أ. د. عادل الأسطة - غنينا فقلدوا وغنوا فقلدنا

"دحيتنا الفلسطينية في أعراسهم و"لاما لو " العبرية في أعراسنا"
عادل الاسطة Adel Osta l
أمس حول إلي الصديقان محمد بيادسة و Ziad Ameireh شريط فيديو من دقيقة ونصف يغني فيه مغن اسمه وسيم الدرزي أغنية عبرية هي "لاما لو" - أي لماذا لا.
ما أرسله إلي محمد أرفق بفقرة بالعبرية معها ترجمتها العربية وأنقلها حرفيا:
" لا قيساريا ولا حيفا - بل يطا في مدينة الخليل . سمعتم جيدا يطا الخليل المطرب شريف الدرزي يقوم بإحياء مهرجان في منطقة السلطة الفلسطينية بأغنية "لاما لو" العبرية والجمهور يعبر عن مشاركته الفعالة للأغنية . شاهدو الفيديو".
والترجمة كما كتب لي الصديق Adnan Tarabshi صحيحة.
الترجمة صحيحة مع أن الصياغة ليست متينة، ولا أعرف إن كان اسم عائلة شريف هو الدرزي أم أن دال الدرزي يعود إلى الطائفة الدرزية، وأنا هنا أنقل النص بحرفيته ولا أقصد أي إساءة إطلاقا، ففي الجيش الإسرائيلي يخدم دروز ويخدم بدو مسلمون ويخدم مسيحيون و.. إلخ، وكلنا ربما شاهد شريط الكابتن إيلا واوية الشابة المسلمة من قلنسوة تتحدث بفخر عن خدمتها في الجيش الإسرائيلي.
هل الغناء بالعبرية ، وسط جمهور عربي في الضفة الغربية، يدل على انحطاط وحضيض ما بعده انحطاط أم أنه أمر عادي؟
بعد احتلال ١٩٦٧ صار العمال الفلسطينيون في المصانع والمزارع الإسرائيلية يتكلمون، في مدنهم وقراهم ومخيماتهم، بعربية تتخللها مفردات عبرية، وهو ما حدث من بعد قيام دولة إسرائيل في مناطق ١٩٤٨، وربما كان الأمر طبيعيا.
من ناحية أخرى صار الإسرائيليون يشتمون بعضهم بالعربية بشتائم عربية، وفي السنوات الأخيرة صاروا في أعراسهم يغنون الدحية الفلسطينية ويرقصون على أنغامها، وكان ذلك مفاجئا لنا ولا أعرف لماذا، فاليهود العرب الذين هاجروا من بلدانهم العربية إلى فلسطين كانوا يتكلمون العربية ويستمعون إلى أم كلثوم وفريد الأطرش وغيرهما لأنهم - أي اليهود العرب - نشأوا على تلك الأغاني وتربوا عليها باعتبارها جزءا من ثقافتهم .
هل ستصبح فلسطين من نهرها إلى بحرها دولة ثنائية القومية، وبالتالي ثنائية اللغة وثنائية الثقافة ، شاء الطرفان أم أبوا ؟ وهل سينجم عن الثقافتين ثقافة هجينة مختلطة؟
هناك كتاب فلسطينيون يقيمون في المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ ، منهم انطون شماس وسيد قشوع ، كتبوا نصوصهم الروائية باللغة العبرية ولم تنقل حتى اللحظة إلى لغتهم الأم - أي العربية ، وصارت كتابتهما ظاهرة يكتب عنها دارسو سؤال الهوية في الأدب وأنا منهم.
وهناك نصوص أدبية فلسطينية بالعربية لا تخلو من مفردات عبرية، وأنا في روايتي "الوطن عندما يخون" (١٩٩٦) أوردت أغنية كان أبي - رحمه الله - يرددها على مسمعي، لأنه كان حفظها من اليهود قبل أن يرحلوه من يافا" التشتكني من عيني التشتكني من شفتي، كخه عوسيم بتل أبيب، كخه عوسيم بيروشلايم".
في رواية غسان كنفاني "عائد إلى حيفا" (١٩٦٩) صار خلدون "دوف"، بعد أن هوده أبواه اللذان تبنياه ، وصار يدافع عن يهوديته ويخدم، قبل الكابتن إيلا واوية بزمن، في الجيش الإسرائيلي. فهل سنصبح كلنا، ذات يوم ، مثل خلدون والكابتن إيلا؟
من يدري!؟
الأمور تحتاج إلى تفكير وإمعان نظر، والتحولات على المجتمع الفلسطيني بعد قيام الدولة العبرية تشغل الكتاب والمفكرين وعلماء الاجتماع والسياسيين و...
وبالعربية تصبحون على خير وبالعبرية...
خربشات
٢٥ أيلول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى