د. محمد عباس محمد عرابي - قضايا المهن والحرف في قصص مسعود وباتعة للأديب خالد همام

بأسلوبه المميز وفكاهته الأدبية، ومعالجته لقضايا المجتمع الاجتماعيةتناول الأديب خالد همام قضايا العمل والعمال والمهن والحرف، محاولا وصفها بقلمه المبدع ومناقشة صعوباتها ووضع الحلول العملية لها بأسلوب أدبي فريد يعتمد على الحوار المباشر، والرمز أحيانا....

فطرحُ أديبنا خالد همام-كتربوي قبل أن يكون كاتبا وأديبا -يعتمد على مشاركة القارئ (المتلقي) في الاستنباط والتفكير وشحذ الذهن، واقتراح الحلول المفيدة بما يعود على أبناء الوطن والمجتمع بالنفع والفائدة.

وفيما يلي بعض النماذج المختارة من كتابته حول قضايا المهن والحرف، ومن هذه القضايا: قضية احترام مهنة التعليم وتقدير المعلمين، قضية التقاعد المبكر لعمال المصانع التي تم إغلاقها ، تفاني العاملين في إنجاز الأعمال المكتبية ، قضية عمل ذوي المؤهلات العليا في المهن والحرف التي تدر عليهم كسبًا حلالا بدلا من البطالة (لهم مني كل شكر وتقدير )،قضية إعارة المعلمين للعمل في الدول العربية الشقيقة، وقضية رغبة الشباب في العمل ،وفيما يلي العرض والبيان :

قضية احترام مهنة التعليم وتقدير المعلمين:

تحدث الأديب خالد همام عن قضية احترام مهنة التعليم وتقدير المعلمين، وعرض أمثلة من الواقع على هذا الاحترام والتقدير حيث يقول في قصة " مسعود في محراب التربية ... ":

تدفق مساء أول خميس من سبتمبر الفاتح ٢٠٢٢ على عقل مسعود وقلبه الأصيل ...

فها هو يتذكر معلمه الأستاذ ( شكري ) بمدرسة الإخلاص الابتدائية المشتركة والذي أحبه التلاميذ و التلميذات حتى نال لقب المعلم المثالي على مستوى القطر المصري وتم تكريمه في يوم عيد العلم ...

وطاف بعقل مسعود أيضا تلك اللمسة الجميلة من أمير دولة عربية عندما قدم إلى مصر في زيارة خاصة للمشاركة في جنازة معلمه وتقديم واجب العزاء لأسرته بأدب جم ...

وتذكر أيضا قاضي المحكمة العراقي الذي قام من على منصة القضاء احتراما لمعلمه عندما لمحه واقفا لتقديم شهادته في المحكمة ..."

*التقاعد المبكر لعمال المصانع التي تم إغلاقها :

فقد تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في عيد العمال ... "عن قضية التقاعد المبكر لعمال المصانع إغلاقها ، وتحدث كيف يقضي هؤلاء العمال المتقاعدون أوقات فراغهم ،وكان الكاتب يرمز بطريق غير مباشر استنكاره لتضييع الأوقات بعد التقاعد دون عمل ولو بسيط أي عمل يدر كسبا حلالا، يحث على الوقوف على أسباب خسارة المصانع ،وعرض لقضية النجاح في حل مشكلات هذه المصانع في ظل الخصخصة ،وعودة لقافلة الإنتاج والربع ،ودفع عجلة العمل ،ودفع مسيرة الوطن في التنمية يقول الأديب خالد همام في قصة "مسعود في عيد العمال ... "

"في صباح كل يوم لاحظ مسعود أن جاره الأسطى ( إبراهيم أبو شنب ) يجلس على المقهى بدلا من الذهاب لعمله بمصنع الغزل والنسيج ...

دارت برأس مسعود عدة أفكار منها :

ربما تقاعد الرجل لظروف صحية ...

ولكنها فكرة مستبعدة فالأسطى إبراهيم يتمتع بصحة تنقل الجبال وعضلات مفتولة ودوما زوجته الست ( مديحة ) تتفاخر أمام باتعة بقدرات زوجها الذي يزن ألف رجل من رجال الوظائف الكتابية أمثال مسعود .

جلس مسعود على المقهى ليطمئن على جاره القاعد عن العمل وبعد حوار طويل عرف مسعود أن كل عمال المصنع لا يذهبون للعمل .

فالمصنع توقف عن الإنتاج منذ شهور وتتم عملية التجهيز لبيع المصنع ورواتب العمال توضع على بطاقاتهم البنكية كل شهر حتى يتم البيع .

ومن حوار مسعود مع الرجل علم أن مجموعة من المصانع الأخرى الخاسرة منذ سنوات قد اشتراها رجل أعمال سوري وأعاد تشغيلها ونجحت وربحت وصدرت للخارج.."

وأشار الأديب خالد همام إلى قضية تقاعد العمل المبكر في قصة

مسعود في نهاية الطريق ... التي يقول فيها :

"في غروب أخر شمس خميس في أغسطس ٢٠٢٢ رجع مسعود إلى بيته العتيق بالحارة بعد أن زار عمته ( منصورة ) ذات التسعين خريفا ...

العجب يملأ رأس مسعود الصلعاء فمازالت عمته تملك ذاكرة فولاذية فهي تحدثه عن عهد الملك فاروق الأول وكأنه بالأمس القريب ...

بل وتذكر له وجبات الطعام الساخنة التي كانت تأكلها في مدرستها الابتدائية قبل أن يجبرها والدها على ترك المدرسة لتتزوج من ابن عمها ( مهران ) الموظف بمحلات عمر أفندي .

ظل مسعود شاردا في ذكريات عمته العجوز حتى وصل إلى غرفة زوجته باتعة والتي تحصنت بسجادة الصلاة الخضراء وظلت تهمهم بدعاء غير مسموع ...

لما فرغت باتعة من دعائها سألها مسعود :

خير يا باتعة ! نازلة دعا في مساء الخميس لمين ؟

أو على مين يا نهر الحنان والرحمة ؟

ضحكت باتعة حتى كشفت عن نواجزها ثم قالت :

مخبيش عليك يا سي مسعود ... أنا قلقانة على طارق ابن أختي ... خايفة ليرفدوه من مصنع الغزل ... وينضم لجيش العواطليه ."

وتحدث أيضا عن رغبة العمال في مواصلة العمل بعد التقاعد حيث يقول في قصة " مسعود في المصنع ..." حيث يقول :
فكر مسعود في أن يكمل مسيرة إصلاح هذه الأسرة المنكوبة فاقترح عليهم عودة أشرف لمدرسته وعودة والده للعمل بالمصنع وتذكر مسعود عبارات الماضي الجميل :
العمل شرف .... العمل واجب .... العمل حق .
فرح أبو أشرف بفكرة جاره المسعود وطلب منه أن يصحبه لمقابلة مدير المصنع السيد ( شوكت الدمنهوري ) لمساعدته في الرجوع للمصنع فقد اشتاق للآلة التي كان يقضي عليها أجمل ساعات عمره في العمل والإنتاج وتذكر كيف كانت مهارته في دنيا الغزل والنسيج ومدى فرحته بين زملائه بالإنتاج الراقي من خيوط قطننا الأبيض الطويل التيلة الجميل ....
وقبل وصول مسعود وجاره لبوابة المصنع شاهدا أحد رجال الأعمال يعاين المصنع ويهمهم بكلمات :
12 ألف متر يخلصوا على 12 مليون والعمولات حوالي زيهم وبعدين نبني الأبراج .... المتر في الشقة بحوالي 4 آلاف جنيه وفي المحلات بحوالي 15 ألف جنيه وفي السطح بحوالي 1200 جنيه والبدروم ممكن .... وممكن ......
دخل مسعود وأبو أشرف على السيد شوكت الدمنهوري صاحب البدلة المستوردة والسيجارة الحمراء فحياه مسعود :
صباح الفل يا سيادة المدير ... وربنا يكون في عون معاليك ...
رد السيد شوكت :
صباح النور ... مين حضرتك ؟
- أنا مسعود جار الراجل الطيب ده وكان معاكم في المصنع ونفسه يرجع للشغل ومستعد يرجَع مكافأة نهاية الخدمة أو حتى يشتغل باليومية ... زي ما تحب معاليك لأنه تعب من القعدة ع القهوة ونفسه يرجع لعمله ... وسعادتك فيك البركة بقى ...."
تفاني العاملين في إنجاز الأعمال المكتبية :

تحدث الأديب خالد همام في قصة " مسعود في الهشتاج... "عن قضية تفاني العاملين في إنجاز الأعمال المكتبية، وتراخي القلة في ذلك حيث يقول :

انتصف ظهر الخميس ومازال مسعود قابعا على مكتبه القديم ينجز أعمال مصلحته الحكومية الروتينية من كل شهر إفرنجي ...

يحاول المسعود إنهاء كومة الأوراق الجاثمة على صدره ومكتبه ....... ...

لأول مرة يشعل الغيظ أوتار قلب مسعود الرقيقة فيصرخ في زميله المنسي طالبا منه ترك التليفون ومساعدته لإنجاز الأوراق التي صارت في ذمة مسعود رغم أنها تخص الجميع..."

*قضية عمل ذوي المؤهلات العليا في المهن والحرف التي تدر عليهم كسبا:

تحدث الأديب خالد همام عن قضية عمل ذوي المؤهلات العليا في المهن والحرف التي تدر عليهم كسبًا حلالا بدلا من البطالة حيث يقول في قصة "مسعود في التموين ... " :

أشرقت شمس الخميس ومسعود يقف في طابور مهيب يحمل بطاقته التموينية الخضراء ليحصل بها على حصته المقررة من الخبز الأسمر الجميل المصنوع من القمح الروسي المبارك ...

بعد وقت لايعلمه إلا الله وأصحاب الطابور وصل المسعود إلى دوره فسلم البطاقة لشاب وسيم يحمل بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة ويعمل عند صاحب المخبز على ماكينة صرف الخبز ويتقاضى ثلاثين جنيها وعشرين رغيفا طازجا ....

ابتسم الشاب الصابر في وجه مسعود قائلا :

لو سمحت يا أستاذ مسعود لازم تروح مكتب التموين تقدَم تظلَم لأن بطاقتك لها تحذير بالإلغاء من الدعم.."

*قضية إعارة المعلمين للعمل في الدول العربية الشقيقة :

تحدث الأديب خالد همام عن قضية إعارة المعلمين للعمل في الدول العربية الشقيقة حيث يقول في قصة " مسعود في السيارة ...... " :

ركب مسعود السيارة فإذا بشخص كبير الحجم عظيم الشأن مهاب الطلعة عريض الصلعة يخلع نظارته ويسكب عينيه في وجه مسعود قائلًا :
أزيك يا مسعود ... فاكرني ...
حملق مسعود في وجه الرجل المنفوخ وعاد بذاكرته لسنوات طوال ...
افتكرتك ... أنت عاطف شكري ... ابن حضرة الناظر ... ياه أنت سافرت مع والدك الإعارة سنة 1977 ومن ساعتها واتقطعت أخبارك ... أزيك يا عاطف وإيه أخبار حضرة الناظر ؟

رغبة الشباب في العمل:
تحدث الأديب خالد همام عن رغبة الشباب في العمل حيث يقول في قصة "مسعود في الشركة ... " حيث يقول :في صباح الخميس الأول من مارس الجميل استيقظ مسعود على صوت أخيه الأصغر ( سعيد ) وهو يرقص من الفرح قائلا :
أخيرا يا مسعود نزل إعلان الوظيفة المناسبة في شركة كبيرة وطبقا لتخصصي - دبلوم صنايع - قسم سباكة وصرف صحي -
فرح مسعود وسجد شاكرا لله - تعالى - الذي جبر كسر أخيه سعيد الحاصل على الدبلوم منذ سنوات طويلة والذي فشل في الحصول على عمل فطار يائسا إلى الخليج فكدَ وكدح ثم .....(عاد )طلب سعيد من أخيه مسعود أن يصحبه في ذهابه للشركة صاحبة الإعلان لإحضار استمارة التقديم ؛ على الفور وافق مسعود مرددا : حاضر يا حبيبي اطمن أنت مش لوحدك ...




ونخلص مما سبق براعة الأديب خالد همام في قصصه في معالجة قضايا المهن والحرف بأسلوب شيق وجذاب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى