شهادات خاصة أبووردة السعدني - الدكتور محمد رجب البيومي

... راسلني الأديب الناقد الأستاذ الدكتور دعلي زين العابدين الحسيني ، يطلب مني كتابة مقال عن أستاذه ، وأستاذي ، الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي - رحمه الله تعالى ، ت ٢٠١١م - ، فرجعت بي الذاكرة - الواهنة - إلى عقود خلت ، حين كنت طالبا في الفرقة الثانية - قسم التاريخ والحضارة - في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة - عام 1971م - ، وكان مجتمع تلك الكلية العريقة يضم كوكبة من أعلام اللغة والأدب والتاريخ ، معظمهم من المعممين ، أذكر منهم - على سبيل المثال وليس الحصر - : الدكتور محمد نايل ، الدكتور محمد ابراهيم نجا ، الدكتور عبدالحسيب طه ، الدكتور أحمد الشرباصي ، الدكتور محمد عبدالرحمن الكردي ، الدكتور محمد الطيب النجار ، الدكتور عبدالفتاح شحاته - رحم الله الجميع - ، كانت " عمائم " هؤلاء الشيوخ - وغيرهم - ثريات تشع نورا في سماء العلم في كلية اللغة العربية ، التي كانت تضم - في أحشائها - طلاب العلم المسلمين من كل أرجاء الأرض ...
...في العام المذكور - 1971م - درس لنا مادة " الأدب " الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي ، وكان قد تجاوز العقد الرابع من عمره ، حديث العهد بالتعيين في الجامعة ، يرتدي زيا " إفرنجيا " شديد التواضع ، حتى إنك إذا رأيته - وقتها - لا تحسبه أستاذا جامعيا ، لكنه حين شرع في إلقاء محاضراته اشرأبت العقول والقلوب إلى استيعاب ما يلقى على سمعنا من علم ، فقد كان - رحمه الله - عالما موسوعيا ، يغوص بك في بحور العلم مستنبطا لآلئه وأصدافه ....
... كان الدكتور رجب البيومي عالما جم التواضع ، يتحلى بسعة العلم ، لم يسع - في حياته -إلى " شهرة " وإنما سعت إليه " الشهرة " ، لم يتكالب - كما يتكالب غيره - إلى الحصول على جوائز " تشجيعية " أو جوائز " تقديرية " ، لم يحرص على " منصب " وانما فرضت عليه المناصب ، عاش طوال حياته " راهبا " في محراب العلم ، حفيا بطلابه ، فاتحا لهم قلبه وعقله وبيته ، من بين هؤلاء الطلاب الأوفياء الدكتور علي زين العابدين الحسيني ، الحريص - أشد الحرص - على تراث أستاذه ، فلله دره ، و على الرغم من وهن الصحة وقلة بضاعتي في علم الأدب والنقد ، أقول له : من ورخ عالما فكأنما أحياه ، ولا أجد أبلغ من قول أبي العلاء المعري - ت 449 /1057- :
جمال ذي الارض كانوا في الحياة ، وهم
بعد الممات جمال الكتب والسير

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى