حسين عبروس - أمـــــــــة إقرأ يجب أن تقرأ...

عجيب أمرهــــذه الأمة التي يتــنزّل عليها الوحـيّ، ويتحـمّل نبيّها الكريم مشاق ومعاناة الرحلة الأبدية الطويلة من أجل أن تكون خير أمة أخرجت للناس.وتكون لها السّادة والرّيادة ، والفضل فـــي نفع البشريّة ،وهي مســؤولة مكلّفـة بفعـــل( القراءة).تلك القراءة التي تختـلف عن قـراءة الرسائل القصيرة على أجهزة الهواتـف الذكية ،أو المتخلّــــفة على حد سواء ولا عبر المسنجر والوات ساب أو تويتر.
إنّـها قــــراءة تتعــدى حدود تهجــيّة الحـــروف، أوالنطق بالكلمات نطـــقا غــير مفهــوم، ولعلّ الذين شرحوا للناس معنى هذه الآية من سورة العلق قوله تعالى( إقـرأ باســـــم ربّــــك الــــذي خلق.خلق الإنسان من عـلق.إقـــرأ وربّـك الأكرم الذي علّم بالقلم.علّم الإنسان مالم يعلم) الآية5. لعلّ الشـارح اكتفـــى بتوصيل فكــــرة القراءة التي نتداولها بتلقائية عادية للتعامل مع الحروف والكلمات والجمل.
إن دعوة القراءة التي يتضمنها فعل ( اقرأ) في صياغة الأمر تستدعي منّا التساؤل عن معنى القـــــراءة . ونــــحن نستـــــند في ذــــلك إلــــى خاصيـــــة الأصــــل والفـــرع في اللغـــــة.
إنّ فعــــل القراءة سابق لفعل الكتابة عند العامة، وفعل القراءة صانع لفعل الكتابة عند الكتاب والعلـــــــماء ،والمفكرين والمبدعين.ولكن للأسف ما زلنا رهن واقع قرائيّ ضحل بائس يتوقف نبضه عنــــد تلك القراءات التي سبقــنا إليها الرّعيل الأول ممن فهموا القراءة على قدر فهمهم وعلى قدر بساطتهم ، وحسب الظروف التي مرّوا بها.
ومأساتـنا الآن في هذا العصر المتطوّر الذي يعـجّ بالمبتـكرات والمخترعات التكنولوجية مازال الواحد منا يقـرأ كتــــاب ربّه مـرّة واحدة في الأسبـــوع ،أو مــرّة في العــام من رمضان إلى رمضان ،أو مـرّة واحـدة في العمر ،ولا يفقـه ما يقرأ من الكلـمات والآيات. أليـس عجيـــــب ذلك إذا كان الكثير ممن يحملون الشهادات العليا لا يحسنون نطق كلمة سليمـة في حالة تعبّدهم؟ أليس من المخزي أن يكـــون فـي عصرنا التواصــليّ الرّهيــب تفريخ تلك القنوات الإعلامية الفضائيـة ( الدكاكين التجارية) لكل قناة مفتي يهرف بما لا يعرف إلا ما رحم ربّك.؟
نحن أيّها السادة الذين يحـمل هـمّ القـــراءة الواعـية التي فيــــها يولـد الفكر ومنـها يكـــــون الاستشراف في جميع المجـالات المعرفية ،والثقافـية والفكرية والفنيـة.لقد أخطـأ من أطلـق عـلى هـذه الأمـة أمة اقرأ ،وهي تغرق في حلكة جهلها الأبدي في كل عواصمها التكنولوجية الراقية، والمتخلّـفة.
إنّ هزيمتنا الكبـرى اليـوم أنّنا تحـوّلنا جميعا من متعلمـين وغــير متعلمين إلـى حالــــة واحــدة وهي حال تقنيّة محضـــة نعرف كيف نستخـدم الأجهزة التواصلية ،ولا نصنعـها ، وإذا تعطّلت بين أيدينا لا نستطيع إصلاحها، وتلك حالة بؤسنا، فسلام على أمة تقرأ،وإن قرأت لاتعــــي ما تقرأ. كل عام وأنتم بخير
Peut être une image de étudier

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى