منقول - مفهوم الاسطيتيقا.

•1. مفهوم عــلم الجمــال (الإسـتطيقا)



• أشتقت كلمة "إستطيقا" من الكلمة اليونانية “aesthesis” وتعني "إدراك".



•علم الجمال الاستطيقا هو ذلك الفرع من فروع الفلسفة الذي يهتم بطبيعة الجمال والفن و الذوق، وأيضا إبداع وتقدير الجمال.



•يعتبر علم الجمال أحد مجالات نظرية القيمة (الأكسيولوجيا) والتى بدورها فرع من فروع الفلسفة الثلاث: الأكسيولوجيا ـ الميتافيزيقا و الابستمولوجيا "نظرية المعرفة".



•يبحث علم الجمال في المحسوسات والمدركات، وهو يختلف عن المنطق "logic" الذي يبحث عن العلاقات والعقلانية. كما لا يبحث علم الجمال فقط فى الأشياء الجميلة، بل يتعدى ذلك إلى العوامل التى تجعل شيئ ما جميل أو جليل أو مُنِفر أو سخيف أو قبيح أو ممتع أو ممل، أو مرح أو مأساوى.



•يهدف علم الجمال إلى إيجاد مباديء عامة للفن والجمال.



••تعريف مفهوم"العلم":



• علم "scientia" كانت تعني في اللغة اللاتينية "معرفة"، ويستخدم اللفظ حالياً بمعنى المعرفة ، لدراسة ظاهرة طبيعية باستخدام الأسلوب العلمي؛ أي وجود مشكلة ويتم وضع فرض لها ويتم اختبار هذا الفرض بالتجربة، فإذا ثبتت صحة الفرض فإن الفرض يصبح نظرية، و إلا فيعدل الفرض ويختبر علمياً وهكذا حتى نصل إلى قانون طبيعي.



•كان العلم عند الإغريق مجرد فكر، أما قدماء المصريين فكان العلم عندهم تطبيقاً عملياً، وقد قام العرب بمزج الفكر النظري بالتطبيق العلمي واستمر ذلك حتى عصر النهضة (مابين القرنين الـ13 و الـ16).



••تعريف مفهوم "الفلسفة"



•- المعنى الأصلي لكلمة فلسفة اليونانية هو "حب الحكمة".



•- الفلسفة هي دراسة المباديء الأولى للوجود والفكر دراسة موضوعية تهدف إلى الوصول الى الحق وتهتدي بمنطق العقل، لذلك لا تبدأ الفلسفة بمسلمات مهما يكن مصدرها.



•- على عكس الرياضيات والفيزياء، فإذا كانت الأولى (أي الرياضيات) تبدأ من العدد والثانية (اي الفيزياء) تبدأ من المادة، فإن الفلسفة تحلل هذه البدايات نفسها الى مبادئها الأولية.



•ظهور مصطلح الاستطيقا



•يعتبر الفيلسوف الألمانى الكسندر جوتليب باومجارتن هو أول من صاغ مصطلح "الاستطيقا" و كان ذلك فى العام 1735. و قصد باومجارتن من وراء هذا المصطلح: "العلم الذى يدرس كيفية معرفة الأشياء عن طريق الحواس". و بذلك يكون أول استخدام لكلمة استطيقا كان فى ألمانيا. أما فى اللغة الانجليزية فبدأ استخدامه فى القرن التاسع عشر و ذلك على يد الفيلسوف ديفيد هيوم.



•عرفت الدراسات التى عنيت بموضوع الجمال قبل ظهور مصطلح "الاستطيقا" بمسميات أخرى مثل: "مقاييس الذوق" أو "الأحكام الخاصة بالذوق".



•ما هو علم الجمـــال؟



علم الجمال أو الاستطيقا هو دراسة فلسفية للخصائص التى تبحث فى جماليات الأشياء أو عن طبيعة القيم الجمالية و الأحكام المتعلقة بها. و تتضمن الإستطيقا أيضاٌ فلسفة الفن و التى تهتم أساساً بطبيعة وقيمة الفن و المبادئ التى من خلالها يتم تأويل العمل الفنى و تقييمه.



•ارتباط الثقافة بالأحكام الجمالية



•ارتباط العوامل الاقتصادية والسياسية بالأحكام الجمالية



•الحكم الجمالى قد يكون موضوعياً أو ذاتياً، و بالتحديد لا يوجد حكم جمالى موضوعى تماما أو ذاتى تماماً.. و بعض أحكامنا الجمالية تكون مبنية على أساس بيولوجى: فمثلاً الوجه المتماثل و الجلد المتماسك النظيف للإنسان يعتبران شيئان جميلان لهما جاذبية، أما الوجه الغير متماثل و الجلد المريض فيعتبرا غير جذابين، وبالتالى يتصفا بالقبح.



قد يتولد عن رؤية منظر طبيعى يتسم بالجلال رد فعل يتمثل فى الإحساس بالرهبة و الخشوع، ويصاحب هذا الإحساس تعبيرات فيزيقية مثل تعبيرات الدهشة فى الوجه أو اتساع حدقة العين أو خفقان فى القلب أو النطق بطريقة تلقائية بكلمات تجسد هذا الإحساس. وتكمن ردود الفعل تجاه الجمال فى اللاوعى وهو الذى يؤثر و لو جزئيا على أحكامنا الجمالية.



• الاتجاه الموضوعى والاتجاه الذاتى لعلم الجمال



الاتجاه الموضوعى و يرى أن الجمال موجود بقوته فى الأشياء الجميلة و لا يتأثر بالأهواء الشخصية أو الذاتية أو بالمزاج الشخصى، فالجمال موجود بغض النظر عن التقدير الشخصى له. فمثلا يرى جوته أن للإبداع الفنى قوانين موضوعية.



أما أنصار الاتجاه الذاتى فيروا أن الجمال شيئ يتعلق بالنفس , أنه يتغير من شخص لآخر و أن الجمال يوجد فى داخلنا حيث يتم تصوره من خلال فكر من يقدره وأن الحكم الجمالى ينبع من الفكر الحر و قوة الخيال والتى تتقاوت من شخص إلى آخر. أى أن الجمال ظاهرة سيكولوجية ذاتية.



و يعتبر إمانويل كانت “Immanuel Kant” أبرز المدافعين عن الاتجاه الذاتى، حيث يعتبر أن الحكم على الجمال حكم ذاتى يتغير من شخص إلى آخر و أن مصدر الشعور بالجمال يقع فى داخلنا و أن جمال الشيئ لا علاقة له بطبيعة الشيئ.



وكذلك الفيلسوف فريدريش هيجل “F. Hegel” الذى يقول بأن االجمال الطبيعى هو انعكاس للصورة الذهنية.



و يرى فيكتور باش أننا لا نحس بجمال العالم و كائناته إلا بمقدار ما فى أنفسنا من جمال. ولعل مقولة الشاعر ايليا أبو ماضى:"كن جميلاً ترى الوجود جميلاً" توضح هذا المعنى.



•مباديء النظرية الفيثاغورية



•اعتبرت ممارسة العلوم الرياضية (الهندسة والحساب) وكذلك الموسيقى من أسمى طرق تطهير النفس البشرية.



•بجانب اعتبار النظرية الفيثاغورثية أن الموسيقى وممارستها تطهر النفس، فقد اعتبرتها أيضاً وسيلة من وسائل العلاج النفسي.



•يمثل مفهوم "الهارموني" أو التوافق – الائتلاف – الانسجام لدى الفيثاغوريين الفكرة الأساسية لفلسفتهم.



•قام فيثاغورث بتحليل بعض القطع الموسيقية وتوصل الى أسباب جمالياتها من خلال تفسير عددي لأنغامها وفسر التوافق (الهارموني) الموسيقى بأنه يرجع إلى وجود وسط رياضي بين نوعين من النغم.



•ركزت الفيثاغورية على الأضداد (الخير والشر – المحدود واللا محدود – الواحد والكثرة – الذكر والأنثى – الظلام والنور .....الخ) وقالت بأنه في النهاية يحدث وحدة أو ائتلاف أو انسجام (هارموني) و الذى يرجع إلى وجود وسط رياضي بين كل نقيضين، أي البحث عن الوحدة المفسرة للكثرة.



•كما ترى الفيثاغورية أن رقي الإنسان وتقدمه قائم على أساس اجتياز مراحل متناقضة من البربرية والمدنية .... أي أن رقي الإنسان وتقدمه هما صورة من ومضمون لفكرة اندماج أو توافق (هارموني) بين الأضداد.



•التوازن الهندسي والاعتدال والتناسب كانت تمثل القواعد الأساسية للأعمال الفنية في أثينا مثل معبد البارثينون والطرز المعمارية للمعابد والتوافق بين الطرز (البسيطة والمعقدة والمسرفة في الزخرفة) المختلفة في المبنى الواحد.



•تفرق الفلسفة الفيثاغورية بين مستويين من الوجود:



المستوى الأول: مستوى الوجود المعقول (العقل). المستوى الثاني: مستوى الوجود المحسوس (الجسم).



•4-2- ســـقراط (469-399 ق.م.)



•نادى سقراط بالفضيلة والتقوى والعدل والأخلاق الحميدة.



•وحد سقراط بين العلم والفضيلة و اعتبرهما شيئاً واحداً لا يختلف باختلاف الأفراد.



•يرى سقراط أن الإرادة الإنسانية تتجه نحو الخير دائماً.



•له نظرية إيجابية في الفن: الفن سواء ما كان منه فناً جميلاً أو فناً صناعياً له وظيفة تخدم حياة الإنسان، وبمعنى أدق: الحياة الأخلاقية.



• الجمال عند سقراط هو جمال هادف، أي أن الجميل هو ما يحقق النفع أو الفائدة أو الغاية الأخلاقية العليا، وله مقولة مشهورة في ذلك الصدد:



"ما هو نافع لغرض معين فإن استعماله جميل لهذا الغرض”



•ويرى أن الصفة المشتركة للأشياء الجميلة تكمن في أن جميعها قد صنعت على النحو الذي تحقق به الغرض من وجودها... أي أنها حققت هدفها.!!



•يرى سقراط أن العين الجاحظة أجمل من العين العادية، لأن الجحوظ يؤدي إلى وظيفة أفضل وهي اتساع مجال الرؤية، وأن الأنف الأفطس أجمل من الأنف المستقيمة، لأن الأنف المستقيمة قد تعوق زاوية الرؤية أما الأنف الأفطس فإنها لا تعوق زاوية الرؤية.!!



•نادى سقراط أن يركز الفنانون على إبراز التعبير عن أحوال النفس البشرية من خلال التأكيد على تعبيرات العين والوجه في موضوعات الرسم والنحت وذلك بهدف إظهار الفضيلة والانفعالات السامية لتأكيد الجمال الخلقي بجانب مراعاة جمال الصورة ونسبها الفنية.



•نبذ سقراط مبدأ "اللذة" الجمالية التي فصلت بين الجمال و قيم الحق والخير، فلم تكن اللذة عند سقراط سوى نوعاً من أنواع التدهور الفني والانحلال الأخلاقي.



•يرى سقراط أن أصحاب الحرف والصناعات أفضل من الفنانين الذين لا يوجهون الناس من خلال فنهم الى قيم الخير والحكمة والفضيلة.



•يرى سقراط أن الفن يجب أن يكرس لخدمة الإنسان، بينما يؤدي الجمال إلى الخير لا إلى اللذة الحسية.
4-3- فلسفة الفن والجمال
عند أفلاطون “Plato”
(427-347 ق.م.)



•فيلسوف يوناني.



•تتلمذ أفلاطون على يد سقراط.



•له نظرية تسمى بنظرية "المُثُل" وهي تؤكد على استقلال المعقولات عن المحسوسات.



•فلسفته السياسية تميل الى النزعة الأرستقراطية.



•قدم تصوراً لما يسمى بالمدينة الفاضلة (يوتوبيا).



•حارب الشعر وبقية الفنون الواقعية، واعتبر الفنانين الواقعيين يعتمدوا على إثارة جانب العاطفة والانفعال الى حد يضيع معه سيطرة العقل على الإنسان ويفقده توازنه وتمسكه بالقوانين المقدسة.



تشرب أفلاطون النزعة العقلية من أستاذه سقراط، وفضل منهج الاستدلال العقلي وشغف بالرياضيات والهندسة حتى أنه كتب على باب أكاديميته الخاصة: "لا يدخل أكاديميتي إلا من ألم بعلم الهندسة"•حارب أفلاطون الفنانين الذين يعملون على خداع الحواس في فني النحت والتصوير وطالب بالمحافظة على النسب الصحيحة والمقاييس الهندسية المثالية.



•طالب أفلاطون الفنانين بمعرفة الحق معرفة واقعية، كما طالبهم بتوجيه أعمالهم إلى الخير، كما آمن أفلاطون بأفضلية الإلهام والهوس "Mania" والحض على كل معرفة عقلية، وعلى الرغم من أن الإلهام والهوس والحب قوى لا عقلانية، إلا انه اعتبرها وسيلة من وسائل الاتصال بالعلم الإلهي الذي –في نظر أفلاطون- المكان الحقيقي الذي توجد فيه الحقيقة.



•تمثل هذه الأفكار عن الحب والهوس والإلهام اتجاهاً صوفياً عند أفلاطون، حيث يرى أفلاطون أن الهوس هدية من عند الآلهة، وبالتالي يجب أن يكون منبئا عن الحقيقة.



•ارتبط الاتجاه الصوفي لدى أفلاطون بنزعة لا عقلية تنتهي إلى نظرية المعرفة الميتافيزيقية تلجأ إلى الحدس أو الرؤية المباشرة والتي تختلف عن الاستدلال العقلي أو الإدراك الحسي.



•أكد أفلاطون على دور الإلهام والذي اعتبره يأتي من عند الآلهة، ويقول في هذا الصدد:



"إن إتقان الفن عملية تحدث من خلال إلهام مستمد من ربات الفنون، أما المهارة العقلية فقط فهي غير كافية لتكوين الفنان؛ فالشعر الجيد مثلاً يأتي في صورة إلهام من ربات الشعر".



•تبعاً لأفلاطون فإن للفن وظيفة تعليمية وسياسية واجتماعية.



•اعتبر أفلاطون الحب الدافع المحرك للفيلسوف نحو الحق، وكذلك للفنان نحو الجمال.



•يمثل العالم الأعلى (أي الحياة بعد الموت) الجمال والكمال والخلود



الجمال عند أفلاطون هو أحب الأشياء إلى الإنسان، ومتى صادف الفيلسوف محاكاة لهذا الجمال أو جسماً حسن التكوين على الأرض، فإنه في تلك اللحظة تنتابه رجفة ويملؤه شعور غامض يدفعه و يوجه بصره في اتجاه موضوع الجمال، ويعطي أفلاطون وصفاً للشعور بالجمال ويقول:



" عندما يرى الإنسان الجمال فإنه يحدث له أثناء إبصاره تغير في جسده نتيجة للرجفة التي تنتابه فيكسوه العرق والحرارة، لأنه بمجرد أن يلتقي فيض الجمال عن طريق عينيه فإنه يدفأ ثم يؤثر الدفء في نفسه فينشط نمو الريش وتلين منافذه لأن الحرارة تصهر ما كان صلباً يمنع الريش من البزوغ والنمو، ويحدث نتيجة لذلك أن تقوى الأجنحة التي يمكن للنفس بواسطتها أن تحلق وتعود مرة أخرى إلى العالم الذي كانت تعيش فيه قبل سقوطها إلى الأرض، ذلك العالم التي تصبوا إليه النفس إلى العودة إليه لتكون في صحبة الآلهة الخالدة والذي تسعد فيه بالتأمل الدائم لمثل الحق والخير والجمال".



الفن والمحاكاة “MEMESS” عند أفلاطون: وصف أفلاطون كل من الفيلسوف والشاعر بأنهم يحاكوا، فما هي المحاكاة؟



يفرق أفلاطون بين نوعين من المحاكاة: هناك محاكاة تعتمد على المعرفة ويصاحبها الصدق (أي التعبير الصادق الذي يلتزم بالحق ويحقق الجمال). وهناك محاكاة لا تصحبها معرفة وثيقة بحقيقة الأصل الذي تحاكيه، إنما هي نقل آلي تعتمد على التمويه و يخلو من الحق والجمال وهذه المحاكاة لا تعتمد على الخير ولا تمت الجمال والخير بصلة، كما لا تساهم في خلق اللذة، وقد أطلق أفلاطون على هذا النوع من المحاكاة الزائفة لأنها المحاكاة التي تدخل السرور على العامة والسذج ووضع أفلاطون بعض الخصائص لوصف هذه المحاكاة الزائفة ومن أهم هذه الخصائص:



•الأخذ بالمظهر والبعد عن عن تقصي الحقائق و الاشتغال بالنقل الواقعي لما يبدو للحواس والتعبير الصريح عن العواطف والانفعالات.



•الابتعاد عن الالتزام بالأهداف الأخلاقية والميتافيزيقية.



•المحاكاة الجيدة عند أفلاطون هي التي تتعمق في معرفة طبيعية الشيء وأن يكون لها قيمة (أي التي تركز على الصفات الباقية الأصلية والقيمة والجوهر للأشياء) كما يرى أفلاطون أن الشعر الغنائي أصدق تعبيراً عن الحقيقة.



–ويعكس أفلاطون موضوع المحاكاة على الحكام والملوك حيث ينادي بأنه عليهم محاكاة الصفات والقيم التي نشئوا عليها منذ حداثتهم، كالشجاعة والكرم والاعتدال والعفة و أطلق أفلاطون على هذه الصفات "الصفات الجوهرية للحكام".



•كما يرى أفلاطون أن الإنسان الصالح هو الذي لا يحاكي النساء ولا العبيد ولا سلوك السفلة والرعاع ولا المجانين من الناس، ويضيف أفلاطون قائمة طويلة من أصحاب المهن الذين أعتبرهم أفلاطون منحطين مثل الحدادين والصناع (الحرفيين) وملاحي السفن، ورأى أن محاكاة هؤلاء الناس تعرض أصحابها إلى التلف والتقلب – يجب أن نلاحظ أن أفلاطون كان يعيش في مجتمع قام على الفصل بين طبقات الناس أيضا أنه كان شخصياً ذا نزعة أرستقراطية



••فرق أفلاطون بين نوعين من الفن: النوع الأول: هو ذلك الفن الذي يأخذه بمحاكاة السطحية، أي بالمعنى الشائع للمحاكاة دون التعمق في طبيعة الأشياء. النوع الثاني: وهو الفن الذي يتخذ محاكاة مستنيرة تقوم على علم بما يجب أن يحاكى وهو: الحق والخير والجمال وهذا النوع – تبعاً لأفلاطون- لا يوجد إلا لدى الفنان ذي الثقافة الفلسفية الواسعة والذي يحسن التعبير عن الجمال.



ويقول أفلاطون: "لابد للمحاكاة الصحيحة بأن تتعلق بحقيقة مثالية لا بصورة" (أي ليست محاكاة الصفات العارضة للشيء وإنما الصفات الأصلية الدائمة والجوهرية).



أمثلة للمحاكاة الجيدة: عند أفلاطون تتكون الموسيقى من ثلاث عناصر رئيسية وهي: اللفظ والائتلاف والإيقاع ويجب أن تكون الموسيقى باعثة لقيم الخير والجمال، أي لا تكون ماجنة أو تحتوي على شكاية أو تبعث روح الملل لدى السامعين أو تسبب لهم ضرراً. كما يجب أن يكون هدف الموسيقى الأسمى هو التأثير الإيجابي على النفس، بحيث تكسبها إئتلافا و اتزانا غايتهما الخير والجمال.



ويتناول أفلاطون موضوع التصوير ويرى أن التصوير "Painting" الجيد هو الذي يحترم النسب الهندسية لحقيقة الموضوع المراد تصويره (مثال لذلك : أسلوب تصوير الأشخاص في الفن المصري بالقديم، حيث يصور كاملاً بالاستغناء عن المنظور، حتى وإن نظرا إليه من جانب واحد). امتدح أفلاطون الفنون المصرية القديمة و أرجع سر جمالها إلى وجود قوانين صارمة صادرة عن الكهان بحيث لا يسمح للفنان بأن يغير أو يعدل في تلك القوانين. وينتقل أفلاطون مرة أخرى إلى المقارنة بين الفن الجيد والفن الرديء حيث يقول: الفن الجيد هو ذلك الذي يعبر عن الحقيقة المثالية الخالدة أو الأصل الثابت والواضح في العقل وللمظهر الحسي أهوائه ورغباته الذاتية ويسمح لنفسه بالتلاعب بالحقيقة حسب ما يحلو له.



•والجمال عند أفلاطون يوجد في النظام والتناسب وفي كل ما يخضع للعدد والقياس ووقف أفلاطون ضد الفن الذي يقوم على مجرد الإحساس باللذة أو الانفعال اللاشعوري.



•4-4- فلسفة الجمال عند أرسطو
(384-322 ق.م.)



•يعتبر أرسطو من أهم الفلاسفة الإغريق تتلمذ على يد أستاذه أفلاطون والاسكندر الأكبر يعتبر من أشهر من تتلمذ على يد أرسطو.



•أسس أرسطو المدرسة اللوقية أو كما تسمى أيضا بالمدرسة المشائية، وهي أسلوب أكاديمي في تدريس الفلسفة، حيث كان أرسطو يحاضر وهو ماشياً.



ومن أهم النتاجات الفكرية والفلسفية لأرسطو:



كتاب "الأرجانون" في المنطق وأهم ما في المنطق هو "القياس" والذي من خلاله يمكن الوصول الى نتائج يقينية من خلال مقدمات.



•له دراسات في مجال ما بعد الطبيعة "الميتافيزيقا" وقد أهتم في هذه الدراسات بالجوهر والعرض والهيولي (أي المادة) والصورة الإلهيات.



•يعتبر مؤلفه فن الشعر " وهو المرجع الأساسي لنظريته في فن الشعر وقد تناول في هذا الكتاب نظريته في "المحاكاة" وتذوق الفن ونقده.



•وموضوع العلم عند أرسطو هو العام، الذي يمكن التوصل إليه عن طريق العقل. ومع ذلك فإن العام لا يوجد إلا في الجزئي الذي يُدرك بطريقة حسية ولا يُعرف إلا عن طريق الجزئي، وشرط المعرفة بالعام هو التعميم الاستقرائي الذي يكون مستحيلا بدون الإدراك الحسي.



•يكتسب العالم "الوجود" عند أرسطو مبدآن وهما : الصورة و المادة (الهيولي) فمثلا صورة التمثال تنطبع على البرونز فتجعله تمثالا لشيء بذاته فكذلك فإن قوام كل شيء هو صورة ومادة وبالتالي لا تكون هنا صورة بغير مادة إلا صورة الله.



•الإنسان له مادة وهي النفس، أما صورته فهي الجسم واتحاد الصورة من المادة هي سبب الحركة والتغير ويرى أرسطو أن الله هو المحرك للمادة "المحرك الأول الذي لا يتحرك".



•لأرسطو تأثير بالغ على الفلسفة الإسلامية خاصة في العصر العباسي (750-1258) ولقب أرسطو لدى المسلمين بالمعلم الأول وقد عرف الغرب (أوروبا) أرسطو عن طريق الفلاسفة المسلمين هم الذين ساعدوا على نقل الفكر اليوناني إلى أوروبا.



وتتلخص فلسفة الجمال عند أرسطو في النقاط التالية:



•على عكس أفلاطون الذي ذهب إلى أن الفن يهبط على الإنسان من السماء فإن أرسطو يرى أن الإنسان قد زودته الطبيعة باليد وهي تعتبر في نظر أرسطو أقوى الأسلحة التي من خلالها يستطيع الإنسان إنتاج فنون مختلفة ليكمل الطبيعة ويقومها كما يرى أرسطو أن اليد هي الأداة التي تخلق غيرها من الأدوات وبها يستطيع الإنسان إنتاج فنون مختلفة ليكمل الطبيعة ويقومها كما يرى أرسطو أن اليد هي الأداة التي تخلق غيرها من الأدوات وبها يستطيع الإنسان صنع ما شاء من الفنون.



•وأيضا يختلف أرسطو عن أفلاطون في تحديده لمصطلح "المحاكاة" فإذا كانت المحاكاة عند أفلاطون مصطلحاً واسع مبهما يشتمل كل أنواع الإبداع العقلي والفلسفي والفني، فأتى أرسطو يقصر فكرة المحاكاة فقط على الفنون، بل خص الفنون الجميلة بالذات باسم "فنون المحاكاة" تمييزاً لها عن بقية الفنون التطبيقية التي غايتها إنتاج ما يستعمل ليفيد الإنسان.



•وهناك اختلاف آخر بين فلسفتي أفلاطون وأرسطو فيما يخص موضوع المحاكاة فبينما اشترط أفلاطون أن يكون الفن الجيد محاكاة فإن أرسطو يرى أن الفن محاكاة جميلة لأي موضوع حتى ولو كان مؤلما أو رديئا بل يزيد أرسطو عن ذلك حين يقول: عندما يحاكي الفن الطبيعة فإن الفن يقف عند حد للمحاكاة الحرفية بل أنه يكمل ما تستطيع الطبيعة أن تحققه فالفن يحاكي إبداعات الطبيعة.



•اللذة الجمالية: عند أرسطو هي تصفية للانفعالات الضارة بالنفس وتنظيماً للمشاعر المضطربة (لاحظ أن أفلاطون خلط بين اللذة الجمالية وبين الوجدان الصوفي واللذة الحسية). وهناك اتفاق بين فلاسفة أفلاطون وأرسطو فيما يخص أهمية الفنون الجميلة، فكلاهما يرى أن للفنون الجميلة دورا هاما في التربية والإرشاد إلى الخير والفضيلة الإنسانية.



•يرى أرسطو أن للفن دوراً في تطهير النفس البشرية وقد أطلق على هذه النظرة مصطلح التطهير "Catharsis" وكان يعني أن النفس البشرية تستطيع التخلص من الانفعالات الأليمة وذلك من خلال تذوق الفنون خاصة الشعر والتراجيديا اطلق أرسطو على الفنون



•مصطلح "البوئيطيقا" "Poetica" وهي كلمة يونانية مشتقة من فعل Poien وهي كلمة يونانية وتعني ينتج.



• فرق أرسطو بين الفن والصناعة، حيث حدد مصطلح الفن في انه يصور الأشياء على أي نحو سواء على نحو ما هي عليه في الواقع أو أحسن أو أسوء مما هي عليه في الواقع، أما الصناعة فهي تصور الواقع وذلك من خلال فرض صورة على مادة (هيولي) سابقة على الوجود.



•4-5- فلسفة الجمال عند أفلوطين
(ولد فى205 ميلادية)







•فيلسوف يوناني ولد بمصر فى عام 205 ميلادية و استقر فيما بعد فى روما، وحاول هناك إقامة مدينته الفاضلة "أفلاطونوبوليس" والتى اتخذت شكل دير.



•اشتهر أفلوطين بالنزعة الروحية والصوفية العميقة ومن أشهر مؤلفاته "التاسوعات" وفيها عرض مذهبه المسمى "بالأفلاطونية الجديدة" والأفلاطونية الجديدة هي آخر مذهب في الفلسفة اليونانية امتزجت فيه فلسفة كل من أفلاطون و أرسطو والمدرسة الرواقية (أسسها الفيلسوف زينون حوالي عام 200 ق م وترى أن الإنسان جزء من الوحدة الجامعة بين الله والطبيعة و أن الحقيقة مادية توجهها القوى الإلهية) وتأثرت الأفلاطونية الجديدة بالعناصر الشرقية والمسيحية والصوفية وتؤمن هذه الفلسفة بوجود "الوحدة الكاملة".



•يرى أفلوطين أن الخير الأوحد (الله) يحتل قمة الوجود وأن منزلة الوجود متوقفة على مدى تمسكه و وحدة أجزائه. وعن طريق الفيض “Emanation” (أي التدرج من أعلى إلى أسفل) تنبثق عنه جميع الموجودات في سلسلة متدرجة حتى العالم المحسوس الذي اعتبره أفلوطين عالم الخداع والشر. ومن أهم مبادئ "الفيض"كما تصوره أفلوطين أن الله كامل و لهذا فهو ينتج بالضرورة كائنات كاملة تشبهه و إن لم تساويه فى الكمال.



•يرى أفلوطين أن الهدف الأسمى للنفس هو الوحدة من الخير الإلهي.



•خلفية تاريخية لعصر أفلوطين



•يعد أفلوطين أشهر فلاسفة اليونان بعد أرسطو، وهناك ما يقرب من خمسة قرون تفصل بينهما، وحدث في تلك الفترة أحداث كثيرة من ظهور اتجاهات فنية وقد تطورت العمارة تتطورا لا مثيل له، حتى ليصدق القول: "أن روما تحولت من الطوب إلى الرخام، وازدهرت فنون الأدب". وقد عنى الفلاسفة فى ذلك الوقت بالنحو والخطابة ووحدوا بين الصوت في الكلمة وبين المعنى، كما عنوا باللغة باعتبارها الوجه الآخر للفكرة، وقدم الشاعر الأبيقوري "لوكرتيوس" تفسيراً واقعياً لنشأة الغناء فذهب إلى انه محاكاة لتغريد الطير في الطبيعة، وذهب إلى أن الناس قد صنعت آلات النفخ محاكاة لما سمعوه من الريح بين الأشجار. وفي ذلك العصر أيضا ظهرت بعض النظريات الخاصة كالشعر والعمارة، وكتب "فتروفيوس" عن العمارة وشبيه العمل الفني – سواء كان قصيدة من الشعر أو مبنى معمارياً- والكائن العضوي، وذلك قبل ظهور العمارة العضوية في القرن العشرين على يد "فرانك لويد رايت".



•كما ظهرت مؤلفات عن طريق التصوير خاصة كتاب التاريخ الطبيعي لمؤلفه "بلين الأكبر" في عام – 50 ق م- حيث شرح فيه أساليب التصوير وتطورها كما كتب (لونجينوس) عن الروح وأهمية الباطن عن الشكل الخارجي ورأى أن المضمون الخصب يؤثر في النفس أكثر مما يؤثر الشكل المنمق وتعتبر كتابات لونجينوس التمهيد الأول لإستطيقا افلوطين.



كما تم في عصر أفلوطين إعادة النظر في موضوع المحاكاة والتي مثلت عماد نظرية الفن في العصور السابقة لعصر أفلوطين وظهرت نظرية أخرى تعتمد على الخيال الخلاق وذهب الفيلسوف (فيلو استراتوس) إلى القول بأن المحاكاة تلتزم بما يقع تحت الحس في حين أن الخيال يتجاوز الحس.



•دلل على قوله ذلك بأن المثاليين الشهيرين فيدياس وبراكستيلس لم يصعدا إلى السماء ليعاين الآلهة ويحاكيانها حتى أن نقول أن الفن محاكاة إنما أمكن لهما أن يحقق أعمالهم بفضل ما تمتعوا به من خيال خلاق وذلك لأن الخيال يحلق إلى آفاق أرحب من الواقع.



الجمال عند أفلوطين:



• عرف أفلوطين الجمال بأنه موضوع محبة النفس لأنه من طبيعتها وانه ينتمي إلى عالم الحقائق العقلية فهو أقرب إلى النفس منه إلى طبيعة المادة وبقوله في ذلك: (عندما تصادف النفس ما هو جميل تندفع نحوه لأنها تتعرف عليه إذا انه من طبيعة مشابهه لطبيعتها أما حينما تصادف القبيح فهي تنصرف عنه وتنكمش على نفسها لأنه مغاير لطبيعته.



ويرى أفلوطين أن كل ما تشكل بحسب فكرة معقولة صار أجمل فالجميل هو المصور المعقول والقبيح هو ما يخلو من الصور المعقولة ويصور أفلوطين مثال لذلك حين يرى ان لو قارنا بين قطعتين من الحجر، أحداهما قد نحتت على صورة معينة –كأن تكون مثلاً صورة آلهة أو إنسان- وتركت الأخرى بغير تشكيل أو صورة معقولة فإننا نلاحظ أن الأولى سوف تتفوق على الأخرى في القيمة الجمالية. كما يرى أفلوطين أن الجمال يصدر عن الصورة أو المثال الذي ينقل من المبدأ الخالق إلى مخلوقة كما ينتقل جمال الفن من الفنان إلى عمله الفني وبناء على ذلك فإن أفلوطين لا يرجع الجمال إلى المادة بل إلى الصورة. يوجد الجمال في الفنان أكثر مما يوجد في عمله الفني ذلك لأنه يكون في العلة أعظم مما هو في المعلول وذلك أيضا كانت الآلهة أعظم واجل فناً لأن العقل فيها أعظم مما هو فينا أي أن الجمال لا ينتقل بأكمله بل بجزء منه فقط لأن الأصل يتضاءل كلما هو هبط على نحو ما مثل شعاع النور كلما بعد عن مصدره ذلك لأن كل علة تكون في ذاتها أقوى من مدلولها (أي عن طريق الفيض).



وتنتهي نظرية أفلوطين إلى نوع من "الطهارة الروحية" التى ترتفع بالنفس من العالم الحسي إلى عالم الحقائق الروحية الذي يعلو إلى الحس والذي يلهم من يصل إلى تأمله للشوق الدائم إليه والعزوف عن العالم الحسي فيوحد بين الجمال والخير الأقصى أو الحقيقة القصوى.



•يقول أفلوطين : "إن الجمال هو الخير و من الخير يستمد العقل جماله, ومن العقل تستمد النفس جمالها، أما أنواع الجمال الأخرى مثل الأعمال والنوايا الحسنة فجمالها أيضاً مستمد من النفس، إذ أن النفس إلهية، ويلخص أفلوطين ذلك في عبارة تنبض بالصوفية ويقول:



•"تصير النفس جميلة بقدر ما تتشبه بالله"







وفيما يلي موجز لأهم مباديء فلسفة الجمال عند أفلوطين:



•لا يرجع جمال المحسوسات (سواء كانت بصرية أو سمعية) إلى تناسب أجزائها، لأنه لو جاز هذا القول؛ فإن ذلك سيقتصر على الأشكال المركبة وينعدم من الأشياء البسيطة وأيضاً سيكون الكل هو الجميل والأجزاء قبيحة، وهذا يفضي إلى التناقض؛ فكيف يصح أن يولد الجمال من اجتماع أجزاء قبيحة؟



إن التناسب والمقاييس إنما هي أفكار تتعلق بالكم، ومن ثم لا يجوز أن تطبق على الحقائق الروحية كالأفعال والأخلاق والأفكار.



من خلال تأثره بالديانات الشرقية التي كانت تسود الإسكندرية في القرن الثالث الميلادي اصطبغت فلسفته بالصوفية وأبدى كراهية للعالم المادي وشبه الجمال بالنور الباطني الذي تستضيء به النفس ثم تضيء به كل شيء.



- أوجه التشابه بين الفلسفة الأفلاطونية الجديدة والفكر الصوفي الإسلامي:



•تأثر الكثير من المتصوفين المسلمين بفلسفة أفلوطين وأمثاله من المدرسة الأفلاطونية وأهمهم أولئك الذين تغنوا بالحب الإلهي وبجمال العالم الروحاني أمثال أم الخير بنت إسماعيل الملقبة برابعة العدوية (حوالي715-801 م) التي اشتهرت بالزهد ومحبة الله وكان الحب الإلهي عندها نوعان؛ حب تنشغل فيه بذكر الله وتنشغل به عما سواه.



وتسمية "حب الهوى"، وحب تنكشف فيه الحجب ويتجلى جمال المحبوب الحقيقي وتعبر عنه بأنه حب الذي هو الله هو أهل له.



وكذلك الصوفي المصري عمر بن حسين بن الفارض الملقب بإمام المحبين وسلطان العاشقين (1181-1234) الذي تمتلكه عاطفة الحب الإلهى و انتهى حبه إلى رؤية الوجود –على ما فيه من كثرة- بعين الوحدة الشعورية المستغرقة في المحبوب والحسن بن منصور الحلاج (858- 922 م) الذي قال بحلول الروح الإلهية "اللاهوت" في الجسد البشري "الناسوت", كما حاول التوفيق بين الفلسفة اليونانية والفلسفة الإسلامية، وقد أمر بقتله وصلبه بعد محاكمته.

ومحي الدين ابن عربي (1165-1240 م) الذي يرى أن الوجود واحد وإنما تتعدد صوره وأن الحقيقة المحمدية مجمع حقائق الموجودات ومنبع الفيوضات على الأنبياء.

•كما دعا ابن عربي إلى الاعتماد على الخيال الخلاق لأنه قوة لا حد لها تتجاوز العقل ونهى عن الاكتفاء بالظاهر ودعا إلى الرجوع إلى الذوق والحدس والغور في باطن الأشياء.

ويقول في إحدى قصائده:

”اصرف الخاطر إلى ظاهرها وأطلب الباطن حتى تعلما”.



ويعد الشاعر الفارسى الصوفي جلال الدين الرومي (1207-1273 م) من أقرب شعراء الفرس إلى روح الفلسفة اليونانية الأفلاطونية، وفي مؤلفه الشعري الكبير "المثنوي" أودع آراء تفسر لنا ما ذكره فلاسفة اليونان من نظريات في الجمال المطلق الذي تهفو إليه النفوس والذي هو علة الجمال في كل شيء موجود والذي يهون بجانبه كل ما يبدعه الإنسان من آثار فنية يقول ابن الرومي:" إنني مصور نقاش أصنع في لحظة تمثالاً ولكني في حضرتك أصهر كل هذه التماثيل، وأنني لأخلق مائة و أنت فيها الروح، فإذا ما رأيت تصويرك ألقيت بها جميعاً في النار".



•5- فلسفة الجمـال
فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشـر



5-1- كانت (كانط) وعلم الجمال (إمانويل كانت 1724-1804) Immanuel Kant




يعتبر إمانويل كانت، مؤسس الفلسفة المثالية الألمانية الكلاسيكية، من أكثر الفلاسفة الذي صبغ علم الجمال بصبغته حتى إن مراحل علم الجمال صنفت كما يلي :



•إيمانويل كانت Immanuel ant
1- العصر السابق لظهور كانت.
2- العصر الكانتي.
3- العصر الوضعي المتميز بعدائه للميتافيزيقيا.




وتعد العصور التي سبقت العصر الأول بمثابة عصر ( ما قبل تاريخ الاستطيقا ) وقدرت فترتها الزمنية بأكثر من ألفي سنة.
إن كتاب ( نقد ملكة الحكم ) لإمانويل كانت كان دعامة قوية في بناء علم الجمال وقد بدأ، بأن قرر إن ليس من الممكن وضع قاعدة بموجبها يستطيع المرء أن يتعرف جمال شيء ما ، ولهذا فإن الحكم على الجمال حكم ذاتي وهو يتغير من شخص إلى آخر ولهذا فإنه يختلف عن الحكم المنطقي القائم على التصورات العقلية.
لهذا فهو ثابت لا يتغير ومن هنا فالحكم ا لمتعلق بالذوق لا يمكن أن يدعي الموضوعية ولا الكلية ورغم ذلك لما كانت الشروط الذاتية لملكة الحكم واحدة عند كل الناس فمن الممكن بعد ذلك أن تتصف أحكام الذوق بصفة الكلية لهذا عرف كانت الجمال بـ (قانون بدون قانون ) وفي الفن يقول كانت ( إن الفن ليس تمثيل لشيء جميل بقدر ما هو تمثيل جميل لشيء ما ) .هذا ولا أعتقد أنه من المبالغ فيه جعل كانت نقطة انعطاف نوعية في المنحني البياني لعلم الجمال.
وقد جادل "كانت" قائلا: "إن حكم الجمال أو الذوق ينبغي أن يكون شيئا عاما وصادقا بالضرورة بالنسبة لكل البشر، فإن الأساس الخاص به لابد أن يكون متطابقا لدى جميع البشر، لكنه أشار أيضا إلى أن المعرفة هي فقط القابلة للتوصيل، ومن ثم فإن الشيء الوحيد أو الجانب الوحيد في الخبرة الذي يمكن أن نفترض أنه مشترك أو عام بين جميع البشر، هو الشكل، وليس الإحساسات بالتمثيلات العقلية. وقد اعتبر بعض الباحثين هذه الفكرة الإرهاص الأول للمذهب الشكلى أو الشكلي المعاصر في الفكر النقدي والفني المعاصر. بالإضافة إلى ذلك، نظر "كانت" إلى "الجميل" على أنه رمز للخير، كما أنه تصور النشاط الجمالي باعتباره نوعا من اللعب الحر للخيال. وتعد البهجة الخاصة بالجميل والجليل بهجة خاصة بالملكات المعرفية الخاصة بالخيال والحكم، وقد تحرروا من خضوعهما للعقل والفهم، أي تحرروا من قيود الخطاب المنطقي، وقد أثرت هذه الفكرة الخاصة بحرية الملكات المعرفية تأثيرا كبيرا فيمن جاء بعد "كانت" من الفلاسفة الألمان وخاصة "شيلنج" و "هيجل".
•إن الحكم التأملي لا يستمد - كما أشار "كانت" - من الخارج، لأنه حينئذ سيكون حكما محددا أو معينا أو حتميا أو طبيعيا، إنه ينتمي أكثر إلى مملكة الذات والوجدان والشعور، والييهما ينتمي كذلك الحكم الجمالي.
وقد ميز "كانت" في "نقد الحكم" بين أربع لحظات أساسية أو حالات أو خصائص أساسية لحكم الذوق أو الحكم الجمالي نذكرها بإيجاز فيما يلي:



••اللحظة الأولى: وهى تتناول حكم الذوق وفقا للكيف و الخلاصة - بالنسبة لهذه اللحظة – هي أن الذوق هو ملكة الحكم على موضوع ما أو أسلوب من أساليب التمثيل الداخلي لهذا الموضوع من خلال الشعور الكلي المنزه عن الغرض والخاص بالارتياح أو عدم الارتياح. وموضوع مثل هذا الارتياح - أو الإشباع - هو ما يسمى بـ "الجميل".




اللحظة الثانية :



•الحكم على الجميل وفقا للكم: ينتهي إلى أن: الجميل هو ما يمتع بشكل عام (مشترك) دون حاجة إلى وجود مفهوم عقلي محدد خاص حوله.



•اللحظة الثالثة:



• أحكام الذوق في ضوء العلاقة الغرضية الخاصة التي توضع في الاعتبار:



حكم الذوق حكم غائي، لكنه حكم غائي بلا غاية، أي حكم بلا غرض عملي محدد. والنتيجة هي أن: الجمال هو الشكل الخاص بغائية موضوع ما، وأن هذه الغائية يتم إدراكها دون أي تمثيل داخلي أو خارجي لغاية معينة.
•اللحظة الرابعة:



•الحكم على الجميل في ضوء الجهة الخاصة بالرضا أو الإشباع الخاص بالموضوع: (أي من حيث الإمكان أو الضرورة).
إن هذا " الحس المشترك" والذي من خلاله لا نفهم المعنى الخارجي ولكن الأثر الناتج عن اللعب بقوانا المعرفية، هو الشرط المسبق الذي يمكن أن يقوم في ظله حكم الذوق ويرتقي. وهذا الأثر الانفعالي، وليس التصور العقلي، والعام وليس الفردي، هو جوهر الحكم الجمالي عند "كانت". والخلاصة هنا هي: الجميل هو ما يتم التعرف عليه دون أي مفهوم عقلي على أنه موضوع للإشباع أو الارتياح الضروري.

•"كانت" وحكم الذوق الجمالي:



تمثلت الخطوة العظيمة لكانت، مقارنة بالسابقين عليه أو المعاصرين له، في أنه ذهب إلى ما وراء التحليل الإمبيريقي "العملى التجريبى" للإحساس الجمالي، متجها نحو التحديد الخاص لعلم الجمال، باعتباره مجالا خاصا للخبرة الإنسانية يماثل في أهميته وتكامله المجالين الخاصين بالعقل النظري والعقل العملي (أي المجال المعرفي• والفن الجميل في رأي "كانت" هو فن العبقرية، والعبقرية هي موهبة (أو هبة طبيعية) تمنح القاعدة (أو القانون) للفن.والموهبة ملكة فطرية خاصة بالفنان وتنتمي بذاتها إلى الطبيعة. ومن ثم فإن العبقرية هي استعداد عقلي فطري تقوم من خلالها الطبيعة بإعطاء القاعدة أو القانون للفن.
ويقول "كانت" كذلك "إن الجمال الطبيعي شيء جميل، في حين أن الجمال الفني تصوير جميل لشيء ما". والذوق في رأيه ليس ملكة خلق أو إبداع، بل هو ملكة حكم فقط، وان ما يلائم الذوق لا يكون بالضرورة "عملا فنيا"، وإنما قد يكون مجرد أثر صناعي، أو نتاج نفعي أو عمل آلي ميكانيكي صرف.
ويخلص "كانت" إلى ضرورة اتحاد الذوق والعبقرية في العمل الفني، مادام من الضروري أن يتوافر كل من "الحكم والمخيلة" في الفن. فالفنان العبقري يحتاج إلى ملكات أربع هي: المخيلة والفهم والروح والذوق.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى