رسائل الأدباء أربع رسائل من إرنست همنغواي إلى سكوت فيتزجيرالد

كي ويست، 28 مايو 1934م.

عزيزي سكوت:

أعجبتني ولم تعجبني. بدأت بوصف مدهش لسارة وجيرالد (اللعنة أخذها دوس معه، وبالتالي لا أستطيع الإشارة إليها. وبالتالي إذا ارتكبْتُ أية أخطاء). ثم بدأت تعبث بهما، وتجعلهما يأتيان من أشياء لم يأتيا منها، مغيرًا إياهما إلى شخصين آخرين ولا تستطيع القيام بذلك، يا سكوت. إذا أخذْتَ أناسًا حقيقيين وكتبت عنهم لا يمكنك إعطاؤهم آباء غير آبائهم (إنهم من صنع آبائهم وما يحدث لهم) لا يمكنك أن تجعلهم يفعلون أي شيء لن يفعلوه. يمكنك أن تأخذ نفسك أو تأخذني أو تأخذ زيلدا أو بولين أو هادلي أو سارة أو جيرالد لكن عليك أن تبقيهم كما هم ويمكنك فقط أن تجعلهم يفعلون ما يمكن أن يفعلوه. لا يمكنك أن تجعل من شخص شخصًا آخر. الابتكار أروع شيء لكن لا يمكنك ابتكار شيء لن يحدث بالفعل.

هذا ما يفترض أن نفعله حين نكون في أفضل أحوالنا، أن نبتكر الأمر كله، لكن أن نبتكره بشكل حقيقي بحيث يحدث بهذه الطريقة في وقت لاحق.

اللعنة تصرفْتَ بحرية مع ماضي الناس ومستقبلهم تصرفًا لم ينتج أناسًا بل تواريخ حالات زائفة بغرابة. أنت الذي تستطيع الكتابة أفضل من أي شخص آخر، مفعم بالموهبة التي تتمتع بها. ليذهب هذا كله إلى الجحيم. يا سكوت من أجل الرب اكتبْ واكتبْ بشكل حقيقي بصرف النظر عمن أو عما يتعرض للأذى لكن لا تقم بهذه التسويات السخيفة. يمكنك كتابة كتاب رائع عن جيرالد وسارة على سبيل المثال إذا عرفْتَ ما يكفي عنهما ولن تكون لديهما أي مشاعر، إلا التجاوز، إذا كان حقيقيًّا.

كانت هناك أماكن رائعة ولا يمكن لأي شخص آخر ولا يمكن لأحد من الفتيان أن يكتب عملًا جيدًا بنصف جودة قراءة عمل لا يصدر عنك، لكنك غششْتَ كثيرًا جدًّا في هذا العمل. ولسْتَ في حاجة إلى ذلك.

أولًا ادعيْتُ دائمًا أنك لا تستطيع التفكير. حسنًا، نعترف بأنك تستطيع التفكير. لكن لنفترض أنك لا تستطيع التفكير، ثم عليك أن تكتب، تبتكر، مما تعرفه وتحافظ على أنساب الناس سليمة. ثانيًا، منذ زمن طويل توقفْتَ عن السماع سوى إلى الإجابات عن أسئلتك. كان لديك مادة جيدة في العمل أيضًا لم يكن بحاجة إليها. ما يجفف الكاتب (نجفّ جميعًا. ليست إهانة لك شخصيًّا) ألا يسمع. من هنا يأتي كل شيء. الرؤية والسماع. ترى بما يكفي. لكنك متوقف عن السماع.

العمل أفضل بكثير مما أقول. لكنه ليس بالجودة التي يمكن أن تحققها.

انسَ مأساتك الشخصية. نحن جميعًا ملعونون منذ البداية وأنت خاصة مضطر إلى التعرض للأذى قبل أن تكتب بجدٍّ. لكن حين تحصل على اللمحة اللعينة استخدمْها، لا تفسدها. كن مخلصًا لها مثل عالِم، لكن لا تظن أن لأي شيء أية أهمية لأنه يحدث لك أو لأي شخص ينتمي إليك.

في هذا الوقت لن ألومك إذا انفجرت في وجهي. يا إلهي من المدهش أن أخبر الآخرين عن كيفية الكتابة والحياة والموت… إلخ.

أود أن أراك وأتحدث معك عن الأمور بواقعية. كنْتَ غارقًا جدًّا في نيويورك ولم نصل إليك في أي مكان. ترى، يا بو، لسْتَ شخصية تراجيدية. ولا أنا. كل ما في الأمر أننا كُتاب وما علينا القيام به الكتابة. من كل الناس على الأرض كنت تحتاج إلى الانضباط في عملك بدلًا من أن تتزوج امرأة غيورًا من عملك، تريد التنافس معك وتفسدك. الأمر ليس بهذه البساطة واعتقدْتُ أن زيلدا مجنونة حين قابلْتُها أول مرة وقد عقَّدْتَ الأمر أكثر بوقوعك في حبها وأنت ثمل، بالطبع. لكنك كنت ثملًا أكثر من جويس وأنتما أفضل كاتبين. لكن يا سكوت، الكُتاب الجيدون يعودون. دائمًا. تعرف أنني لم أفكر في «جاتسبي» كثيرًا في ذلك الوقت. كل ما تحتاج إلى القيام به هو الكتابة حقًّا من دون الاهتمام بمصيرها.

واصلْ واكتبْ.

على أية حال أنا معجب جدًّا بك، وأود أن تسنح لي فرصة الحديث معك أحيانًا…

صديقك دائمًا

إرنست.

ماذا عن «الشمس تشرق أيضًا» والأفلام؟ أية فرصة؟


*****


عزيزي سكوت،

أحببتها ولم أحبّها. بدأتَ بذلك الوصف المذهل لسارا وجيرالد. ثم بدأت تتلاعب بهما، تجعلهما يأتيان من أشياء لم يأتيا منها، تغيّرهم إلى أشخاص آخرين. سكوت، لا يمكنك أن تفعل ذلك. إذا أخذت أشخاصاً حقيقيين وكتبت عنهم فأنت لا تستطيع أن تعطيهم آباء آخرين (هم مصنوعون من آبائهم ومما حدث لهم)، لا يمكنك أن تجعلهم يقومون بأمور لم يكونوا ليقوموا بها.. الاختراع هو أفضل ما يمكن فعله لكن لا يمكنك اختراع أي شيء إن لم يكن قابلاً للحدوث.
هذا ما يفترض بنا أن نفعل حين نكون في أفضل حالاتنا، أن نختلق كل شيء، لكن اختلاق شيء لا بد أن يكون حقيقياً حتى أنه لاحقاً يمكن أن يحدث على هذا النحو.
اللعنة، إن أنت أخذت كامل حريتك في العمل على ماضي ومستقبل الناس، فهذا لن ينتج بشراً بل حالة مزيفة من التاريخ. أنت، من تستطيع أن تكتب أفضل من أي أحد، ومن هو فاشل جداً في التعامل مع الموهبة التي لديك، لا مبال بها. سكوت، حباً في الله، اكتب واكتب بشكل حقيقي بغض النظر عمّن تؤلم هذه الكتابة وماذا، ولكن لا تقم بهذه التسويات السخيفة. يمكنك أن تكتب كتاباً عن جيرالد وسارا مثلاً إن كنت تعرف عنهما ما يكفي، وهما لن يكون لديهما أي مشاعر، سوى القبول، إن كان الكتاب حقيقياً.
هناك أماكن رائعة ولا يمكن لأحد، ولا أحد من الأولاد كتابتها بشكل ولا حتى بنصف الجودة والجمال الذي يمكن أن تفعله أنت، لكنك، اللعنة، غششت كثيراً في هذه الرواية. ولست بحاجة لفعل ذلك... منذ مدة طويلة توقفت عن الإصغاء إلا إلى إجابات أسئلتك الخاصة. وقد وضعت أموراً جيدةً في الرواية لكنها لم تكن تحتاجها، وما يفسد الكاتب (كلنا نفسد، وهذا ليس لإهانتك شخصياً) هو ألا يصغي.. فمن هنا يأتي كل شيء، المشاهدة والإصغاء. أنت ترى بشكل كاف جداً، لكنك توقفت عن الإصغاء.
الرواية أفضل بكثير مما أقول، لكنها ليست أفضل ما يمكنك فعله.
بحق الرب اكتب ولا تهتم لما سوف يقوله الأولاد ولا إن كانت الرواية ستكون تحفة أم لا. أنا أكتب صفحة تحفة وتسعين من النفايات. أنا أحاول أن أرمي النفايات في سلتها، أنت تشعر أن عليك نشر حماقات من أجل المال ولكي تعيش ويكون بإمكانك العيش.
سكوت، الكتاب الجيّدون يعودون، دائماً. أنت الآن أفضل مرتين عن الوقت الذي كنت تظن فيه أنك مدهش. أنت تعرف أنني لم أعجب كثيراً بـ "غاتسبي" عند صدورها. تستطيع أن تكتب أفضل مرتين مما كنت تكتب سابقاً. كل ما تحتاجه هو أن تفعل ذلك بصدق وأن لا تأبه لمصير ما تكتب.
هيا أكتب.

صديقك دائماً
إرنست

* إعداد وترجمة: نوال العلي





===============



من رسالة إلى ف. سكوت فيتزجيرالد، أنداي، فرنسا، 13 سبتمبر 1929م

عزيزي سكوت:

هذا المزاج الرهيب من الاكتئاب سواء كان جيدًا أو لم يكن هو ما يعرف بمكافأة الفنان.

الصيف وقت محبط للعمل، لا تشعر بالموت آتٍ بالطريقة التي يأتي بها في الخرف حين يضع الصبية بالفعل القلم على الورقة.

ف. سكوت فيتزجيرالد

عليك فقط أن تواصل حين يكون الأسوأ والأكثر بؤسًا، هناك شيء واحد فقط عليك القيام به مع رواية تسير مباشرة إلى نهاية الشيء اللعين وأتمنى لو كانت هناك طريقة تجعل وجودك الاقتصادي يعتمد على هذه الرواية أو على الروايات بدلًا من القصص اللعينة؛ لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يدفعك ويعطيك منفذًا وعذرًا أيضًا، القصص اللعينة.

يا للجحيم. لديك عمل أكثر من أي شخص آخر وتهتم به أكثر ومن أجل المسيح واصل معه الآن، ومن فضلك لا تكتب أي شيء آخر حتى يكتمل. سيكون رائعًا جدًّا… استمر في كتابة الرواية.

أتينا إلى هنا من مدريد في يوم -أنداي بلاج- رأيْتُ معاصرنا البارز ل. برمفيلد. نذهب إلى باريس، هل تلقيت أية رسائل من ماكس إن كانت «وداعًا للسلاح» قد صدرت؟ حصلت على مجموعة دوريات أدبية من برومي ممتلئة كلها بكتب الحرب الألمانية الكبرى، كان من المضحك أنني لم أستطع الدخول في «كل شيء هادئ» إلخ، لكن بمجرد الدخول فيها كانت جيدة جدًّا، ليست عظيمة كما يعتقدون، لكنها جيدة جدًّا ل. برمفيلد يكتب كتابًا عن الحرب. من سوء الحظ أن كتابي ربما يصدر الآن وبعد هذا كله لم تسنح لي الفرصة لأكسب من كتابته. في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام ينبغي أن أكون قادرًا على كتابة كتاب جيد عن الحرب.

دوس الكبير تزوج كيت سميث، كانت تذهب إلى المدرسة (الكلية) (وليس الدير) مع بولين. قابلها في كي ويست الشتاء الماضي. إنها فتاة رائعة جدًّا.

تلقينا رسائل من جيرالد وسارا. من المخجل جدًّا أن يكون باتريك مريضًا. أعتقد أنه سيكون على ما يرام.

اليوم يوم جيد؛ الماء رائع للعوم، والشمس شمس آخر الصيف.

إذا كانت هذه رسالة مملة ومقرفة فذلك لأنني شعرْتُ بضيق شديد لأنك كنت تشعر بكآبة. أنا معجب جدًّا بك، وكلما حاولْتَ أن تقول لأي شخص أي شيء عن العمل أو «الحياة» تكون دائمًا تفاهات بغيضة.

بولين ترسل حبها إليك وإلى زيلدا وسكوتي.

صديقك دائمًا

إرنست.

****************


إلى ف. سكوت فيتزجيرالد، باريس، 22 أو 29 أكتوبر 1929م تقريبًا

عزيزي سكوت:

رأيْتُ جرترود شتاين مساءً منذ بضعة أيام وسألتْ عنك. تزعم أنك الأكثر موهبة بيننا جميعًا إلخ، وتريد أن تراك مرة أخرى. على أية حال كتبتْ إليَّ رسالة قصيرة تطلب مني أن أسألك إن كان يمكن أن تأتي أو تأتوا مساء الأربعاء إليها بعد 8,30 أو هكذا أتخيل. تيت أو تيتس أيضًا سيكون هناك، وتاجر اسمه برنارد فاي أو برنارد فيري.

سأذهب إلى تيت أيضًا هل تود أو تودون المجيء إلى هنا قبل 8:30 أو بعد ذلك إذا لم تأت عنوان جرترود 27 شارع فلرس، لكن إذا أتيتَ فقد نذهب معًا.

بالمناسبة، «مذكرات جاليوبي» تأليف كومبتون ماكنزي (زميلك في المدرسة) جيدة جدًّا وأظرف كتاب قرأْتُه عن الحرب منذ ربينجتون، ألا أتساءل إن كان سينزل مع كتاب ج. مور «مطر ووداع».

يسعدني أن أشتريه من أجلك. ستكون هناك 4 مجلدات أخرى وهي أفضل خبر سمعته منذ مدة طويلة.

مودتي لك دائمًا

إرنست.




=============


قيم هذا النص
متابعة وضع إشارة مرجعية


Cher Scott,

Nous partons demain pour Pampelune. Avons pêché la truite ici. Comment vas-tu ? Et comment va Zelda ? Jamais je ne me suis senti aussi bien – n’ai bu que du vin depuis que quitté Paris. Bon Dieu quel merveilleux pays. Mais tu as horreur de la campagne. D’accord omets description de paysage.

Je me demande quelle pourrait être ton idée du paradis – un splendide vide plein de riches monogames, tous puissants et membres des meilleures familles se saoulant tous à mort.

Et l’enfer serait probablement un affreux vide plein de pauvres polygames incapables de se procurer de la gnôle ou atteints d’affections gastriques chroniques qu’ils appelleraient chagrins secrets.

Pour moi le paradis devrait être une vaste arène avec moi occupant deux places de barrera et une rivière à truites à l’extérieur de ladite arène dans laquelle personne d’autre n’aurait le droit de pêche et deux jolies maisons en ville ; l’une où j’aurais ma femme et mes enfants et serais monogame et les aimerais fidèlement et bien et l’autre où j’aurais mes neuf ravissantes maîtresses chacune à l’un des 9 étages et l’une des maisons serait pourvue d’exemplaires spéciaux du Dial imprimés sur du kleenex et répartis dans les WC de chaque étage et dans l’autre maison nous utiliserions l’American Mercury et la New Republic.

Il y aurait une belle église comme à Pampelune où je pourrais aller me confesser en allant d’une maison à l’autre et j’enfourcherais mon cheval pour aller avec mon fils à ma ganadería nommée Hacienda Hadley et jetterais des pièces de monnaie à tous mes enfants illégitimes habitant le long de la route.

J’écrirais un mot à l’Hacienda et enverrais mon fils verrouiller les ceintures de chasteté de mes maîtresses parce que quelqu’un viendrait juste d’arriver au galop porteur de la nouvelle qu’un monogame notoire nommé Fitzgerald avait été vu se dirigeant à cheval vers la ville à la tête d’une compagnie de buveurs ambulants.

Allons, de toute manière nous partons pour Pampelune demain matin de bonne heure. Écris-moi à I’Hôtel Quintana Pampelune Espagne. Ou est-ce que tu n’aimes pas écrire des lettres. Moi si parce que c’est une si chouette manière de vous empêcher de travailler et d’avoir néanmoins le sentiment qu’on a fait quelque chose.

À bientôt et nos amitiés à tous les deux pour Zelda.

Ernest

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى