زينة اقللوش - لا منطقية النظام الاشتراكي

مع احترامنا لأرواح المناضلين والثوار الذين قضوا نحبهم من أجل الفكر الاشتراكي، والكفاح الطويل الذي قاموا به لإرسائه كنظام دولة، ومع احترامنا لأنفسنا التي كانت في مرحلة ما تناصره، أقول انه فكر ساذج وغبي، وليست المشكلة في عدم إمكانية تحققه بل في لا منطقيته، لأنه ببساطة يخالف عملية التطور التي تعتبر قانون كوني غير قابل للتجاوز والايقاف، فمستوى الوعي والأداء والابداع مختلف ومتفاوت بين الأفراد، هذا التفاوت في امتلاك الاليات العقلية والروحية هي التي تمكن فئة دون أخرى من الاغتناء ووضع مسافة بينها وبين غيرها. ان تكون ثريا وتملك رؤوس الأموال هو استحقاق، لأن الذين اغتنوا هم اشخاص مروا من ضغوط قوية وكفاح عقلي وفكري وروحي ومادي وسيكولوجي، هم أشخاص مبدعون ومغامرون بأموالهم في مشاريع قد تنجح او تخسر، لكنهم لا يركزون على الخسارة في جميع الأحوال تركيزهم كله يكون على الربح ، والخسارة بالنسبة لهم لا تعني شيئا سوى إعادة المحاولة ، هم اشخاص يملكون عقلية استثمارية وليس عقلية الادخار، فهموا فلسفة المال القائمة على التبادل، وأن المال كائن طاقي اذا تم ادخاره يكسد ويفسد واذا تم استثماره يحيا ويتكاثر، هذه هي عقلية الرأسمالي التي يستحق عليها التقدير والاحترام ، فإلى جانب ان ما وصلوا اليه هو نتيجة لمجهودهم وارتفاع مستوى وعيهم ، فهم لا يخالفون السنن الكونية القائمة على التطور، فلو كان للجميع نفس الثروات ونفس الدخل ، فلن يكون هناك أي حافز للانتقال الى مرحلة أخرى... ، ولظل الانسان في مرحلة البدائية ، والفضل في التطور يعود للعقلية الرأسمالية المغامرة والمبدعة ، الفضل يعود للاختلاف الموجود بين الناس كل فرد يخلق ويبدع ويتبادل، ومن خلال هذا التفاعل يتطور الانسان ويمضي قدما على جميع المستويات، اما العبد والفقير والمتسول... فمازالوا ينتظرون ان يطبق النظام الاشتراكيليقتسم معهم الأغنياء ثروتهم التي جمعوها بمجهوده وتفردهموانسجامهم مع طاقة الوفرة وامتلاكهمأسرار المال، مازال عقلهم راكدا ينتظر ان يشتري عندهم المواطن بضاعتهم بدراهم زهيدة عوض ان يشتري من الأسواق الكبرى التي تدخل ثروات مالية كل يوم، يتلذذون ببؤسهم ، وينتشون بدور الضحية ، ولو افترضنا جدلا أن اغنياء العالم قرروا أن يقتسموا ثرواتهم مع الفقراء بالتساوي فلن يمضي الا وقت قصير وتعود هذه التراتبية وهذه الطبقية، لأن الأغنياء يمتلكون عقلية استثمارية عكس الفقراء الذين لديهم عقلية استهلاكية ، الفرق لا يكمن في كمية المال التي يمتلكها الانسان بل في مستوى الوعي الذي سيجعله يصنع من القليل الكثير، هذا هو الفرق الجوهري بين الغني والفقير، ولعلي لا أبالغ اذا قلت أن الفكر الاشتراكي اكبر فخ صنعه دعاته لأنفسهم واتباعهم، فكر جعلهم لسنوات طويلة ينتظرون أن يأتي التغيير من خارج انفسهم حتى تتغير حياتهم وللأسف لن يتغير شيء ولو انتظروا الدهر كله ، فكر جعلهم يوقفون استخدام عقولهم لأنهم لو فكروا كما فكر غيرهم لتغير واقعهم ، فالكون لا يحابي أحد ويعطي فقط لمن يستحق، لمن ينهض وينفض غبار الكسل ويفتح عينيه على الوفرة الموجودة في الكون عوض الطمع في ثروة غيره التي حصل عليه باستحقاقه وليس بمجهوده، فشتان ما بين الاستحقاق والجهد ، فالفقير يبدل جهد كبير لكنه لا يملك الاستحقاق ، والغني غني ليس لأنه يجهد نفسه اكثر من اللازم بل لأن استحقاقه مرتفع ، ادرك جيدا أن الكثير من القراء لن يفهموا الفرق بين الجهد والاستحقاق لأننا جميعا تربينا على فكرة مفادها أن من يبدل جهدا اكبر ينال أكثر، هذه الفكرة كانت مسلمة ومازالت كذلك في اذهان من لم يقرروا الشك والسؤال لماذا وكيف ؟؟ الذين فضلوا أن يشكوا بالعدالة الإلهية،ويتهموا غيرهم تحت مسمى مناضلين، النضال الحقيقي أن يناضل الانسان من داخل نفسه أن يوسع افق فكره الضيق وأن يسبح في كل اتجاهات الحياة، ويرتمي في الكون اللامحدود بفكره، بالقطع مع دور الضحية والوقوف موقف المسؤول الذي يعي أن التغيير يبدأ منه وفيه،وأنالحق الذي يطالب به موجود سلفا ولم يسرقه أحدمنه، فهو فقط لا يعرف كيفية الوصول اليه لأنه غارق في النمطية والكسل، ولن يعرف ما دام يصر انه مسكينوضحية سرق منهحقه.
ان النظام الرأسمالي الذي يتم انتقاده بشدة هو نظام كوني قبل ان يكون نظام بشري فهو يقوم على نفس القواعد الكونية المتمثلة في التطور والتدرج والاختلاف والابداع والنمو ...، وهو نظام عادل حتى لو ظهر العكس للذين لا يريدون ان يدركوا ان الاشتراكية كنظام غارقة في الاستبداد فهي تقوم بالأساس على ان يعمل المواطن كالة ويأخذ الحاكم الإنتاج ويعيد اقتسامه بالتساوي، ويتم تكييف الفكر الفقير على هذا النظام الشيء الذي يجعلهم في دائرة مغلقة كالخرفان، وتصبح الموارد بجهة واحدة مركزية متحكمة، ولا مجاللديهم للإبداع وتطوير قدراتهم ، وكل من سولت له نفسه مخالفة هذا ا يقطع رأسه ..، ولأن هذا النظام غير منسجم مع القواعد الكونية فماله الفشل دائما.

ان التغيير يبدأ بالتوقف عن النظر الى الأثرياء نظرة الحقد والبغض والحسد، يبدأ بمباركتك لأموالهم وعدم طلب نتائج مجهوداتهم، وتقبل فكرة ان هناك أناس اقل منك مالا واخرونأكثرمنك...، وتفعيل قانون التدرج الذي يقوم على التركيز على المرحلة الموالية للمرحلة التي انت فيها وهكذا دواليك، حتى تنمو وتتطور وتخترق النظام المالي، وتدرك أسراره وتشبك طاقتك بطاقته حتى يأتي اليك من مصدره الكوني عوض ان تشحته من الأغنياء الذين لا يختلفون عنك سوى بمستوى وعيهم وإتقانهم للعبة الكون.

زينة اقللوش
كاتبة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى