محمود سلطان - أمل دنقل.. وأغنيته "ولد وبنت".. غير المعروفة

لا أدري.. كيف قبل الأستاذ أمل دنقل، عرض "الرحبانية" بتمصير مسرحية "الشخص" لإعادة عرضها في طبعة "مصرية" بدون أبطالها الحقيقيين : الست فيروز، نصري شمس الدين وأنطوان كرباج.
العرض على "دنقل" جاء عقب الخلاف بين الرحبانية وفيروز.. ويبدو أن الرحبانية شاءوا "تأديب" الأخيرة.. فاختاروا بدلا منها الفنانة "عفاف راضي".. وأدى "دنقل" مهمة التمصير ببراعة.. غير أن المسرحية في طبعتها المصرية "1982".. فشلت تماما ولا يكاد يسمع عنها أحد شيئا.. كان ذلك قبل وفاة أمل دنقل بأقل من عام (توفي عام 1983).
سدد "دنقل" جزءا من فاتورة فشل المسرحية: فالقليل جدا، من يعرف أن "دنقل" له أغنية كتبها بالعامية المصرية.. لهذه المسرحية "الشخص" غنتها الفنانة عفاف راضي. وهي أغنية "ولد وبنت".
نقاد ـ خاصة من الصعيد ـ رأوا أن تجربة دنقل مع الأغنية .. هي تجربة "فاشلة".. بزعم عدم شهرة أغنيته "ولد وبنت" والإدعاء بأن كل محاولات تلحين قصيدتي "لا تصالح" و"الكحكة الحجرية" غير ناجحة.
ولا أدري ما هي حكاية النقاد "الصعايدة" مع هذا الشاعر الجنوبي الروحاني العظيم.. لقد دخلت مع ناقد "صعيدي" آخرعلى "تويتر" في اشتباك "عنيف" بعدما وصف أمل بالشاعر "المنبوذ" والذي لم ينل شهرته إلا بعد مرضه ووفاته!! وقطعت علاقتي بهذا الناقد تماما!
ويبدو لي أن "صيت " أمل دنقل.. والذي بلغ سنام ذروته هو لا يزال شابا ـ أمل توفي عن 43 عاما ـ أسست لضغائن وعلاقات ثأر بغيضه تجاهه من "الصعايدة" الذين فشلوا في أن يرتقوا إلى قامته.. وظلوا على هامش متن الصخب الثقافي في القاهرة ولم يعرفهم أحد.
والحال أن كلمات الأغنية التي كتبها "دنقل" لـ"عفاف راضي".. شديدة العذوبة والرقة فضلا عن فحواها الإنساني الذي يؤهلها لنيل جائزة "عالمية"..
ويعتقد البعض أن من بين أسباب فشل الأغنية ان تلحينها أُسند إلى الأستاذ عماد الشاروني.. بزعم أنه موزع موسيقي" وليس ملحنا.
والحال أن اللحن كان رائعا بكل المقاييس الجمالية.. والأغنية موجودة على يوتيوب بوسعكم الاستماع إليها.. وما استقر في ضميري.. أن الذي ظلم الأغنية وظلم "دنقل" هو فشل المسرحية جماهيريا.. بعد نجاهحا لبنانيا (بطولة الست فيروز).
فضلا عن أن "أمل".. بدأ شاعرا "عموديا".. ثم تحول إلى شعر "التفعيلة" .. ومن كان على هذا النحو، يحترم "تاريخه" و"صنعته" ويكتب بالفصحي أو بالعامية وهو ملتزم عروضيا ويكتب كما يكتب الكبار على بحور الشعر العملاقة.
الأبنودي ـ مثلا ـ استهل كتابة الشعرمثل دنقل: شعر عمودي. ولذا يكتب الأغنية بالعامية بصرامة علمية "بحور الشعر" الخليلية.. عندما تسمع "عدى النهار" التي غناها عبد الحليم بعد النكسة، على الفور ـ لوكنت شاعرا أو دارس عروض ـ تعرف أنها على بحر "الكامل".. وكذلك أمل دنقل عندما كتب أغنيته بالعامية "ولد وبنت" كتبها ملتزما بفن العروض .. وهذا يختلف تماما عن الجيل الجديد من كتاب الأغاني الحاليين: لا يعرفون لغة ولا بحور الشعر.. ويكتبون بـ"الإحساس" وزي ما تطلع!!
برجاء سماع الأغنية على يوتيوب وكيفية نطق الكلمات حتي يمكن ضبط بحر الشعر الذي كتبت عليه "الرجز".. لأن من نقلوا كلماتها على المواقع والفيس كتبوها خطأ.. "أضافوا" ـ من عندهم ـ حروفا أدت إلى كسر بعض الأبيات عروضيا.. لكن عفاف راضي نطقتها صح عروضيا كما كتبها أمل دنقل رحمه الله تعالي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى