علجية عيش - الجزائر تبحث عن رجل إجماع وتوافق



هل عودة الفيس و اعتماد حزب الإبراهيمي مرهون باستفتاء شعبي؟


استطاع الحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر منذ 04 سنوات مضت أن يُسْقِطَ أسماءً ذات وزن ثقيل في السلطة، مارست حكما دكتاتوريا في البلاد و طالما بدأت بذور التغيير تظهر في الجزائر، لا شك أن كل القرارات التي صدرت من قبل سيتم إلغاؤها حتى القوانين القديمة التي لا تزال تحمل البصمة الفرنسية، و لا شك أيضا أن كل الصلاحيات اصبحت في يد رئيس الدولة الحالي و ليس يسير عليه أن يرفع الحظر على الأحزاب المعارضة الممنوعة من ممارسة حقها السياسي، و في مقدمتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ ( FIS ) المحظورة ، و اعتماد حركة الوفاء و العدل التي أسسها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، و ربما أحزاب أخرى كان لها موقف مغاير للسلطة، و قد عبّر ملاحظون أن الرئيس الذي لا يلتقي بشعبه ليستمع إلى نبضه و لم يحقق لم الشمل الجزائري هو نصف رئيس حيث بدأت الطبول تدق للبحث عن رجل إجماع يجمع شمل الجزائريين و يبني جزائر جديدة


فالذين خرجوا في المسيرات الشعبية كانوا نساءً و شبابا و كهولا و شيوخا و إطارات و لم يكن مكتوب في جبينهم، محسوب على حزب ما ، بل كانوا جميعا معارضين للنظام القديم و طالبوا برحيله، و هم قبل كل شيئ أبناء الجزائر يحملون بطاقة تعريف وطنية و جواز سفر مكتوب فيهما عبارة "الجنسية جزائري" ، إن إسقاط النظام يعطي الحق لهؤلاء المطالبة بحق العودة إلى الساحة السياسية، كانت هناك بيانات اصرتها الأحزاب المعارضة و في مقدمتهم قادة الفيس أكدوا فيه أنهم يقفون إلى جانب الحراك، و يتابعون الأحداث، و طالبوا في البيان المؤسسة العسكرية أن توضح موقفها صراحة من مستقبل الجزائر السياسي بعد مرافقتها للحراك الشعبي في مطالبه، و قد وصف اصحاب البيان الحراك بالصحوة السلمية الهادفة و دعوا الطبقة المثقفة إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في هذا المنعطف التاريخي الهام في مسيرة الأمة الجزائرية.

أما أحمد طالب الإبراهيمي نجل الشيخ البشير الإبراهيمي أظهر مواكبته للحراك الشعبي، إلا أنه رفض دعوات جمعيات وصفته برجل الإطفاء لقيادة المرحلة الانتقالية، بسبب حالته الصحية التي حالت دون ذلك، و باعترافه هو شخصيا، بأنه لم يعد قادرا على الاستمرارية ، و لعل موقف الإبراهيمي كان واضحا جدا، بتركه السياسة و تفضيله العزلة، ليتفرغ لنفسه، بعدما فشلت مساعيه أمام السلطة في اعتماد حزبه الذي أسّسه و هو "حركة الوفاء والعدل"، فكان محطته الأخيرة التي يتوقف عندها، مثلما توقف من سبقوه فيها، و منهم العقيد محمد الصالح يحياوي رحمه الله، و علي بن محمد وزير التربية الوطنية الأسبق ، و آخرون حكم عليهم بالعيش على الهامش من قبل سلطة دكتاتورية.

قبل فترة من انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر، شهدت الساحة السياسية غيابا شبه كليا للأحزاب الإسلامية أيام الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة و المحيطين به، الذين كانت لهم مواقف وصفها ملاحظون بالعنيفة جدا تجاه الإسلاميين، تميزت بمنع أبناء زعيم الفيس المحظور لحضور جنازة والدهم الدكتور عباسي مدني، الذي توفي مؤخرا بمنفاه في قطر، و هو موقف أثار استياء الشعب الجزائري، الذي أصرّ على استمراره في المسيرات الشعبية السلمية حتى تتحقق مطالبه في الذهاب إلى مرحلة انتقالية و اختيار شخصية توافقية ، و هو مطلب يعكس تصريحات الفريق أحمد قايد صالح الذي رفض مرحلة انتقالية و أعلن على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها المحدد و هو الرابع من جويلية 2019 و اعتبرها ( أي الانتخابات ) أولوية من الأولويات، و هذا يدعو إلى البحث عن رجل "الإجماع" لحل الأزمة و إيجاد حل توافقي يرضي جميع الأطراف، تبقى مسألة عودة الفيس إلى الساحة و كذلك اعتماد حزب الإبراهيمي تحتاج إمّا إلى إصدار مرسوم رئاسي من قبل رئيس الدولة ، يعلن فيه إعفاؤه عن أنصار الفيس و يسمح لهم بالعودة، أم أنه يترك الخيار للشعب و هو الذي يقرر، أي الذهاب إلى استفتاء شعبي.

الحديث عن رجل "الإجماع" يعيد إلى الذاكرة أسماء تركت بصمتها في الساحة بفعل وعيها السياسي و نضالها النزيه في بناء دولة الحرية و القانون، و من بين الأسماء نذكر عبد الرزاق بوحارة، العقيد محمد الصالح يحياوي، و أحمد السبع الذي كان ضابطا في جيش التحرير الوطني، و عين في اللجنة الدائمة أيام محمد الصالح يحياوي و غيرهم، هؤلاء خرجوا من حزب كانوا يصفونه ذات يوم بالعملاق، هو حزب جبهة التحرير الوطني الذي يعيش اليوم نكبة سياسية و يحتاج إلى نوّاحات أو بكّايات يرثينه في مأتم افتراضي على عهده الذهبي المفقود، خاصة ما يشهده اليوم من صراعات داخل الحزب و داخل البرلمان، فعبد الرزاق بوحارة الذي توفي في 10 فيفري 2013 ، كن يمثل رجل الإجماع و لو بقي على قيد الحياة لاستطاع أن يزيل التناقضات و تحرير الأفكار و المقولات التضليلية ، كونه يتميز بميزات هامة ، إذ يملكان صفات القائد و لهما شخصية كاريزماتية تختلف عن الآخرين، لكن الموت يأخذ و لا يستأذن .

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى