زينة اقللوش - موت العقل..

تسقط الأشجار أوراقها كل خريف لتتجدد، والأرض تهتز لتتجدد، والبحار تثور وتنتفض لتنبعث حياة اخرى في أعماقها...، كل شيء يتغير ليقدم لنا معاني جديدة ، فالكون هو الأم الأولى والمدرسة الأولى، ونحن جزء لا يتجزأ منه، لكنه سبقنا الى الوجود ليحتضننا ، ويطعمنا خيراته، مفتاحه الأول هو السريان، وكل توقف فيه هو موت، وهو في هذا لا يحابي كل موجوداته بما فيها الإنسان، والذين ينصتون للكون ويتدبرونه سيفهمون إشارته التي تقول أنه اليوم يتغير كسابق عهده مع فرق أن التغيير الآن سريع جدا ولا يُمهل، قد يتساءل البعض ما الذي سوف أغيره لأكون في نفس سرعة الكون، لأكون فيه حتى لا يسبقني وأصبح في خبر كان، والكثير من الناس لن يسألوا كيف !؟ لأنهم في حالة صدمة او اكتئاب ...لا تسمح لهم للوصول الى مرتبة طرح السؤال الذي يعتبر أول الطريق.
هناك من بدأ من الناس في فهم وإدراك الرسائل المشفرة للكون ، وهم الناس الذين حباهم الله بذكاء روحي وعاطفي يستطيعون به استباق الأحداث والإستعداد للتغيير الذي يحصل وسيحصل... ، الذين قرروا ايقاف عقولهم وإعطاء مساحة أكبر لأرواحهم ، لإدراك أن هناك أشياء خارج العقل وخارج المنطق، وفي المقابل هناك نوع من الناس الذين فضلوا تصديق والاعتماد على عقولهم المحشوة بأفكار منطقية ، أفكار منطقية في حدود نظرتهم وادراكهم واستعابهم ، لكنها ليست كذلك في نظر الكون مادام سره يكمن في التغيير، فلا يمكن أن يكون هناك منطق لأن المنطق يحتاج الثبات والكون ليس كذلك...
إن الأرض لم تعد تقبل الثبات، لم تعد تقبل الركود، ركود العقل والتمسك بالبرمجيات والوعي الجمعي، لم تعد تقبل البقاء في مناطق الراحة، إنها ترقص، تشتعل، تنتفض، تسحق، تفيض...، ستفعل كل شيء يلزم لترمي خارجها كل ماهو ميت فيها، ستفضح الألعيب بقوانينها اللامنطقية، وتعطي الفرصة للذين كافحوا لكنهم عاشوا في الهامش لعقود طويلة ، فرغم كل ما قد يظهر لنا من سوء في ما يحصل الا انه يخفي خيرا كثيرا ، لكن هذا الخير لن يعيشه سوى من يملك استحقاقه، وما عداهم سيصبحون رمادا تبعث منه حياة جديدة تعطى لها فرصة اخرى لترتقي...
إن الفوضى التي تحصل الآن على جميع المستويات، فوضى الإنسان، الطبيعة، فوضى القوانين...ليست سوى مخاض، أوجاع ما قبل الولادة، ولادة كون جديد بإنسان جديد، لن تحكمه قوى الشر كما يعتقد بعض الناس...، لأن عنصر الشر وعنصر الخير يسيران في مستوى واحد ويشكلان أقطاب الكون كغيرهم من الثنائيات التي وإن بدت متناقضة الا أنها تحقق التوازن الكوني، ومع ذلك فكل شخص له الحرية الكاملة في اختيار الكفة التي يريدها، والتي سيتحمل المسؤولية الكاملة في اختيارها. فمازال هناك وقت إضافي للذين يرغبون في الاستدراك والإختيار، والذين يريدون معرفة أين وكيف؟! أقول لهم من أنفسهم ، نفسك التي انطوى فيها العالم كله، تخلى لتتجدد فالكون لا يقبل الفراغ ،فكلما تخليت كلما ملأ الكون فراغك بالأفضل، فالكون يحب التجديد. يجب أن تصبح أعمى وتكف للنظر خارجك حتى لا ترى مظاهر الحياة المزيفة ، وتصبح أصم حتى لا تسمع ألأفكار المتوارثة والمعتقدات الخاطئة ولا الأفكار الإستهلاكية ، لا تقرأ الأخبار السلبية التي تزرع فيك الخوف والهلع وتنزل طاقتك للحضيض ، ولا تصدق التخويف والترهيب الذي يمارس عليك ليجعلك وهن يسهل اختراقك واللعب بعواطفك ، لا تنصت الا لذاتك، ثق في نفسك وأعرف وجهتك ولماذا انت هنا والآن ، فكل إنسان له قيمة ، ووجد لهدف ما ومن أجل تحقيق رسالة ما، لكن أغلب الناس للأسف يموتون دون أن يعرفوا لماذا ولدوا أساسا. لابد أن تصبح أبكم وتكف عن الكلام، توقف عن الإنتقاد، توقف عن الأحكام ، توقف عن الشكوى، توقف عن النضال خارجك تحت مسمى العدالة ، وناضل في نفسك، اعدل في حق نفسك لأن هذا هو الميزان الصحيح وما عداه فليس الا خسارة وقت ثمين من حياتك...،أوقف حواسك فهي ليست الا وسيلة يتواصل بها عقلك مع الخارج يفهم بها الواقع ويترجمه ويعيد انتاجه والتعبير عنه في دوامة لا تنتهي ، اخرج من الدوامة ، من حياتك المكررة والمستهلكة وتنفس هواء جديدا ، فأنت اليوم لا تحتاج لعقلك بالدرجة الأولى ، اسكته ، أو على الأقل تحكم به ولا تدعه يقودك ويتحكم فيك، وأعطي في المقابل المساحة لروحك لتدرك أسرار الكون، وأعلى مراتب الوعي وهي السلام والتنوير.
------
زينة اقللوش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى