مشهد أول
( هو نفسه في غرفة صغيرة واطئة السقف بالكاد تظهر صورة ظلّية له، يصعب تحديد عمره )
صوتان يترددان داخله، ولهما صدى في المحيط الضيق للغرفة:
-اصمت
-سأصمت
-اصمت
-سأصمـ..
-اصمت
-سأ..
-اصمت
سـَ..
-اصمت
ينقطع الصوت. بينما تُسمع أصوات انهيارات وضجيج وأصوات غير مفهومة في الخارج.الصوتان يعودان:
-اصمت
-وإن..
-سينالون منك من حيث لا تدري
-وإن
-سيسمّمون طعامك البسيط الذي تأكله
-وإن
-سيجعلون ماءك الذي تشربه أمرَّ من العلقم
-وإن
-سيؤلّبون عليك ظلك البائس نفسه .
-وإن
سعتبرونك شاغلهم الوحيد الأوحد، ولن يجعلوك تهدأ البتة ..
مشهد ثان
( هو نفسه، أكثر وضوحاً من قبل، ينظر في مرآة أمامه، ظهره موارب للناظر إليه، رغم أن المرآة كبيرة نسبياً، لكنها بالكاد تظهِر بعض الملامح من وجهه ).
" يخاطب نفسه وهو ينظر إلى المرآة "
-تُرى ماذا يريدون منّي؟
يتردد صدى: همممم
-ليتني أعرف ماذا يقولون عنّي!
-همممم
-من الصباح الباكر أمضي إلى عملي، وأعود مساء
-هممممم
-أعود مساء وأنا منهَك من التعب، لا أكاد آكل لقمتي حتى أنام في الحال
-هممم
-أنام وأستغرق في النوم، وأستيقظ، وإذا بي في الصباح
-همممم
-حتى الأحلام نفسها، أنا بعيد عنها ..
-همممم
ينتبه إلى أن صورته الوجهية لا تظهر كما يجب في المرآة
-عجباً ما لوجهي لا يظهر في المرآة!
-همممم
-إنما من أين يأتي هذا الصدى الغريب هممم
-همممم
يلمس وجهه، ويمرر راحتيْ يديه على الجهتين
-يداي طبيعيتان ووجهي طبيعي
-همممم
-ما بال المرآة إذاً لا تظهر وجهي ؟
-همممم
يمرّر راحة يده اليمنى على سطح المرآة
-المرآة طبيعية، فماذا يجري؟
-همممم
-لا بد أن هناك شيئاً ما
-همممم
يسود صمت لبعض الوقت
-أهناك من يراقبني ...
-هممممم
يدور حول نفسه، ناظراً إلى الجهات كافة، سوى أن وجهه بالكاد يظهر
-وراء هذا الصمت، هذا السكون إن...
-هممممم
-وهذا الصدى الغريب يخفي شيئاً
-همممم
-لكنني لم أفعل شيئاً..
-همممم
-لم أفعل شيئاً
-همممم
بصوت عال ومكرر
-لم أفعل شيئاً ..لم أفعل شيئاً...
-همممم
يحرّك يديه عشوائياً وفي وسط شبه مظلم
-أخبروني بجرمي إن ارتكبت جرماً.. لأرتاح قليلاً..ثم
-همممم
-ثم لأرى وجهي.. أرى وجهي
يسود الظلام
مشهد ثالث
( اثنان يخفيان وجهيهما وراء قناع، وهما يواجهان مقتعداً كرسياً، والضوء مسلَّط عليه، يستجوبانه بالتناوب)
-كان عليك أن تقولها منذ البداية
-أن..
-اصمت
-جريمتك لا تغتفر
-و...
-اصمت
-كأنك في عالم وحيد ولا أحد فيه سواك
-لـ..
-اصمت
-لو أنك عرفت حقيقتك..لما تابعناك منذ مدة..
-أنا لم..
-اصمت
-لا يهم أن تعرف.. وأنت تعرف.. إنما نحن نعرف..
-ما .. ما...
-اصمت
-أمامك امتحان وحيد، وخلاصك فيه إن تجاوبت معنا..
امـ..
-اصمت..
-تصرف وكأنك حمار وأنت تنهق بأعلى صوته...
-حما...
-اصمت
-هيا.. هيا انهق
-أنـ
-اصمت
ينظران إلى بعضهما بعضاً
الأول
-لا أمل يُرتجى منه
الثاني
-هكذا أقدّر
الأول
-إنه يعرف أن الجريمة متلبسته تماماً
الثاني
-يبقى الحل المعتمد لدينا
الأول
-تلك الإبرة التي تسهّل تحويله إلى ...
المقيد بالكرسي، وفمه مكموم:
-امممم
الأول
-اطمئن سوف نريحك مما أنت فيه
الثاني
-ونحن نرتاح منك أيضاً
الأول يخرج إبرة طويلة نسبياً من محفظة جلدية، ويجهزها
الثاني يشد على كتفه اليمنى، والأول يبادر إلى غرز الإبرة في جلده العاري .
بعد قليل.. لا يعود يتحرك ..
الثاني مخاطباً الأول
-سيصبح حماراً مطيعاً ممتازاً
الأول
-وسيفيدنا كثيراً
ظلام
مشهد رابع
( ثمة شخص يقتعد كرسياً كبيراً، ولا يظهر إلا جانب من وجهه، وأمامه الشخصان اللذان استجوبا المقيد إلى الكرسي.)
مقتعد الكرسي " بصوت متوتر"
-أعلِماني ماذا يجري.
يسود صمت
يرتفع الصوت أكثر توتراً:
-أأصبتما بالطرَش؟
الأول
-سيدي..الموقف صعب.
الثاني
-وفي غاية الصعوبة ..
مقتعد الكرسي " بصوت مرتفع وغاضب "
-ماذا يجري ؟
الثاني
الذي ضربنا إبرة، ليصبح حماراً، يبدو أنه عدى كثيرين..والاضطراب يسود المدينة..وعناصرنا عاجزون عن السيطرة على الوضع ..
مقتعد الكرسي" واقفاً " وبغضب أكثر:
-ماذا يجري ؟
الثاني
أنهم يملأون المدينة بركلاتهم وعضاتهم.. عضاتهم موجعة، وركلاتهم مميتة.. لا نعرف كيف انتقلت العدوى هذه..
الأول
-يظهر.. يظهر أنني أثقلت العيارَ الكيماوي ..
الثاني
-نعم، سيدي ..نعم ..
مقتعد الكرسي " تاركاً الكرسي "
-كان على أحدكما أن يجرّب على نفسه، ليعرف أي حمار يكون أولاً..
النهيق يعلو في الخارج، بصورة جماعية، وضجيج أصوات في الجوار..
يسود الظلام بينما حركات أرجل مضطربة على الخشبة
( هو نفسه في غرفة صغيرة واطئة السقف بالكاد تظهر صورة ظلّية له، يصعب تحديد عمره )
صوتان يترددان داخله، ولهما صدى في المحيط الضيق للغرفة:
-اصمت
-سأصمت
-اصمت
-سأصمـ..
-اصمت
-سأ..
-اصمت
سـَ..
-اصمت
ينقطع الصوت. بينما تُسمع أصوات انهيارات وضجيج وأصوات غير مفهومة في الخارج.الصوتان يعودان:
-اصمت
-وإن..
-سينالون منك من حيث لا تدري
-وإن
-سيسمّمون طعامك البسيط الذي تأكله
-وإن
-سيجعلون ماءك الذي تشربه أمرَّ من العلقم
-وإن
-سيؤلّبون عليك ظلك البائس نفسه .
-وإن
سعتبرونك شاغلهم الوحيد الأوحد، ولن يجعلوك تهدأ البتة ..
مشهد ثان
( هو نفسه، أكثر وضوحاً من قبل، ينظر في مرآة أمامه، ظهره موارب للناظر إليه، رغم أن المرآة كبيرة نسبياً، لكنها بالكاد تظهِر بعض الملامح من وجهه ).
" يخاطب نفسه وهو ينظر إلى المرآة "
-تُرى ماذا يريدون منّي؟
يتردد صدى: همممم
-ليتني أعرف ماذا يقولون عنّي!
-همممم
-من الصباح الباكر أمضي إلى عملي، وأعود مساء
-هممممم
-أعود مساء وأنا منهَك من التعب، لا أكاد آكل لقمتي حتى أنام في الحال
-هممم
-أنام وأستغرق في النوم، وأستيقظ، وإذا بي في الصباح
-همممم
-حتى الأحلام نفسها، أنا بعيد عنها ..
-همممم
ينتبه إلى أن صورته الوجهية لا تظهر كما يجب في المرآة
-عجباً ما لوجهي لا يظهر في المرآة!
-همممم
-إنما من أين يأتي هذا الصدى الغريب هممم
-همممم
يلمس وجهه، ويمرر راحتيْ يديه على الجهتين
-يداي طبيعيتان ووجهي طبيعي
-همممم
-ما بال المرآة إذاً لا تظهر وجهي ؟
-همممم
يمرّر راحة يده اليمنى على سطح المرآة
-المرآة طبيعية، فماذا يجري؟
-همممم
-لا بد أن هناك شيئاً ما
-همممم
يسود صمت لبعض الوقت
-أهناك من يراقبني ...
-هممممم
يدور حول نفسه، ناظراً إلى الجهات كافة، سوى أن وجهه بالكاد يظهر
-وراء هذا الصمت، هذا السكون إن...
-هممممم
-وهذا الصدى الغريب يخفي شيئاً
-همممم
-لكنني لم أفعل شيئاً..
-همممم
-لم أفعل شيئاً
-همممم
بصوت عال ومكرر
-لم أفعل شيئاً ..لم أفعل شيئاً...
-همممم
يحرّك يديه عشوائياً وفي وسط شبه مظلم
-أخبروني بجرمي إن ارتكبت جرماً.. لأرتاح قليلاً..ثم
-همممم
-ثم لأرى وجهي.. أرى وجهي
يسود الظلام
مشهد ثالث
( اثنان يخفيان وجهيهما وراء قناع، وهما يواجهان مقتعداً كرسياً، والضوء مسلَّط عليه، يستجوبانه بالتناوب)
-كان عليك أن تقولها منذ البداية
-أن..
-اصمت
-جريمتك لا تغتفر
-و...
-اصمت
-كأنك في عالم وحيد ولا أحد فيه سواك
-لـ..
-اصمت
-لو أنك عرفت حقيقتك..لما تابعناك منذ مدة..
-أنا لم..
-اصمت
-لا يهم أن تعرف.. وأنت تعرف.. إنما نحن نعرف..
-ما .. ما...
-اصمت
-أمامك امتحان وحيد، وخلاصك فيه إن تجاوبت معنا..
امـ..
-اصمت..
-تصرف وكأنك حمار وأنت تنهق بأعلى صوته...
-حما...
-اصمت
-هيا.. هيا انهق
-أنـ
-اصمت
ينظران إلى بعضهما بعضاً
الأول
-لا أمل يُرتجى منه
الثاني
-هكذا أقدّر
الأول
-إنه يعرف أن الجريمة متلبسته تماماً
الثاني
-يبقى الحل المعتمد لدينا
الأول
-تلك الإبرة التي تسهّل تحويله إلى ...
المقيد بالكرسي، وفمه مكموم:
-امممم
الأول
-اطمئن سوف نريحك مما أنت فيه
الثاني
-ونحن نرتاح منك أيضاً
الأول يخرج إبرة طويلة نسبياً من محفظة جلدية، ويجهزها
الثاني يشد على كتفه اليمنى، والأول يبادر إلى غرز الإبرة في جلده العاري .
بعد قليل.. لا يعود يتحرك ..
الثاني مخاطباً الأول
-سيصبح حماراً مطيعاً ممتازاً
الأول
-وسيفيدنا كثيراً
ظلام
مشهد رابع
( ثمة شخص يقتعد كرسياً كبيراً، ولا يظهر إلا جانب من وجهه، وأمامه الشخصان اللذان استجوبا المقيد إلى الكرسي.)
مقتعد الكرسي " بصوت متوتر"
-أعلِماني ماذا يجري.
يسود صمت
يرتفع الصوت أكثر توتراً:
-أأصبتما بالطرَش؟
الأول
-سيدي..الموقف صعب.
الثاني
-وفي غاية الصعوبة ..
مقتعد الكرسي " بصوت مرتفع وغاضب "
-ماذا يجري ؟
الثاني
الذي ضربنا إبرة، ليصبح حماراً، يبدو أنه عدى كثيرين..والاضطراب يسود المدينة..وعناصرنا عاجزون عن السيطرة على الوضع ..
مقتعد الكرسي" واقفاً " وبغضب أكثر:
-ماذا يجري ؟
الثاني
أنهم يملأون المدينة بركلاتهم وعضاتهم.. عضاتهم موجعة، وركلاتهم مميتة.. لا نعرف كيف انتقلت العدوى هذه..
الأول
-يظهر.. يظهر أنني أثقلت العيارَ الكيماوي ..
الثاني
-نعم، سيدي ..نعم ..
مقتعد الكرسي " تاركاً الكرسي "
-كان على أحدكما أن يجرّب على نفسه، ليعرف أي حمار يكون أولاً..
النهيق يعلو في الخارج، بصورة جماعية، وضجيج أصوات في الجوار..
يسود الظلام بينما حركات أرجل مضطربة على الخشبة