إبراهيم قيس جركس - تأمّلات في ظلال شجرة الموت

وقفتُ اليوم في حضرة الموت.
آلاف الشهواهد الحجرية والرخامية تنتصب أمامي على امتداد البصر وتشهد على حياة أصحابها التي قصوها بين رقمين رباعيين.
المرحوم/المرحومة فلان/ـة
ولد/ت عام كذا
توفي/ت عام كذا
حيوات اختُزِلَت بين رقمين وكأنّ أصحابها لم يعيشوا حياةً بمعنى الكلمة.
والآن انضمّ إليهم هذا الجسد المسجّى الآن بانتظار أن يصبح من سكّان مملكة الموت المظلمة.
لا يهمّ ما هي إنجازاته أو مآثره أو خطاياه أو رذائله
لقد قطع الحدّ الفاصل وأصبح مُلكاً لملك الموت.
مَلك الموت هذا الهَيّاب والمريع، لا يبالي بنا وبحيواتنا الحقيرة وطقوسنا العبثية أثناء الموت.
لقد حصّل حقّه ومضى دون أن يرفّ له جبين. وما طقوسنا الجنائزية ألا وهماً لإطالة حضور شخص الميّت بيننا، ولو لبضعة أيام.
جميعنا نعبد هذا الإله الرهيب، إله الموت، وهو الإله الوحيد الأوحد، والفرد الصمد، إلا أنّنا نعبده بصور مختلفة.
ليس هناك آلهة للحياة، فالحياة ظاهرة عبثية ووقتيّة وهَشّة للغاية، بينما الحقيقة الوحيدة هي الموت.
مصيرنا جميعاً مواطنون في مملكة الموت الأبدية.

الموت لا والداً يُبقي ولا وَلَدا
هذا السبيل إلى ألا ترى أحَدا
للموت فينا سهامٌ غير خاطئةٍ
مَن فاته اليوم سَهمٌ لَم يَفُتهُ غَدا
و
تؤَمّلُ في الدنيا طويلاً وأنتَ لا تدري
إذا جُنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ
فَكَم من صحيحٍ ماتَ من غيرِ عِلّةٍ
وكم من عَليل عاشَ دَهراً إلى دَهرِ
وكَم من فتى يُمسي ويُصبحُ آمناً
وقد نُسِجَت أكفانه وهو لا يدري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى