كاظم حسن سعيد - المعجم العربي الجديد لهادي العلوي

(لعل اللغويين الذين يحرسون اللغة بقوة الامر والنهي انما يحرسون ضريحا لا كائنا حيا وهم في قيامهم بدور السدنة لا بد ان ينتهوا باللغة الى الانحسار ).هكذا يبدأ العلوي كتابه الذي يعالج مواد من الموروث والراهن اريد بها انشاء صورة اصلاح مقترحة تطمح الى توفير حلول معقولة لمشكلة التعبير اللغوي وهو بامتزاجه كلا من الموروث والراهن يريد ان يكون المقترح وسيلة اصلاح واثراء لا انقطاع وافقار, ويصبو المقترح لتاسيس مشروع معجم جديد منطلقا من عربية القاموس مضافا اليها عربية الدارج بعد تشذيب محتوياتها .
اشاد المؤلف بمقدمة كتابه بحركة الاحياء اللغوي التي انبثقت في القرن التاسع عشر والتي شملت امهات اللغة ومعاجمها ونشطت مشاريع التاليف المعجمي مثل محيط المحيط للبساني واعيد للكتابة العربية مركزها بعدما انبثقت حركة ثقافية ناشطة على يد طه حسين وجيله من الاعلام , ثم واجهت العربية مشكلة الاصطلاح العلمي واثمرت مساعي السوريين لانتاج حركة رائدة في هذا الحقل , فظهر مؤلفون معجميون في سوريا ومصر ولبنان لم ياتوا من اوساط اللغويين بل مختصون علميون ... وظهرت بعدها مجلة < اللسان العربي > التي اهتمت بالدراسات المعجمية والمصطلحات واصدرت عددا من المعاجم المتخصصة بعدها ظهر معجم حتي الطبي للدكتور يوسف حتي ومعجم المصطلحات الطبية الصادر من دائرة التدريب المهني للقوات المسلحة في القاهرة سنة 1962,و المعجم العسكري الصادر بدمشق 1961 ويحتوي 25 ألف مصطلح في الشؤون العسكرية والموسوعة في علوم الطبيعة صدر 1966 وضم 25 الف مصطلح في علمي الحيوان والنبات .. وظهر في العراق من النجف ( المعجم الزولوجي الحديث ) في 8 مجلدات مكرسة لعلم الحيوان اصدره الشيخ كاظم الملكي كما اصدر الدكتور صادق الهلالي استاذ الفيزيولوجي بجامعة بغداد مجلدين حول فسلجة الجهاز العصبي .. فضلا عما اصدرته دار التقدم ودار مير في الاتحاد السوفيتي في ذات المضمار .
يعرض المؤلف بعد ذلك المشكلات الاساس في التعبير اللغوي ومنها :
1 العلاقة بين العامية والفصحى
2 اشكاليات لغة العلم ومازق الاصطلاح
3 ازمة المعاجم
4 الفقر اللغوي في مواجهة حاجات العصر المتنامية
ويشيد المؤلف بكتاب (في اللهجات العربية ) للدكتور ابراهيم انيس الصادر 1946فيقول <يضع .. بين ايدينا وثيقة كافية لدعم أي مجهود اصطلاحي معالجة الهوة القائمة بين المنطوق والمكتوب في لغتنا .
يشير العلوي الى كتاب يعده هاما للكاتب المصري محمود تيمور الذي دعا فيه الى ازالة الفجوة بين اللهجتين , ثم تناول المؤلف اهم الفروقات بين العاميات والفصحى لينتقل الى تاصيلها في لهجات القبائل ولغة الكتابة فاحصى :
1\زوال الاعراب في العاميات
2\ الابدال عن الفصيح ويشمل (لفظ القاف كافا على غرار حرف G في اغلب المفردات في لهجات وسط وجنوب العراق وغيرها .. ولفظ القاف همزة في عامية سوريا ومصر .. ولفظ الجيم كافا على غرار G في لهجة القاهرة واليمن ... وتحويل الكاف الى جيم الثلاثية CH في وسط وجنوب العراق والخليج وغيرها .. و ابدال الهمزة عينا وابدال القاف عينا وبالعكس .. ووجود حرف الباء P في عامية المدن العراقية .
ويتواصل المؤلف بهذا التحديد للفروقات حتى يصل الى تسع نقاط .
في العنوان الرئيس < الحروف > يلفت المؤلف الى ان اكثر الامور اهمية في هذا الصدد هي الحروف غير الفصيحة وهي \ الباء والكاف والجيم المثلثة : P\G\ CH\ ويؤكد العلوي بان ابدال القاف كافا عرف في لغة حمير وبقي في وسط وجنوب العراق والخليج والمغرب العربي , اما ابدال الكاف جيما مثلثة فهو معروف عند اللغويين بالكشكشة حيث اورد الخليل هذا الشاهد <تضحك مني ان راتني احترش ) , وذكر الزمخشري هذا الحرف وسماه الكاف التي كالجيم , وكانت الكشكشة متمركزة في ربيعة وغيره .
وقد اورد الثعالبي في فقه اللغة هذه القراءة للاية < قد جعل ربش تحتش سريا > وهي تترجم كتابة : قد جعل ربج تحتج سريا .. وعلى نفس النهج يمكن كتابة بيت مجنون ليلى ( فعيناج عيناها وجيدج جيدها ) .
لقد بذل المؤلف جهدا لافتا في كتابه لاجل ردم او تقليص الفجوة المتسعة بين الدارجة والفصحي , نأمل ان يواصل باحثون بعدها الغوص بهذا الحقل الحيوي لعلنا نتمكن من تزويد لغتنا باوكسجين معاصر لتقاوم قسوة الاندثار والتكلس .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(هادي نوري العامري : <1932 ــ 1998 > مفكر ماركسي ومؤرخ اسلامي ولغوي عراقي , ولد في بغداد وتخرج من كلية الاقتصاد 1956 غادر العراق قسرا الى الصين ثم سوريا فعاش منفيا حتى وفاته بدمشق التي دفن فيها .اتقن 6 لغات منها : الارامية والصينية والعبرية .ابعد عن العراق 1976, له اكثر من 11 مؤلفا منها (مدارات صوفية والاغتيال السياسي في الاسلام ) .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى