محمود سلطان - أمل دنقل.. لماذا لم يُكرم رسميا؟!

بعد مقال كتبته عن الراحل "أمل دنقل"، سألت شقيقه النائب البرلماني الأستاذ أنس دنقل: هل رأيت حب الناس لشقيقكم الكبير؟!.. وكانت التعقيبات على المقال، ونسبة المشاهدة على المنصة الإعلامية التي تشرته، تعكس منزلة "دنقل" في الضمير الوطني العربي عامة والمصري خاصة.
جاءني صوته وكأنه "آهة" وجعٍ صامت، كأنه مثقل بأحزان كل البشر:
ـــ ولكن "أمل".. لم يشعر بهذا الحب في حياته يا أستاذ محمود!!
قالها جملة واحدة، بدون تفاصيل.. وانتهى الحوار، مخلفا في قلبي "غصة" وحفرا من الحزن استعصت على أن تداويها الأيام.. بل عمقتها أوجاعنا الوطنية التي ما انفك أمل دنقل ينكأ جراحها بقصائده ويلهب بها ظهورنا.. رغم وفاته منذ أربعة عقود مضت!!
على "تويتر" اشتبكت مع "مصري" مقيم في دولة خليجية، يقدم نفسه بوصفه "الناقد" الذي لم تلد مثله نساءُ العرب!!.. ومع تتبعي له، وقع في ظني أنه دعاية وبروباجندا لما تسمى "قصيدة النثر" بغطاء مالي نفطي أهلي من أكبر دولة خليجية.
قطعت صلتي به عندما زعم لي أن "دنقل" كان شاعرا "منبوذا" و"غير مشهور".. وأن شهرته كانت بسبب محنته في مرضه.
وللأسف تبين لي أن هذا الناقد مثل أمل دنقل "جنوبي".. ولا أدري ما إذا كان موقفه يرجع إلى علاقات ثأر قبلية في صعيد مصر.. وهي ظاهرة مسكوت عنها، استنطقتها ـ بيني وبين نفسي ـ استنادا إلى ما سمعته من الراحل الكبير عبد الرحمن الأبنودي.
دنقل الذي قال "لا" في وجه من قالوا "نعم".. قَسَتْ عليه النظمُ السياسية التي أدانها وعلقها على أعواد قصائده، يسهر لياليه ينظم حفلات تعذيب يومية لها، فيما كتب من أشعار بطعم الطمي وبلون النيل.. وبمرارة المأساة العربية.. ويستشرف مصير العرب "الكاريكاتوري" اللاحق على عصره.. وها نحن نراه رأي العين كما استشرفه تفصيلا وكأنه "نوح" الذي كذبه قومُه فلم يذر الله منهم على الأرض ديارا!
لم ينل دنقل في حياته تكريما من تلك النظم.. وهو ما اعتبره شقيقه "أنس" تكريما في ذاته له.. لأن "جوائز" الديكتاتوريين العرب "عار" تخصم من رصيد المبدعين الرساليين الكبار..
ويكفي أمل دنقل.. خلوده في الضمير العربي.. وحضوره اليومي بين ظهراني الأمة، يتلو عليهم "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة".. و"لا تصالح.. " وكلمات سبارتكوس الأخيرة".. وغيرها.. وكلها كانت وجعا أكبر من وجع السرطان الذي نهش لحمه.. وهو في زهرة شبابه.
يقول في قصيدته "كلمات سبارتكوس الأخيرة" التي كتبها شعر "تفعيلة" على بحر "الرجز":
مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ
وجبهتي بالموتِ مَحنيَّهْ
لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!

رحمه الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى