أمين الزاوي - عداوة المثقفين لبعضهم بعضا

يعيش المثقف العربي والمغاربي طوال حياته مراوحاً بين شهوتين مركزيتين تنخران داخله، شهوة لسلطة الفقيه الذي جلس إليه صغيراً على حصير الجامع فأدهشه بتحكمه المطلق في الجميع باسم الكتاب والمكتوب والكلام، وشهوة لسلطة السياسي الذي أثاره بسلطته عن طريق الأيديولوجيا أو العسكر منذ أن دخل المدينة آتياً من الريف، ريفية المثقف هنا ليست الجغرافيا المكانية لكنها جغرافيا فكرية وقيمية وسلوكية قبل كل شيء، وهي ميزة عميقة في المثقف العربي والمغاربي.
في داخل كل مثقف عربي ومغاربي ينام ويستيقظ سائس وفقيه رافعين سيفيهما، في سعير عداوة المثقفين للمثقفين يتشبه المثقفون بالساسة، قد يبدو نفر من المثقفين في الظاهر وكأنهم يمارسون نقداً ومعارضة للنخب السياسية، لكنهم في الواقع اليومي يقتفون خطاهم ويسلكون المسلك ذاته مع بعض التوابل البسيطة المختلفة.
يذم المثقف السياسي لتعنته وتجبره وإقصائه للمختلف، لكن في المقابل ينتج هذا المثقف طبعة أخرى من مثل هذا السلوك حيال المثقف المختلف عنه.
...يتقرب المثقفون من أصحاب القرار من ملوك ورؤساء ووزراء ومتنفذين مالياً أو إدارياً، يتم عادة هذا التقرب أو التزلف من خلال المشي بتلذذ على جثث غيرهم من المثقفين الآخرين.
لإرضاء ذوي القرار، لكم يحلو للمثقفين أكل لحم بعضهم بعضاً وهم جلوس حول موائد السلطان سعداء بما تجود به مآدبهم.
ويؤمن المثقف العربي والمغاربي المتهافت ويعمل بسياسة، "من يصعد إلى الأعلى يأخذ السلم معه حتى لا يصعد أحد من بعده".
وأقبح شيء في حياة المثقفين العرب والمغاربيين هي النميمة التي يعتقد بعضهم بأنها ظاهرة صحية، إنها تدمير حقيقي لقيم الاختلاف، وقد كرست وسائل التواصل الاجتماعي اليوم هذه النميمة وعصرنتها وتفننت في تعميم شيطنة المثقفين لبعضهم بعضاً من خلال اختفاء بعضهم في أسماء مستعارة.....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى