علجية عيش - حديث الجمعة... مجتمعنا مركبٌ من ذهنيات

قل لي من تعاشر أقول لك من أنت؟ ..
حكمة قالها من سبقونا ، بعد تجربة خاضوها و نقلوها للأجيال، لمعرفة نمط الحياة التي ينبغي أن يعيشها الإنسان في بلد مليء بالتناقضات ، تختلف فيه الذهنيات و تتغير كلما حضرت المصلحة، أصبح العيش مستحيلا و يحتاج إلى تغيير جذري و شامل، فهذه الحكمة لها ارتباط وثيق الصلة بماهية العلاقات الإجتماعية بين الناس و مدى تفهمهم لهده العلاقة، أراد قائلوها أن يعرف لإنسان كيف يختار الجماعة التي ينبغي أن ينتمي إليها و يرافقها، أو حتى اختياره الصديق و معرفة كيف يفكر و ماهي المواقف التي تجعلك جاهزا للتيبس في أفكار جامدة لا تقبل النقاش، إن كان من تحاوره شخص مزاجي كثير التقلبات إلى درجة العدائية، فكل الفساد ينشأ من الكراهية و العنف الفكري، و التغيير يجب أن يبدأ بالتخلص من هذه الشحنة التي تختبئ في حنايا بعض الناس، الذين عماهم التعصب عن رؤية الحق و أهله، فتسقط معه كل المبادئ كقشور يابسة.

إن مجتمعنا مركب من ذهنيات (سياسية، عسكرية، دينية )، ولاختلافهما ظل الناس في مفتقر الطرق و لم يصلوا الى نقطة الفصل في الموضوعات التي يراها البعض تقليدية، أو أنها لم تعد صالحة في الزمن الحاضر، كقضية العودة إلى الأصل، و التخلي عما زرعته الحضارات الغربية الزائفة و الفصل في السلطات و غيرها من القضايا التي تتطلب على الجميع أن يقدموا للجيل الحاضر أشكالا فورية للأحداث التي يعيشونها، الأيام أثبتت أنه على الإنسان أن يختار الجماعة التي لا تشكل بينه و بينها حاجزا ، بل تجعلك تبني جدارا سميكا لا يمكن اختراقه، مهما كانت الظروف، فالذهنية المتعصبة التي تريد أن تفرض فكرها على الآخر ، و تحدد له ماذا يقول وما لا ينبغي قوله، هي ( أي الذهنية ) لا تريد فهمك أو حتى الإصغاء إليك ، بل تتعمد استفزازك لغاية ما، لأنها تعادي الحق و ترى الباطل على أنه حق، لدرجة أنها قد تلصق تهما باطلة بجماعات كانت ضحية نظام مستبد و انتزعت منها شرعيتها بالغصب، إنهم المتعصبون الذين تدور فلسفتهم حول تحقيق الإنسان وجوده و ذاته فقط، يرون أنها هي من تسببت في العنف و جرت البلاد الى حرب أهلية، و يناضلون من أجل إقصاء أصحابها بل تدميرهم.

هو ما نلاحظه على الحكام المترفين و من اتبعوهم من الطفيليات الانتهازية يستميتون على بقاء الأمور على حالها دون تغيير أو تبديل، لأنهم يخشون عواقب ذلك، بل إنهم مع الأيام يمنحون لأنفسهم صلاحيات و حقوق لا حصر لها و لا حدود، منها التفكير نيابة عن الأمّة، لاشك أن الحياة تعطينا دروسا تعلمنا كيف نتعامل مع الآخر و نتواصل معه، من خلال معرفة الناس الذين نعاشرهم ، من هم أصدقاؤهم و رفاقهم، و النظر إلى أسلوبهم في التعبير للوقوف على نوعية تفكيرهم ، في ظل التطور التكنولوجي الذي جعلت العالم قرية صغيرة و ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، (الفيسبوك) و توسع العلاقات حتى مع الذين لا نعرفهم ، فنجد البعض قبل الموافقة على طلب الصداقة مثلا يبحث عن أصدقائه من هم؟ و ما هو مستواهم الفكري؟ و ما هو المجال الذي يخضون فيه بالنقاش، فنحن نعيش في مجتمع نصفه مقنع و كان لابد من انتهاج كل السبل لمعرفة الناس ،و لذا يجب ن يكون للإنسان هدف يسعى و يتطلع إليه في حياته، و اختيار الإنسان من يشاركه افكاره و اهتماماته يجب ان يكون مدروسا، حتى لا يبقى يدور حول بعض القضايا مثل الحمار ( اكرمكم الله) في الرحى أو الثور في الساقية، يدور و يدور و ينتهي للمكان الذي بدأ منه و نقف مع قول الفيلسوف الفرنسي جوستاف لوبون: ( نحن إذا بحثنا في الأسباب التي أدت بالتتابع إلى انهيار الأمم وجدنا العامل الأساسي في سقوطها هو تغيير مزاجها النفسي تغييرا نشأ عن انحطاط أخلاقها و لم أر أمة واحدة زالت بفعل انحطاط ذكائها ) و جمعة مباركة للجميع..

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى