عصري فياض - ماذا وراء استدعاء المخابرات المصرية للقيادات الفلسطينية ؟؟

على وقع التوتر الذي يلف المنطقة،وخاصة على الحدود اللبنانية والسورية وأزمة المشروع النووي الايراني،قام كل من رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية يرافقه تسعة وزراء ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية والأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة،ورئيس لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة عصام الدعليس بالتوجه الى العاصمة المصرية القاهرة للقاء المسؤولين هناك وعلى رأسهم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل،وقد كانت الدعوة خاصة لقائدي حركتي حماس والجهاد والدعليس مستعجلة وتلت زيارة اشتية بعدة ايام،وكالعادة لم يرشح الكثير عن هذه الزيارة التي تحدث الاعلام الرسمي والخاص بإقتضاب،ولكن ومن خلال تصريحات محمد اشتية في اليوم الثاني للزيارة،ومن خلال حالة الشد والتوتر التي تلف المنطقة على وقع مناورات" اللكمة القاضية " التي تجريها اسرائيل في الشمال،فقد رأى مراقبون متابعون أن محور المباحثات تركز على ثلاثة أمور أساسية وهي :-
• الامر اولا :- تثبيت التهدئة بعد مرور اسابيع قليلة تقريبا على معركة الايام الخمسة بين " اسرائيل " والجهاد الاسلامي.وهذا الامر معتاد وروتيني وليس فيه أي جديد،ومكرر ومتواصل على امتداد أكثر من خمسة عشر عاما الماضية من تاريخ فرض الحصار على قطاع غزة.
• الامر الثاني:- وهو سياسي امني بإمتياز،بعض التسريبات افادت أن الوسيط المصري أرادت من خلال لقائها بقيادة جناحيّ المقاومة أن توصل رسالة " اسرائيلية " مفادها بعدم التدخل في أي نزاع أو مواجهة قد تقوم بها " إسرائيل" تجاه جبهة لبنان أو سوريا أو ايران،والتزام الحياد،حفاظا على التهدئة،وتثبيتا لها،و"اسرائيل" في هذا التوجه تحاول تحييد جبهة الجنوب (قطاع غزة) عن أي مواجهة أو حرب واسعة قد تنشب في الشمال أو بإتجاه ايران ومشروعها النووي،وترى "إسرائيل" فيما جرى في المواجهة الاخيرة (ثأر الاحرار)وما قبلها ( وحدة الساحات) من قتالها ضد تنظيم واحد إلى حد ما أمراً مريح لها،وان الجانب المصري قد لعب دورا ضاغطا فيه حتى لا تتطور الامور وتصل لدخول حماس بثقلها في المواجهة الامر الذي كان من الممكن أن يوصل لنتيجة غير الذي انتهت عندها،وهذا السيناريو يمكن ان يتحقق في تحيد جبهة من الجبهات وليس فصيل هذه المرة،وفي الحقيقة لم يرشح شيء من قيادة حركتي حماس والجهاد في هذا الشأن لان طبعيه التفاوض مع جهاز مخابرات مثل المخابرات المصرية يكون غالبا سريا ويمنع التصريح عنه للإعلام.
• الامر الثالث :- اقتصادي،وهذا يمكن الاستدلال عليه من شيئين:-
أ: تصريح محمد اشتية بعد يوم من زيارته القاهرة اشار فيها على وعود في تحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني العام القادم،وهذا يعني أنه سمع كلاما ايجابيا حول قرب بدا تصدير الغاز الفلسطيني الموجود في مياه غزة الاقليمية عبر الشركات المصرية إلى اوروبا المقر أن يبدأ في مطلع العام القادم،والذي سيكون للشركة التي تمثل السلطة الفلسطينية نسبة 45% من عوائده حسب اتفاق سابق على ان تبقى النسبة الباقية 55% لطرفين هما الشركة المصرية القابضة للغاز والطرف الاسرائيلي الذي سيتم نقل الغاز الفلسطيني لقبرص ومن ثمة لأوروبا عبر أنابيب اسرائيلية نظرا لعدم وجود انابيب فلسطينية او بنية تحتية فلسطينية لهذا الغرض.
ب:- استدعاء ورئيس لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة عصام الدعليس له جانبين ايضا،وهما البحث في تخفيف الحصار،والاستعداد والترتيب لتسلم حصة القطاع من عوائد الغاز الفلسطيني عبر الحكومة الفلسطينية في رام الله وفق الاتفاقيات الفلسطينية المصرية بهذا الشأن.
وهذا الشق الاقتصادي في المباحثات المصرية الفلسطينية هو مكمل للبحث الامني والسياسي،بمعنى أن جهاز المخابرات المصرية يريد ان يقول للقيادات الفلسطينية أن هناك حالة اقتصادية ايجابية ستعود على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع،ونريد تهيئة الظروف المواتية لانطلاقها أي المحافظة على التهدئة والهدوء،في توظيف جديد تدفع الفلسطيني أن يفكر مليا في هذه الجزرة عندما يريد أن يلجأ للعصا،أو يشارك بدوره المطلوب في محور المقاومة.

بقلم : عصري فياض

كاتب فلسطيني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى