صناعة التأمين

إن صناعة التأمين السليمة مالياً في أي دولة يؤدي إلى تخفيض حاجتها من العملة الأجنبية.
في الحقيقة فإن وظيفة التأمين الرئيسية هي نقل الخطر من العميل إلى المؤمِّن (شركة التأمين) ويجب أن يتم ذلك من خلال توافر نظام تأمين قوي قائم على أسس وقواعد عادلة تمكنه من تحقيق أقساط منصفة .

وهنا يقوم المؤمِّنون بجمع الأطراف التي تريد المشاركة في أخطار متشابهة وينشئون لهم وعاء مشتركا لمواجهة هذه الأخطار مالياً.
ولا يقوم المؤمِّنون بعمل وعاء تأمين واحد، حيث أن العميل صاحب المصنع لن يرغب في أن يساهم في الخسائر التي يتسبب فيها مثلا أصحاب السيارات والعكس. ولذلك يتم إنشاء عدة أوعية ، أحدها للسيارات والأخرى للمنازل، وهكذا.

ويلاحظ أن الأخطار الفردية التي تحول إلى الوعاء ليست متطابقة، فلكل منها درجة خطر مختلفة حسب اختلاف العوامل المساعدة للخطر الخاصة بها، وقد يختلف أيضاً حجم كل خطر منها...

إن قسط التأمين الذي يدفعه العميل، هو تكلفة معلومة ومحددة سابقا، ولكن مقابل ذلك يتلقى حاملو وثيقة التأمين وعداً أنه في حالة وقوع خسائر معينة فإنهم سوف يحصلون على التعويض المالي العادل، وهم بذلك يدفعون نفقة معروفة صغيرة نسبياً، مقابل تفادي تكلفة أكبر غير معروفه، لذلك فإن التأمين هو طريقة لنقل الخطر ورفعه من على كاهل العميل الذي يتمتع ساعتها بالعديد من المزايا.

إن صناعة التأمين لها العديد من الأثار الإيجابية في الاقتصاد القومي، فهي تساعد على تجنب تعطيل رأس المال، وتقليل المخاطر، ودعم وتشجيع الأنشطة.

إذا لم يكن هناك تأمين فإن الشركات ستحتاج أن تأخذ في عين الاعتبار أثر الخسائر المتوقع حدوثها وتكلفة إصلاحها،وفي هذه الحالة فإنها ستحتاج احتياطيا إلى احتجاز مبلغ من رأس المال ، والذي كان يمكن الاستفادة منه في تطوير أنشطتها كما تقوم شركات التأمين بتوجيه جهودها ومواردها، لمحاولة تقليل معدلات تكرار وحدة الخسائر.، وذلك بابتكار طرق جديدة للحد من الخسائر كتطوير معدات مكافحة الحرائق وأيضاً استعمال المواد غير القابلة للاشتعال في البضائع الاستهلاكية، واستحداث طرق موفرة لإصلاح السيارات وتطوير اختبارات التصادم إلخ .
وعادة ما يتم ذلك بالتعاون مع الأطراف التي لها نفس الاهتمام (مثل المصانع، والحكومات، ومكافحو الحرائق) .

ولا شك أن شركات التأمين تقوم بنقل هذه المعرفة، إلى حملة وثائق التأمين لديهم، واعلامهم بكيفية تجنب أو تقليل الأخطار التي قد تواجههم. وبالطبع فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض الحوادث، مما يعود بالفائدة على المجتمع كله .

إن إنشاء أي نشاط تجاري جديد يتطلب استثمار رأسمالي غالباً ما يتم توفيره من قبل المستثمرين أو البنوك، الذين كانوا سيترددون في استثمار أموالهم لولا وجود التأمين. وعادةً ما تكون الأنشطة الجديدة أكثر عرضة للأخطار، وبالتالي فإن التأمين يمثل الضمان المالي للمقرضين والمستثمرين.

يتكون لدي المؤمنين مبالغ كبيرة وهذا يحفزهم على إقراض واستثمار الأموال التي تحت إيديهم،علما بأن هناك فارق زمني بين تحصيل أقساط التأمين ودفع المطالبات التأمينية.. وتكون هذه الأموال متاحة للاستثمار لصالح المؤمن لهم.

حيث يستثمر المؤمِّنون هذه الأموال في مجموعة كبيرة من الاستثمارات تتراوح بين الاستثمار المباشر في أسهم الشركات وتوفير القروض للصناعات والحكومات والاستثمار في العقارات والسندات المالية ذات العائد الثابت الفائدة.
فالأقساط الصغيرة التي يدفعها آلاف الأفراد والشركات لا تحتجز، ولكنها تدور مع عجلة الاقتصاد وتساعد في تحفيز نمو الاقتصاد القومي.

صناعة التأمين هي خدمة مثلها مثل باقي الخدمات التي تتبادلها الدول ، وعليه فإن الدولة التي تبيع التأمين هي بلد مصدرة للتأمين والبلد التي تشتريه هي بلدمستوردة له .

وبالطبع فإن الشركة الكبيرة ستحتاج إلى حماية استثمارتها وفي حال لم يكن لدى الدولة صناعة تأمين كافية، فإن هذه الشركة ستقوم بالتأمين على ممتلكاتها خارج البلاد، ومن ثم ستكون هذه البلد مستوردة لخدمات التأمين، بعكس الدولة المصدرة .

—--------—---------–---------------------

الكاتب : شريف محي الدين
درجة العضوية (ماجستير) ادارة أعمال أكاديمية السادات & دبلومة في تكوين فرق العمل & لغة الجسد الجامعة الأمريكية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى