا يوقد النارَ
فأيقنْ أن هذا الجبل المحموم أوراها
وقد غارت به الحربه
فعادت قطعةً شوهاءَ كالقارِ





عبدالوهاب الغريري.jpg

تعليقات

اهلا اخي الطيب. وشكرا على المتابعة.. ونتمنى موافاتنا بنصوص عن الشاعر الفقيد .. لنفرد له متصفحا خاصا بركن مختارات الانطولوجيا
 
أعلى