شريف محيي الدين إبراهيم - جبل محمد حمدي

إطلالة نقدية على مسرح الطفل للأديب المسرحي محمد حمدي
........


نحن هنا لسنا بصدد جبل من صخور أو رمال ، و لسنا كذلك أمام جبل نحاس، كما عنوان إحدى مسرحيات المبدع الصديق محمد حمدي...
بل نحن أمام جبل عظيم من ذهب...!!

جبل حمدي الذي يمتلئ المواهب والقدرات الإبداعية...
جبل الاصرار والتحدي، ومحاولة اختراق شتى مجالات الإبداع، من قصة، ورواية، ومسرح، ومقال...،وشعر.
يمتلك حمدي قدرات قصصية، وشعرية، ودرامية فطرية، وهو جاد فيما يكتب، فهو لم يفرط يوما أو يتنازل بتقديم عمل فارغ لا يحمل مضمونا، أو يخلو من قضية هامة، كما أنه يهتم بالقيم الجمالية....

عمل حمدي على تطوير أدواته بصفة مستمرة، فقدم العديد من الأعمال القصصية ذات المستوى الرفيع... بما تتضمنه من رمز معبر ، ودلالات فنية في إطار وعاء من اللغة السليمة...

حين نذكر محمد حمدي لابد أن تتداعي إلى ذاكرتنا كوكبة من كبار كتاب الثغر...
عبدالله هاشم، أحمد مبارك، عبدالنبي كرواية، عبدالفتاح مرسي،، محمد الفخرانى، أشرف دسوقي ،ضياء طمان ،جابر بسيوني ،محمود عبد الصمد ،سمير حكيم، منير عتيبة، عاطف الحداد، صلاح بكر، وحيد بشير .... إلخ

ويا له من أثر فني إبداعي متبادل، ذلك الذي يحدث في دائرة الكاتب الثرية المقربة.
بما تشمل من كتاب وشعراء،من أجيال متنوعة، زاملهم وصادقهم،وتتلمذ على أيدي كبارهم
ومن المدهش أن أعمال محمد حمدي المسرحية ، لا تقل بحال من الأحوال في قيمتها الفنية عن أعماله القصصية، بل وقد تتجاوزها بما تحمله من تقنيات المسرح، ومساحات البوح والحرية التي يمنحها من خلال تتابع المشاهد، وتنوع الشخصيات، وقوة تركيزه في الحوار،وضبط إيقاع دائرية حركة الأبطال
، مع تغير المشاهد، وضبط المنظر بديكوراته المناسبه.

مسرحية جبل النحاس :
صدرت في ٢٠٠٨ من القطع المتوسط ٤٥ صفحة عن سلسلة ألوان إبداعية...
التي يرأس تحريرها كاتب هذه السطور...
في هذا العمل مساحة كبيرة من المتعة والخيال، كما أن اللغة جميلة، تناسب قدرات الطفل،
العقلية
من خلال حدث شيق، حيث يتناول مفردات حياة حشرة، وكيفية بناء مدينة النمل بكل مفرداتها، مع طرح لعاداتهم ،وأساليب حياتهم، وطبيعة سلوكياتهم،

الحوار رشيق غير مترهل، الحبكة والصراع في تنامي تلقائي ، كما وفق الكاتب في اختياره لأسماء الشخصيات
مثل بطلة العمل ( النملة ماذا...)
في هذا النص يتم استعراض ديناميكي لمستعمرة النمل. ... ونظام حكمهم،وظائفهم، طرق تقسيم مهام العمل بينهم، مع حفاظهم علي سلوكيات واعية مبنية على الالتزام والطاعة وكأن لهم دستور مكتوب كما البشر تماما؟!
اهتم الكاتب بالمعرفة والتعلم في تأكيد على الفكرة الرئيسية لنصه،
حيث تنتهي المسرحية بنجاة مدينة النمل من الهلاك بسبب مهارة وعلم بطلة المسرحية.
النملة ماذا؟!

مسرحية الحجر الذي أضاء ؛
وقد صدرت أيضا عن سلسلة ألوان إبداعية، حيث
يتناول المؤلف حكاية مرزوق الصياد الذي يكلمه حجر
رشيد، وكيف اتهمته زوجته، وأهل بلدته بالجنون حين تنازل عن كل ما لديه من مال في سبيل اقتناء ذلك الحجر،العجيب
زمن المسرحية هو زمن الاحتلال الفرنسي لمصر.. وهنا
يستغل محمدحمدي عنصر الدهشة لجذب المتلقي ، ويصنع حالة عجيبة التواصل بين الحجر ومرزوق،، مع إشارة سريعة للحملة الفرنسية ومساوئها كأي احتلال دونما اغفال لأهمية اكتشاف حجر رشيد وما فعله العالم الفرنسي الشهير شامبليون، كأحد الأثار الايجابية للحملة.

مسرحية وحش :
وهي تتحدث عن كلب مسكين مربوط من ذيله في أحد أعمدة الإنارة، وتدور الحبكة كلها في إطار محاولات شخوص المسرحية معرفة الفاعل؟!
والغرض هنا واضح حيث يهتم المؤلف بتعليم الطفل كيفية التعامل مع الحيوانات الأليفة مع غرس لمبادئ الرفق والرحمة بالحيوان...
كنت أحسب أن المؤلف سيتعمق أكثر في طبيعة العلاقة بين هذا الكلب وصاحبه، وشخوص العمل، حيث أن النص كان مختزلا بصورة مبالغ فيها، إلا أنه في النهاية قدم معالجة لقضية إنسانية من خلال مشهد الكلب
المعذب، والذي يدل على حرفية المؤلف. العالية

مسرحية منارة الشموع :
نحن هنا أمام حالة من الصراع بين الخير والشر، الضوء والظلام
الجهل والعلم.
ربط الكاتب في هذا النص بين الكتاب والشمعة التي هي مصدر الضوء والنجاة للمدينة بأكملها، كمعادل موضوعي للعالم كله...
و أن هزيمة الظلام والجهل لن تتم إلا بالتسلح بالعلم الحديث الذي هو مرادف للضوء
أي أنه لا نجاة لأحد إلا بنور المعرفة.

في النهاية نحن أمام كاتب موهوب يهتم بالعديدمن القضايا الإنسانية، في مواجهة عصر الفضائيات والنت والمديا،و العولمة، وهذا التطور السريع في التكنولوجيا عامة،
كما أنه تناول العديد من المواقف التي تنمي الحس الوطني وتعزز من روح الانتماء للوطن.

قدم حمدي في المسرح التربوي العديد من الاسهامات
منها مسرحية اسم الفاعل...
يتم من خلاله مسرحة المواد.
كما قدم الوصية، ديك أم البركات، الحجر الذي أضاء، جبل النحاس.
كما حصل على العديد من الجوائز القيمة، وخاصة في المسرح المدرسي،،
ليؤكد محمد حمدي على قدراته العالية في تجسيد الشخصيات المسرحية، مع براعة في توظيف السرد، الدرامي الذي يتناسب مع الفئة العمرية للمتلقي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى