مقتطف سامح رشاد - رواية قطيفة وزعفران

الانفلات من أسر الزمان والمكان والخروج من اللحظة باللحظة في اللحظة"​

هدأت الرياح الشمالية الباردة، واستقرت الشمس في قلب السماء، بعد أن حلتْ ضفائرها المليئة بالأنوار، فتنفستْ الأرض بالجمال والدفء والربيع. بدأ الاخضرار يغمرُ الأعشاب الشاحبة المنتشرة في الأودية الصغيرة المُنحدرة من الروابي الجبلية القاحلة، كانت الشمس تتلألأ من خلال أغصان الياسمين العارية عن الورق، وكان خرير النهر مسموع هنا وهناك، فجاءت الطيور البيضاء والملونة وملأت الأودية السفلية حيث تتجمعُ مياه الآبار.

كانت "موران" تدسُ رأسها بين أشجار "صريمة الجدي" التي يكتظ بها جبل "الكرمل" من الأسفل، حيث تترك الزهور المنثورة بقعًا على الأرض الصفراء. أخذت تستنشق رائحتها الحادة والعابقة، تنزهت طويلًا حول الحدائق القريبة من الجبل واطئة بقدميها أولى أوراق الصيف المُصفرة التي قذفتها الرياح، سارت عبر الأيكة على العشب الرطب مستمتعة بوشوشة النسيم الذي يهز الأشجار وباكورة الأصوات النائية للطبيعة المستيقظة من رقادها.

لمحتْ بطرفِ عينها أسرابا من طير "أبو منجل" فوق هذه الأشجار، وهدلت حمامة بيضاء ورفرفت فوق الورود النابتة فوق الجبل، كانت ورود من الزنبق متعددة الأنواع، مزروعة في دائرة حول صخرة كبيرة، وقد شكلت رسمًا جميلًا عبقريًّا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى