أحمد محمود عرفة

أحمد محمود عرفة.
ولد في الإسكندرية، وعاش فيها حياته، وفي أرضها ثوى.
لم يكمل تعليمه المدرسي لظروفه، استمد ثقافته اللغوية من أصدقائه الطلاب.
احترف الحلاقة حتى بلغ الأربعين، ثم افتتح دكانًا يبيع فيه الأدوات المكتبية ولعب الأطفال.
كان عضوًا برابطة الأدب الحديث بالقاهرة.

الإنتاج الشعري:
- صدر له ديوانان: "ظلال حزينة" - الإسكندرية 1953، و"ألحان من الشرق" - رابطة الأدب الحديث - القاهرة 1959.
كتب الشعر العمودي والتفعيلي، وتناول شتى أغراض الشعر من وطنيات ووجدانيات ووصف. يكثر من الحديث عن نفسه وحياته وفنه وآلامه وآماله في أشعاره. تتسم قصائده بالصدق الفني وسلامة الطبع الشعري وعمق الإحساس بموضوعات قصائده.

مصادر الدراسة:
1 - أحمد عرفة: ديوان ألحان من الشرق (المقدمة) 1959.
2 - خير الدين الزركلي: الأعلام - دار العلم للملايين - بيروت 1990.
3 - عبدالله شرف: شعراء مصر 1900 - 1990 - المطبعة العربية الحديثة - القاهرة 1993.




* عن معجم البابطين


***


أحمد محمود عرفة


سلطان الجمال

ابسمي واطربي فإن البرايا
تتملَّى الربيعَ في وجنتيكِ
واسعدي قَدْرَ ما تحبّين إنا
قد رأينا الجمالَ يحنو عليك
وتثنِّي فالناسُ بين سكارى
وأسارى قلوبُهم في يديك
وأشيري فالروحُ رهنُ التفاتٍ
واغمرينا بالسحر في مقلتيك
واسكبي في الرياض عطرَكِ حتى
تتغنَّى ما بين زهرٍ وأيك ___
واعصري للنديم كرْمَ شبابٍ
فلذيذُ الشراب في شفتيك
واجلسي ساعةً إلينا فإنا
ملأتنا الأشواقُ ميلاً إليك
قد تركْنا أحلامَنا في حياةٍ
وغَنِينا بلمْحنا جنّتيك
ونسينا الزمانَ إلا زمانًا
نوَّرتْه اللحاظُ من جفنيك
فاذكري المعجبين إنا فَراشٌ
جذبَتْه الحياةُ في ضفّتيك _
ابسمي، واطربي فإن البرايا
تتملّى الربيعَ في وجنتيك
واسعدي قدرَ ما تحبّين إنا
قد رأينا الجمالَ يحنو عليك


*****



أوطاننا
ظلت حديقتنا منوِّرةً
لم يُبلها عصفٌ ولا مطرُ
تمشي إليها كلُّ ناقمةٍ
وتصبّ في أرجائها الغِيَر
لكنها ظلّت مكافِحةً
تلقى الشقاءَ وروحُها نَضِر
حتى إذا تعبتْ نوازلُها
وهوى على أقدامها القدر
وتقلّصتْ أطرافُه ألماً
ومشى على أعصابه الضجر
وتأمّلتْ فيه حديقتُنا
والسحرُ في أحداقها صور
تركَتهْ يهوي فوق أعينه
سئِمَ الحياةَ فراح ينتحر
أوطانُنا من عمرها درجتْ
فمشى على أعقابها الظَّفَر
فإذا رمَتْها كفُّ حادثةٍ
وتَواكبَ الإيلامُ والضرر
ظلت تفكّر في مواجعها
ومضى على تفكيرها السهر
حتى يَرُدَّ المجدُ رايتَها _
زهراءَ يسبح عندها البصر
للشمس فوق رفيفها قُبَلٌ
حتى إذا أفلَتْ سعى القمر


*****


موكبي

كيف يلقى مساوئَ التكبيرِ
شاعرٌ قلبُه رهيف الشعورِ
ثم يسخو عليكمُ بأغانيـ
ـهِ، ويروي قلوبَكم بسرور
أنا لو تعلمون روحٌ معنىً
كاظمٌ يُشِعل الحياةَ زفيري
وشبابي عصارةٌ من تَجاريـ
ـبِ كبيرٍ في الهمِّ غيرِ كبير
فتح الدهرُ مقلتَّي بظُفرٍ
ودعاني للعيش فوق نذير
وأحاط الأيامَ مني بسيلٍ
لا يبالي فيما يبالي أموري
أنا في موكبٍ أناخ عليه
حَرَجٌ في الشعور والتفكير
كلّه يَنشُد الظهورَ ولكنْ
بأساليبَ ضائعٍ مقهور
كلّما هفّ بالجناح ترامَى
بالجناح المعوَّج المكسور
أنا حولي من الأسى ألفُ خِلٍّ
كلُّهم من عصابةٍ في شرور
جدَّدوني لكنْ بلونٍ غريبٍ
وأحالوا مناقبي ومصيري
إن لون الحياة لونُ مجال الـ
ـمرءِ لون الزمانِ، لون المسير
كيف أُهدي لكم غنائي عبيراً
ولقد جلّل الخليلُ غبيري
فإذا شئتُ أن أفيض ببشرٍ
خامرَتْني مساوئُ التكدير
أنا في موكبي أكيّف أوضا
عي، ولكنْ كما يشاء سميري
آملاً كلّ لحظةٍ أن تقود النْـ
ـنَاسَ في سيرهم دواعي الضمير
ما فقدتُ الرجاءَ يومًا ولكن
قد فقدتُ الكثيرَ من تقديري
وبقلبي الجراحُ تَدمَى ولكنْـ
ـنيِ ألفتُ الجراحَ بالتحوير
وبقلبي الأنينُ يسكبه النّأْ
يُ، وكم ذوّبَ الأسى تعبيري
سأغنّي لكم برغم عذابي
ويروّي العطاشَ لجُّ بحوري
أمّتي هذه غنائيةُ الشّا
كي، فكيف الغناءُ حين حبوري
إن كنزي من «توت عنْخٍ» مُخبّا
ولقد يُحتفى بكنزي الصغير


***

- رحلة

ما للنسيم ترق لمسته ... فكأنه متودد غزل
أو طفلة عشقتك نظرتها ... فمشى إليك فؤادها الجذل
أو بعض أطياف النعيم أتت ... ممشوقة همت بها القبل
أردانها عطر، وأخيلة ... وتوهج، كالنار تشتعل
هذا الصباح مني محلقة ... أم غادة يجثو لها الأمل
أو دفقة الإبريق في ظمأ ... عات عليه يعذب العلل
ناداك مبتهجاً فقمت له ... والبشر في عينيك مكتمل
والروح أصفى في تألقها ... من ماسة ضحكت له المقل
ما زلت تمشي فوق أخيلة ... وندى الصباح عليه ينتقل
والكون كالمحراب أعينه ... مسدولة الأهداب تبتهل
والطير تسبيح على فنن ... أو رحلة بالأفق تحتمل
حتى شرقت من الجمال كما ... بالماء غص الشارب الثمل
ورجعت تضرب في الضحى أسفاً ... والناس حولك ضجة جلل
والدرب أشواك تمد إلى ... قدميك أنيابا هي الحبل
والتنفس في أكفان وحشتها ... ثكلى تذيع أنينها الكلل
والبيت قبر فاغر فمه ... والقبر بين أهله رحلوا

أحمد محمود عرفة

مجلة الرسالة العدد 988/
بتاريخ: 09 - 06 - 1952





1.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى