مهدي ضربان - الشاعرة التونسية مروى بديدة.. شاعرة حداثية بلون الكريستال

عرفتها من لحظة أن قرأت نصا شعريا نشر لها في الموقع الشعري الشهير والمعروف " بيت النص " ..هناك عايشت بوحها ولغتها الشاعرية برنين إبداعي جميل ..لون تجربتها الرائدة في ميدان الشعر ..تنسج بوحا يحتكم للمعنى الذي تنصهر فيها تلك اللغة الشاعرية المطعمة بفواصل من حلو الكلام ومن تفاصيلة التي إسترعت إنتباهي من لحظة طلبتها في الصداقة ..تقبلني بفكر واعد ميز حراكي التواصلي معها ولوجا لصفحتها الفيسبوكية التي لونت مشهدي وعرفت وقتها أنني فزت بكنز وصيد إبداعي ثمين ..لواحدة تصنع الكلام وترصده بيافطة لها ..هي ترسيم وعي حداثي لشعر فيه تلك المعاني التي تحيلك على حكاية من طعم أسلوبي يناصرك.. في الحلم والبعث الآخر الضارب في عمق الاضافات المتناسقة ..وجدت لغة جديدة في عرف الكتابة الشعرية.. ووجدت تفاصيلا تهندسها هذه التونسية المتميزة ..إنسانة جميلة رقيقة مهذبة لها لغة من بعث لغوي حصري.. تنفرد فيها اللغة.. لتصنع بديلا من حبكة فنية فيها ذلك العطر الذي يتلاشى ليصبح جوهرة أسلوبية بنسق ..لاتعرف أبجدياته سوى هي التي راهنت على رؤى حداثية.. بعيدا عن الكلاسيكيات المقيتة.. وعن منهج عقيم كنا نعايشه في الصفحات والقصاصات وفي مساحات كانت تقحمنا في مشروع متكلس بعيدا عن الايحاء الجمالي الناعم ..
كذلك عايشت حرفها مذ عرفتها الشاعرة التونسية المتألقة والناعمة مروى بديدة من جيل حداثي يصنع البهجة للحرف الساكن كي ينتجه يافطات جمالية بلون الكريستال الذي يتراءى لك في صورة تشكيلات لغوية تمنحك النشوة والتمتع الحصري بنسوج ابداعية تصنعها هذه الشاعرة الجميلة والرقيقة مروى بديدة التي أصبحت من أكثر المناصرين لنهجها ومنهجها الشعري المذهل ..
كان يحاصرني شعرها ولمساتها اللغوية تصنع منها توليفة احتراق ونسوج جمالية المسكونة بروح الحداثة البعيدة عن كل تلك الانساق التي كادت يوما أن تقضي على تلك الحفريات التي عايشناها ضمن أصوات شاعرية صنعت لنا يوما منهجا هندسه كبار الشعر من صنف محمود درويش وأمل دنقل وسميح القاسم وكتابات كنت نطالعها في مجلات الاربعائيون و الكرمل ..
كان منهج الشاعرة مروى بديدة التونسية يراعي هذه الخصائص بل وجدناها تنتمي رغما عنها لتلك الحيوية الاسلوبية التي هندسها الجيل الحداثي وما بعد الحداثة حينما جاهرت بشعر من صميم المعنى الذي يحيلك على فرح المعنى وعلى بدائل من هواجس كان يزكيها الحداثيون صنعة جادة وجديدة في المنظام الابداعي ..
تقول مروى بديدة الكثير في هذا الصدد حينما تصادف لديها مقولات عي من صميم هندستها الابداعية :
" أحب الشعر الذي يهبني الرهبة و الصمت..أريد أن لا أحمله و أقوله . أريد أن اكتبه فقط . في عزلتي و أيامي الصعبة.
الشعر بالنسبة لي هو عملية تشريح تلك الرهافة ذلك الوجد الخفي الذي يصعب فهمه كلحظة خسارة حب .لحظة دفن شيء عزيز ...كانت تجربتي في بيت الشعر . مفعمة بالألفة بين الأصدقاء .لكنني خفت على قصائدي من لغم الإلقاء.
ثمة ما يخدعنا دائما ... أنقذتني عيون الأحبة و الحزن الناعم الذي ألقيته عليهم..."..
تمنحنا مروى بديدة منطوق شعريا يؤسس لنهج فلسفي عادة ما لون كتاباتها ونهجها الابداعي الضارب في عمق الحداثة التي تمنحنا روحا من الفكر والشاعرية التي تمنهج المقولات لتصنع منها المنهج والنسق والحكاية المتناسقة.. قالت في سياق البحث الممنهج الذي طالما عشقناها فيها :
" ثمة خيط من السماء يربطني بالشعر...قوس قزح يحضر و يغيب ضوء يبهج بصري و قد يعميني. كائن يبالغ في العاطفة و الجبروت معا. أحبه و أخافه و أهجره....ثمة حميمية و نفور ..و تعب أيضا .....أنا أكتب تحت تأثير خفي .وكلما عرفت الشعر أكثر كلما ربيته على يدي .أخافه و يخافني.
يحضر و يغيب.... أحضر و أغيب.."..
هي هكذا اختصرت منهجها الشعري وتشبثت بلغتها الشاعرية الراقية ..
ولذلك كنت عايشت منذ سنوات هذا السحر الذي تنتجه محطاتها الابداعية من لحظة فكرت مروى بديدة في هندسة منهجها الشعري وكذا منتوجها الابداعي الجميل.. كنت تابعتها في تلك المحطات حينما عشنا معها ولادة باكورة من انتاجها الابداعي في صورة ديوان شعري جميل ..لها أسمته على بركة الله " .." قمرٌ جديدٌ من أجلي" صادر عن دار النهضة اللبنانية..
لتتبعه بديوان آخر هو ثاني دواوينها بعنوان مميز يلازم روحها الشعرية الضاربة في عمق التميز والتفرد والابتعاد عن التكلف والتكلس والنكوص الذي قد يشكل حجرة عثرة.. لكل انطلاقة حالمة .. كانت تنتهجها في مساراتها الابداعية المتفردة... ديوان " الطائر الذي يمضي وحيدا" إذن هو العمل الشعري الثاني للشاعرة التونسية ..صادر عن دار الأمينة للنشر والتوزيع بالقيروان...
نعم هي كذلك تلك التراجم التي أصبحنا نحفظها عن ظهر قلب تتعلق بالشاعرة المتميزة مروى بديدة ..شاعرة تونس الكبيرة التي أراها من ضمن الأسماء الجديرة بأن نرافق تجربتها ونتغلغل في فواصل القصيد الذي تصنعه في تونس وخارج تونس وهي المعروفة عندنا بالجزائر حينما طالعت أشعارها في صحفنا الوطنية مثل صحف الفجر والجمهورية والحياة و الصريح وصوت الأحرار ..وكثيرة هي الموقع والصحف والقصاصات والمحطات الاذاعية والتلفزيون التي رافقت مسيرتها الابداعية تاركة لنا هذا الزاد المعنوي من بوح اضافاتها ..
مروى بديدة من مواليد 1990... حاصلة على إجازة في الآداب والترجمة الإنجليزية...شاعرة من تونس تزينت فواصلها بهذا الانتاج الابداعي الذي رافق سيرتها الابداعية ورسم لدينا هذا الفرح والمعنى كي نعيش حراك فواصلها المميزة ..
يقول فيها الناقد حسام معروف :
" ترصد الشاعرة التونسية مروى بديدة عدة مظاهر للإنسان في الحركة والسكون، والموت والنوم، والحياة الاعتيادية..وتصنع المفارقة بينها، مستنبطة العديد من المشاهد الشعرية، المكتنزة بالمعنى ..وتوغل المجموعة في ألم الهجران، والوحشة، والتيه مع دائرة الأيام المستمرة في الحركة، وتتحدث عن تشقق الأحلام جراء التعب والخوف من المستقبل...
و يقول فيها الكاتب نقوس مهدي ايضا :
" مروى بديدة شاعرة قادمة من جنائن افريقيا الخضراء
" حارقة الاكباد"، مرتع غزلان الشعر البيضاء التي تصعب على الصياد ، مروى تقد معجمها من لغة سليمة وقاموس ثري لا سوء فيه ، فتندلق العبارات والصور الشعرية من بين أناملها ساحرة سهلة مموسقة رائقة خفيفة على السمع تتوجه الى قارئ حصيف عالم متمرس بخبايا الشعر الجميل ، قارئ اكثر ما ينقال عنه أنه ذو ذائقة أدبية راقية وقدرة قرائية عالية..لن أقول من باب المجانية والمحاباة..." ..
كذلك عايشت حرف وموقف الشاعرة التونسية الشابة مروى بديدة التي لازمت شعرها وابداعها ومواقفها الواضحة من السائد في الساحة الثقافية والابداعية تستهجنه وتستنكر تلك المحطات التي تقتل المواهب الشابة وتمحي آثارها في وقت كان لابد من أن تتكامل الاجيال في نسق واحد يزكي القصيدة الجميلة بعيدا عن الرداءة ..منهج نؤمن به مثلما نؤمن بهذه المبدعة الكبيرة في الوطن العربي التي رافقتها كونها من قبيلتي وعشيرتي ..بل يمكن لك القول.. أنها لي ومعي.. بل قل إنها في القلب



01.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى