د. علي زين العابدين الحسيني - جدلية الإنجاز

لا تضف عدداً من الأيام إلى حياتك، وإنما أضف أعمالاً جليلة في أيامك إلى حياتك.
لا تتذكر أيام الشدائد التي مررت بها فإنّها تطيل من سهرك بالليل، فالمرء حيث يصنع بوقته.
مما عرفناه عن الكبار: ستبقى سهام الحقد مصوبة إليك أبداً ما حييت، فإذا ما متَ اقتنع الناس ساعتها بجدية أقوالك، هكذا قضت العادة.
سيطلقون عليك النار في كلّ يوم ولن تموت، ليس لشيء، وإنما لأنّك عنيدٌ في تحقيق ذاتك، فطوبى للمعاندين من أجل الوصول إلى أهدافهم.
إنّما أجرى الأفعال الدنيئة على أيديهم كي لا تغترّ بأقوالهم وتستجيب لها، ومن علامة المصلح كثرة أعدائه، ثم لا يلبث مع مرور الوقت ألا يبالي بهم.
ستظل قضيتك مجهولة ما دمتَ حياً، ستستمر ما بقيت تثبت أنك صاحب رسالة، ستظل تعلن بأعلى صوتك أنك تختلف عن الناس في طموحاتك، ستظل مشكوكاً في نواياك.
لا تستغرب وقوع العداوات ما دمت حريصاً على تحقيق الجدّ في السير، حتى إذا ما وجد الأثر زالت عنك كلّ هذه الأكدار.
استمر في عطائك مهما كلفك؛ إذ العظماء هم الذين يتركون الأمجاد بعد مماتهم.
وحسبك من الفرق بينك وبينهم: أنّك تثمر وهم لا يثمرون، وخير الثناء ما كان بعد وجود الأثر.
إنّهم قانعون؛ يكتفون بقراءة المنطوق، ولا يحاولون استخراج ما يحمله من مفهوم، وأعجز الناس أقلهم نظراً في حقيقة الأمور.
ما أعجب أمر هذه الحياة القائمة على الأعمال الظاهرة!
لا يغرنك إظهار فرحهم، فلهم أفعال عجيبة في إظهار سفاسف الأمور على أنّها عظيمة، يأتون بعبارات وصور منتفخة تحسب شيئاً ذا قيمة، وهو في أصله السراب.
أصبحت النجاحات الظاهرة مُمكَنة، وأصبح الخلق لا يفرقون بين أهل الفضل وبين أهل النقص، وكأنّ الحياة تقول: غيب النافع وأظهر الضار.
أنا لا أرضى أن يكون هذا حالي! أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ.
كلا يا صديقي! إنّ النجاح هو تحديد الأهداف الممكنة، ثمّ إيجاد الطريقة المناسبة التي تتفق مع إمكانياتك؛ لتظفر بعدها بأمنياتك! على أنه يحتاج إلى رجلين: رجل يحدد ماهيته ووسائله، ورجل يفهمه ويعمل لأجله.
والعاقل من يعرف أن لكل هدف غاية يعتمد عليها ونهاية يقف عندها.
ومن الحكم السائرة: مَن سار إلى غير غاية فيوشك أن تنقطع به مطيته.
إنّ الأهداف تتجدد!
لا كما تصنعون إذ تنطلقون بلا أهداف! وإن معضلة المعضلات أن يحاول إنسان النجاح دون معرفة سبيله!
ثق بنفسك، وواظب، وأبق الأمل، ولا تقارن نفسك بغيرك، وتجاهل المحبطين، ولا تصحب البطالين.
إن أقوى دعائم النجاح هو المثابرة على تحقيق الهدف مقروناً بالصبر وتحمل كل المشاق في سبيل تحصيله.
لا شيء يفوق المواظبة، فهي العلاج الكبير والنفع الكثير في حصول كلّ محمدة وثناء، إذ لا تزال تعمل في العمل الحقير شيئاً فشيئاً إلى أن يصير عظيماً.
لا تشغلك النجاحات الذاهبة عن القيام بالعمل للنجاحات الباقية؛ فإن من العجز الظاهر الانشغال بالصغائر عن تحصيل العظائم.
وتبقى صورة الإنجاز هي الحافز الشخصي الذي يدفعنا في قوة إلى استصغار الشدائد.
لن تبلغ ما تريد إلا بثلاث: أغلق باب الراحة، وافتح باب الجد والتعب، وأغلق باب النوم، وافتح باب السهر، وأغلق باب التمني وطول الأمل، وافتح باب الاستعداد للآخرة.
يكون له في كلّ شيء همة متجددة، وبذلك يحقق ما يرجوه، فيحصل على السرور والنفس الهادئة.
إذا رأيت شخصاً وهو في غمرات إحباط المحيطين به، فلقنه الأمل، وأخبره عن غاية الحياة، فلا يتم شيء في الحياة بغير الأمل، ولولاه ما تنافس متنافس، ولا خاطر مخاطر، ولا ثابر مثابر.
ليس بوسعك أن تبلغ النهار من دون المرور على ظلام الليل، هكذا النجاحات لابد أن تمر قبلها على كثير من الصعوبات.
ما أبعدنا عن سرّ الحياة! عظمت المشقة واشتدت المؤونة في الطلب.
ما أشدّ حاجتنا إلى أن نفهم غايتنا فهماً جديداً!
إنّ بعض التصرفات الشخصية التي تواجهها من الآخرين تحتاج إلى نمط تصوير بطيء وإعادة مشاهدة أكثر من مرة حتى تفهمها جيداً، فالمرور السريع عليها يجعلك جاهلًا بأسبابها غافلًا عن نتائجها.
ما الليلّ إلا حفرة كبيرة تضع فيها جميع ما يمرّ بك من أحداث حتى إذا ما أتى الصباح أعدت ترتيب نفسك.
ويكرمك الله في وقت تشعر فيه أنّ جميع الأبواب أغلقت في وجهك.
لا أحد يقبلك ذليلاً ضعيفاً، الله وحده يقبلك ويقويك وينير دربك، ولا يصنع بك إلّا خيراً.
ليس لديّ ما أخبرهم به اليوم سوى أننا مستمرون!
هذه هي التجربة؛ خذوها عن أربابها، وهي أنّ نسيان الإساءة شكل من أشكال الراحة النفسية.
أيتها النفس! تخلصي مما يقيدك ولو يوماً.
حكمتهم السامية: أنّ الأيام الخالية من الأعمال راحة للأجساد، ولكن الأيام المزدحمة بالأعمال هي ما تصنع الرجال وتحقق الفلاح.
كلمة التحفيز وبثّ الأمل تعيش في قلوب محبيك عمراً أطول من عمرك، فلا تبخل بها.
ربما ضُيق عليكَ في أمرٍ ما لِما هو خيرٌ لكَ فلا تيأس، وأبق الأمل في قلبك.
إن الآمال تخفف على الأشخاص التعب في الأمور الشديدة، وتهون عليهم الاقتحام وطول السير، وتنهض بالعاثرين رغبة في إدراك مرادهم، وتحفزهم إلى مراقي الفلاح.
ومن عجائبك أنّهم يبعدونك، ولكنّك مع ذلك تبقى قوياً عزيزاً شامخاً رائداً.
يا دموع العزة! لقد أثبت أن النفس القوية لن تتأثر بتلك الأفعال التي تحاول إبعادها عن هدفها المنشود.

د. علي زين العابدين الحسيني - كاتب أزهري


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى