أحمد كفافي - يا أهلا بالمصايف.. رأس البر

رأس البر

المفاجأة لم تكن متوقعة...عدت لمصيف رأس البر بعد عشرين عاما فوجدته تحفة معمارية فريدة يجب الترويج لها ضمن تراث مصر المعمارى...بيوت وفيلات من ثلاثة طوابق مازال أهالى رأس البر يطلقون عليها "عشش" على عادة القُدامى عندما كانت المدينة الساحلية الصغيرة تزخر بالمئات من العشش المبنية من البوص الذى كان يجلب من بحيرة المنزلة وغيرها من المناطق القريبة الأخرى..على بساطتها اصطفاف فيها المشاهير كأم كلثوم وأنور وجدى وفريد الأطرش وغيرهم.. وكان الملك فاروق يحل ضيفا عليها فى الصيف فيخرج المصطافون ليشاهدوا موكبه...
طبعا تغيرت رأس البر عن تلك الأيام و حتى عن الماضى القريب حيث يصطف اليوم بعرضها الذى يمتد من فرع دمياط على جهة الشرق إلى البحر الأبيض بجهة الغرب منازل فريدة فى تراثها البنائى والزخرفى لا يضاهى أهل دمياط أحد فى إبداعه...ما تزال شهرة دمياط تضرب طول المنطقة وعرضها كأفضل مصنع للأثاث فى العالم..
عندما تصعد إلى الحافلة المسافرة إليها تلتقى والعشرات من الحرفيين الذين يوردون الأثاث إلى القاهرة..ولكن ربما شاهد القليل منا تراث دمياط المعمارى الذى يتجلى فى شكل المنزل المربع ذى الثلاث أو الأربع طوابق، و الذى يغطيه سقف أحمر هرمى..لكن ترى الفن والإبداع فى رسم نوافذه وتصميم زخارفه..العجيب أنك لن تجد منزلا يشابه الآخر حتى أنك تجول بكاميرتك لتلتقط صورة لكل بيت فى المدينة وسط دهشة الأهالى الذين ربما لا يعلمون أن تلك الوجهة الحضارية المعمارية لا تتواجد إلا فى القليل من المدن المصرية...الكثيرون منا لم يطئ ذلك المصيف التاريخى منذ زمن طويل خاصة بعد ظهور الساحل الشمالى و مصايف البحر الأحمر وسيناء.
ربما لا تتمتع رأس البر بأفضل شاطىء وأصفى مياه.. ولكنها لا تزال مصيفا من نوع خاص تشعر فيه بالأمان ودفء الحياة الاجتماعية.. فمنذ زمن طويل كان ولا يزال مصيف العائلات... جميع الفيلل أو العشش ما هى إلا شقق تستأجر من قبل الأسر المصرية من دمياط وكفر الشيخ و المنصورة التى تفضل رأس البر..أما الفنادق فتحتل شارع النيل الذى يفصل بين رأس البر البحرية والنيلية وجميعها منتجعات فاخرة..الغرف فيها ما هى إلا شقق صغيرة...يمتد الشاطىء على مسافة 11 كيلو متر وينتهى باللسان وهو مصب فرع دمياط فى البحر الأبيض..الجلوس على الشاطىء مممتع...تستمع بمرور بائعى الفريسكا والإكسسوارت وهو أمر معتاد لدينا لكن ما لم نعتاده وجود بائعى الجميرى والكابوريا المتجولين على عرباتهم...لو كنت تستأجر شقة لأشتريت وجبة السمك الطازج كل يوم أثناء جلوسك على الشاطىء...
قد تكون الناحية النيلية من رأس البر أكثر جذبا للمصيف عند حلول الليل...فهى تقع على الفرع الغربى لنيل دمياط المقابل لمنطقة عزبة البرج التى تشتهر بصناعة وإصلاح السفن...ترسى السفن فيه بألوانها الزاهية..هناك لانشات تقوم بترتيب نزهات بحرية فى فترة العصارى...على بعد مسافة قليلة من بوابة رأس البر تقع منطقة (الجربى) الشهيرة بمطاعمها وكازينوهاتها.. غير أن أكثر ما يلفت النظر هو ذلك الممشى الممتد بطول فرع نيل رأس البر والذى يصطف فيه البائعون الذين آتوا من كل حدب وصوب بحثا عن الرزق..الفنادق والمحال والمطاعم والسوق القديم جميعها تتواجد فى المنطقة النيلية وهى أكثر شعبية ويحلى بين جنباتها السهر..فيها أفضل وجبات السمك و الكباب والفطائر والبيتزات...الفنادق هناك أرخص بكثير من الناحية البحرية...ربما ما يؤهل رأس البر لأن تكون منتجعا شتويا هو وقوعها بين النيل والبحر ...دشنت محافظة دمياط إصلاحاتها بتطوير مصيف رأس البر الذى يخطو تدريجيا نحو العالمية... وربما ظهور فرع لفندق ( شتاين برجر) وهى سلسلة فنادق ألمانية عالمية عند منطقة اللسان هو أول علامة على ذلك...رأس البر واحدة من مصايف مصر على البحر الأبيض المتوسط...من العريش إلى مطروح نزور مدن لها تاريخ وآثار فهى أكثر من منتجعات للسباحة والاستجمام.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى